جولة في "المترو الهادئ".. الركاب: الخط الثالث أفضل رغم التأخير و"العتبة

جولة في "المترو الهادئ".. الركاب: الخط الثالث أفضل رغم التأخير و"العتبة
هدوء شديد يسيطر على الموجودين داخل محطة "العباسية" ليفكر كل منهم في وجهته الخاصة، لا يقطعه سوى صوت قطارين يتجه كل منهما في اتجاه مختلف داخل نفس محطة المترو، لتعلو أصوات الإنذار لإبعاد المواطنين عن حافة الرصيف، ليبدأ رجال الأمن في الحركة لمراقبة نزول المواطنين وركوب آخرين بسهولة لصغر المساحة وقلة عدد ركاب الخط الثالث بمترو الأنفاق.
وفي اللحظة التي يفتح فيها أبواب القطار، يتهامس البعض على استحياء للتعبير عن ضيقهم من تأخر المترو كحدث نادر بذلك الخط، لتعلو نبرة وفاء سعد: "يعني مش كفاية رافعين علينا سعر التذكرة ومفيش أي تغيير ولا تجديد أو اهتمام حتى"، لترمي بجسدها على المقعد وتحاول الاستمتاع بالتكييف، بعد عناء يوم عمل طويل.
{long_qoute_1}
منذ 3 أعوام، تستقل وفاء سعد التي تجاوزت الثلاثين من عمرها، المترو يوميا مرتين، في ذهابها وإيابها لمقر عملها الموجود في الهرم، ومنزلها الكائن بالعباسية، قائلة، في حديثها لـ"الوطن": "أنا عاصرت مترو الخط الثالث من أول لما اتعمل تقريبا لما كان فيه كله على بعضه مايكملش 30 فرد، هو بصراحة حاجة مختلفة خالص عن الخطين التانيين".
وتضيف السيدة الثلاثينية قائلة إنها عند رفع أسعار تذاكر المترو توقعت تجنب التأخير والشعور بتطوير وتغييرات جوهرية بالمحطات، رغم كونها زيادة بسيطة وغير مؤثرة بالنسبة لها، خاصة لكون الزيادة كانت تهدف إلى تعويض خسائر الهيئة، وهو ما اعتبرته أمرا "غير عادل" خاصة مع الزيادات المتوقعة أيضا، وأبدت خوفها الشديد من تغيير الأحوال بالخط الثالث لتحاكي المحطات الأخرى إذا لم يتم مراقبة ذلك بعناية.
الخط الثالث بالمترو.. يعتبر أفضل حالا من الخطين الآخرين، حيث يغلب عليه الهدوء الشديد وقلة عدد ركابه مقارنة بالأول والثاني ما يوفر لهم الراحة، مع استخدام القطارات المكيفة به فقط، فضلا عن إحكام القبضة الأمنية فيه، ومنع الباعة الجائلين، بالإضافة إلى أن المحطات التسع التي تم تشغيلها بذلك الخط تخدم عددا من المناطق الراقية حيث يصل بين العتبة وحتى الأهرام بمصر الجديدة، ما يجعل أغلب ركابه من سكان تلك الأماكن.
{long_qoute_2}
ورغم الهدوء الذي يسيطر على محطات مترو الخط الثالث، إلا أن "العتبة" تعتبر كابوسا لدى يارا محمد، 26 عاما، فتقول: "بجد أسوأ اختيار عملوه، بأنهم يخلوا تغيير المترو فيها، مليانة دوشة وزحمة وبياعين وناس جايين من أقاليم، وحاجة بشعة بجد، ده غير أن أصلا الطريق طويل علشان أوصل للمترو بتاعنا ولو فيه حاجة عطلانة بقى بتبقى حوار".
تجد الفتاة العشرينية أن المترو يعتبر حاليا أسرع وسيلة نقل في مصر، إلا أنها تعاني من مشكلات عدة أيضا، في رأيها الخاص، والتي تتمثل في التأخير وقلة فترة الركوب ما يمكن أن يسبب إغلاق الأبواب على أحد الأفراد، فضلا عن انتشار الباعة فيما عدا الخط الثالث، الذي ترى أنه أفضل حالا بكثير عن الخطين الأول والثاني وأنه أشبه بـ"كينونة" مختلفة عن الآخرين، مبدية خوفها من تحول حاله إلى الوضع السيئ الذي يواجهه الخطان السابقان، على حد قولها.
"كنت متوقعة يبقى في حاجة جديدة في المترو مثلا زي أنهم يعملوا واي فاي أو أكشاك لسندوتشات سريعة وتنظيم لبوابات الدخول والنزول بالمترو".. هكذا كانت معتقدات "يارا" عند رفع أسعار تذاكر المترو منذ 5 أشهر، قائلة إنها لم تلحظ أي تغييرات أو تطويرات بالمحطات، مؤكدة أن تلك الزيادة لم تكن مؤثرة بالنسبة لها "يعني حتى لو هنزود تاني بس نحافظ على المترو بالنظافة دي"، متسائلة عن الوقت الذي سيشعر فيه المواطن بالتغيير الحقيقي داخل مترو الأنفاق.
وفي تمام الساعة السادسة مساء، داخل محطة "الأهرام"، وقفت سناء يوسف، 50 عاما، وترتسم على وجهها معالم الضيق والغضب الشديدين، حتى تقرر الاتجاه إلى أقرب فرد أمن لتطلب منه منع الرجال من ركوب عربات السيدات: "مش معنى أننا عددنا قليل في الخط ده أن الرجالة تيجي تركب معانا فيه كمان، يعني مش مكفيهم كل العربيات التانية دي"، لتعبر بذلك عن غضبها الشديد من الوضع المتكرر يوميا في وجهتها من منزلها بكلية البنات وحتى مقر عملها.
وقالت السيدة الخمسينية إن أفراد الأمن يتغافلون عن الانتباه لذلك الأمر في الكثير من الأحيان، ويرفض الرجال النزول من عربات السيدات بحجة "أنتوا عددكوا قليل" أو "خلاص نازلين المحطة الجاية" أو "عادي ما أنتوا بتركبوا في عربياتنا بردو"، مؤكدة أنه على الهيئة الاهتمام بذلك الأمر كخدمة مقدمة خاصة بعد زيادة أسعار التذاكر التي وصفتها بـ"الرمزية".
{long_qoute_3}
وأمام أبواب كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، وقف رجل مسن يعدل من وضع عكازه، استعدادا لقدوم القطار، ليقله إلى مسكن أولاده بالعباسية، مرتديا جلبابه القديم الذي يجعله يبدو مختلفا عن باقي ركاب الخط الثالث، "أحيانا في ناس بتبصلي بطريقة غريبة، ومش بيرضوا يقعدوا جمبي علشان أنا من شبرا"، كلمات خرجت منه بتأثر شديد، قائلا إنه يتمنى بشدة تحديث خطوط المترو الأول والثاني بقطارات مكيفة كالموجودة بالخط الجديد.
وتابع الرجل الستيني قائلا إن رفع سعر تذاكر المترو منذ 5 أشهر كان قرارا صعبا للغاية بالنسبة له نظرا لقِلة دخله، إلا أنه أصبح أمرا معتادا بالنسبة له الآن، رغم قلة الخدمات المقدمة بالمترو.