أستاذ اجتماع: مواجهة الثأر تبدأ بتطبيق القانون.. وعلى المؤسسات الدينية التعريف بالفرق بين القصاص والانتقام

كتب: رجب آدم

أستاذ اجتماع: مواجهة الثأر تبدأ بتطبيق القانون.. وعلى المؤسسات الدينية التعريف بالفرق بين القصاص والانتقام

أستاذ اجتماع: مواجهة الثأر تبدأ بتطبيق القانون.. وعلى المؤسسات الدينية التعريف بالفرق بين القصاص والانتقام

قال الدكتور سيد عوض، رئيس قسم الاجتماع والجريمة فى كلية الآداب بجامعة جنوب الوادى بقنا، إن مقاومة الثأر تبدأ بتطبيق القانون، وطالب المؤسسات الدينية بالتعريف بالفرق بين القصاص والانتقام، وأشار صاحب كتاب الجرائم والمصالحات الثأرية إلى أن حصول المرأة الصعيدية على قسط من التعليم يسهم فى تراجع أفكار الثأر بقوة السلاح، موضحاً أن غياب الإرشاد الدينى الصحيح، وبطء القضاء الناجز فى قضايا القتل، أسباب أدت إلى بشاعة القتل وخروج المتخاصمين والغارمين فى الثأر عن العرف والقواعد المتوارثة التى جاءت مع قدوم القبائل العربية إلى الصعيد، وأضاف أن العلاج يكمن فى تطبيق القانون، وإلى نص الحوار:

ما أسباب زيادة جرائم الثأر وخروجه عن العرف فى الصعيد؟

- من أسباب انتشار الثأر العولمة والجرم الإعلامى الذى ينشر صوراً لعمليات قتل بشعة حدثت فى كافة أركان الوطن العربى والعالم منذ أحداث 11 سبتمبر، التى أعقبها محاربة الغرب لتلك الجماعات التى كان ردها نشر فيديوهات قتل بشعة، كما أن الدراما والأفلام التى تتناول الصعيد تنشر مشاهد بشعة، وتمثل خروجاً عن القواعد والأعراف والمبادئ المتعارف عليها قديماً فى أخذ الثأر، إضافة إلى غياب الإرشاد الدينى وترك أبناء الصعيد أسرى ثقافة متشددة فى الأخذ بالثأر.

من يحرك رغبة الثأر فى محافظات الصعيد؟

- المجتمع والعادات والتقاليد القبلية المنبوذة ونعراتها بين «العرب والهوارة والأشراف» والعائلات فيما بينها، وغياب الدولة بسبب قوانينها المتراخية، إضافة إلى أن المرأة الصعيدية تلعب دوراً كبيراً فى تأجيج نيران الثأر، لإحساسها بالذل الناتج عن أن الرجل الصعيدى يفرح بالطفل الذكر عن الطفلة الأنثى، وعدم أخذ رأيها فى أمور تخصها مثل الزواج، فأول شىء تريد أن تفعله هو الانتقام من الرجل أما حصول المرأة الصعيدية على قسط من التعليم فمن شأنه الحد من أفكار الثأر، لأنها فى هذه الحالة تبحث عن مستقبل أفضل لها ولعائلتها ولأبنائها.

زيادة نسبة التعليم حالياً عن الماضى.. أليست كفيلة بالقضاء على مشكلة الثأر؟

- لا، بالعكس الرجل المتعلم تزداد قناعته بالثأر، خاصة بين القبائل والعائلات والأشخاص المعروفة، فمثلاً حادث «بيت علام» فى سوهاج، نجد أن من خططوا لعملية القتل أو الذبح التى راح ضحيتها 22 شخصاً دون ذنب، متعلمون، وخطط لتلك الجريمة أحد المتعلمين الكبار وجرى اعتقاله آنذاك فى عهد وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، وهناك خطورة كبيرة للثأر على المجتمع، خاصة بين الأجيال المقبلة وإذا ظلت على هذا المنوال، سيصبح حل أى مشكلة هو استخدام العنف المفرط.

ما المبادرات التى يمكن أن تستعين بها الدولة لإنهاء هذه الظاهرة البغيضة؟

- لا بد من تحرك المؤسسات الدينية لتعرف المواطنين الفرق بين القصاص والانتقام، وعليها أن تقوم بذلك بعدة حملات ومتابعتها فى كافة ربوع الصعيد بل والمناطق التى تشهد عنفاً بشعاً، والقصاص يكون بقتل الشخص الذى تورط فى جريمة قتل، أما الانتقام وهو ما يحدث فى الثأر فى الصعيد هو أن يُقتل ابن عم القاتل أو رمز من رموز العائلة أو القبيلة، فذلك يجعل العنف والثأر شاملاً يطال كل من له علاقه بالقاتل أو المقتول بشكل عشوائى، لا بد أن يعرف الناس أن القصاص حلال وأن الانتقام حرام، وأن الثأر لم يشرعه الله سبحانه وتعالى.

ما الأسباب التى تسهم فى بقاء أزمة الثأر مشتعلة فى الصعيد؟ وما طرق علاج تلك الأسباب؟

- مشكلة الثأر ستظل قائمة طالما توغل الجهل مع غياب القصاص السريع من الدولة، المتمثلة فى القضاء وغياب الوعى الدينى ونشر مشاهد العنف واستمرار الدراما الثأرية وتخلف المناهج المدرسية التى لا تنشر التسامح والمحبة والمؤاخاة منذ التنشئة، لا بد أن يكون هناك دولة قوية تطبق القانون بشكل عاجل وسريع، ويجب إقناع الناس بأهمية القانون وأن البشر سواسية، ونشر ذلك عن طريق مؤسسات الدولة المعنية بذلك ومنها مؤسسات المجتمع المدنى، لكن المشكلة أن هناك عرفاً بين الأهالى يخالف القانون، فمثلاً عند قتل شخص ضعيف من عائلة ما، ترد الأخرى بقتل أكبر شخص فى العائلة المقابلة، فتتعقد الأمور وترد الأخرى بواحد أو اثنين فيتعمق الخلاف والتناحر أكثر فيما بينهم. والتنشئة هنا مهمة جداً للحد من الثأر، وتبدأ بالاهتمام بالأم الصعيدية، التى تتولى تربية النشء، فإذا كانت الأم غير متعلمة عادة ما تنجب أطفالاً يحملون فكرة العنف، أما إذا علمت أولادها السلوك الحميد لا يمكنهم أن يتجهوا للعنف، فهى دائماً تبنى للنهوض والسلم ونبذ الخلافات والتسامح والاحتكام للقانون، فكلما كانت المرأة متعلمة ستنهض بنفسها وبمجتمعها، والقانون لا بد أن يطبق على الجميع سواسية، خاصة فى الصعيد دون محاباة للرموز أو ذوى النفوذ، لأن الظلم يولد عنفاً.

لك دراسة بعنوان «إشكالية جرائم الثأر بين التراث الشعبى والدينى والقانونى والسيسيولوجيا» كيف عرضت فيها الظاهرة؟

- خلاصة الدراسة أن نظام الثأر يسود فى المجتمعات الانقسامية التى يقوم تنظيمها الاجتماعى على 3 أسس، هى رابطة الدم، ورابطة المكان، وعدم وضوح التفاضل الاجتماعى والاقتصادى بين الجماعات المكونة لذلك المجتمع، فالثأر يحطم القوة البشرية للأسرة، ويستنزف الأسرة اقتصادياً بشكل خاص والمجتمع والدولة بشكل عام، فأصبح المجتمع والفرد فيها فى الصعيد يعترف بحق الرد العدوانى، والثأر لم يوجد فى الأديان السماوية، ولكن وجد القصاص، أما الثأر من وجهة نظر القانون فهو صورة من صور الجرائم.


مواضيع متعلقة