بروفايل| رفعت السعيد.. رحيل هادئ

كتب: محمد حامد

بروفايل| رفعت السعيد.. رحيل هادئ

بروفايل| رفعت السعيد.. رحيل هادئ

«مجرد أعوام» قضاها على الأرض، فتح عينيه على الدنيا ثم أغلقهما للأبد، وما بين الفتح والإغلاق امتدت مسيرة طويلة عريضة قطعها اليسارى الشهير رفعت السعيد مسلحاً بذاكرة حديدية كانت مثار حسد الكثيرين، وكيف لا، وهو صاحب التأريخ الأشهر للحركة الشيوعية فى مصر، تلك التى عاصر ظهورها فى مصر ثلاثينات وأربعينات القرن الماضى، فانضم إليها، وعمل مع تنظيماتها، واعتُقل بسببها، ثم واصل إيمانه بها حتى رحل عن دنيانا مساء أمس الأول فى هدوء لا يتناسب مع صخب الحياة التى كان يعيشها. «أصغر سجين سياسى» كان اللقب الذى حصل عليه «السعيد» المولود فى المنصورة عام 1932 لأسرة ميسورة الحال، حين أُلقى القبض عليه فى الأربعينات بتهمة سياسية ولم يكد يتم عامه السادس عشر، أعجب الصغير بلعبة التنظيمات الشيوعية التى راجت فى مصر فترة صباه، فانضم لواحدة منها عُرفت باسم «الحركة الديمقراطية للتحرر الوطنى»، واختصاراً «حدتو»، مارس «السعيد» العمل السرى، وحصل على اسم حركى كعادة أعضاء تلك التنظيمات، وتعلم كيف يطبع المنشورات ويوزعها، ولم يثنه الاعتقال عن مواصلة عمله السياسى، إذ سرعان ما استكمل مسيرته بعد الإفراج عنه فى الستينات. فرض العمل السياسى العلنى نفسه على حياة «السعيد» حين سمح الرئيس السادات بعودة الأحزاب السياسية منتصف السبعينات، فشارك مع خالد محيى الدين فى تأسيس حزب التجمع اليسارى، الذى ضم أقطاب اليسار فى مصر، وهو الحزب الذى خاض حرباً ضروساً ضد «السادات» خلال فترة حكمه، لم تنته برحيله، غير أنها انتقلت لمعاداة الإسلاميين الذين فتح لهم «السادات» الباب مرة أخرى لممارسة نشاطهم، فسخّر «السعيد» قلمه للهجوم عليهم، والتنديد بهم، وهو ما وضعه فى مرمى نيرانهم، فاتهموه بالعمل مع النظام الحاكم لضربهم، ووجدوا فى تعيينه بمجلس الشورى فترة حكم «مبارك»، فرصة للتشهير به. عدة مؤلفات وضعها «السعيد» على مدار حياته كان أشهرها مذكراته التى حملت عنوان «مجرد ذكريات»، و«تاريخ الحركة الاشتراكية فى مصر»، و«تأملات فى الناصرية»، وأخيراً كتابه «مقاربات مع ثلاثة رؤساء ومشير».


مواضيع متعلقة