أنيس منصور.. آمن بالسلام مع إسرائيل ورأى أن الحرب ضرورة لتحقيقه

كتب: صفية النجار

أنيس منصور.. آمن بالسلام مع إسرائيل ورأى أن الحرب ضرورة لتحقيقه

أنيس منصور.. آمن بالسلام مع إسرائيل ورأى أن الحرب ضرورة لتحقيقه

اقترب من بؤرة الأحداث، ليكون أحد المقربين من الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فشهد بعينيه صناعة القرارات، ورصد وتابع مواقف كثيرة، فازدحمت ذاكرته بالكثير، ليظل أنيس منصور إلى يومنا هذا، واحدًا من أبرز شهود ذلك العصر، ليس فقط بما يمتلكه من وثائق أو حكايات، ولكن لأنه لم يتعامل مع ذلك الرصيد بحسه الصحفي فقط، ولكن بلغة المفكر والأديب.

كان منصور موقنًا وقت النكسة عام 1967، بأننا نحارب عدوًا لا نعرفه في الوقت الذى يعرفنا هو فيه حق المعرفة، وفقا لحواره مع مجلة ديوان العرب، فكتب عدة كتابات حملت عنوان "اعرف عدوك" دارت حول اليهود، ثم تغير اتجاهه إلى السلام بعد ذلك، فلم يكن من دعاه الحرب ولكنه كان يراها ضرورة لخلق السلام، وكان يرى أنه لولا حرب أكتوبر ما كانت مبادرة 1977، ولا معاهدة 1979، ولا انسحاب 1982.

ورافق منصور، السادات فى رحلته الشهيرة إلى الكنيست الإسرائيلى فى القدس لصياغة معاهدة السلام، ووصفه الخبراء الإسرائيليون بأنه لعب دورًا حيويًا فى مفاوضات السلام.

وكان قد علم منصور، بتوقيت السفر قبلها بيومين وكان على موعد مع زوجته للسفر للأراضى المقدسة لأداء فريضة الحج، فسافر معها بالفعل وعندما وصل هناك راجع موقفه، وتمنى السفر مع الرئيس، فاتصل بالرئيس هاتفيًا وقال له ما في نفسه، فإذا به يرسل له طائرة خاصة تقله إلى تل أبيب.

وكان هذا شعورًا مختلفًا لمنصور، حيث انتقل من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فأدرك وقتها أنه حدثًا تاريخيًا لن يتكرر، فالعالم كله كانت أنظاره صوب طائرة السادات دائمًا وهو ينزل منها حتى الفيلسوف الوجودي سارتر أوقف سيارته أمام مقهى فى باريس ليرى نزول السادات، والإسرائيليون أنفسهم لم يصدقوا أن السادات سيأتي بالفعل، والحكومة كانت تظن أن هذا كمينًا أعده السادات لهم، وأن الطائرة قد تنفجر فى أية لحظة، حتى أنهم وضعوا ميكروفون تنصت في ملابس مدير المراسم ليسجل أية كلام يقول له السادات.

ونزل السادات وسلم على كل مستقبليه، فقال لشارون "كنت ستتسبب لنا فى كارثة"، وسلم على جولدا مائير، رئيس وزراء إسرائيل وقتها، قائلًا: مرحبًا أيتها السيدة العجوز، فابتلعتها في صمت، ولكنها ردتها له عندما رزقه الله بحفيد له، فأرسلت له باقة ورد كتبت عليها: "من السيدة العجوز إلى السيد العجوز"، فكان نزوله إلى القدس مثل نزول الإنسان على القمر، حيث التف العالم كله حوله، حتى الشعب الإسرائيلى ذاته، لأن تلك المبادرة منحت إسرائيل الحياة.

ويذكر أنيس منصور فى حديثه لمجلة "ديوان العرب" أنه فى مساء ليلة وصولهم إلى تل أبيب، كان فى غرفته، ويشعر بحالة من الذهول والتعب فى ذات الوقت، فنام واستيقظ فى العاشرة على استدعاء الرئيس له فى غرفته بفندق نجمة داوود، فصعد له، ووجده فى سريره بملابس النوم، فسأله: "أنت نمت يا أنيس؟" فأجابه: "لا يا ريس ده أمر يطير النوم من العين"، فسألنى عما رأيته، فقال له: "الشعب الإسرائيلى كان يقف فى الشوارع ممسكًا بأجهزة الراديو على آذانهم غير مصدقين حتى رأوك روئ العين"، فقال له: "إذًا لقد استرددنا سيناء"، فسأله: "كيف يا ريس"، فقال له: "إسرائيل تُحكم من الشارع، ورجل الشارع أعطانا رأيه، هؤلاء ليسوا مثل رجل الشارع لدينا، ندفع له فيردد بالروح بالدم، و"بيجن ارتكب غلطة عمره لأنه وافق على زيارتي تلك".


مواضيع متعلقة