لعل الثورة تُحيي الحب.. كيف لعبت المخابرات دورا في زواج أنيس منصور؟

لعل الثورة تُحيي الحب.. كيف لعبت المخابرات دورا في زواج أنيس منصور؟
"إذا وجدت امرأة تتحدث عن زوجها وتصفه بالجمال والكمال فاعلم أنها أرملة" جملة تُجسد كيف سارت دروب أنيس منصور الفكرية، لكن المصب كان مختلفًا، هناك أعلن الحب انتصاره على السخرية، إلا أن محنة المرض الطويل اختتمها الموت، ليعترف "عدو المرأة" حينها أن رحيل زوجته فتح أغوار سراديب مخفية بداخله مليئة بمعزوفات الحنان لم يُلحنها إلا إلى رفيقة حياته.
بطعم ثوري، بدأت شرارة الحب بين أنيس منصور وزوجته رجاء منصور، رسمتها أقصوصة طريفة، ولعبت فيها المخابرات دورًا لم تعلمه، لم يعرف الحب هنا طريقه بجوابات غرامية، بل كانت المنشورات السياسية مفتاح قلب الأديب الكبير، هنا فتح الباب على مصراعيه لفتاة خطت بيديها الكتابات السياسية لأخوالها من الضباط الأحرار، زكريا توفيق، وتوفيق عبدالفتاح، إبان ثورة 23 يوليو لتصل إلى يد الصحفي الكبير بنجاح دون الكشف عن هوية الثنائي.
"كأني لا أعمل شيئا غير تأليفي لها، حتى وإن كانت بعضها من تأليفي لكن بالطبع ليس جميعها" هكذا علق الكاتب الراحل على ما كُتب عنه في ملفه الأمني حينما طلب من الرئيس الراحل أنور السادات الاطلاع عليه، ليلاحظ أن "كتابته لكثير من النكت" إحدى الملاحظات التي وردت في التقرير.
لم تكن "كتابة النكت" الأمر الوحيد الذي فاجئ "أنيس منصر" عقب اطلاعه على ملفه الأمني، فتعدد علاقاته الغرامية وسرد حكايات منها كانت المفاجأة الثانية والتي علق عليه بقوله: "وكأني متفرغ للحب وانتظار الفتيات فقط.. ولا يراود تفكيري إلا قصص الغرام"، إلا أنها كانت السبب في زواجه من الفتاة التي اختارها قلبه، رغم عدم حقيقة ما كُتب.
"لن أزوجك منه إلا إن كانت علاقاته النسائية كثيرة، وليس مرتبطًا بواحدة فقط لكونه لن يتركها" هكذا اشترط أحد أخوال "رجاء" عليها للموافقة على ارتباطها من الكاتب الراحل، وحينما اطلع على الملف الأمني الخاص بـ"أنيس منصور" اكتشف أنه متعدد العلاقات الغرامية ما جعله يوافق على زواج من شقيقته، ليشهد على عقد القران الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، في الوقت الذي اعترض فيه الرئيس جمال عبدالناصر بقوله: "لا يمكن لصحفي أن يناسب الضباط الأحرار"، حسب ما كتبه إبراهيم عبدالعزيز في كتابه "رسائل أنيس منصور".
"كنت أتصور أنه بعد البكاء المستمر على أمي لن أبكي على أحد بعدها، فهي التي كانت تساوي ولا تزال، ولما مات الأستاذ العقاد بكيت كثيرا، ولما رأيت السادات آخر لحظات حياته، وإحسان عبدالقدوس وتوفيق الحكيم، تحولت كل عين إلى نبع يتدفق دموعا، وكنت أظن أنها جفت، وهذه الأيام فإنني أبكي أضعاف ما بكيت طوال عمري، أدعو بطول العمر والعافية، وأتوسل وأركع وأسجد لله، وكل دموعي حروف تكتب على الأرض رحمتك يا ربي إنها زوجتي" مقطع من مقالة للأديب الراحل نشرها في عموده، تأبينًا لزوجته، عبر فيها عن حزنه وتأثره برحيل رفيقة الدرب بصورة لم يستطع هنا أن يهزمها لا المرض ولا السخرية.