أهالى «أطفال الثلاسيميا» فى رحلة الحصول على كيس دم: «ارحمونا واعتقوا عيالنا»

أهالى «أطفال الثلاسيميا» فى رحلة الحصول على كيس دم: «ارحمونا واعتقوا عيالنا»
- أشعة الشمس
- أكياس الدم
- أكياس دم
- أنيميا البحر المتوسط
- أولياء أمور
- إجراء التحاليل
- الأطفال المرضى
- التأمين الصحى
- آدم
- أبناء
- أشعة الشمس
- أكياس الدم
- أكياس دم
- أنيميا البحر المتوسط
- أولياء أمور
- إجراء التحاليل
- الأطفال المرضى
- التأمين الصحى
- آدم
- أبناء
افترش العشرات من أولياء أمور الأطفال المرضى بـ«الثلاسيميا» أو «أنيميا البحر المتوسط» داخل وخارج «المركز الإقليمى لنقل الدم» الأرض، من أجل الحصول على «كيس دم» لأبنائهم، ممسكين فى أيديهم خطابات ورقية وبعض الأدوية التى أحضروها معهم، بعضهم احتمى من أشعة الشمس بالجلوس أرضاً فى غرفة الاستقبال بالمبنى الأنيق معمارياً، والبعض الآخر استظل تحت الأشجار خارج المبنى، مؤكدين أنهم يُعانون من رحلة طويلة ومرهقة من أجل الحصول على كيس دم داخل محافظة سوهاج، واصفين الإجراءات التى يقومون بها شهرياً بـ«الروتينية»، من أجل عودة النشاط الدموى لأبنائهم، مطالبين قطاع الصحة بتوفير تلك الأكياس بالمستشفيات العامة القريبة منهم بدلاً من الذهاب شهرياً إلى بنك الدم بمستشفى سوهاج التعليمى.
{long_qoute_1}
أمام مدخل المبنى الفخم ذى السلالم الرخامية جلس حسين يونس، 41 عاماً، أحد أهالى مركز المراغة، يعمل فى أحد المطاحن بمركز سوهاج، برفقة ابنه «عمار»، 8 سنوات، الذى يُعانى من الثلاسيميا منذ ولادته، أكثر ما يُعانيه «حسين» يكمن فى بعض المعوقات فى رحلته للحصول على كيس دم لابنه، موضحاً أن ابنه يحتاج نقل دم بصفة دائمة؛ كل شهر كيس واحد، وأنه كان يحصل على ذلك الكيس فى البداية من خلال التبرع من الأقارب أو شرائه، متابعاً: «فى بنك الدم هنا مرة تلاقى دم ومرة ماتلاقيش، وفى أوقات كتيرة فصيلة الدم مابتبقاش متوفرة، وبنضطر طبعاً ننتظر لحد الساعة 3 العصر، أو نستنى ليوم الأحد أو الأربع لأنها الأيام المخصصة لينا، وجمعية رسالة بالتحديد واخدة أسامينا عشان لو فيه مرة مش متوفر الدم تشتريه هى على نفقتها، ويتصلوا بيا ويبلغونى إن فيه حد جه اتبرع».
يصمت «حسين» متذكراً أحد المواقف بين بنك الدم وجمعية رسالة، قائلاً: «فى مرة كنت محتاج كيس دم ضرورى ومش لاقى خالص كلمت جمعية رسالة وبلغتهم وبعدها عرفت منهم إن فيه شاب راح اتبرع بكيس لابنى، رُحت بنك الدم أسأل عليه قالولى مفيش حد جه اتبرع، ولما رجعت لرسالة بعتوا حد معايا عشان نروح البنك تانى وبعد المواجهة بين الشاب والبنك، والمسئولة هناك لقت كشف باسمى وطلعوا الكيس»، مؤكداً أنه لم يعد يثق بالمسئولين داخل بنك الدم بعد ذلك الموقف. {left_qoute_1}
يترك «حسين» ابنه «عمار» يلعب إلى جواره مع أخيه الأكبر ناظراً إليه وداعياً الله أن يشفيه، موضحاً أنه يُعانى من كثرة الإجراءات الروتينية التى يقوم بها من أجل الحصول على كيس دم شهرياً لطفله، قائلاً: «باتنقل بابنى التعبان فى الشمس عشان أخلص الورق والإجراءات الروتينية اللى بعملها كل مرة عشان أحصل على الجواب المختوم اللى من خلاله بقدر أحصل على كيس الدم لابنى، الأول بروح المدرسة فى المراغة عشان تبقى المدرسة عندها علم وآخد جواب، وبعد كده أطلع بالجواب ده على التأمين الصحى التابع له وأقعد هناك من 3 لـ4 ساعات، وليه أقعد كل ده طالما عارفين مرض ابنى وبعمل كده كل شهر»، ويوضح «حسين» أنه يذهب بعد ذلك إلى التأمين الصحى فى سوهاج، ثم إلى بنك الدم ويرسل البنك إلى مستشفى الهلال أو مستشفى سوهاج الجامعى، ويرى «الأربعينى» أنه من باب أولى أن يحصل ابنه على كيس الدم فى مستشفى اليوم الواحد بدلاً من مستشفى الهلال نظراً لقربه الشديد من بنك الدم حيث لا يفصل بينهما غير أمتار قليلة.
ويتمنى «حسين» أن تتم فلترة الدم داخل بنك الدم ويتم عمل حصر للأسماء التى تحتاجه بشكل شهرى، ويتم إرسالها إلى المستشفى العام التابع لها، مضيفاً فى صوت حزين: «حرام ابنى وهو تعبان كده أتنقل بيه فى الحر ده 6 أماكن، ده لما بيحتاج الدم ده بيجيله هبوط فى جميع أعضائه، ويصاب بالخمول، وتصفر عينيه، ومابياكلش خالص».
يلتقط محمد عشرى، 32 عاماً، منه أطراف الحديث، موضحاً أنهم يشترون المستلزمات من الخارج بعدما كان يوفرها البنك فى البداية، كمحلول الملح وتحليل نسب الهيموجلوبين، قائلاً: «محلول الملح بنخرج نشتريه من بره وكل صيدلية بسعر، وآخر مرة اشتريته كان بـ30 جنيه، وحتى دوا السخونية أو خرطوم نقل الدم، أو حتى تحليل النسب بقينا بنعمله بره».
معاناة «عشرى» تختلف عن سابقه لأنه صُدم فى البداية فى مرض ابنه «مرعى» بالثلاسيميا، ولكن منذ نحو 7 شهور رزقه الله بمولود «آدم» وبعد ولادته بـ3 شهور اكتشف والده إصابته بنفس مرض أخيه الأكبر، قائلاً بصوت حزين: «ده إحساس محدش يقدر يوصفه إن يكون عندى مريض ويجيلى ابن كمان بنفس المرض ماقدمناش غير الصبر، وعلى قد ما نقدر بنحاول مانحسسهمش باللى هما فيه، الصدمة كانت أكتر فى العيل التانى الصغير».
يأتى «عشرى» من قرية القرامطة مركز ساقلته شمال مدينة سوهاج شهرياً أكثر من مرة من أجل الحصول على أكياس الدم لأبنائه، ويحكى «عشرى» عن أحد المواقف الصعبة أثناء رحلة حصوله على كيس دم قائلاً: «فى مرة اتأزمت معايا، وجيت هنا مرتين وتلاتة وأربعة وكل مرة يقولولى استنى لحد الساعة 3 وأنا أصلاً ببقى فى الشارع اليوم ده من الساعة 7 الصبح وبرضو مالقتش كيس دم لابنى كان ساعتها النسبة بدأت تقل، ورُحت مستشفى الجامعة عشان أشوف هناك فيه ولا لأ، ولو ماكنش فيه حد أعرفه هناك شغال فى المستشفى ماكنتش عرفت أدى للواد كيس دم»، مؤكداً أن أسهل جملة لدى الموظفين «مفيش أكياس دم»، على الرغم من أن المرضى معروفون بالاسم، وأنه يترك عمله أكثر من يوم فى الشهر من أجل رحلة الحصول على كيس دم.
وداخل المركز الإقليمى لنقل الدم وتحديداً بغرفة الاستقبال افترش عمار عطية، 43 عاماً، يعمل مشرفاً اجتماعياً، الأرض بصحبة ابنته «ريهام»، 4 سنوات، وزوجته، مستنداً بظهره على أحد الأعمدة الرخامية، موضحاً أنه يحضر من التاسعة صباحاً وينتظر داخل بنك الدم حتى الواحدة ظهراً حتى يتم إعطاء ابنته كيس دم فى رحلة يصفها «عطية» بالعذاب شهرياً، مشيراً إلى أن بنك الدم كان يقوم بإجراء تحليل النسب لكنه توقف عن ذلك ويقومون حالياً بإجراء التحليل فى المعامل الخاصة، مضيفاً: «أنا مش عارف إيه السبب فى توقف البنك عن إجراء التحاليل دى، خصوصاً إن المرضى كلهم أطفال ولا يتحملون السير لمسافات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة لإجراء التحاليل فى الخارج». يُقيم «عطية» بمدينة طهطا، شمال سوهاج، مؤكداً أن الرحلة التى يقطعها فى المواصلات فى ذلك الطقس شديد الحرارة كفيلة أن ترفع درجة حرارة ابنته لأن مناعتها ضعيفة، وأنه يُحضر أدوية خفض الحرارة لأن ابنته إذا تعبت فلن يجد لها علاجاً داخل بنك الدم، ويطالب «عطية» قطاع الصحة بوضع حلول لأبناء المحافظة الذين يتوافدون على بنك الدم من مختلف قرى ونجوع المحافظة، وألا يكون إعطاء الدم للأطفال قاصراً على بنك الدم داخل مدينة سوهاج، وأن تقوم المستشفيات بتلك المهمة بدلاً من بنك الدم لاختصار الوقت وتوفير راحة للمرضى وأسرهم.