«أسوان العام»: المستشفى بعيد عن وسط المدينة.. والطريق ملىء بالمطبات والفقراء يعانون داخل 3 مواصلات للوصول إليه

«أسوان العام»: المستشفى بعيد عن وسط المدينة.. والطريق ملىء بالمطبات والفقراء يعانون داخل 3 مواصلات للوصول إليه
- أنا راجع
- إجراء عملية
- افتتاح مستشفى
- الأطباء المقيمين
- العام الجديد
- العناية المركزة
- العيادات الخاصة
- المبنى الجديد
- المستشفى الجامعى
- المستشفى العام
- أنا راجع
- إجراء عملية
- افتتاح مستشفى
- الأطباء المقيمين
- العام الجديد
- العناية المركزة
- العيادات الخاصة
- المبنى الجديد
- المستشفى الجامعى
- المستشفى العام
أعوام طويلة عاشتها محافظة أسوان دون وجود مستشفى عام يلجأ إليه المرضى ممن لا يقدرون على الذهاب إلى المستشفيات والعيادات الخاصة، ورغم افتتاح مستشفى أسوان العام الجديد منذ شهور قليلة مضت بشكل رسمى، فإن ذلك لم يرحم مرضى المحافظة «الغلابة» من هَم العلاج، رغم ما به من إمكانات كبيرة، وذلك لموقع المستشفى «السيئ» الواقع بحى الصداقة الجديد شرق مدينة أسوان، وهو يعد مكاناً بعيداً بصورة كبيرة عن وسط المدينة مما يكلف المرضى مزيداً من الجهد والمال للوصول إليه، فأصبح الأمر بمثابة المثل القائل «جِه يكحلها عماها»، حسب ما عبر المرضى المترددون على المستشفى.
وقف غاضباً يزعق بصوته العالى أمام بوابة المستشفى بعد مسافة ليست بالقليلة قطعها فى ثلاث مواصلات فى طريقه إلى المستشفى العام، من أجل اللحاق بشقيقته التى أصيبت بنوبة قلبية نقلتها «الإسعاف» على أثرها إلى المستشفى: «يا عم هم كلمونى وقالوا لى اطلع لنا فوق، دى الحالة لسه داخلة دلوقتى»، جملة خرجت بنبرة غاضبة من السبعينى جمال حسن، موجهاً إياها لرجل الأمن الذى منعه من الدخول طالباً منه الانتظار حتى الرابعة عصراً، حيث موعد الزيارة: «المستشفى ده المفروض كان يتعمل تحت عشان تبقى قريبة للناس، بدل ما يخلونى أركب 3 مواصلات عشان آجى أشوف حد أو عشان أجيب مريض، وده صعب جداً على كل الناس مش علىّ أنا بس»، يقولها «جمال» متعجباً من موقع المستشفى البعيد بالنسبة له، والذى بسببه سيمكث فى الشارع لساعات منتظراً موعد الزيارة: «دلوقتى بيقول لى مش هينفع أدخل قبل الساعة 4 العصر، وعشان أروح وآجى تانى الوقت ده كله هيضيع فى المواصلات، ومقداميش حل تانى غير إنى أقعد هنا فى الشمس بقى لحد ما ميعاد الزيارة ييجى».
{long_qoute_1}
وفى طرقة قسم العظام داخل المستشفى، وقف «حمدى حسن»، 55 عاماً، مرتدياً عباءته البيضاء، مرافقاً لعمته التى وصلت إلى المستشفى قبل ساعات من أجل إجراء عملية جراحية بمفصل قدمها، ورغم انبهاره بالإمكانات الموجودة بالمستشفى، فإنه لم يسلم من بعد المسافة بين مسكنه فى «خزان غرب» وبين المستشفى: «المستشفى هنا نضيف والمعاملة حلوة، لكن مشكلته الكبيرة المواصلات، لأنى عشان آجى من خزان غرب لحد الصداقة مشوار كبير عليا، ولو معايا مريض مش هينفع آجى مواصلات، لازم آجى بعربية مخصوص، وأقل عربية دلوقتى تاخد لها 80 جنيه رايح بس، وعشان أقول هاجى مواصلات هركب من الخزان لأسوان ومن أسوان للسيل ومن السيل هركب الصداقة، وهنفضل ننزل فى المريض اللى معانا ونطلّع فيه كل المسافة دى».
«حدفوا المستشفى بعيد عن الناس»، بهذه الجملة عبر «حمدى» عن رأيه فى موقع المستشفى من وسط المدينة، حيث رأى به مساوئ كثيرة: «لو الواحد مش هييجى بعربية مخصوص هيتبهدل، وطبعاً مفيش حد بيقصد المستشفى العام إلا الناس اللى على قدها، وده هيبقى كتير عليها، والأول المستشفى العام كان فى وسط البلد فكان قريب لكل حاجة، سواء صيدلية أو بنك الدم أو حتى مطاعم الأكل وغيره، إنما هنا فى المبنى الجديد ده بعيد عن كل حاجة، وعشان أروح صيدلية هركب مواصلات، ولو عايز أروح بنك الدم هتعذب عقبال ما أروح وآجى».
وأمام قسم النساء والتوليد، جلس «محمد عبدالحميد»، صاحب العقود الأربعة، وبجواره شقيقه وبعض نساء عائلته، فى انتظار موعد عملية ولادة زوجته، ليقول: «أنا قاعد هنا من الساعة 10 ونص الصبح ومفروض مراتى هتولد بكرة الصبح لسه، بس أنا جاى من مركز أبوالريش وعشان آجى هنا بركب 3 مواصلات، وده يعتبر مشوار كبير علينا، وبصراحة المستشفى هنا حلو جدا، بس بعيد قوى عن الناس، وحتى لو مش هتيجى مواصلات وهتيجى بالإسعاف بتلاقى الطرق كلها مطبات، يعنى ممكن الحالة تموت منك عقبال ما توصل المستشفى».
{long_qoute_2}
كانت أزمة بعد المسافة بالنسبة لـ«محمد» لها طابع خاص، لاسيما أن زوجته حامل قد تتأذى من بعد المسافة: «الطرق فى أسوان كلها وحشة وعشان أجيب مراتى من البيت لحد المستشفى هنا بتتعب جداً، خاصة أننا فى أغلب الأوقات بنيجى مواصلات، لأنى عشان آخد عربية هدفع لها أقل حاجة 35 جنيه رايح وزيهم وأنا راجع»، ولم تكن المسافة وحدها هى أكبر هموم «محمد» إنما كانت تكلفة العملية نفسها من الأمور التى شكلت له صدمة، لاسيما أنه فى مستشفى عام: «رغم أن هنا يعتبر مستشفى عام بس هما بيتعاملوا معانا كأنهم مستشفى خاص، وعشان مراتى هتولد قيصرى أنا دافع 1500 جنيه لحد دلوقتى، بس مقداميش حل تانى لأنى بخاف أولدها فى المستشفى الجامعى».
ولم تكن الشكوى من المرضى وحدهم فى مستشفى أسوان العام الجديد، إنما جاءت أيضاً من أحد أقدم العاملين به، منذ أن كان فى مقر «أسوان الجامعى» الحالى، حيث يقول «محمود الدابودى»، رئيس تمريض قسم الجراحة والعمليات بالمستشفى، إن المستشفى العام يقوم على خدمة جميع مراكز أسوان ولا يوجد غيره فى المحافظة، الأمر الذى يزيد من أعباء المريض الذى يريد التوجه إليه: «يوم ما حبوا يعملوه عملوه غير مطابق لظروف المريض، وده لأن كل الطرق المؤدية ليه مطالع طويلة، يعنى لو واحد عنده ضيق تنفس ممكن يموت عقبال ما يوصل، ده غير إن لو واحد احتاج دم هيركب 3 مواصلات عقبال ما يوصل لبنك الدم ويرجع تانى يركب 3 مواصلات زيهم وهو راجع»، ولم تقف أزمة المستشفى العام عند هذا الحد، إنما تطور به الأمر إلى ما هو أكثر من ذلك، حسب ما قال «الدابودى»: «بعد ده كله عايزين يحولوه أمانة عامة وتبقى كل حاجة فيه بفلوس، وده بالنسبة ليا أنا كموظف هتبقى حاجة حلوة لأن قبضى هيزيد، لكن بالنسبة للمواطن الغلبان اللى معهوش فلوس هيعمل إيه ولا هيروح فين، وغير كده مش هيبقى فيه مستشفى عام فى أسوان كلها».
من جانبه، يقول الدكتور أسامة رضوان، مدير مستشفى أسوان العام، إن طاقة المستشفى 179 سريراً، وقسم الحضانات وحده به 13 حضانة، وقسم العناية المركزة به 24 سريراً، بالإضافة لجهازى تنفس صناعى، وأن جميع هذه الأجهزة جديدة، إلا أن هذه الطاقة فى حاجة إلى قوة بشرية كبيرة، من أطباء وتمريض وفنيين وعمال، وهو ما لم يتوافر للمستشفى حتى الآن، فرغم أن المستشفى يقوم على خدمة جنوب الصعيد كله، إلا أنه يعانى من نقص شديد فى القوة البشرية، فمن فيه لا يمكنهم تشغيل سوى ثلث طاقة المستشفى، حسب ما قال «رضوان»، فهناك أقسام كثيرة لا يوجد بها سوى طبيب واحد، ومن ضمنها الباطنى والأشعة والجراحة والتحاليل والعظام، بالإضافة إلى طبيبين فقط فى قسم الطوارئ و3 أطباء فى قسم القلب، وهى أرقام قليلة جداً ولا تكفى، وفق «رضوان».
ويضيف «رضوان»: قسم العناية المركزة يحتاج على الأقل 30 طبيباً مقيماً مقسمين على اليوم، ورغم ذلك لا يوجد بالمستشفى سوى طبيب واحد، وقسم الحضانات لا يعمل به سوى 6 حضانات فقط لعدم وجود تمريض كافٍ يمكننا من تشغيل الـ7 حضانات الأخرى، معبراً بقوله: «عماد أى مستشفى فى الأطباء المقيمين والتمريض، وأنا عندى عجز كبير فى الاتنين، ومش عارف هشغل الدنيا إزاى كده»، وعن أزمة المسافة بين وسط المدينة والمستشفى أقر «رضوان» ببعدها، إلا أنه قال إنه تحدث مع رئيس المدينة فى هذه المسألة، وقد وعده الأخير بتوفير أوتوبيسات تنقل المرضى من وإلى المستشفى خلال الفترة المقبلة.