التصعيد المطلوب ضد الجرثومة القطرية
- أعلى مستوى
- أمن الخليج
- إعادة هيكلة
- الأمم المتحدة
- الأمن الإقليمى
- الأمن الدولى
- الأمن العربى
- الاقتصاد القطرى
- التعاون الخليجى
- أدوار
- أعلى مستوى
- أمن الخليج
- إعادة هيكلة
- الأمم المتحدة
- الأمن الإقليمى
- الأمن الدولى
- الأمن العربى
- الاقتصاد القطرى
- التعاون الخليجى
- أدوار
يجتمع اليوم بالقاهرة وزراء خارجية الدول الأربع المقاطعة لقطر، من أجل تبادل المعلومات والرؤى وتقييم ما حدث فى الأسابيع الثلاثة الماضية بشأن الرد القطرى على المطالب الثلاثة عشر التى قُدمت إليها، ولم تجد الاستجابة المأمولة. الرفض القطرى كان متوقعاً والمناورات التى قامت بها كانت موجودة فى الحسبان، والآن يطل علينا سؤال مركزى وهو ما العمل فى الأيام المقبلة؟ أولى الإجابات المطروحة نظرياً هى أن تسحب الدول الأربع المُقاطعة مطالبها أو تخفف منها أو تقبل بأى رد قطرى وكفى الله المؤمنين شر القتال. مثل هذا الموقف يعنى ببساطة أن هذه الدول لم تدرس جيداً مطالبها ولا قرارها بالمقاطعة، ومن ثم فضلت الانسحاب وإعطاء فرصة للدوحة وداعميها أن تعلن الانتصار وأن تستمر فى سياستها الضارة بالأمن الإقليمى لدول الخليج مجتمعة والأمن العربى. حدوث مثل هذا الأمر يبدو لى من سابع المستحيلات، إذ لا يعبر عن هزيمة مدوية وحسب، بل أيضاً يفتح الباب مشرعاً أمام مرحلة جديدة من الابتزاز السياسى والمعنوى تمارسه الدوحة وجزيرتها، ويُفقد قادة هذه الدول مساحة ثقة كبيرة ومهمة من قبل الرأى العام لديها، وهو ما لا يمكن السماح به.
البديل الآخر هو أن تستمر الدول الأربع فى سياستها لممارسة ضغوط أكبر على الدوحة، وأن تجعل الرفض القطرى عالى التكلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبما لا يمكن لنظامها أن يتحمله، ولربما أسهم ذلك لاحقاً فى أن يتعرض النظام القطرى لتمرد داخلى لم يعرفه من قبل، وأن يتم توظيف الحالة الدفاعية التى فُرضت على الدوحة وجزيرتها لتبرير مواقفها السابقة فى دعم الإرهاب لفضحها أكثر، وبالتالى التأكيد على ضرورة وأهمية إعادة هيكلة السياسة القطرية برمتها من أجل ضمان أمن الخليج وأمن العالم معاً، فضلاً عن إفشال كل محاولات الاستعطاف التى مارستها الدوحة من أجل إيقاف المد الرافض لسياستها التحريضية وتمويل الإرهاب بلا حدود.
سياسة الضغوط والاستمرار فيها بتدرج وبحكمة يجب أن تضع فى الاعتبار أن هذه أزمة سوف تستمر بعض الوقت، ليس لأن الدوحة لديها قدرات خاصة أو أنها أكثر حنكة سياسية من الدول الأربع، ولكن لأن دولاً إقليمية تُحرض الدوحة على الرفض والممانعة واتخاذ مواقف أكثر تطرفاً ضد المصالح الخليجية والعربية، وتتبع هذا التحريض بمواقف تحقق من ورائها مكاسب تجارية اقتصادية وسياسية لم تكن تتوقعها على حساب الشعب القطرى قبل أى أحد آخر، ولأن دولاً كبرى أوروبية وغير أوروبية لا تنظر للموضوع إلا من زاوية ضيقة للغاية تتعلق بمصالح اقتصادية آنية ولا يهمها أبداً ما تدعيه من مواجهة الإرهاب بكل أشكاله ودرجاته، وهو جوهر الأزمة ومركزها، والموقف الأمريكى خير مثال وتتبعه دول أوروبية لم نكن ننتظر منها هكذا موقف كألمانيا.
ورغم احتمال أن تقدم واشنطن مبادرة تدعى أنها لحل المشكلة فى إطار البيت الخليجى، فلا يجب أن تتوقف الدول الأربع عن ممارسة الضغوط على الدوحة، مع السعى الحثيث لتغيير مواقف هؤلاء الذين يرفضون الحقيقة الدامغة بأن قطر متورطة فى كل ما هو مخالف ومناهض لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولى ومبادئ حسن الجوار، وأنها أحد أسباب الانهيارات الكبرى التى تعرضت لها دول مثل اليمن وليبيا وسوريا والعراق، وأحد أكبر المحرضين والداعمين لجماعات الإرهاب المتأسلمة فى مصر وبلدان أخرى كثيرة، ومتورطة فى خطط لإحداث قلاقل فى بلدان كالسعودية والبحرين والإمارات، تلك الحقائق معروفة لا سيما لدى الأمريكيين والأوروبيين وروسيا، ومع ذلك يغمضون العين طمعاً فى صفقة أو بضعة ملايين من الدولارات القطرية، ومن ثم فالمطلوب البدء بحملة دولية منسقة وعلى أعلى مستوى لفضح الدوحة، وأن يُرفق بهذه الحملة ملفات موثقة ووضعها أمام كافة دول العالم ليعرف الجميع ما الذى صنعته الدوحة من أضرار وكوارث لا بد أن تُحاسب عليها وأن تُعاقب وفقاً للقانون الدولى.
وفى تصورى المتواضع أن حملة كهذه لا بد أن يتم ترتيبها على أعلى مستوى من التنسيق بين الدول الأربع، يمكن أن تمهد للتحرك عبر مجلس الأمن الدولى بعد ضمان مواقف غالبية أعضائه، خاصة الدول الخمس صاحبة حق الفيتو، لإصدار قرار دولى يمهد لمحاسبة قطر ويضع عليها رقابة دولية حاسمة للتحقق من التزامها بالتخلى عن تمويل الإرهاب والتحريض عليه، وتسليم رموزه المقيمين تحت رعاية النظام الحاكم للعدالة وفق القانون الدولى، ومن ثم فرض الرشادة السياسية على الدوحة وحكامها.
يتطلب التصعيد المتدرج أيضاً التمهيد لإخراج قطر من المنظومة الخليجية والعربية، وعزلها عن بيئتها الطبيعية التى أنكرتها وأضرتها، ولن يضير مجلس التعاون الخليجى أن يُطهر نفسه بطرد هذا البلد المارق، وأن يحافظ على ترابطه للدول الخمس الأخرى وفق التفاهمات الرئيسية التى حكمت مسيرته طوال العقود الأربعة الماضية، لتعزيز التضامن والتلاحم السياسى والمجتمعى بين دول المجلس لمواجهة التهديدات الإقليمية أو الدولية التى تستهدف دوله مجتمعة أو إحدى دوله، هذا التطهير يعنى أن يستمر المجلس كمنظومة إقليمية فعالة خالية من جرثومة الفوضى والفساد السياسى، وأن يتبع ذلك تطهير جامعة الدول العربية من دولة عضو لعبت كل الأدوار القذرة من أجل تفتيت المنظومة العربية ككل، وإسقاط دول بحالها دون ذرة خجل اعتماداً على ثروة منحتها الطبيعة بلا حساب، وبدلاً من أن تُستغل فى دعم منظومة التنمية العربية الشاملة، وظفتها الدوحة من أجل الإرهاب وإفساد الدول وتمكين الجماعات الإرهابية.
ويتحسب البعض من أن تؤدى هذه الخطوات التصعيدية إلى مزيد من وقوع قطر فى براثن إيران وتركيا، وهما خصمان أو على الأقل قوتان متنافستان على التحكم فى قطر وحاكمها وحكومتها واستنزاف مواردها، وأن هذا سيعد خصماً من أمن الخليج والأمن العربى معاً، ومن الناحية الموضوعية هذا أمر غير مرغوب ولكنه حاصل بالفعل، غير أن تعميق العزلة على قطر وطردها من مجلس التعاون ومن الجامعة بكل تكلفته السياسية والاقتصادية والمعنوية لن يؤدى إلى مكاسب لتلك القوى الإقليمية بقدر ما سيكون خسائر باهظة لها، فالكل يعرف الآن فى الخليج وفى غيره أن بلداً مثل تركيا يقوده رئيس متقلب الهوى لا يُؤمن على عهد ويُعد الاعتماد عليه ضرباً من المغامرة الفاشلة مسبقاً، وحين ينهار الاقتصاد القطرى ويتفجر التمرد المجتمعى فلن يستطيع أحد أن يضمن بقاء حكام الدوحة على كراسيهم حتى لو كانوا 100 ألف جندى تركى.