«الحرس الثورى».. خط الدفاع عن النظام الإيرانى بـ«عمليات مدبرة»

«الحرس الثورى».. خط الدفاع عن النظام الإيرانى بـ«عمليات مدبرة»
- أسامة بن لادن
- أعضاء البرلمان
- استقرار الدولة
- اقتحام البرلمان
- الإمام الخمينى
- الاتفاق النووى
- البرلمان الإيرانى
- البلدان العربية
- البيت الأبيض
- أحذية
- أسامة بن لادن
- أعضاء البرلمان
- استقرار الدولة
- اقتحام البرلمان
- الإمام الخمينى
- الاتفاق النووى
- البرلمان الإيرانى
- البلدان العربية
- البيت الأبيض
- أحذية
فى منتصف التسعينات فجر انتحاريون مرقد الإمام الرضا، أشهر المقامات قدسية فى إيران، وبعد إعلان الحكومة الإيرانية تورط عناصر من مجاهدى «خلق» ببث فيديو تضمن اعتراف عناصر من المنظمة بتفجير المرقد، فوجئ الإيرانيون، فى عهد خاتمى، بخلافات بين جناحى السلطة، كشف على أثرها سعيد حجاريان، منظر الإصلاحيين فى الدولة الإيرانية، تفاصيل تدبير الحرس الثورى الإيرانى لمرقد الإمام الرضا بهدف تشويه صورة المعارضة الإيرانية ووضعها على قوائم الإرهاب، وهو ما استجاب له المجتمع الدولى إلى أن وضحت الصورة بعد سنوات ليتم رفع المنظمة من قائمة المنظمات الإرهابية.
تلك المقدمة تسوق دلالات مهمة، تؤكد منهج الحرس الثورى فى تدبير التفجيرات والاغتيالات لأهداف تخدم النظام، ومؤخراً أكد هذا المنحى، الشكوك التى دارت حول وفاة رافسنجانى، الرئيس الإيرانى الأسبق، بعد توليه منصب رئيس مصلحة تشخيص النظام، حيث وصل الأمر إلى توجيه المعارضة اتهامات للحرس الثورى باغتياله، الأمر الذى يسوقنا إلى التشكيك فى تفجيرات البرلمان الإيرانى الأخيرة ومزاعم تفجير مرقد الإمام الخمينى إذا ما استعرضنا الصورة كاملة من زاوية الدوافع والسياق التاريخى لعلاقة الإيرانيين مع التنظيمات الإرهابية.
كان الكونجرس الأمريكى على موعد للتصويت على إدراج الحرس الثورى الإيرانى كمنظمة إرهابية، حيث سبقت تلك الخطوة اتهامات أمريكية لإيران برعايتها للإرهاب، بالرغم من إدارة البيت الأبيض مفاوضات سرية مع الحرس الثورى لتقديم تنازلات فيما يخص نفوذها فى المنطقة مقابل استمرار الاتفاق النووى والتقليل من فرض العقوبات الاقتصادية، إلا أن الضغوط الأمريكية الشديدة على النظام الإيرانى جعلت طهران تتخوف من فرض عزلة دولية عليها ما دفع أجهزتها إلى تدبير الحادث الإرهابى وتسليط الضوء على مواجهة الحرس الثورى للعملية الإرهابية لتوهم المجتمع الدولى بوصول الدواعش إلى قلب طهران فضلاً عن تصدير صورة غير حقيقية تعكس مواجهة الحرس الثورى للإرهاب دفاعاً عن استقرار الدولة الإيرانية، فى الوقت الذى يقود فيه فيلق القدس بقيادة قاسم سليمانى حروب عصابات فى العراق وسوريا، ثم خرج خامنئى مرشد الثورة فى خطاب للجماهير، حاول خلاله تقليد القيادة السياسية فى مصر، بقوله إن وقت التفجير والفرار انتهى وستلاحق إيران الإرهابيين فى كل مكان.
يعد البرلمان الإيرانى واحداً من المؤسسات الإيرانية التى تحميها مؤسسات الدولة الأمنية بدءاً من الشرطة العسكرية وانتهاء بعناصر الحرس الثورى، عن طريق تأمين مشدد يشمل تخصيص ثلاث بوابات إلكترونية حديثة لمرور الزوار والعاملين وأعضاء البرلمان، فضلاً عن بوابة إلكترونية لمرور السيارات، ويفصل تلك البوابات عن الشارع سياج خرسانى بارتفاع سبعة أمتار، كما يفصلها عن مبنى البرلمان مساحة واسعة توجد بها وحدات من الجيش والحرس الثورى معنية بحراسة المنشأة.
منطقياً يستحيل تنفيذ عملية إرهابية بتلك المؤسسة إلا عن طريق التفجير عبر الأحزمة الناسفة أو السيارات المفخخة خارج تلك البوابات، نظراً لاستحالة عبور أشخاص يحملون أحزمة ناسفة أو أسلحة رشاشة يصل طول الواحد منها إلى ما يزيد على الذراع، وبالتالى فإن الإعلان عن تنفيذ العملية بتلك الطريقة شمل تناقضات تؤكد تخبط المخطط لعملية التفجير، بدليل اختلاف روايات الصحف الإيرانية المحسوبة على النظام حول الحادث، أضف إلى ذلك أن تأمين مرقد الإمام الخمينى يماثل تأمين رئاسة الجمهورية ومكتب المرشد من زاوية التشديدات الأمنية، ومن المستحيل دخول أشخاص يحملون متفجرات إلى ساحة المرقد لدقة التفتيش الذى يصل إلى حد خلع الأحذية والأحزمة وتسليم الهواتف المحمولة.
ومن خلال الرصد السريع لعمليات تنظيم داعش الإرهابى فى البلدان الأوروبية أو العربية، اعتمد التنظيم على استهداف التجمعات البشرية سواء شيعة العراق أو الأقباط كما حدث فى مصر وفى مانشستر البريطانية، من خلال خطة محكمة تضمن إسقاط أكبر عدد من الضحايا، ففى العراق يستهدف الدواعش الشيعة والسنة على السواء فى الأسواق وتصل أعداد الضحايا إلى المئات فى بعض العمليات، وبالتالى فإن تفجير مرقد الإمام الخمينى بعد 3 أيام من مولده الذى يحضره مئات الآلاف يؤكد أن المنهج المستخدم ليس منهج الدواعش الذين يحكمون التخطيط لزيادة أعداد الضحايا ودائماً ما ينجحون فى ذلك، بالإضافة إلى أن داعش لم يعتد استهداف المؤسسات الحكومية المؤمنة تأميناً شديداً ومعقداً نظراً لانخفاض نسب نجاح العملية.
تبنى تنظيم داعش لعملية اقتحام البرلمان الإيرانى فى ضوء المعطيات السابقة يؤكد أحد احتمالين، أولهما أن التنظيم أعلن تبنيه للعملية دون أن يكون منفذاً حقيقياً لها فى إطار الترويج الدعائى، ولكن حصوله على فيديو بثه عبر موقعه يقلل من نسب صحة تلك الفرضية، أما الاحتمال الثانى فهو استخدام إيران اتصالاتها غير المباشرة مع عناصر التنظيم ومدهم بالفيديو بطريق غير مباشر لتبنى العملية خاصة أن الحرس الثورى تربطه علاقات وثيقة بالتنظيمات الإرهابية، فسبق أن رفض أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة استهداف إيران والشيعة حفاظاً على مصالح التنظيم وحفاظاً على علاقته المصلحية بالإيرانيين، وفقاً لتصريحات منشورة فى وسائل إعلامية عديدة، إلى جانب علاقات الحرس الثورى مع عناصر تنظيم داعش فى الشمال العراقى الذين احتلوا المدن والقرى السنية ورفضوا دخول القرى والمناطق الشيعية، وعلى أثرها وجه ساسة عراقيون اتهامات عديدة لنورى المالكى رئيس الوزراء العراقى الأسبق الموالى لإيران بتسهيله احتلال الدواعش لمدينة الموصل لتنفيذ مخطط إيرانى هدفه تمزيق العراق وإشعال الحروب الطائفية، ولعل ما يؤكد تلك الاتهامات، العلاقة القوية بين إيران وقطر التى ترعى حروب التنظيم الإرهابى فى العراق وسوريا.
عقب الحادث اعتمد بعض المحللين على تسجيل صوتى قديم لأحد قيادات التنظيمات الإرهابية يتوعد فيه طهران بالويل والثبور، وتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف الشيعة، ليدللوا على صحة تورط تنظيم داعش فى تفجير البرلمان الإيرانى واستهداف مرقد الإمام الخمينى دون تقديم أية دلائل تؤكد صحة ذلك، وما يؤكد عدم دقة التحليل فى تبرير وجهة النظر تلك، أن تنظيم داعش فى شمال العراق تفصله مسافة لا تزيد على 40 كيلومترا عن الحدود الإيرانية منذ احتلاله الموصل منذ ثلاث سنوات أو يزيد، ورغم ذلك استهدف التنظيم الشيعة والسنة فى الأسواق والميادين العراقية ووصلت عملياتهم إلى أوروبا وروسيا دون أن ينفذ التنظيم عملية واحدة فى إيران طيلة تلك الفترة، إلى جانب أن إعلان وكالة أعماق تبنى التنظيم العمل الإرهابى فى طهران لم يتضمن أسماء منفذى العملية أو تفاصيل دقيقة لتنفيذها، بالإضافة إلى أن تصريحات الحكومة الإيرانية عن اعتقال منفذى العملية لم يتضمن أسماءهم، حيث اكتفت بتصريح مقتضب أكد أن منفذى العملية عناصر متطرفة من الشعوب غير الفارسية المناهضة للنظام، انضمت لداعش وتلقت تدريبات خارج إيران وعادت لتنفيذ العملية الإرهابية وهى تصريحات منافية للمنطق والحقائق التى تؤكد امتلاك طهران لقاعدة بيانات المنضمين للتنظيم من كل البلدان العربية وغير العربية عبر علاقتها مع قطر.