«ميكروبات غامضة»: تهاجم المرضى فى المستشفيات والمراكز الطبية

كتب: ياسمين علاء الدين

«ميكروبات غامضة»: تهاجم المرضى فى المستشفيات والمراكز الطبية

«ميكروبات غامضة»: تهاجم المرضى فى المستشفيات والمراكز الطبية

منذ ولادته وهو يعانى من مشكلة صحية فى عينه اليسرى بدأت مع أعوامه الأولى، إذ لم يتمكن من الرؤية بوضوح، وظل الطفل «كريم» يعانى من مشكلات عينه إلى أن أتم عامه الخامس، ليقرر الأطباء بأحد مراكز الرؤية والإبصار الشهيرة بمنطقة المهندسين فى الجيزة، إجراء جراحة «زرع عدسة» لعينه تمكنه من الرؤية جيداً، وفى الرابع من مايو الماضى أجرى الجراحة وبدأ العلاج بقطرات، وباتت أسرته بانتظار اللحظة التى يكون فيها الصغير قادراً على الرؤية، لكن الأمل تبدد بالألم الذى سكن جسده النحيل ووصل لحد الصراخ، إلى أن جاء موعد الاستشارة ليكتشفوا أن الطفل أصيب بميكروب غامض أثناء الجراحة تسبب فى فقد بصره إلى الأبد.

{long_qoute_1}

كان هذا مصير 7 مصابين آخرين ضحايا لمركز الإبصار، من بينهم أحمد جلال عبدالعزيز، شاب ثلاثينى، أجرى عملية تصحيح لنظره فى المركز، فساءت حالته وأصبح بعدها واحداً من بين السبعة المصابين بالميكروب الغامض، لكنه لم يقف مكتوف اليدين وقرر مقاضاة المركز، يقول: ««مش قادر أنام من التعب، بركان فى دماغى بيفجر عينى»، كانت الجراحة بالنسبة له هى بداية تحقيق حلمه بالسفر للخارج، لكنه لم يعد قادراً على العمل حالياً، ويضيف: «أنا أب لطفلين وجت لى فرصة سفر بره مصر وكان شرطهم الأساسى قوة النظر، فقررت إجراء عملية تصحيح إبصار فى عينى اليمنى، وفى الاستشارة فوجئت بتجهيزى لعملية بالعين اليسرى فاعترضت وطلبت الكشف على عينى اليمين، لكن الممرضة خدعتنى وغبت عن الوعى بعد البنج، ولما فقت الدكتور قال لى العين اليمين تمام»، ويكمل «جلال»: «ماكنتش شايف حاجة، رحنا المركز نعرف إيه اللى حصل، لقيت حالات غيرى بنفس الأعراض، ولما بدأ صوتنا يعلا، المركز مشّى الناس، علشان الشوشرة، وأغلق أبوابه 4 أيام ورجع فتح تانى». التقط «عصام»، الشقيق الأكبر لأحمد، طرف الحديث، وقال: «الأطباء أكدوا أن العين ليس بها أمل وما يجب اتخاذه هو تفريغ تجويف العين حتى ينتهى هذا التعب والصداع وتركيب غطاء للحفاظ على التجويف من التلوث»، مضيفاً: «الدكتور قال لى ما حدش يضحك عليه، العين خلاص مفيش فيها أمل، ولما رجعنا المركز فضلوا يقولوا أصل سكر أحمد مش مظبوط واتعرض للتراب، وساومونا على تعويض عين أخويا بـ50 ألف جنيه».

فى النهاية قررت أسرة «أحمد» مقاضاة الأطباء والمركز وحرروا محضراً برقم 3942 لسنة 2017 بالواقعة، فى قسم شرطة العجوزة، وتم إجراء الكشف الطبى عليه من مصلحة الطب الشرعى، بعدما رفض المركز الذى أجرى فيه الجراحة تسليمه تقريراً طبياً بحالته.

{long_qoute_2}

ووصف سيد أبوعميرة، 53 عاماً، يعمل فى أعمال حرة، يوم إجرائه جراحة تنظيف جسم زجاجى بالعين فى 4 مايو الماضى بـ«اليوم المشئوم»، قائلاً: «بعد العملية بيومين حسيت بوجع لا يُحتمل، كلمت الدكتور قال لى على علاج جبته لكن الواضح إن الألم كان أشد من العلاج، والمدام كلمت الدكتور اليوم اللى بعده الصبح بدرى لأنى ماعرفتش أنام من الوجع، رحت المركز عملت عملية حقن».

ويوضح «أبوعميرة» أن المركز أوضح له أن سبب هذا التعب إصابته بميكروب هو و7 حالات أخرى من ضمن 44 حالة تم إجراء عمليات لهم فى نفس اليوم، ويضيف: «قالولى إن حالتى أنا وواحدة اسمها مدام خيرية فيهم أمل عكس حالات تانية للأسف الميكروب تمكن منهم وأفقدهم بصرهم». أوضح «سيد» قائلاً: «بعد العملية بأسبوع راجعت دكتور كبير واتعمل لى 5 عمليات لحد دلوقتى، حسيت بتحسن وقدرت أشوف لكن ما زال فيه غمامة بيضا».

وأكد مسئول بالمركز الطبى، رفض نشر اسمه، وشهد تلك الوقائع، أن «العدوى واردة بنسبة 40% والمركز غير مسئول عن تلك الإصابات، فهذا قضاء وقدر، ولا دخل لنا فيه»، وتابع قائلاً: «إحنا فاتحين من 2012 وأول مرة يحصل خطأ من هذا النوع، وهذا ليس خطأ بشرياً، ويحدث فى جميع المراكز الطبية المصرية والعالمية»، موضحاً أن المريض قبل دخوله لإجراء العمليات يوقع على إقرار باحتمال حدوث هذه الأعراض، وأضاف المصدر: «لم يظهر مصدر الميكروب الذى أحدث ذلك و40% من الكتب العلمية والمراجع تؤكد إنه ممكن مايتعرفش مصدر الميكروب، وإحنا علشان نعالج اللى حصل وقفنا عمليات 4 أيام، للتأكد من سلامة المركز، وهذا إجراء روتينى من الوزارة»، مشيراً إلى أن «المريض صاحب المحضر يعانى مرض السكر ومناعته ضعيفة لذلك أثّر عليه بشكل كبير لكن باقى الحالات هتبدأ تتحسن مع الوقت».

{long_qoute_3}

ويضيف: «عندنا فريق كامل مسئول عن مكافحة العدوى ويؤدى واجبه على أكمل وجه، والمركز قانونى ومعروف ومطابق للمواصفات، ولم يعرض تعويضاً مادياً على الحالات، وكل الخطوات الطبية اللى تمت للحالات لم يتم حسابهم عليها مادياً».

وأكد محمد محمود، مساعد ملاحظ القسم لمكافحة العدوى بالمركز، أنه «تم سحب عينات من الأطباء والمرضى والممرضات لمعرفة مصدر الميكروب، ولكننا لم نتوصل لشىء»، وتابع: «نسبة حدوث الميكروب فى أى مستشفى 40% وده مش كلامنا لوحدنا ده كلام معمل قام بتحليل العينات».

ويقول «إيهاب الطاهر»، الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء: «النقابة ليس لها رقابة على المراكز أو المستشفيات، ولكن تتحرك النقابة بالتحقيق المستقل بشأن أى إهمال طبى فى حالة تقديم المتضرر شكوى بالنقابة، أو فى حالة تحويل النيابة لمحضر مريض»، موضحاً أنه تتم دراسة كافة التقارير والإثباتات من أطباء بنفس التخصص، وبعد ذلك لو تمت إدانة الطبيب يحال للمحكمة التأديبية، ولكن هذه الإجراءات تحتاج لوقت، خاصة لو كان الأمر معقداً بتدخل أكثر من جهة علاجية لمريض واحد وعدد الشكاوى لا يتم حصره.

وقال الدكتور على محروس، رئيس الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية غير الحكومية والتراخيص «العلاج الحر» بوزارة الصحة والسكان، إن الإدارة تُجرى حملات مكبرة على المستشفيات الخاصة للتأكد من التزامها بالاشتراطات الصحية فى علاج المرضى. وأوضح «محروس» أنه فى حالة تقدم أحد المواطنين بشكوى متضرراً من إجراءات العلاج بأحد المستشفيات أو المراكز العلاجية يتم تدشين حملات على الأماكن محل الشكوى للتأكد من صحة الشكوى من عدمه، منوهاً إلى أنه لم ترد شكاوى للإدارة من أحد مراكز العيون وتصحيح الإبصار بالدقى والمهندسين حتى اليوم. وأشار إلى أنه فى حالة تقدم المتضرر بشكوى للنيابة فإن النيابة تطالب الإدارة بتقرير مفصل عن حالة المستشفى أو المركز محل الشكوى للتأكد من مدى التزامه بالمواصفات والاشتراطات الطبية، وفى تلك الحالة تسيّر الإدارة حملات على تلك المستشفيات ويتم إعداد تقرير رسمى وإرساله للنيابة المنوط بها اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.


مواضيع متعلقة