«الثقافة فى وطن المثقفين»: أنشطة غير ملموسة وفعاليات وهمية.. وتوصيات لا ترى النور

كتب: إلهام زيدان

«الثقافة فى وطن المثقفين»: أنشطة غير ملموسة وفعاليات وهمية.. وتوصيات لا ترى النور

«الثقافة فى وطن المثقفين»: أنشطة غير ملموسة وفعاليات وهمية.. وتوصيات لا ترى النور

تواجه وزارة الثقافة انتقادات حادة، كون قطاعاتها الـ18 تقدم برامج وهمية وأنشطة غير ملموسة الأثر على أرض الواقع فى الصعيد، ومعظمها لا تصل إلى القرى والنجوع، باستثناء بعض أنشطة قطاع الهيئة العامة لقصور الثقافة من خلال الفعاليات التى تنظمها، إلا أنه لا يتم تفعيل توصياتها ومقترحاتها، حتى وصفها البعض بـ«وزارة المهرجانات» لاقتصارها على الفعاليات الدعائية، حيث تقدم أنشطتها من داخل القاعات والفنادق المكيفة، وتعمل لصالح العاصمة فقط، فهل هذا تجاهل مقصود للصعيد؟ أم هو تغافل مزمن لمسئولية الدولة عما نلاحظه جميعاً من تغلغل للأفكار المتطرفة؟ أم ليس هناك اعتقاد بأهمية الثقافة؟

{long_qoute_1}

أكد الكاتب أشرف عتريس، إخصائى ثقافة بفرع المنيا، أن هناك تهميشاً مقصوداً لدور الصعيد ثقافياً، وحتى فى الأقاليم الثلاثة لقصور الثقافة «وسط وجنوب وشمال الصعيد» التى تعادل نصف المواقع على مستوى الجمهورية، نجد أن المخصصات المالية لهذه الأفرع قليلة، واصفاً الأمر بالعنصرية فى توزيع هذه المخصصات، ومن خلال ملامسته للواقع فهناك تمييز ما بين الشمال والجنوب، بل هى مشكلات مزمنة وليس هناك أمل أن يحل رئيس الهيئة هذه المشكلات فى الصعيد، ولا يقتصر الأمر على المخصص المالى ولكن يمتد إلى الأنشطة.

وأوضح «عتريس» لـ«الوطن» أن «الفعاليات الثقافية تخرج بتوصيات لا يتم تفعيلها على أرض الواقع، فمنذ عقد الدورة الأولى لأدباء مصر لم ينفذ حتى الآن، ولا بد من نزول الثقافة إلى الشارع بمعارض وتخفيضات على الكتب، فالدولة لا تدعم الثقافة بالشكل الضرورى للمرحلة، ونحتاج للدعم غير أن الدولة غير مقتنعة بجدوى الثقافة فى العموم»، مطالباً أن تكون وزارة الثقافة «سيادية» كوزارتى «الدفاع والداخلية»، فنحن فى مرحلة حرجة، كى نحارب الإرهاب بالثقافة، خاصة أن الأمن لا يستطيع وحده مواجهته.

وقال الدكتور أحمد مجاهد، رئيس الهيئة العامة للكتاب الأسبق، إن «الثقافة كلها تعامل بعنصرية وليس فقط فى أقاليم الصعيد، من حيث الميزانيات والاهتمام به، لكن الصعيد يحتاج إلى اهتمام أكبر، فلا يليق أن تكون الميزانيات المخصصة للمواقع الثقافية التابعة لهيئة قصور الثقافة فى القاهرة مساوية لما خصص للصعيد من ميزانيات، فقطاعات الوزارة غير موجودة بالفعل فى مناطق الثقافة».

وطالب «مجاهد» بتقسيم الميزانيات بالعدل وليس بالمساواة، مشيراً إلى أنه لدينا فى القاهرة كل قطاعات وزارة الثقافة بينما لا توجد فى الصعيد، مؤكداً أن التنمية الحقيقية لا يمكن أن تقوم فى الصعيد أو أى مكان دون التنمية الثقافية، والدولة أخطأت فى العهود السابقة حين أهملت الصعيد والمناطق الحدودية، فعدم الاهتمام أدى إلى تفشى التطرف بأشكاله المختلفة»، مضيفاً: «المشكلة ليست مادية بل فى الوعى الثقافى، والفقر فقر عقول، ومن الممكن اللجوء إلى طرق قانونية للبحث عن تمويل موازٍ، وتعاون مع مؤسسات المجتمع المدنى لتقدم أنشطتها فى مواقع وزارة الثقافة لتعظيم النشاط، وكل يصب فى قالب واحد، ما دامت الفعاليات المقدمة فى إطار استراتيجية الوزارة، وتفعيل بروتوكولات التعاون مع مؤسسات المجتمع المدنى لتعظيم النشاط الثقافى من خلال المواقع الثقافية فى الصعيد بما يتفق مع سياستنا الثقافية».

وأشار الدكتور سيد خطاب، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة السابق، إلى أن غياب الرؤية السبب الرئيسى فى المشكلات الثقافية، مشيراً إلى أن الهيئة هى المؤسسة الموجودة فى كل ربوع مصر وتقدم مشروعاً لتنمية الجنوب، حيث انتقلنا بين محافظات أسوان وقنا وسوهاج، مضيفاً: «فى الظروف التى نمر بها زرنا قرى النوبة وأسوان، قدمنا مسابقات، وكنا نجد تفاعلاً واستجابة من أهالى المناطق فى الصعيد، ووصلنا رأساً إلى الجمهور المستهدف، كما اكتشفنا مواهب متنوعة فى هذه المناطق».

وانتقد «خطاب» بعض مهرجانات وزارة الثقافة التى تقام فعالياتها فى الفنادق المغلقة ومنها مهرجان سينما المرأة فى أسوان والأقصر، معولاً على المثقفين والكتاب فى هذه المناطق لإصرارهم على العزلة عن الجماهير، مطالباً مبدعى القرى والأقاليم بالنزول إلى موطنهم والتفاعل مع الجماهير دون وسائط.

وقال الناقد شعبان يوسف إن الإرهاب ظاهرة اجتماعية مرتبطة بانتشار الفقر والجهل، وإن وزارة الثقافة تعمل بتوجهات السلطة نفسها، وشيوخ الفتنة دعاة التطرف موجودون «على عينك يا تاجر» كأن السلطة «راضية عنهم».

وقال الدكتور شاكر عبدالحميد، وزير الثقافة الأسبق، إن الإهمال الثقافى للصعيد يعتبر جزءاً من إهمال الدولة السياسى بشكل عام فلا توجد تنمية اقتصادية أو اجتماعية أو تنمية ثقافية وعلى مدار تاريخه الطويل، مضيفاً: «هذا الإهمال أدى ويؤدى إلى زيادة التطرف المقبل أغلبه من الصعيد، وزيادة الفقر والجهل، بسبب النظام المركزى الذى تقوم عليه الدولة، ونلاحظ أن الأمور فى تراجع».


مواضيع متعلقة