سمك بلا مشترين فى أسواق بلطيم: «البلطى» بـ35 جنيهاً والجمبرى بـ310

سمك بلا مشترين فى أسواق بلطيم: «البلطى» بـ35 جنيهاً والجمبرى بـ310
- أجهزة الدولة
- أسعار الأسماك
- أسعار السمك
- أسعار اللحوم
- أصحاب المزارع
- ارتفاع أسعار
- ارتفاع الأسعار
- الأزمة المالية
- الأسماك الطازجة
- الأسواق العامة
- أجهزة الدولة
- أسعار الأسماك
- أسعار السمك
- أسعار اللحوم
- أصحاب المزارع
- ارتفاع أسعار
- ارتفاع الأسعار
- الأزمة المالية
- الأسماك الطازجة
- الأسواق العامة
داخل سوق لبيع الأسماك فى منطقة العبارة بمدينة بلطيم، التابعة لمحافظة كفر الشيخ، تزاحمت أصوات البائعين للمناداة على الزبائن، كلٌ يقف أمام محله ينادى على بضاعته، جميعهم اشتركوا فى أن بضاعتهم طازجة، نظراً لقرب السوق من مراكب الصيد على بحيرة البرلس، لكنهم تفاوتوا فى الأسعار، ما بين جنيه واثنين، لكن الزبائن غائبون.
يقول مصطفى الدمرداش، صاحب محل، إن الأسعار زادت خلال الأسابيع الماضية بمعدل 5% على كافة الأنواع، باستثناء الجمبرى، الذى ارتفع سعره من 120 جنيهاً للجامبو، إلى 310 جنيهات، لانخفاض إنتاجيته فى البحيرة من ناحية، وقيام الصيادين بتصديره عبر البحر بالدولار من ناحية أخرى، خاصة أن الجمبرى البلدى يلقى قبولاً كبيراً فى الأسواق العربية والأجنبية، وأضاف: «حركة البيع والشراء تأثرت بشكل كبير، نتيجة انتظار الأهالى عودة الصيادين والشراء منهم مباشرة، لاعتقادهم بأن التجار هم سبب الأزمة، بما يخالف الحقيقة، لأننا اتجهنا فى الفترة الأخيرة إلى العمل «كمسيون» للصيادين وأصحاب المزارع، وكل واحد يجيب سمكه عندنا يتوزن ويتباع لصالحه واحنا ناخد جنيه ولا اتنين على كل كيلو، والزيادة بتروح للصياد مش للتاجر، لأن هامش ربح التاجر وصاحب المحل ثابت ما بيتغيرش، التغير بيحصل من الصياد نفسه اللى بيشتغل طول اليوم وبيرجع بشوية سمك صغيرين ما يكفوش مصاريفه».
{long_qoute_1}
يعترض السيد أحمد، أحد زبائن السوق، مدير عام بوزارة التربية والتعليم، مؤكداً أن التجار هم الذين رفعوا الأسعار خلال الأسابيع الماضية لتحقيق مكاسب شخصية كبيرة، والدليل على ذلك أن الأهالى يشترون من الصيادين بعد وصولهم إلى شاطئ البحيرة بنفس الأسعار القديمة، دون زيادة عليها، الأهم من ذلك -من وجهة نظره- أنه لا يوجد سبب لقيام التجار بزيادة الأسعار، خاصة أنهم على بُعد أمتار من مرسى السفن والمراكب: «يعنى لا بيدفعوا نقل ولا مواصلات ولا تلج ولا أى حاجة، الصيادين بيطلعوا بالطاولات على كتفهم لحد عندهم يسيبولهم السمك ويمشوا».
{long_qoute_2}
وأضاف الرجل الخمسينى أن بعض أنواع الأسماك أصبحت غير متوافرة كما كانت فى الماضى، مثل الجمبرى والكابوريا والأروس، وعندما سألنا الصيادين أخبرونا بأنهم يواجهون نقصاً كبيراً فيها، وأن ما يتحصلون عليه يبيعونه لبعض تجار التصدير الذين يمرون عليهم فى البحيرة لشراء ما بحوزتهم، لذا فالأمر مقبول عندما ترتفع أسعار تلك الأنواع، أما البلطى والبورى وباقى الأسماك التى تتوافر بشكل كبير فى البحيرة فلا داعى لرفع أسعارها، خاصة فى هذه الظروف الصعبة التى يعانى فيها الأهالى من الفقر.
ما بين مراسى مراكب الصيد فى محافظة كفر الشيخ والأسواق العامة فى القاهرة، يقضى مصطفى حسن رحلته اليومية بسيارته الجامبو التى يعمل بها فى نقل الأسماك الطازجة مقابل 800 جنيه للرحلة الواحدة. يقول الشاب الثلاثينى إنه على الرغم من عمله بتلك المهنة منذ ما يزيد عن خمس سنوات، فإنه اعتاد فيها سماع كلمات اللوم والعتاب من قبَل الأهالى والإعلام والمسئولين ضد السائقين، واتهامهم بأنهم يقفون وراء أزمة ارتفاع الأسعار، إلا أن ذلك الأمر غير صحيح نهائياً، حيث تنقل سيارته ما يزيد على الطن ونصف الطن يومياً، فى مقابل مبلغ 800 جنيه فقط، بما يعنى أن سعر الكيلو السمك يتكلف نقله جنيهاً واحداً و85 قرشاً، وفى حالة إضافة هذا المبلغ على سعر كيلو السمك، فسوف تكون زيادة الأسعار طفيفة للغاية: «يعنى استحالة السواق يكون بياخد 10 ولا 12 جنيه فى نقل الكيلو الواحد، النقلة كلها ممكن تزيد 50 أو 60 جنيه، إنما السواقين يتحملوا الأزمة كلها يبقى حرام».
وأضاف «مصطفى» أن «تهافت الأهالى على حلقات السمك التى كان يذهب إليها بالأسماك الطازجة لم يعد كسابقه، حيث يتذكر أن الأهالى كانوا يدفعون ثمن الأسماك لأصحاب الحلقات قبل الوصول إليها بالأسماك، أما الآن وبعد ارتفاع الأسعار أصبح المواطن يقوم بالتقليب فى الأسماك أكثر من مرة قبل الشراء، وفى أحيان كثيرة يتركها وينصرف، الأمر الذى أثّر بالسلب على العملية التجارية بأكملها، فقرر التاجر الذى أعمل معه تخفيض حجم الأسماك التى أنقلها يومياً إلى طن واحد فقط بدلاً من طن ونصف الطن».
محل و«نصبة»، وبينهما مجموعة زبائن، فى سوق سليمان جوهر بحى الدقى، تعرض أسماكاً مثلجة، ترتفع عليها لافتات «طازجة»، بجوار لافتات أسعار تجاوزت ضعف ما خرجت به من بحيرة البرلس ومصايد كفر الشيخ، أحمد الأسوانى، بائع أسماك فى السوق، وضع لافتة 35 جنيهاً على أسماك البلطى: «علشان كبير ومش مزارع»، ترتفع إلى 38 جنيهاً فى حالة شوائها. يقول «الأسوانى» إن دورة تجارية كبيرة تمر بها الأسماك حتى تصل إلى محله الصغير، تبدأ من تجار الأسماك فى المحافظات، مروراً ببورصة سوق العبور، وتجار التجزئة، ومع كل مرحلة يتم إضافة أسعار نقل وتشوين وأجرة عمال ومصانع ثلج على إجمالى سعر الكيلو، حتى تصل إلينا، فنقوم بوضع جنيه أو اثنين كهامش ربح على سعر الكيلو، ونقف طوال اليوم لبيعها والتكسب من ورائها.
وأضاف بائع السمك أن تاجر التجزئة يتحمل وحده خسائر المنظومة التجارية، لأنه المحطة الأخيرة التى يتواجه فيها البائع مع الزبائن الذين أصبحوا أكثر حرصاً بعد الأزمة المالية التى تمر بالجميع، فأصبحوا لا يقبلون بالأسعار إلا بعد الفصال فيها، واختيار الأسماك بأنفسهم، وترك «السردة» لنا، ومن ثم نضطر لبيعها بسعر منخفض حتى لو تعرضنا للخسارة فيها، خشية بقائها لدينا فتفسد، أضف على ذلك، تحمل البائع قيمة إيجار المحل وفواتير الكهرباء والمياه، وسداد الضرائب والتأمينات بشكل سنوى، والأهم من كل ذلك، استحالة ترك مفتشى التموين المحلات الصغيرة تبيع بأسعار مبالغ فيها، خاصة فى ظل استمرار حملات الرقابة والتفتيش من قبَل المفتشين سواء على الأسعار أو على جودة المنتجات، مع ضرورة الوضع فى الاعتبار أن البائع هو الواجهة الوحيدة التى تخضع للتفتيش والرقابة من قبَل أجهزة الدولة، سواء الصحية أو الخدمية، خاصة أن مكانه ثابت ومعروف ولا يتغير.
سمية محمد، موظفة بوزارة الصحة، مقر عملها يقع بالقرب من سوق سليمان جوهر، قررت التوقف عن شراء الأسماك من السوق والاتجاه إلى محلات البيع فى شارع فيصل، الذى تسكن فيه، لكنها لم تجد اختلافاً كبيراً فى الأسعار، فاتجهت لتخفيف الكمية التى تشتريها، تقول: «بقيت أشترى 2 كيلو بس، بدل اتنين ونص، واعتبرت النص كيلو ده الفرق فى الأسعار، علشان مش هقدر اشترى وجبة سمك كل أسبوع بـ100 جنيه، هو أنا مرتبى كله فيه كام مية؟».
وأضافت «سمية» أن وجبة السمك تُعتبر المنقذ للأسر الفقيرة ومتوسطة الحال، بعد ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن بشكل مبالغ فيه، وقت أن كان سعر كيلو البلطى 18 جنيهاً كانت «الأكلة» لا تتجاوز 50 جنيهاً: «العيال كانوا بياكلوا فيها طول اليوم وكنت بقول دى تمن فرخه كيلو ونص، أو تلت كيلو لحمة، أما الآن وبعد ارتفاع أسعاره، انضم عندنا للوجبات التى تحتاج إلى ميزانية قبل التفكير فيها».
يقول كريم غالب، مدرس، من سكان حى بولاق الدكرور، إن طفرة كبيرة حدثت فى أسعار الأسماك على مدار الشهرين الأخيرين، بنسبة اقتربت من 100% فى بعض الأنواع، الأمر الذى يعنى -من وجهة نظره- أن ثمن الوجبة الواحدة يتساوى مع قيمة وجبتين، فى الوقت الذى لم يزد فيه راتبه مليماً واحداً، بما يعنى أن ثمة زيادة مالية جديدة فى حياته اليومية حدثت، قد ينتج عنها التوقف نهائياً عن التعامل مع تلك السلعة.
وعن «توهان» مسئولية زيادة الأسعار بين أكثر من جهة، أشار «غلاب» إلى أن المواطن هو الذى تاه بين آراء وقرارات المسئولين وليست الأسماك، بعدما زادت أسعار كل السلع الغذائية والأساسية دون أن يتحرك راتبه شيئاً، وتم الاكتفاء بعبارات التبرير على شاشات التليفزيون، وعلى سبيل المثال ما حدث فى أزمة ارتفاع أسعار السمك، والذى كان يعتبر «وجبة الغلابة» الذين لا يقدرون على شراء كيلو اللحوم بـ150 جنيهاً، ولا كيلو الدواجن بـ35 جنيهاً، أما الآن بعدما وصل سعر كيلو البلطى المزارع لـ37 جنيهاً، فلم يتبقّ لـ«الغلبان» سوى وجبات الفول والطعمية.
محمد موسى، شاب عشرينى، يعمل بجوار والدته فى بيع الأسماك من على «نصبة» فى ذات السوق، منذ ما يزيد على 12 عاماً، استطاع خلالها تثبيت مكان له ولوالدته وسط السوق وأن يصبح مصدر ثقة بين زبائن حى الدقى -على حد وصفه- نظراً لانخفاض أسعاره وجودة الأسماك التى يبيعها.
يقول «محمد» إن البائع والزبائن يفاجأون على حد سواء بالأسعار اليومية، لأن الأسماك ليست سلعة تخزينية، يمكن لمالكها احتكارها لحين ارتفاع أسعارها ثم بيعها، ولكن على العكس من ذلك؛ يسعى البائع لبيع كل الأسماك التى بحوزته، لأن بقاءها يعنى أنها أصبحت مجمدة وأقل جودة من الطازجة، ويضيف: «الزباين بيفرزوا الحلو من الوحش قبل ما يشتروا وبيفضلوا يقلبوا فى البضاعة بدل المرة عشرة علشان يتأكدوا إنهم مش مضحوك عليهم».
لا يوجد لدى صاحب «نصبة السمك» معلومات واضحة عن أسباب ارتفاع أسعار الأسماك، هكذا يقول «محمد»، مضيفاً: «معرفش إيه اللى بيرفع السعر، أنا بأتفاجئ الصبح بالتاجر بيقول لى سعر الطاولة بكذا»، ولكنه يدرك جيداً قيمة ربحه: «بحط 2 جنيه مكسب على الكيلو، ده غير سعر التنضيف»، وفى بعض الأحيان تتطاير المكاسب التى جمعها على مدار اليوم نتيجة بقاء كمية دون بيع ومن ثم اعتبارها أسماكاً «درجة تانية»، على حد تعبيره.
محمود بدوى، مكوجى، فى شارع إيران بالدقى، اعتاد منذ خمس سنوات -مدة زواجه- على العودة إلى منزله مساء كل يوم بمتطلبات منزله من لحوم وأسماك وغيرها، من خلال التسوق من المحلات المنتشرة فى الحى الذى يعمل فيه، ومنذ بضعة شهور قرر الشاب الثلاثينى تغيير نظام شرائه لمتطلبات منزله، فتوقف عن الشراء بالجملة «لأن التسويقة الواحدة زادت الضعف» فأصبح من الأفضل له شراء حاجاته يوماً بيوم، فيقول: «الأول كان ممكن أشترى حاجات الأسبوع كله بـ250 جنيه، إنما دلوقتى الأسعار زادت أكتر من الضعف وأنا عامل يومية باشتغل على دراعى، فبقيت أجيب حاجتى يوم بيوم».
الأسماك الطازجة من سوق سليمان جوهر كانت من أهم الوجبات التى يشتريها «بدوى» بشكل أسبوعى قبل الارتفاع الكبير الذى حدث فى الأسعار، لكنه قرر استبدالها بالأسماك المجمدة، فيقول «كيلو السمك التونه المجمد بـ17 جنيه، يعنى أرخص من البلطى اللى برضو مجمد بـ20 جنيه تقريباً، وهما فى الأول والآخر وجبة سمك».
مخاوف بدوى الذى يعول أسرة مكونة من 4 أفراد مستمرة من ارتفاع الأسعار خلال شهر رمضان؛ الأمر الذى جعله يبحث عن أى طريقة تمكنه من الحصول على سلعه الأساسية، حتى ولو اضطره ذلك للاتفاق مع بعض أصدقائه من أبناء محافظة الفيوم على جلب ما يحتاجه من لحوم ودواجن وأسماك فى كل زيارة أسبوعية له لأهله فى المحافظة: «بقيت بوفر أكتر من النص، ده غير إنى بقيت ضامن إنى بأكل عيالى حاجة سليمة دون الحاجة لأسعار التجار التى أصبحت تتغير من ساعة إلى أخرى دون مراعاة لظروف عمال اليومية اللى شغالين على دراعهم اللى لو رقدوا يوم فى بيوتهم عيالهم مش هيلاقوا ياكلوا».
الحل من وجهة نظر «المكوجى» يتمثل فى ضرورة توفير وزارة التموين حصة شهرية من الدواجن والأسماك واللحوم داخل المجمعات الاستهلاكية لكل مواطن على بطاقته التموينية، يستطيع التحصل عليها فى أى وقت على مدار الشهر بأسعار ثابتة، وقتها سوف يضطر تجار السوق السوداء لضبط أسعارهم حتى لا تتعرض بضائعهم للكساد، خاصة أن السلع الغذائية لها مدة زمنية وتصبح بعدها غير صالحة للاستهلاك الآدمى، بما يعنى أن البائعين سوف يضطرون للتخلص من السلع التى بحوزتهم.