وزير الثقافة السورى: الأزمة شارفت على نهايتها.. و10٪ من آثارنا تم تدميرها.. وسنقوم بترميم «تدمر» و«حلب» بعد تحريرهما

وزير الثقافة السورى: الأزمة شارفت على نهايتها.. و10٪ من آثارنا تم تدميرها.. وسنقوم بترميم «تدمر» و«حلب» بعد تحريرهما
- أرض الواقع
- أكثر الدول
- أماكن سياحية
- أمريكا اللاتينية
- إنهاء الأزمة
- الأزمة السورية
- الأفلام الروائية
- الأفلام السينمائية
- الأمير أباظة
- آثار
- أرض الواقع
- أكثر الدول
- أماكن سياحية
- أمريكا اللاتينية
- إنهاء الأزمة
- الأزمة السورية
- الأفلام الروائية
- الأفلام السينمائية
- الأمير أباظة
- آثار
«علمينا فقه العروبـة يا شام / فأنتِ البيـان والتبيـيـنُ»، لا أعرف لماذا سيطر علىَّ هذا البيت الشعرى من قصيدة نزار قبانى وأنا فى طريقى لمقابلة وزير الثقافة السورى محمد الأحمد! هى الشام التى ارتدتنى منذ لحظة وصولى؛ كل شىء بالرغم من ظرف الحرب، يخطفنى إلى الشعر: يا ابنة العمّ والهوى أموى/ كيف أخفى الهوى وكيف أبين/ هل مرايا دمشق تعرف وجهى؟... حتى وزير الثقافة نفسه هو حفيد الشاعر السورى المعروف بدوى الجبل، ومع ذلك انطلق حوارى معه من نقطة أخرى ينفتح عندها جرح سوريا الذى يتسع ليشمل كل الخارطة التى تلونت ببقع الدماء. محمد الأحمد الناقد السينمائى ورئيس مهرجان دمشق السينمائى ومدير المؤسسة العامة للسينما فى سوريا، بعد مشوار حافل فى المجال السينمائى أصبح وزيراً للثقافة.
وزير فى زمن الحرب وهو أمر بالتأكيد ليس هيناً، ويفتح أمامه الكثير من الملفات الشائكة التى لا تتعلق بدوره الثقافى كفعل وظيفى وإنما كأفق جديد تتطلع إليه الشخصية السورية، أو بالأحرى ميلاد جديد يتشكل خلاله الوجدان السورى.
{long_qoute_1}
وفى لقائه هذا أشار وزير الثقافة إلى أهمية الثقافة فى المرحلة الآنية كمدخل تمهيدى للمستقبل، وتحدث عن دور السينما فى توثيق الأزمة السورية من أجل الأجيال المقبلة، كما كشف عن أدوار أخرى للكتاب الذى أعاد معرضه بعد انقطاع دام خمس سنوات، وكشف عن الكارثة التى تعرضت لها الآثار فى سوريا، ولم يفته أن يتحدث عن جسور التواصل المصرى - السورى وعن مصيرهما المشترك الذى لا ينفصم.. وهو ما ينقله الحوار التالى:
■ من مشوارك الحافل فى مجال السينما، تُصبح وزيراً للثقافة فى الوقت الصعب.. كيف أعددت خطتك للمواجهة؟
- كلنا نعرف أن الفعل الثقافى له بداية وليس له نهاية.
الجيش مثلاً سواء فى سوريا أو فى مصر له مهمة محددة تبدأ بتاريخ وتنتهى بتاريخ، الكثير من الأمور على هذه الشاكلة، بينما الثقافة تظل فعلاً يبدأ ويستمر بلا نقطة توقفه، بالعكس كلما تم إنجاز مرحلة نكتشف أن هناك مرحلة أخرى يجب إنجازها أيضاً. اللافت فى عمل وزارة الثقافة أنه خلال سنوات الأزمة التى مرت على الوطن؛ تمكنت من أن تنجز عطاء أكبر سواء فى السينما أو المسرح أو الكتاب أو الفن التشكيلى، تمكنت المديريات المختلفة فى وزارة الثقافة من أن تضاعف الإنتاج، وهو أمر لا أستغربه كثيراً، فالأمم العريقة فى رأيى تنجز فى سنوات الشدة وتقدم نتاجاً ثقافياً كبيراً ومؤثراً، أعطيك مثالاً: الواقعية الإيطالية التى تعتبر مدرسة سينمائية مهمة اليوم ظهرت عندما خرجت إيطاليا مدمرة بعد الحرب العالمية الثانية؛ لم يكن هناك استوديوهات فابتدعوا فكرة التصوير فى الشوارع وسميت بالواقعية الإيطالية (Neorealismo) وعندما جاءوا ليعرضوا أفلامهم وجدوا أن الصالات أيضاً مدمرة، فنصبوا المفارش فى الساحات العامة وعرضوا نتاجهم الذى أصبح من أهم كلاسيكيات السينما العالمية، فلذلك أقول إن عطاء وزارة الثقافة فى ظرف الأزمة هو عطاء مهم.
كان فى الإمكان أن تتجه الدولة إلى منحى آخر وتقول إنه فى سنوات الحرب نريد أن نلتفت إلى المصاريف الخدمية، لكنها آمنت بأن الثقافة تحارب وأن لها دوراً كبيراً فى مواجهة الإرهاب وأن تكون مؤسسات وزارة الثقافة هى العين التى تلتقط هذه التفاصيل وتدونها كى تكون بمثابة «زوادة» للأجيال المقبلة، فنحن سنمضى وستأتى أجيال جديدة لن تكون قد عايشت هذه الحرب، لكنها ستقرأ عنها من خلال الكتب وستشاهدها فى الأفلام السينمائية، هذه هى الذاكرة التى أقصدها والتى اشتغلت عليها وزارة الثقافة السورية فى سنوات الأزمة وتمكنت أن تشحذ الهمم وتعدد نتاجها الذى قُدم فى ظروف صعبة للغاية.
■ ملف السينما أراه من الأولويات فى خطتكم، فهل تفتحه لنا وتحدثنا عن دور المؤسسة العامة للسينما فى الفترة الأخيرة؟
- نحن كنا على دراية تامة بأن هذه الفترة مطلوب منا الكثير من العمل، وكانت السينما من أهم المحاور التى حظيت باهتمام كبير، وقد اعتبرتها بحكم أننى كنت مديراً للمؤسسة العامة للسينما منذ العام 2000 إلى أن أتيت وزيراً للثقافة قبل تسعة أشهر، رافداً أساسياً من روافد الذاكرة وسلاحاً للمقاومة لا يمكن إهماله، وعلى هذا الأساس زاد الإنتاج السينمائى خلال سنوات الحرب الست، ودارت أغلب الأفلام الروائية الطويلة حول موضوع الأزمة، حيث كان لا بد أن نؤرشف هذه الأزمة ونؤسس ذاكرة بصرية لها، أيضاً انتبهنا إلى ضرورة الاهتمام بالشباب فى ظل هذه التغيرات الكثيرة التى تعصف به، كان على الدولة أن تعى وجودهم وتعمل على احتضانهم والاستفادة من الطاقات الكامنة داخلهم، لذا أقمنا مشروع دعم سينما الشباب وأنتجنا لهم 30 فيلماً كل عام، كانت الغاية من هذا المشروع أن نأتى بمواهب شابة؛ نطلق لها الحرية لتقول ما تريد، هذا المشروع أسسنا منه دراسة أكاديمية واليوم نحن ننهى الخطوات الأخيرة لإنشاء المعهد العالى للسينما فى دمشق أسوة بالمعهد الموجود فى القاهرة وفى بلدان أخرى.
كذلك بالنسبة للكتب السينمائية التى نصدرها عبر سلسلة الفن السابع، ففى كل عام قدمنا أكثر من ثلاثين كتاباً فى السينما، وهذه الكتب ليست حصراً على أهل السينما فى سوريا، بل هى نافذة مفتوحة للوطن العربى، لأن سوريا كانت دائماً عبر المؤسسة العامة للسينما وعبر مؤسسات أخرى شديدة التقبل للمواهب العربية، فمثلاً المخرج المصرى الكبير توفيق صالح حقق فيلم (المخدوعون)، واللبنانى برهان علوية حقق (كفر قاسم)، والعراقى قيس الزبيدى حقق (اليازرلى)، وكلها أفلام تعتبر اليوم من الكلاسيكيات فى السينما السورية والعربية، فنحن دائماً نفتح أيدينا وأبوابنا للأشقاء العرب، ولقد تركت مؤسسة السينما وأنا مطمئن بأنها تسير بشكل صحيح، وأيضاً كنت شديد السعادة أن أسمى أحد الشباب المتميزين فى المؤسسة وهو «مراد شاهين» مديرها الجديد كى يكمل الطريق من بعدى، لأنه كان مسئولاً عن ملف الإنتاج طيلة سنوات الحرب وقد أنجز هذا الملف بعناية كبيرة. {left_qoute_1}
■ لكن هذا الازدياد فى الإنتاج كيف سيواجه قلة صالات العرض؟
- سوريا تعانى بالفعل من أزمة صالات العرض، وكانت الدولة قبل الحرب عملت مجموعة كبيرة من الإعفاءات وتسهيلات لمن يريد أن يُحدّث صالته أو ينشئ صالة جديدة، لكن الأحداث جعلت الأمر يتعثر، كنا نعى أن هذه الصالات الموجودة اليوم فى أرجاء المدينة لم تعد توائم روح العصر ولا الثقافة السينمائية الجديدة التى صارت جزءاً من «المولات»، وعلى أى حال فإن التجديد والتوسع سيحدث وستبدأ وزارة الثقافة دورها بعد سنوات الأزمة، ربما سيرتاح الجيش حينها ويكون العمل الحقيقى ثقافياً.
■ فى هذا الإطار، هل هناك نية لاستعادة مهرجان دمشق فى القريب العاجل؟
- بعد شهر واحد من تسلمى مهام عملى كوزير للثقافة، قمت بإعادة معرض الكتاب الذى كان متوقفاً لخمس سنوات متتالية، وفى شهر أغسطس المقبل سيكون هناك معرض دمشق الدولى، وهو معرض ضخم جداً وله سمعة كبيرة للمنتجات الاقتصادية والثقافية والخدمية، واليوم أعتقد أن الوقت أصبح ملائماً لأن يعود مهرجان دمشق السينمائى الدولى، ربما لا نستطيع إعادته كما كان بمشاركة دولية كبيرة، لكن نحن لنا صداقات مع دول عربية وأوروبية ودول فى أمريكا اللاتينية، نستطيع فعلاً أن نقيم فعلاً هذا المهرجان؛ ربما بعدد ضيوف أقل نتيجة الوضع، لكن نستطيع أن نقدمه بشكله المميز.
■ سمعت أن هناك اتفاقات لأن تكون دمشق مفتوحة كموقع تصوير لأفلام وبرامج غير سورية؟
- هذا الأمر كان معمولاً به قبل الظرف الراهن، فالكثير من الكاميرات الأوروبية والعربية تأتى للتصوير، وعلى هذه الخلفية فنحن نرحب بكل من يأتى إلينا، على العكس نريد أن يحضر الناس وأن تلتقط الأمور بنفسها وتكتشف الحقيقة بعيداً عما تسمعه وتشاهده على شاشات تقدم صورة مسيئة جداً لسوريا، حتى إن الكثير من الأصدقاء فى دول أوروبية يسألوننى: هل تستطيع أن تصل إلى مكتبك بسهولة؟ أقول لهم: الحياة طبيعية! فلا يصدقون بسبب الفبركة الإعلامية التى تحدث. نحن نفتح الأبواب للجميع لتصوير فيلم أو مسلسل أو برنامج تليفزيونى يُجرى تحقيقاً، ومن الأساس لم نغلق أبوابنا أبداً، وأنتِ نفسك تأتين إلى دمشق للمرة الثانية ووجدت أن الأمور طبيعية، ربما تحدث مسألة بسيطة هنا أو هناك، لكنها أمور تحصل فى القاهرة وأوروبا وفى أكثر الدول أماناً؛ وأستطيع أن أقول لك إن الأزمة شارفت على نهايتها وأعتقد أن المقبل من الأيام يحمل وضعاً جديداً لسوريا.
■ الأزمة السورية جعلت البيت الواحد ينقسم ما بين مؤيد للنظام وبين معارض له، ووجودك كوزير للثقافة هو وضع شائك خصوصاً أن لك أصدقاء فى المعسكرين، فكيف تستطيع من خلال منصبك الرسمى أن تحل هذه المسألة؟
- أعتقد أن وزارة الثقافة سيبدأ دورها الحقيقى عندما تنتهى هذه الأزمة، نحن اليوم من خلال السينما والمسرح واللوحة التشكيلية والكتاب والأغنية وكل هذه الصنوف التى تتمايز فيما بينها، نعمل على إيجاد مضمون سورى رصين؛ لأن الثقافة هى التى تحمى الإنسان، وحين تنتهى كل السبل الكفيلة لإنهاء الأزمة يتم اللجوء إلى الثقافة لتكون البديل، وهنا أتذكر حادثة رواها لى جدى الشاعر بدوى الجبل تدلل على أهمية الثقافة، فقال لى إنه أيام ما كان شارل ديجول رئيساً لفرنسا كان هناك وزير للثقافة اسمه «أندريه مالرو»، هذا الرجل كان من الأدباء والمفكرين الكبار وكان الوحيد المسموح له أن يتصل برئيس البلاد مباشرة دون الرجوع إلى مدير مكتب أو سكرتارية، ما سبب نوعاً من التحسس لدى بعض الوزراء الآخرين مثل الدفاع والداخلية والمالية، فعاتبوا الرئيس ديجول وقالوا له: لماذا مالرو؟ فقال لوزير المالية: أنت مسئول عن معيشة المواطن الفرنسى، ولوزير الصحة: أنت مسئول عن صحة المواطن الفرنسى، ولوزير الدفاع: أنت مسئول عن حدود فرنسا وأمانها، بينما أندريه مالرو هو مسئول عن ثقافة وصحة وأمن ومعيشة المواطن الفرنسى. بعض الناس قد يقول هذا ليس دور وزارة الثقافة وحدها ويجب أن يتكامل مع وزارة الأوقاف والتربية ووزارات أخرى، وأقول لهم إن الأهمية الأساسية لوزارة الثقافة تكمن فى أننا نقدم ما يبنى شخصية الإنسان، لقد قصرنا قليلاً فى السنوات الماضية، لم نعِ دور الثقافة كما يجب، كان ينظر إليها على أنها مسألة ترفيهية، أما الآن فالحال مختلفة وأعتبر أن سوريا نجت بفضل جيشها وأبطاله الذين بذلوا الدماء وبفضل رجال الثقافة الذين قاموا بحماية البلد، لكن كما ذكرتِ حصلت انقسامات حتى داخل البيت الواحد كان هناك رأيان يتعارضان، لا أعرف الآن بالضبط الدواء الناجع لحل المشكلة، لكن أعتقد أن المسألة ثقافية بامتياز وهذا دورنا فى الأيام المقبلة.
{long_qoute_2}
■ كما ورد فى كلامك أن هناك تقصيراً ما حدث، تعالجونه حالياً وربما أضيف إليه أن هذا التقصير عربى ولا يخص سوريا فقط، التقصير الذى بسببه تم إهمال الريف والأقاليم، فهل لديك خطة للوصول إلى الأطراف؟
- التجربة السورية قريبة جداً من التجربة المصرية، فى مصر تسمونها قصور ثقافة ونحن نسميها فى سوريا مراكز ثقافية وهى منتشرة فى الأرياف ولم تتوقف يوماً، لكن كانت هناك مسألة لا أريد أن أخوض فيها بالتفصيل، حيث الاشتباك فى إدارتها بين وزارتى الإدارة المحلية والثقافة، كانوا يحملون وزارة الثقافة وحدها التبعات، ونحن لا نتحملها وحدنا؛ بل تشاركنا وزارة الإدارة المحلية، كون هذه المراكز تتبعها إدارياً ومحلياً، نحن نهيئ البرنامج الثقافى وكنا فى بعض الأحيان لا نحصل على تمويل وبالتالى يخفق هذا البرنامج الثقافى، اليوم نحن ندرس أن تكون المسألة مرتبطة بـ«ربان» واحد حتى لا تغرق السفينة، ومن هذا المنطلق نتجه أيضاً بقوة إلى الريف والأقاليم والمدن الصغيرة ونتخلى عن العادة العربية القديمة فى الاهتمام بالعاصمة والمدن الكبيرة فقط، فقد اكتشفنا أن هذه المراكز الثقافية لو كان دورها أكثر فاعلية وأكثر أثراً لما كنا وصلنا إلى هذا، وبهذا الوعى الجديد لدينا مشروع فى وزارة الثقافة كى تتبعها المراكز الثقافية، التى يصل عددها إلى أكثر من خمسمائة مركز موزعة فى أرجاء سوريا، كى نستطيع أن نقدم البرنامج الثقافى الذى نطمح إليه والذى نستطيع تنفيذه على أرض الواقع.
■ من الكوارث الحقيقية التدمير الذى طال الآثار فى مدينتى تدمر وحلب مثلاً، فهل الأمر قابل للترميم؟
- ملف الآثار تضرر جداً فى سوريا، لقد فقدنا بكل أسف 10% من آثار تم تدميرها؛ والآثار هى إرث إنسانى لا تملكه سوريا وحدها، لكننا أمة تم استهدافها لما تمتلكه من عراقة، أسوق لك مثالاً: عندما سقطت بغداد، فإن أول ما تم نهبه هو متحف بغداد، وفى مصر كان المتحف المصرى مقصوداً لولا الشباب ولولا لطف الله، كذلك فى سوريا يحاولون محو الذاكرة؛ فلو تحدثنا عن تدمر مثلاً، فهل تدمر فى رأيك هى ملك لسوريا؟ هى ملك للتراث الإنسانى، عندما تحررت تدمر عرضت علينا جهات كثيرة أنها مستعدة للقدوم إلى سوريا لإعادة الترميم، لقد تضررت تدمر قليلاً وكذلك تضررت حلب، لكن نستطيع التصرف ضمن إمكانياتنا وبمساعدة الأصدقاء فى مؤسسة أغاخان وسنقوم بترميم تدمر وحلب بعد أن تم تحريرهما، وستعود كل منهما كما كانت، من ناحية أخرى لا تزال بعض المناطق المحتلة يتم فيها إجراءات تنقيب سرية، وقد رفعنا عدة مذكرات إلى الإنتربول الدولى وتمكنا من مصادرة قطع كانت مهربة إلى لبنان وتركيا، الوضع مطمئن لكنه يحتاج إلى جهود كبيرة.
■ ذكرت كلمة «الأصدقاء» فى أكثر من موضع، ما يجعلنى أتساءل عن العلاقات الثقافية مع مصر؟
- بالنسبة لنا مصر فى أفئدتنا منذ زمن طويل، ودائماً من يستقر فى القلب طويلاً تكون له قيمة أكبر، نحن ومصر عشنا أياماً ذهبية على الصعيد الثقافى والمجتمعى والسياسى. كان معروفاً عنى دائماً فى مهرجان دمشق السينمائى أن أكبر وفد يجب دعوته هو الوفد المصرى، لأنه بالمنطق لا يصح أى مهرجان عربى للسينما بدون الحضور المصرى والسينما المصرية، كما كنت أذهب إلى مهرجان القاهرة السينمائى منذ العام 1985، وأعرف فى مصر أصدقاء كما أعرف فى دمشق، ودائماً كان هناك تعاون «بروتوكولى» بيننا وبين مهرجان القاهرة فى مسائل عروض الأفلام والأسابيع الثقافية بين القاهرة ودمشق. لقد واجهنا معاً مصيراً مشتركاً وتم استهدافنا، وهذا سببه العراقة والحضارة والتاريخ المجيد، وفى الحقيقة فإنه إذا اُستهدفت مصر؛ تُستهدف سوريا كذلك، وإذا ارتاحت مصر ترتاح سوريا، ومصر الآن لم تشعر بالراحة كاملة بعد، على الرغم من أنها تخلصت من أوزار كثيرة؛ لكنه قدر الشعوب العريقة أن تدفع الثمن، بينما هناك بلدان كثيرة تشعر بالأمان بما فيها من «مولات» وأماكن سياحية وتكنولوجيا متطورة، لكنها لا تمتلك التاريخ الذى تمتلكه مصر وسوريا، أغلب الناس حينما كانوا يذهبون إلى مهرجانات السينما الأخرى، كانوا يشعرون بالحنين إلى مهرجانى دمشق والقاهرة؛ بينما مهرجان دبى الأغنى بكثير، والذى يقدم الفنادق الأفخم وتذاكر الطيران الأفخم، لا يستطيع أن يقدم شيئاً آخر ألا وهو الثقافة الأصيلة، وعندما كنت أذهب إليه كنت أرى مهرجاناً سياحياً ولا أرى أى فعل ثقافى، لكل ما سبق أعتقد أننا عوملنا بهذه القسوة.
■ تحدثت عن علاقتك التاريخية بمهرجان القاهرة، فماذا عن مهرجان الإسكندرية السينمائى؛ وهو أيضاً مهرجان له تاريخ مشترك مع السينما السورية؟
- بالتأكيد.. وأدين لمهرجان الإسكندرية السينمائى بالكثير من المودة والاعتراف بأنه المهرجان الذى وقف إلى جانبنا فى سنوات الشدة، كان يستقدم أفلاماً سورية ويكرم نجوماً سوريين، وكنا نشعر بهذه الحفاوة التى لم تتغير تحت أى بند، مهرجان الإسكندرية من المهرجانات التى فتحت الطريق أمام الفيلم السورى المحاصر، وحاول قدر الإمكان كسر الحصار الذى فُرض على السينما السورية، حيث كنا نلتقى فى الإسكندرية بشخصيات من دول أخرى ونتفق على أفلامنا وعرضها فى مهرجاناتهم، وأنا أوجه تحية لصديقى وأخى الأستاذ الأمير أباظة الذى قدم لنا الكثير فى توليه إدارة هذا المهرجان.
■ هل هناك ملفات شائكة أخرى تنتظرك كوزير للثقافة؟
- هى ليست ملفات شائكة، أسميها ملفات تحتاج إلى مزيد من العمل ومزيد من الدأب والتحريك، فلست راضياً عن ملف المسرح مثلاً، نفتقد ألق المسرح فى السبعينات والثمانينات، لذا بدأنا نحاول أن نحقق فى مديرية المسارح ما حققناه فى مديرية السينما، من ناحية الاهتمام بالنصوص وإعادة المخرجين الكبار إلى خشبة المسرح، كما سنطلق مشروع دعم مسرح الشباب أسوة بالسينما، بدأنا هذه الخطوات وأعتقد أنه مع مطلع العام المقبل سيكون هناك مزيد من التطور فى هذا الملف.