بالفيديو والصور| مريدو «آل البيت» يبيتون فى «الحوارى».. «مداااد يا طاهرة»

بالفيديو والصور| مريدو «آل البيت» يبيتون فى «الحوارى».. «مداااد يا طاهرة»
- أعمدة الإنارة
- أكل العيش
- أهل الخير
- إجراءات الأمن
- إزالة إشغالات
- إيد واحدة
- الأدوات المنزلية
- آل البيت
- أبو
- أجر
- أعمدة الإنارة
- أكل العيش
- أهل الخير
- إجراءات الأمن
- إزالة إشغالات
- إيد واحدة
- الأدوات المنزلية
- آل البيت
- أبو
- أجر
امتلأت الخيام عن آخرها، أرواح هائمة ذاكرة مسبّحة، ألسنتهم تردد وراء مدّاح «آل البيت» على معزوفة موسيقية عذبة، فيجلجل صوت الدراويش فى رحاب ساحة مسجد السيدة زينب.. مشهد اعتادت رؤيته عيون رواد «صاحبة الشورى» قبل الاحتفال بالليلة الكبيرة فى مولد السيدة زينب -رضى الله عنها- بأيام، لكن هذا العام المشهد اختلف كثيراً عن السنوات الماضية، حتى يوم الاحتفال نفسه، فالخيام اختفت عن الساحة بأمر من الحى حفاظاً على أرواح المحتفلين، ما دفع الكثيرين للجوء إلى الحارات الموجودة بمحيط المسجد، وآخرون قرروا الرجوع إلى محافظاتهم البعيدة دون احتفال.
{long_qoute_1}
أنوار ساطعة، زينة براقة وأقمشة ملونة.. مظاهر الاحتفال الوحيدة التى لا تزال موجودة فى مكانها على جدران مسجد السيدة زينب هذا العام، فلا خيام ولا مديح بساحة المسجد، حتى «السرادقات» التى اعتادت أن تقدم الخدمات لزوار الطاهرة من الأرياف والمحافظات ابتعدت عن مقر المسجد مسافات طويلة، ليظهر الاحتفال هذا العام مختلفاً وكأنه مقتصر على أعمدة الإنارة التى قام بتركيبها عمال الحى، وتجمعات الزوار الذين اتخذوا «الحوارى» مقراً لهم للاحتفال فى الليلة الكبيرة بمولد السيدة زينب، حفيدة الرسول محمد «صلى الله عليه وسلم»، والتى تُعد أول نساء «آل البيت» اللاتى شرّفن أرض مصر، فى شعبان عام 61 هجرية.
ممرات ضيقة على جانبها يستقر مريدو «آل البيت»، كل خلف فرشة تعطى بسرور وفرح الطعام للمساكين وعابرى السبيل الذين جاءوا من محافظات بعيدة للاحتفال بالمولد، يجلسون فى دوائر حول موائد يتوسطها الأرز والفول النابت و«الفول والطعمية»، ولكل فرشة طريقتها الخاصة، وإيماناً بأن «المكان فيه بركة حتى لو بعيد عن مسجد الست»، ازدحمت الحارات عن آخرها.. باعة لم تتغير سلوكياتهم لكن تغيرت أماكنهم من أمام المسجد لداخل «حوارى» تبعد أمتاراً عن الساحة، ومحتفلون اكتسبوا ثقافة المكان، فحلت كلمات أهل الذكر محل التمايل من الهوى على صوت المداح فى ساحة السيدة زينب.
بممر ضيق فى حارة «السيدة» التى تبعد عن المسجد عدة أمتار، يجلس الحاج عصام أحمد، إمام بأحد مساجد محافظة أسيوط، المشرف على خيمة الشيخ «محمد عطا أبونبوت» المقامة داخل حوش كبير بأحد الشوار ع الجانبية داخل الحارة نفسها: «الوضع السنة دى مختلف عن السنين اللى فاتت كتير، كنا الأول لحد السنة اللى فاتت بنفرش ونعمل خيم فى ساحة المسجد وفى الشارع وعلى الأرصفة وفى الجناين زى ما احنا عايزين، لكن السنة دى من قبل المولد بشهر واحنا بنحاول نعمل الخيمة فى الساحة والحى والأمن رافضين».
بعد علم الرجل الخمسينى بعدم السماح لأى شخص بإقامة خميته بالقرب من ساحة المسجد لحمايتهم، استأجر أمتاراً داخل حارة السيدة بمبلغ 8 آلاف جنيه حصل عليها من تبرعات أهل الخير ليقدم فيها خدمته لضيوف السيدة كما اعتاد فى السنوات الماضية، بحسب كلامه: «الشيخ محمد بيخلينى أشرف على الخيمة دى من أكتر من 30 سنة، كل سنة فى نفس الميعاد بنروح السيدة ونفرش ونعمل أكبر خيمة فى المولد عشان نأكّل ونشرّب كل الناس اللى فيها، والسنة دى السنة الوحيدة اللى كلفتنا أكتر من كل سنة.
رغم الإجراءات الأمنية المشددة بساحة السيدة زينب، وعدم قدرة «عصام» وغيره على إقامة الخيام مثل كل عام، فإن الرجل وغيره يقدرون الظروف التى اضطرتهم إلى ذلك حفاظاً على أرواحهم، مؤكداً أن الدراويش لا يمثلون أى خطورة أو مشاكل فى أى احتفال بموالد «آل البيت»، ويقول: «الناس اللى بتحتفل بالمولد مفيش خوف منها، لكن اللى بيقدم خدمة طبيعى يكون عنده أنابيب عشان يطبخ عليها والخوف بييجى منها زى ما الأمن قالوا لينا، ممكن يحصل تسريب أو أنبوبة تنفجر فجأة وبدون قصد تحصل كوارث.{left_qoute_1}
اعتاد «عصام» المشاركة فى الموالد التى تقام فى أغلب المحافظات، يحرص دائماً على زيارة مولد زين العابدين والسيد البدوى والسيدة رقية وغيرها باختلاف المحافظات والمناطق: «المصريين مسلمين ومسيحيين كلنا إيد واحدة والأمن والأمان حاجة كويسة ومحدش يعترض عليها، أنا ليا أصدقاء أقباط وحزنت على اللى حصل ليهم فى كنيسة طنطا وإسكندرية وقبلها فى العباسية بالكاتدرائية، ولما عرفنا إن الأمن منع إننا نتجمع فى خيم جنب الساحة ماعترضناش، عشان خفنا تجمُّعنا ده يؤذى غيرنا واحنا هدفنا مانؤذيش حد، إحنا جايين نحتفل بالسيدة زينب وبس رضى الله عنها».
داخل إحدى الحارات الجانبية بشارع السد المطل على مسجد السيدة زينب، أقام الشيخ رجب الحافى، تاجر، فرشته بدل الخيمة التى اعتاد إقامتها فى كل مولد، جاء من قنا قبل 10 أيام استعداداً للمولد، فهو يعمل خادماً لـ«آل البيت» حسب وصفه، ففرشته الصغيرة خلت من الزوار هذا العام واقتصرت طوال الوقت على أسرته المكونة من 8 أفراد فقط، يشير بيديه إلى الشارع معلقاً على مساحته الضيقة وهو يقول: «عملنا خمية على جنب عبارة عن فرشة ملاية على الأرض، وسبنا مسافة على قد ما نقدر عشان الناس تعدى، بس الدنيا هادية ومحدش بييجى كتير زى كل سنة، لأن فيه ناس كتير مشيت لما لقوا مفيش خيم هتتعمل فى ساحة المسجد فى الشارع بره زى كل سنة.
اعتاد «رجب»، 57 عاماً، أن يقيم خيمته كل عام بالقرب من مسجد السيدة زينب بعد حصولة على التصاريح الأمنية ودفع ثمن الإيجار، ينتظر هذا العام الأمل الأخير الذى يتيحه له قسم شرطة السيدة زينب لإقامة خيمته قبل المولد بيوم واحد، لكن دون جدوى: «مفيش أمل، انتظرت أنا وناس كتير زيى لآخر يوم وبرضو رفض الأمن إقامة أى خيمة، واللى نصب خيمته لودر إشغالات الحى الصبح قبل المولد بيوم شالها فى وقتها، ومحدش قدر ياخد تصريح ولا يحط خيمته فى ساحة المسجد، كله راح على الحوارى وقعدنا على ملايات.
على بعد أمتار من مسجد السيدة زينب، تجلس الحاجة فوزية التى يناديها الجميع بـ«أم هاشم»، 65 عاماً، داخل حارة ممرها ضيق، على الرصيف وسط أوانى الطهى والبوتاجاز الذى أعدته لطهى المأكولات الشعبية والمشروبات الخفيفة، كما اعتادت كل عام لتقديم خدمتها إلى ضيوف السيدة، قامت فى الصباح على خبر هدم خيمتها التى نصبتها بالحارة منذ أيام، رغم سماعها تعليمات الأمن والحى، مقرره أن تكون موجودة ولو بدون خيمة، تقول: «كل ما أعمل الخيمة فى مكان يشيلوها منه ويرموا الفرشة، فضلت 3 أسابيع من قبل المولد على الحال ده، لحد ما عملت الخيمة فى الحارة يوم المولد الصبح وشالوها برضو». تستكمل حديثها فى ضيق: «غطيت البوتاجاز والحلل بالبطانية عشان مايتاخدوش تانى، بس مش عارفين نعمل حاجة والناس مش لاقية مكان تريّح جسمها فيه، والجامع زحمة ومش هيكفى الناس دى كلها، وكمان الجامع بييجى الساعة 9 بالليل وبيقفل والناس بتنام فى الشوارع من غير أى حاجة تسترهم عشان نحتفل بالست البركة.. وناخد البركة منها، كفاية إن لقبها على اسمى». على الرغم من أن الحاجة «أم هاشم» ابنة حى السيدة زينب وتقيم فيه منذ ولادتها فإنها تحرص كل عام على أن تقدم خدمة لضيوف السيدة: «نصبت الخيمة مرتين ورموا لى الفرشة، أنا بحب الست وهطبخ حتى لو فى نص الشارع، واللى ليه نصيب فى لقمه ياكلها، حتى لو رسيت إنى أطبخ فى البيت وانزل للناس يوم المولد، المهم ياكلوا فى يوم زى ده»، وأضافت: «أنا معايا كارنيه الخدمة من نقابة الأشراف ورغم كده مش عارفة أعمل خيمة ياكلوا فيها الناس، مش عارفة هما عملوا السنة دى معانا كده ليه، بس فى النهاية هما أكيد بيدوروا على مصلحتنا، والمهم إنهم يسيبونا نحتفل بيها ولو فى الشوارع البعيدة عنها، عشان تحل علينا البركة.. مايبقاش الحلل بتاعتى اتسرقت بالطبيخ والخيمة اللى عملتها اتشالت أكتر من مرة وكمان مانعرفش نحتفل بمولد الست».
{long_qoute_2}
يلتقط الحاج «جمال الحلوانى»، الذى يجلس على فرشته بنفس الحارة بشارع المواردى، أطراف الحديث من الحاجة «أم هاشم»، فالرجل الأربعينى، المقبل من حلوان، حاول أن يقيم خيمة بساحة المسجد، لكن الأمن منعه هو أيضاً، ما دفعه أن يقيم خيمة بدون تغطيتها بالكامل داخل حارة شارع المواردى، جالساً فيها مع أسرته وأقاربه الذين كوّنوا حلقة ذكر، لينشدوا الأغانى فى مديح النبى صلى الله عليه وسلم مع الضرب على الدف والتصفيق، يقول جمال: «نسب عيلتى يمتد إلى الإمام على زين العابدين، والسيدة زينب أمنا ولازم نحتفل بذكرى مولدها زى ما بنحتفل بعيد ميلاد أولادنا حتى لو اضطرينا ننام على الرصيف والشوارع من غير ما حاجة تغطينا وتسترنا وتستر عيالنا»، يبرر «جمال» مشهد الاحتفال بالمولد المختلف هذا العام بقوله: «الأمن غصب عنه بيشوف دوره، وحقه إنه ما يخليش فيه خيم مقفولة فى التجمعات اللى زى دى عشان ما تحصلش كوارث.
بابتسامة بشوشة أنارت وجهه الحزين المملوء بتجاعيد تحمل هموم الزمن، يتجول الفولى سليمان بمحيط مسجد السيدة زينب، ليسقى المارين بساحة السيدة زينب وخارجها والشوارع الجانبية ممن قصدوا الاحتفال بمولد السيدة رضى الله عنها، قبل الليلة الكبيرة بأسبوع، بملابس رثة ومبتلة بالماء الذى يحمله فى «قربة» صنعها من جلد الماشية، يطلق عليه عابرو السبيل «السقا»، لا يبالى بأى سخافات يتعرض لها بحسب وصفه، يتحرك حركة طبيعية جداً ويحرص على أن يشرب الجميع من الماء الذى يحمله دون مقابل.
يملأ الرجل الأربعينى قربته التى يغطيها بقماشة حمراء بلون الجاكيت الذى اعتاد أن يرتديه صيفاً وشتاءً، حتى تحافظ الكسوة على برودة المياه التى اعتاد أن يملأها من أحد الصنابير الموجودة داخل مسجد السيدة زينب، ويحملها على ظهره المنحنى ليسقى المارة أمام المسجد قائلاً جملته المشهورة: «اشرب يا بيه.. اشربى يا هانم ميّة بركة الست»، تلك الجملة التى جعلت المارة يقبلون عليه ويشربون من الماء الذى يحمله وإن لم يكونوا بحاجة إلى الشرب، فكلماته التى اعتاد أن ينطقها بتلقائية فى رحلته، تدفع الجميع للالتفاف حوله ولسان حالهم يتساءل: «هى منين الميّه دى؟»، ليجيبهم بأنها مياه بركة، ويحصل عليها من مسجد السيدة زينب رضى الله عنها: «دى ميّه بركة، أحياناً باجيبها من الحمام وبقول للناس وبتشرب برضو عادى لأنها من ريحة الست».
المهنة التى يعمل بها «الفولى» طوال أيام المولد وفى الليلة الكبيرة لا يتقاضى عليها أجراً: «ولا جنيه بطلبه من الناس لأنها حاجة لله»، لا يطلب شيئاً من الأشخاص الذين يشربون منه، يقول بنبرة هادئة تحمل المعنى الحقيقى لعزة النفس: «بقدّم خدمة لوجه الله وعمرى ما مديت إيدى لحد ولا قلت عايز حاجة، واللى يرزقنى بيه ربنا كله خير ومابقولش لأ، بس مابطلبش أى حاجة من حد»، ظروف صعبة يعانى منها «الفولى» هو وأولاده الخمسة، وعلى الرغم من أن سنّه لم تتعد الخمسين، فإن السنوات التى عاشها كفيلة بأن تشيب شعر رأسه من شدة صعوبتها وتجعله عجوزاً: «أنا من المنيا، وعندى خمس ولاد مابصرفش عليهم غير من شغلانة السقا، بروح يومياً من البلد لمكان المولد ومن قبله بشهور عشان أسعى على رزقى، بسافر القاهرة فى المولد النبوى والسيدة زينب والحسين وطنطا فى مولد السيد البدوى وأماكن كتير فيها موالد عشان أكل عيشى، واللى بييجى على قد اللى رايح بس الحمد لله، إحنا أحسن من غيرنا كتير».{long_qoute_3}
لا يعمل «الفولى» فى أى مهنة سوى كونه «سقا» ينتظر الموالد ليكسب منها قوت يومه، اعتاد أن يأتى يومياً من قرية «البرجايا» بالمنيا، إلى مسجد السيدة زينب فى مولدها لسنوات طويلة، لكن هذا العام لم يجد ما يشعر به كل عام: «مفيش ناس كتير زى الأول ولا خيم ولا أكل ولا شرب، وسمعت إن الناس رجعت بيوتها عشان رافضين الناس تتجمع عند الساحة زى كل سنة مش عارف ليه.. بس بروح كل يوم على المسجد وبرجع البلد عشان ده أكل عيشى».
على رصيف المسجد، اعتاد «سميح محمد» أن يجلس بجانب فرشته لسنوات طويلة مع اقتراب مولد السيدة زينب، يبيع فيها «السبح ومصاحف القرآن الكريم»، وعلى يساره فرشة أخرى تحمل الأدوات المنزلية البسيطة، لكن هذا العام المشهد كان مختلفاً، فاختار الشاب العشرينى أن يفرش فرشته قبل المولد بـ15 يوماً، لكن فى كل مرة تأتى «البلدية» وتزيل فرشته، يأبى الانصياع لنصائح بائعى المنطقة بالمغادرة ليكف عنه شر عربات إزالة إشغالات الحى: «يا ابنى قوم أحسن ما تتبهدل حاجتك وييجوا يكسّروا الفرشة عليك زى كل مرة»، لا يجيب «سميح» سوى بإيماءة من رأسه بعلامات الرفض، وبقول واحد: «مش هامشى، ده أكل عيشى ومابسترزقش إلا من أيام المولد، ازاى يمشوا الناس اللى بتاكل عيش على حس مولد الست الطاهرة، ده انا بقالى 13 سنة بقف فى نفس المكان من قبل المولد بشهر، ليه يمشونا؟!».
نحيل، وجسد ضئيل وقصير القامة، كلها أشياء كانت تشكل جزءاً من حالته المميزة وسط ساحة المسجد، فالمارة ينظرون إليه بشفقة ويوجهون إليه مساعداتهم، تارة بالشراء وأخرى بالعطف عليه، لا يعلم أحدهم أن شقيقه الأكبر يجلس على بُعد خطوات منه، بائع فى المنطقة نفسها، اختار المكان ليراعى شقيقه الأصغر ويساعده فى تكاليف الحياة بعد فقدان الأهل منذ سنوات بعيدة، ورغم إلحاحه عليه بالجلوس فى المنزل لظروفه الخاصة، فإنه يرفض ويصر على الخروج يومياً للعمل بشوارع متفرقة، ورغم الإقبال الضعيف على فرشته التى أزالها الحى أكثر من مرة قبل المولد بأيام فإن «سميح» يحرص على وجوده بنفس المكان، يقول: «أيام الموالد دى ماتتعوضتش، أيوه الناس مش كتير وفيه مشاكل والناس مش راضية تقعّدنا فى مكانا بيقولوا عشان تأمينات وحماية لينا، لكن برضو ده باب رزق لينا وماينفعش يتقطع، ولما فرشتى شالوها أكتر من مرة، قررت أفرش يوم المولد بعيد شوية فى حارة، وأكتر من بياع هيعملوا كده برضو، لأن فيه تأمينات كبيرة جداً على الكل غير كل سنة»، قرار الشاب لم يكن عن اقتناع لكنه «ما باليد حيلة» حسب وصفه، فلم يكن أمامه اختيارات ولا بدائل غير أن ينقل فرشته بعيداً عن الاحتفال يوم الليلة الكبيرة بأمر من الحى: «البلدية فى الأيام العادية بتسيبنا فى حالنا فين وفين لما بيشيلوا الفرشات بتاعتنا، وفى مولد السيدة كانوا بيسيبونا بس السنة دى فيه إجراءات غريبة بتحصل محدش فاهم سببها إيه، غير إنها ممكن تكون بسبب الكنيستين اللى اتضربوا فبيعملوا احتياطات وبيأمنوا الناس ولا ده هيبقى على طول فى كل مولد إنهم يمنعوا التجمعات مش فى مولد السيدة زينب بس؟»، يستكمل كلامه فى ضيق: «إحنا مع الصح ومحدش يقدر يعترض على الصح، لكن برضو لازم يعرفوا إن ده أكل عيشنا وفاتح بيوت، أنا واخويا محمد عندنا 7 بنات احنا اللى بنجرى عليهم بعد ما أمى وابويا ماتوا، وانا بنزل أساعده رغم إن فيه ناس كتير بتتريق عليا من شكلى، عشان أنا قزم وواقف على فرشتين، لكن أكل العيش مر وسايبينها على الله، المهم نسترزق ونكسب بالحلال».
«عدم إقامة أى خيمة بساحة مسجد السيدة زينب وبمحيطه فى المولد السنة دى أمر من الإدارة العامة للحماية المدنية وبالتنسيق مع الشرطة، حفاظاً على أرواح المواطنين أكثر منه تأميناً لأن مصر بلد الأمن والأمان».. قالها حسام الدين رأفت، رئيس حى السيدة زينب، مؤكداً أن الإدارة العامة للحماية المدنية والأمن طالبوا الحى بإزالة الخيام هذا العام نهائياً قبل المولد بأيام، بسبب سوء استخدام المحتفلين للخيام بطرق عشوائية و«غريبة» حسب وصفه: «الناس بتتعامل مع الخيم على أنها بيوت، بيطبخوا فيها بشكل عشوائى وبيستخدموا أنابيب وبوتاجازات وبيحتفلوا بالنيران بشكل عشوائى ممكن يولع فى أى خيمة وتحصل كارثة لأنها فى النهاية من قماش، فحاولنا ننسق مع رجال الشرطة بمنع إقامة أى خيمة بساحة المسجد أو بمحيطه أو حتى فى الحوارى الجانبية من المسجد لحمايتهم من أى ضرر فى المولد نفسه على عكس كل سنة».
لم يرفض الحى فى السنوات الماضية إقامة الخيام بمحيط مسجد السيدة زينب أيام المولد إلا فى حالة واحدة، وهى عدم ترخيص الخيمة وعرقلة حركة السير بالشارع بحسب «حسام»، يقول: «ولا مرة رفضنا تجمع الناس وإقامة خيامهم إلا لو مش مرخصة، لتحديد مكان الخيمة ومدة إقامتها، لكن السنة دى ماوفرناش لأى حد ترخيص لخيمة واحدة لحمايتهم من احتفالاتهم نفسها، لأن الناس بتسىء الاستخدام ورفضنا قبل كده فى مولد السيدة زينب مرة واحدة زمان التجمعات وعدم وجود خيم بسبب انتشار إنفلونزا الخنازير وقتها، لكن السنة دى الوضع مختلف، وهيبقى على طول بهذا الشكل، الاحتفال فى الحوارى قبل المولد للناس اللى بتيجى من سفر، ويوم المولد فى الساحة لكن بدون خيام نهائياً للحفاظ على المواطنين».