خبيرة تربوية: زواج المعاقين ذهنياً ينتج مصابين.. وعلى الدولة التدخل وتنفيذ ضوابطها
![د. منى صفوت](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/18389314981491674715.jpg)
د. منى صفوت
قالت الدكتورة منى صفوت، الخبيرة التربوية، ومعالجة ذوى الإعاقة، إن هناك عدداً من الأسر ممن لديها ابن معاق ذهنياً، بدأت التفكير فى إمكانية تزويجهم، لضمان الرعاية الاجتماعية لهم حال رحيلهم، لافتة إلى أن زواج ذوى الإعاقة الذهنية يواجه مشاكل كثيرة، إذا لم تتبع الشروط والإجراءات الواجبة للسماح بالزواج لهذه الفئة، فى ظل عدم الوعى الموجود لدى بعض الأسر عن النتائج المترتبة على زواجهم، وأوضحت فى حوار لـ«الوطن»، أنه من الممكن ألا يكون المعاق على وعى بحقه فى الزواج والجنس، وأحياناً يتم استغلالهم بطرق غير مشروعة، لأن بداخلهم رغبة، لذا فإن تقنين زواجهم ضرورة ملحة، لافتة إلى أن الدستور كفل لهم الحق فى الزواج، لأنهم ليسوا معاقين جنسياً، بل إن بعضهم يتزوج وينجب، ولكن من الضرورى أيضاً البحث عن إجراءات لحماية هذا الزواج وما ينتج عنه، حسب قولها. وإلى نص الحوار:
د. منى صفوت: الغريزة الجنسية لدى ذوى الإعاقة الذهنية أقوى بكثير من الأصحاء واستثارتهم سهلة
■ إلى أى مدى ذو الإعاقة الذهنية مؤهل للزواج؟
- ذو الإعاقة الذهنية، فى الأول والآخر، إنسان، فأولاً هو إنسان، وثانياً هو معاق، هم قادرون على الزواج كعلاقة، ولديهم الرغبة الجنسية زائدة، واستثارتهم أكبر من الشخص الطبيعى، بالتالى لهم الحق فى ذلك.
■ هل هم على وعى بحق الزواج؟
- من الممكن ألا يكونوا على وعى بأن ذلك حق لهم، وأحياناً يتم استغلالهم بطرق غير مشروعة، لأنه بداخلهم رغبة، لكن تقنين زواجهم مهم وبشكل طبيعى ومشروع، والدستور كفل لهم الحق فى الزواج، لأنهم ليسوا معاقين جنسياً، بل إن بعضهم يتزوج وينجب، ولكن من الضرورى أيضاً البحث عن إجراءات لحماية هذا الزواج وما ينتج عنه من أبناء.
■ ما شروط زواج المعاقين ذهنياً؟
- أولاً نحدد تصنيف الإعاقة الذهنية، فهناك بسيط ومتوسط وشديد، لا بد من تحديد ذلك، أحياناً أصحاب الإعاقة الذهنية الشديدة جداً لا يمنح لهم حق الزواج، ويصعب كذلك لمتعددى الإعاقة، أما إذا كان يندرج تحت تصنيف الإعاقة الذهنية البسيطة فيسمح له بالزواج.
■ ما نتائج منعهم من الزواج؟
- ستظل لديهم استثارة طول الوقت، ومن الممكن أن يستغلهم أحد المحيطين بطرق غير مشروعة، خاصة فى مرحلة المراهقة، حيث وجدنا مشاكل كثيرة لديهم نتيجة استغلال بعض المحيطين بالمعاقين بشكل سيئ.
■ إذاً أنت مع زواجهم؟
- نعم، لكن بشروط، منها الفحص الطبى الشامل من مركز متخصص بشهادة موثقة، بالسماح لهم بالزواج، على أن يقوم المركز بفحوصات شاملة للطرفين من ذوى الإعاقة المقبلين على الزواج، سواء كان كلاهما من ذوى الإعاقة الذهنية، أو أحدهما، ويتم التأكد من السماح لهما بالإنجاب، لأن بعض الحالات تمنع من الإنجاب، ولا بد أن تكون أسرهم على علم بذلك قبل زواجهم، ويجب أن يعلم الطرف الآخر حدود الإعاقة نفسها، هل هى بسيطة، أم شديدة، أم متلازمة داون، هل هناك مشاكل أخرى مواكبة لذلك أم لا، لو هو عدوانى، أو محدث للمشاكل، طبعاً لا يسمح له بالزواج، أو على الأقل أُعلم الطرف الآخر، وهذه هى شروط الزواج السليم، أيضاً هو لا يتزوج بمفرده، لا بد أن يزوجه وليه، ويكون وصياً وولياً على عملية الزواج، ما دام ابنه إعاقة ذهنية، أيضاً لا بد من إخطار المحيطين، وتدريب الأسرة، الولد والبنت اللذان سيتزوجان سيحتاجان تدريباً شاملاً، ولا بد أن يبدأ ذلك مبكراً فى مرحلة المراهقة، وشرح التغيرات التى يمر بها فى هذه المرحلة بشكل سلس يتفق مع طبيعة إدراكه، كذلك تدريب الأسرة والمحيطين بذوى الإعاقة الذهنية المتزوجين، بكيفية التعامل معهم بعد الزواج، لأنه فى الغالب هم من يتحملون الأعباء عنهم بعد الزواج، وهم من سيتحملون المسئولية معهم، لأن ذوى الإعاقة الذهنية لا يستطيعون تحمل المسئولية بمفردهم، لذا فهم ومن حولهم من المتعاملين معهم فى الأسرة يحتاجون برنامج تدريب شاملاً للتعامل، كذلك لا بد من توفير فرص عمل مناسبة لهما قبل الزواج، حتى يستطيعا مواكبة ظروف المعيشة، وحتى لا تكون مصاريف الزوج وزوجته وأولادهما عبئاً على أبويهما، والدولة تكفل هذا بتوفير بعض فرص العمل، وفقاً لنسبة الـ5%، بحيث تكون الوظيفة ملائمة له ولطاقته، كل ولد وبنت من ذوى الإعاقة الذهنية لهم طاقة وقدرة، بعضهم ممكن أن يعمل بشكل يدوى شديد، وبعضهم يعمل أعمالاً كتابية، كل حالة ولها طبيعتها، لكن لا بد من توفير فرص عمل لهم، كذلك هم فى حاجة لتغيير نظرة المجتمع تجاههم، حتى لا يشعروا بالعزلة، وحتى لا يصل إليهم شعور الشفقة، هم لا يحبون ذلك، نحن نقوم بهذه الأعمال التوعوية الكثيرة لتغيير نظرة المجتمع، الناس دى عايشة ومتعايشة، وهناك نماذج كثيرة منهم تزوجت، وأنجبت، والدنيا ماشية معهم، لا بد أن يستوعب المجتمع ذلك، ويقدر أن هؤلاء بشر ويتعامل معهم معاملة إنسانية.
■ كيف يتزوجون دون اتباع هذه الإجراءات رغم أن هذه الإجراءات شرط للزواج الآن؟
- الآن أصبح الوعى أكبر، الأسر أصبحت تشارك فى ندوات، ويحصلون على إرشادات، وبدأوا يستوعبون كيف يهتمون بأبنائهم من ذوى الإعاقة، وألا يقوموا بتزويجهم لمجرد الزواج، كما كانوا يفعلون، لما بدأت أتكلم فى محيطى ودائرتى، المحيطون بى بدأوا يقتنعون بموضوع الفحوصات، وضرورة التأكد من صلاحيتهم للزواج من عدمه، وإمكانية إنجابهم أطفالاً أصحاء من عدمه، أو الاكتفاء بالزواج، والحصول على وسائل لمنع الإنجاب.
إذا لم يتم تزويجهم بأطر قانونية ومظلة حماية سيتم استغلالهم من المحيطين بشكل سيئ
■ هل تصادفين قبولاً من الأشخاص الطبيعيين بالزواج من ذوى الإعاقة الذهنية؟
- غالباً من يقبل أن يتزوج منهم، يكون مثلهم.
■ لماذا لا يسمح القانون بتعقيم الأزواج؟
- لرفض الشرع ذلك، فهذا مُنافٍ لتقاليد كثيرة لدينا، فهناك موانع طبية تحول دون الإنجاب بعيداً عن التعقيم، فالجدل استمر فى هذا الأمر كثيراً، وفى الخليج يتم التعقيم، وفى بعض الدول الأجنبية يتم استئصال الرحم لذوى الإعاقة الذهنية، لكن هذا حرام شرعاً، خاصة أن هناك موانع طبية عادلة وآمنة وإنسانية، علاوة على أن هذا ليس الحل.
■ فى نظرك هل ترعى الدولة زواج ذوى الإعاقة الذهنية بشكل كافٍ؟
- نادراً، إلا إذا اهتمت الأسرة وسعت لإجراء الزواج تحت مظلة شروط حماية وفحص، واهتمام بالشروط والفحوصات التى تحدثنا عنها، من المفترض أن ذلك موجود، لكنه لا يطبق فى مصر على نطاق واسع، فقط على مستوى أسر قليلة، فزواج المعاقين ذهنياً قد ينتج معاقين جدد، وعلى الدولة التدخل وتنفيذ ضوابطها لحماية أبنائهم من احتمالات الإعاقة.
منعهم من الزواج قد يحولهم إلى «عدوانيين» مع إخوتهم ويعيشون فى عزلة واكتئاب
■ ما نتائج منع هذه الفئة من الزواج والآثار المترتبة على حرمانهم من الزواج نفسياً؟
- بتأثر على نفسيتهم، لأنها رغبة بداخلهم، وموجودة، وهى غريزة لا يمكن سلبها منهم، صعب تقنينها أو منعها، ممكن ألا أوفر له تعليماً مناسباً، أو أمنع عنهم بعض الألعاب، لكن الغريزة شىء بداخله، ومن السهل استثارتهم من ضعاف النفوس، وشاهدنا ذلك حيث يتم استغلالهم استغلالاً سيئاً جداً فى هذه النواحى، فلو انطبقت عليهم شروط الزواج، أنا مع تزويجهم، فالزواج ضمانة لعدم استغلالهم جنسياً، أيضاً تحدث لهم عزلة واكتئاب، وأحياناً يميلون للعدوانية مع إخوتهم، وتكون لديهم تراكمات نفسية سيئة، لو شاهد أحداً يتزوج وهو ممنوع من ذلك، فعلى الأم والأب اللذين لديهما ابن من ذوى الإعاقات الذهنية، صرف أنظاره عن هذه الأشياء فى مرحلة المراهقة بالرياضة وتنمية مهاراته، وقراءة القصص، مشاهدة برامج توعوية مناسبة لسنه ووعيه، ولا تتركه فى وقت فراغه، ومراكز الشباب الآن مفتوحة لهم لتفريغ طاقاتهم، لأنه طالما هناك وقت فراغ سيتجه للتفكير السلبى، وسيواجه مشاكل نفسياً وجسمانياً.
د. منى صفوت خلال حوارها مع «الوطن»