مذكرة نادى القضاة لـ«الرئاسة» ومجلس النواب: تعيين الرئيس لـ«شيخ القضاة» يخالف الدستور

كتب: أحمد ربيع

مذكرة نادى القضاة لـ«الرئاسة» ومجلس النواب: تعيين الرئيس لـ«شيخ القضاة» يخالف الدستور

مذكرة نادى القضاة لـ«الرئاسة» ومجلس النواب: تعيين الرئيس لـ«شيخ القضاة» يخالف الدستور

تنشر «الوطن» نص مذكرة مجلس إدارة نادى قضاة مصر فى شأن الرد على مقترح مجلس النواب بتعديل المادة 44 من قانون السلطة القضائية، والمرسلة لرئيس الجمهورية، ومجلس النواب.

وفنّدت المذكرة التى أعدها المستشار ناجى عزالدين، نائب رئيس محكمة النقض وعضو مجلس إدارة النادى، الأسانيد الدستورية التى دفعت النادى لرفض التعديلات المقترحة على المادة 44 والخاصة بطريقة اختيار رئيس محكمة النقض، رئيس مجلس القضاء الأعلى «شيخ القضاة». {left_qoute_1}

وأكدت المذكرة أن المشرّع الدستورى حرص على استقلال السلطة القضائية، بوصفها الركيزة الأساسية لدعم نظام الدولة القائم على الفصل بين السلطات الثلاث، إضافة إلى أنها ضمانة أساسية لحماية الحقوق والحريات بموجب ما تضمّنه الدستور فى مادته الخامسة بالنص على الفصل بين السلطات والتوازن بينها وجعل السلطة القضائية هى الحكم حال تغوُّل إحدى السلطتين التشريعية والتنفيذية على الأخرى. كما أكد الدستور فى مادته 94 أن «استقلال القضاء وحصانته وحيدته ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات»، وكذلك ما تضمّنته المادة 184 من أن «السلطة القضائية مستقلة والتدخل فى شئون العدالة أو القضايا جريمة لا تسقط بالتقادم»، والمادة 185: «تقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين المنظمة لشئونها». ونص الدستور فى المادة 186 على أن «القضاة مستقلون غير قابلين للعزل، ويحدد القانون شروط وإجراءات تعيينهم، وذلك كله بما يحفظ استقلال القضاء والقضاة وحيدتهم»، كما نصت المادة 189 على أن «يختص القضاء بالفصل فى كافة المنازعات والجرائم ويدير شئونه مجلس أعلى ينظم القانون تشكيله واختصاصاته».

وقالت المذكرة إنه انطلاقاً من هذه النصوص الدستورية التى وضعت حدوداً للفصل بين السلطات الثلاث، فإنه لا يجوز الانحراف عنها أو الخروج عن النص فيها، وإعمالاً للمادة 184 من الدستور فإنه لا يجوز للسلطة التشريعية وهى تسن التشريعات أن تمس الثوابت الدستورية التى منحها الدستور للسلطة القضائية بما يدعم استقلالها. وأوضحت المذكرة أن تعيين رئيس السلطة القضائية يُعد من ضمن شئونها التى لا يجوز التدخل فيها، مشيرة إلى أن أمر العدالة لا يتعلق بولاية القضاء فحسب، وإنما يتعلق كذلك بشئون القضاء، وهو ما أوجبته المادتان 166 و186 من الدستور من أن «القضاة مستقلون لا سلطان عليهم فى قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأى سلطة التدخل فى القضايا أو شئون العدالة». {left_qoute_2}

وأشارت المذكرة إلى ما تضمّنته المواد 185 و186 و188 من قيام كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها، وأن «القضاء يدير شئونه مجلس أعلى»، موضحة أن الدستور لم يحل للقانون سوى ما يخص تشكيل مجلس القضاء الأعلى واختصاصاته، دون أن ينص صراحة على حق رئيس الجمهورية بالتدخل فى تعيين رئيس محكمة النقض.

وتابعت أنه لما كانت المادة 139 من الدستور قد نصت على أن «رئيس الجمهورية هو رئيس الجمهورية ورئيس السلطة التنفيذية ويلتزم بأحكام الدستور»، وبالتالى فإن قيام رئيس الجمهورية، بوصفه رئيس السلطة التنفيذية، بتعيين رئيس محكمة النقض، رئيس المجلس الأعلى للقضاء ورئيس السلطة القضائية، يُعد مخالفة صريحة للدستور وعدم التزام بأحكامه، وذلك لوقوف كل منهما على رأس إحدى السلطات الثلاث، مما يؤدى إلى عدم دستورية أى مقترح يتضمن ما يشير إلى أحقية رئيس الجمهورية بتعيين رئيس محكمة النقض.

وأشارت المذكرة إلى أن المادة 192 من الدستور جعلت اختيار رئيس المحكمة الدستورية العليا من أعضاء الجمعية العامة للمحكمة، كما نصت المادة 189 بشأن اختيار النائب العام «أن يختاره مجلس القضاء الأعلى ويصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية».

وفى هذا الصدد قالت المذكرة إن المشرع الدستورى أضفى استقلالاً على رئيس المحكمة الدستورية بأن «يُختار من جمعيته العامة دون ثمة تدخل لرئيس الجمهورية»، إلا بإصدار قرار كاشف، وأضفى مقصده ذلك على النائب العام أيضاً بأن يُختار من مجلس القضاء الأعلى وأن يصدر رئيس الجمهورية قراراً كاشفاً له. ومن ثم يتضح بجلاء مقصد المشرّع الدستورى وتحقيقه لمبدأ الفصل بين السلطات، حتى وإن كان أغفل النص عليه صراحة بشأن اختيار رئيس محكمة النقض، إلا أنه بحكم الوجوب أصبح أمراً محققاً، لكون النائب العام عضو مجلس القضاء، فمن الباب الأولى أن يُعيَّن رئيس مجلس القضاء بالاختيار من بين أعضاء المجلس دون تدخل من رئيس الجمهورية وأن يكون قرار رئيس الجمهورية كاشفاً فقط لقرار مجلس القضاء الأعلى.

وأكدت المذكرة أن سلطة التشريع -وإن كان حقاً مقرراً للسلطة التشريعية بموجب الدستور- إلا أنه ليس حقاً مطلقاً عندما يتعلق الأمر بقوانين تمس السلطة القضائية واستقلالها واستقلال أعضائها ويُعد تدخلاً فى شأن من شئون العدالة، حيث تظل محكومة وهى تمارس هذا الحق بالمبادئ والضمانات التى أرساها الدستور للسلطة القضائية فى المواد «5، 94، 184، 185، 186، و188»، فإذا ما خالفت السلطة التشريعية تلك المبادئ والضمانات المقررة للسلطة القضائية وتجاوزت بسلطتها ذلك، كان ذلك خاضعاً لرقابة القضاء.

كما أكدت المذكرة أنه ولئن كان نص المادة 185 من الدستور يبيّن ظاهره أن رأى مجلس القضاء الأعلى غير ملزم للسلطة التشريعية فى شأن مشروعات القوانين المنظمة للسلطة القضائية، إلا أن هذا الرأى مقيد بألا يحمل بين طياته ما يمس استقلال السلطة القضائية واستقلال أعضائها وحصانتهم وشئون العدالة، وإلا كان خاضعاً أيضاً لرقابة القضاء، إضافة إلى هذا فإن السلطة التشريعية ملزمة ومقيدة عند نظرها لرأى القضاة ألا تخالف المبادئ الدستورية وضمانات استقلال القضاء.

وأشارت مذكرة نادى القضاة إلى أنه انطلاقاً من كون نادى القضاة يمثل كياناً منتخباً ومعبّراً لرأى جميع قضاة مصر، وأنه من صميم اختصاصاته دعم استقلال القضاء، فإنه أراد أن يصحح العوار الدستورى الذى أصاب تعديل المادة 44 من قانون السلطة القضائية، وأن يحافظ على الثوابت القضائية المستقرة منذ القدم بجعل اختيار رئيس محكمة النقض بيد مجلس القضاء الأعلى وأن يكون قرار رئيس الجمهورية كاشفاً لما يصدره مجلس القضاء الأعلى من قرارات.

 

نص مذكرة القضاة


مواضيع متعلقة