بالفيديو| عادل الفار في حوار لـ"الوطن": البلد ستخسر كثيرا باختفاء "المونولوج"

كتب: محمود عباس

بالفيديو| عادل الفار في حوار لـ"الوطن": البلد ستخسر كثيرا باختفاء "المونولوج"

بالفيديو| عادل الفار في حوار لـ"الوطن": البلد ستخسر كثيرا باختفاء "المونولوج"

"لو توهت ماتسألنيش.. هاتيجي ماتلاقينيش"، أغنية أخذت حظها من الانتشار بين الجمهور حينما أداها صاحبها، لتدخل ضمن مجموعة من المونولوجات الفنية التي قصد منها، في أحيان كثيرة، توصيل رسالة معينة ومناقشة سلوك مجتمعي خاطئ، أو حاول، أحيانًا، أن يرسم الضحك على شفاه مستمعيه، حيث لا يرى أن البهجة عيب بحال من الأحوال.

{long_qoute_1}

"الوطن" التقت المونولوجست عادل الفار، الذي غاب لسنوات طويلة عن الساحة الفنية، واستطلعت رأيه حول غياب فن "المونولوج الغنائي" حاليًا، وجابت معه داخل أروقة مسيرته الفنية، التي تتنوع ما بين الكوميديا الساخرة والرسائل الهادفة، وإلى نص الحوار:

■ كيف بدأت حكايتك مع فن "المونولوج"؟

لم يكن في بالي، منذ طفولتي، أن أصبح مونولوجست أو أن أتجه إلى الفن من الأساس، ولكن البداية حدثت عندما كنت في المرحلة الإعدادية، وكنت أجلس مع أصدقائي أسرد النكات وأسخر من كل شيء يدور حولنا بشكل كوميدي، حتى طلب مني أحد أصدقائي أن أؤدي فقرة في حفل زفاف شقيقته، وشاءت الظروف، أن ألتقي بفرقة من الهواة ونؤدي معًا فقرة أعجبت كل "المعازيم"، وبالفعل احتضنتني تلك الفرقة، وبدأنا معًا مشوار إلقاء المونولوجات الكوميدية.

■ وما سبب حبك في فن "المونولوج" بالذات؟

أحببته لشعوري أنني أسعد الناس من خلاله، رغم أن بداية احترافي لذلك النوع من الفن لم تكن موفقة، حينما تعاونت مع زوج أختي في تكوين فرقة في أوائل السبعينيات، وعملنا ثنائي أو ثلاثي على غرار "ثلاثي أضواء المسرح"، ولكن هذا المشروع لم ينجح، لأن الأعضاء الذين شاركوني ذلك العمل لم يخلصوا فيه ولم يتعاملوا معي بشفافية كافية، وقررت أن أنفصل وأعمل بشكل فردي، وحالفني الحظ أن التقيت بالكاتب حسين غباشي الذي بدأت معه عملي الحقيقي.

{long_qoute_2}

■ هل تذكر أول "مونولوج" ألقيته في حياتك؟

لحسن حظي.. كان ذلك المونولوج متزامنًا مع حرب 73، وحاولت فيه أن أسخر من الإسرائيليين ذاتهم، وكانت كلماته: "يا عزرائيل روح إسرائيل.. ومن اليهود حمل وشيل.. إحنا اللي حالفين لا نهاديك مليون قتيل"، ولكن ذلك المونولوج لم ينل حظه من الشهرة، لأنه كان من الصعب ألقاؤه في الأفراح أو الحفلات التي كنت أحييها في تلك الفترة.

■ إذن.. هل يعني ذلك أنك لم تستمع إلى مونولوجات "شكوكو" و"إسماعيل ياسين"؟

بالعكس.. هؤلاء الفنانون هم من حببوني في تلك الصنعة، وحفظت مونولوجاتهم عن ظهر قلب، ولكن الفنان الذي أدين له بالفضل، بشكل كبير، هو "فلفل الجيزاوي" الذي التقيت به في شبابي وجرت بيننا جلسات كثيرة، علمني فيها كيف أصنع "المونولوج" بشكل صحيح، وأخذت منه الكثير حتى بعد أن أصبح اسمي منتشرًا بين الذين يقدمون ذلك النوع من الفن.

{long_qoute_3}

■ ما هي المقومات التي يجب أن تتوفر في "المونولوج" ليكون مبنيًا بشكل سليم؟

الشيء الأهم أن يحمل "المونولوج" رسالة واضحة ومفهومة للمتلقي، كأن ينقد أمرًا سلبيًا ويسخر منه، أو يسلط الضوء على شيء إيجابي للمساهمة في نشره، ولابد أن يتم تقديم تلك الرسالة بشكل خفيف وكوميدي يضحك سامعيه قبل أن يوعيهم برسالته، ولا يشترط أن يكون "المونولوج" عبارة عن نكتة أو تقليد لشخص بعينه.

■ "الحقني يا شكري" كان عنوان أول ألبوماتك التي حققت نجاحًا كبيرًا مع الجمهور.. فما هي قصة تلك التجربة؟

مسألة شرائط الكاسيت بدأت معي بعد فترة طويلة من إحياء الأفراح والحفلات، حينما فوجئت بصاحب شركة إنتاج فني يعرض عليّ عمل شريط كامل لأغنياتي، وكان شرطي أن يخلو ذلك الشريط من أي نكتة ويكتفي بـ"المونولوج" الساخر، ولم أكن أتوقع ردود فعل الجمهور، الذي سعد بأغنيات ذلك الألبوم وردد معي: "هوبا تيتو مامبو".

■ وما هي الرسائل التي قدمتها من خلال هذا الألبوم؟

هناك رسائل عديدة.. أبرزها أغنية "جوزني بنتك يا حمايا"، التي سلطت فيها الضوء على مغالاة أهل العروس في مطالبهم وتعجيزهم الدائم للعريس، وسخرت من الفروق الطبقية الكبيرة التي بدأت تتفشى تفشت داخل المجتمع، آنذاك، عن طريق عمل مباراة لكرة القدم بين فريق "مصر الجديدة"، الذين يبالغون في الأناقة والرقي، وفريق "بولاق" الذين يدخلون المباراة مغيّبين تمامًا، وما دفعني لعمل ذلك المونولوج، أنني كنت ألقيه في الأفراح فيعجب به كل الحاضرين، وأخذت جملة "هوبا تيتو مامبو" من مطرب مغمور كان يتخذ منها لزمة ويغني عليها.

■ هذا الألبوم كان سببًا في ترشيحك لتقديم فقرة "المونولوج" في حفلات التليفزيون.. فكيف كان ذلك؟

بعد نجاح الشريط، قرر المسؤولون في الإذاعة والتليفزيون عمل لجنة استثنائية لاعتمادي مغنيًا، وأذكر أنها ضمت فنانين كبار مثل "صلاح عرام"، وتم، بعد ذلك، تكليفي بفقرة "المونولوج" في حفل ليالي أضواء المدينة عام 1993، وكانت المرة الأولى التي أقف فيها أمام هذا العدد من الجمهور، وتوكلت على الله، وألقيت مونولوج مباراة الكرة و"جوزني بنتك يا حمايا"، وكان ذلك سببًا في ترشيحي لعدد من الأعمال السينمائية والدرامية بعد ذلك.

■ "100 سنة ع العمود" كان عنوان ثاني ألبوماتك.. فلماذا لم يحقق نفس نجاح سابقه؟

ربما كانت فكرة ذلك الشريط رمزية بقدر كبير، لأنني لعبت دور شخص يرى مصر من أعلى برج أو عامود، ويتحدث عن بعض السلبيات المجتمعية، مثل الشخص الذي يبيع شقيقه بثمن رخيص ليتكسب هو المال في مونولوج اسمه "حد يشتري أخويا"، وتحدثت فيه عن انحدار الذوق الفني وغياب الكلمة الحلوة والنغمة الجميلة في هذه الفترة، وهذا ربما لم يفهمه الناس في وقتها، ولكن الكثير من النقاد تحدثوا بشكل جيد عن هذا الألبوم بعد سنوات من صدوره.

■ ما هي أبرز المواقف الطريفة التي تعرضت لها خلال مشوارك مع "المونولوج"؟

كنت أشاهد برنامج تليفزيوني لفنانة مشهورة، واستفزتني طريقتها في الحوار لدرجة أنني قررت عمل فقرة في أحد الأفراح للسخرية منها، وصادف أنها كانت متواجدة في نفس المكان لتدور مشاجرة حامية بيني وبين حرسها الخاص، إلى جانب مونولوج آخر اسمه "سوسو قمر" تحدثت فيه عن مطرب يلجأ للكلام مع الجمهور في الحفلات أكثر من الغناء، وعلمت أن مطربًا، بعينه، فهم الرسالة وغضب مني كثيرًا، علاوة على أغنية اسمها "لو توهت ماتسألنيش"، كنت أسخر فيها من طريقة "شعبان عبدالرحيم"، في بداياته، وكانت الأغنية كلها تسير على وتيرة واحدة ولا تتغير مهما طال الوقت.

■ هناك عدد كبير من فناني "المونولوج" الذين انتقدوا الأوضاع السياسية في أزمنة مختلفة.. فما هو موقفك من ذلك؟

كان لي مونولوج اسمه "الجنيه والدولار"، وهو عبارة عن خناقة بين العملتين تظهر انحدار العملة المصرية أمام نظيرتها الأمريكية، غير أنني أوصلت رسائل سياسية أخرى من ذلك المونولوج، أبرزها عدم وحدة الدول العربية التي تنحدر عملاتها أمام "الدولار"، وأعتقد أن ذلك المونولوج هو أكثر ما يعبر عن الواقع الذي نعيشه حاليًا، وكان لي مونولوج آخر اسمه "فار سياسي"، يسخر من الديمقراطية الوهمية التي كان يزعمها المسؤولون قبل عام 2011.

■ هناك من يرى أن فن "المونولوج" هو نوع من الهزل لا طائل منه.. فما ردك على ذلك؟

أختلف معهم تمامًا.. فإذا كان "المونولوج" يحمل قدرًا من التهريج، فلا مانع أن يكون ذلك مدعومًا برسالة أو هدف يصلح شيء خاطئ داخل المجتمع، وأعتقد أن "المونولوج" أفضل كثيرًا من بعض الأغنيات، التي تحمل معاني غريبة من قبيل: "هاتي بوسة يا بت"، ولا عيب في أن "المونولوج" يسبب الضحك ويسعد الجمهور.

■ ما هو سبب ابتعادك عن الساحة الفنية خلال الفترة الماضية؟

ابتعدت بعد قلة الحفلات بشكل كبير بعد 2011، وعدم اهتمام الكثير من المنتجين الفنيين بإنتاج ألبومات جديدة تناقش قضايا المجتمع بشكل كوميدي ساخر، وربما أعذرهم في ذلك لأنهم سينفقون أموالًا طائلة دون فائدة، بسبب انتشار كل ما يؤديه الفنانين عبر مواقع الإنترنت، ولا يقبل أحد على شراء الألبومات الأصلية للمطربين.

■ كيف ترى إنقاذ فن "المونولوج"؟

لابد أن تهتم الدولة بذلك الفن، لأنه فن مصري خالص يتميز به ذلك الشعب منذ قرن، ولابد أن تهتم البرامج التليفزيونية بتخصيص برامج لفناني "المونولوج" وتخصيص فقرات في الحفلات لهم، وأحذر الجميع أن البلد ستخسر كثيرًا إذا اختفى فن "المونولوج"، لأنه مثل الصحفي الذي ينقد ويكشف السلبيات ويعزز الإيجابيات في المجتمع.

■ ما هو مشروعك القادم؟

أتجه، في هذه الفترة، للأعمال المسرحية، حيث أشارك مع فريق مسرحي شبابي في رواية اسمها "في انتظار فرج"، حتى تعود الأمور إلى أصلها، ويستعيد "المونولوج المصري" رونقه.

 


مواضيع متعلقة