سوهاج: «المناطق الجبلية» أوكار تجمع العصابات.. و«طما» أخطر البؤر

كتب: خالد الغويط

سوهاج: «المناطق الجبلية» أوكار تجمع العصابات.. و«طما» أخطر البؤر

سوهاج: «المناطق الجبلية» أوكار تجمع العصابات.. و«طما» أخطر البؤر

لا يكاد يمر أسبوع إلا وتسمع عن حالات خطف، سواء لأطفال أو كبار، بمختلف مناطق محافظة سوهاج، فالظاهرة استفحلت وانتشرت بشكل ملحوظ فى أعقاب «ثورة 25 يناير»، وتركزت معظم حالاتها فى قرية «البلابيش»، التابعة لمركز دار السلام جنوب المحافظة، ومدينة «طما» فى أقصى الشمال، إلى أن أخرجت الأجهزة الأمنية «البلابيش» من الخدمة، بعد حملة أمنية مكبرة، تمكنت خلالها من القبض على أغلب المسجلين خطر وأرباب السوابق، والمشهور عنهم أعمال الخطف وتجارة السلاح، بينما اختفى الباقون عن أنظار الشرطة، ساعدهم فى ذلك عدم وجود ملفات لهم لدى إدارة البحث، وتخلوا عن ممارساتهم الإجرامية، التى حققوا من ورائها ثروات طائلة، خلال فترة قصيرة.

{long_qoute_1}

وتعتبر مدينة «طما» إحدى أهم البؤر الإجرامية فى ظاهرة الخطف، حيث يقوم أفراد العصابات بالتخطيط لعمليات الخطف وارتكابها بقوة السلاح فى وضح النهار، ويتم اقتياد المخطوف مكبل اليدين بالحبال إلى المنطقة الجبلية بين محافظتى أسيوط وسوهاج، التى يصعب على رجال الشرطة الوصول إليها، وعلى الرغم من البلاغات التى تتلقاها الأجهزة الأمنية عن حالات الخطف، إلا أنه نادراً ما يتم كشف خيوط مرتكبى تلك الجرائم، وما يتم الكشف عنه يكون بسبب سوء تخطيط من مرتكبيها، أو «حديثى عهد» بتلك العمليات، حيث يرتكبون بعض الأخطاء أثناء تنفيذ جريمتهم، التى فى الغالب تكون أول مرة لهم، وأغلب الحالات التى تم ضبط المتهمين فيها كانت نتيجة مشاهدة الأهالى للخاطفين أثناء تنفيذ جريمتهم، أو الإدلاء بأرقام السيارات التى يستقلونها، أو مركبات الـ«توك توك» التى يستخدمونها فى تلك العمليات الإجرامية، مما يسهل لرجال الشرطة الوصول إليهم فى وقت سريع.

ويعتبر المسيحيون فى سوهاج، خاصةً الأثرياء منهم، محط أنظار عصابات الخطف، باعتبارهم «صيد ثمين»، ولأنهم لا يترددون فى دفع أى مبالغ يطلبها الخاطفون، وعادةً لا يتفاوضون معهم على مبلغ الفدية، حرصاً على حياة المخطوف، ونادراً ما يلجأ أفراد العصابات إلى خطف أطفال المسيحيين، وإنما يقومون بخطف أشخاص بالغين، ويعتبر ميسورو الحال ووجهاء القوم هم المحطة الثانية فى اهتمامات عصابات الخطف، حيث تكثر حالات خطف أطفالهم، من أمام المدارس والمنازل، وتكون غالبية عمليات الخطف فى وضح النهار.

أما الظاهرة التى انتشرت فى الآونة الأخيرة، والتى حيرت الشارع، هى جرائم خطف النساء المتزوجات والفتيات، لكن معظم الحالات التى شهدتها المحافظة كانت وراءها علاقات غرامية مع آخرين، ويتم تحرير محاضر على أنهن تم خطفهن تحت تهديد السلاح، ويضطر ضباط المباحث إلى عدم الكشف عن الدوافع الحقيقية لتلك الوقائع، حتى لا تتفاقم المشكلة، وتزهق أرواح إذا ما انكشف الأمر.

{long_qoute_2}

ويواجه رجال الشرطة تحديات كبيرة فى الوصول إلى عصابات الخطف، نظراً لعدم وجود صلاحيات لهم فى تتبع أرقام الهواتف المحمولة التى يستخدمها الخاطفون ولتحديد موقع شريحة هاتف، حيث يتعين عليهم تحرير محضر بواقعة الاختفاء، وعرضه على النيابة العامة، بعدها تخاطب النيابة شركات المحمول لتحديد موقع الهاتف وبيانات صاحبه، ويكون قد مر على الواقعة عدة أيام، وعندما تصل بيانات الهاتف من شركات المحمول يكون المخطوف قد رجع إلى أهليته بعد دفع مبلغ الفدية، أو الإجهاز عليه لعدم دفع المبلغ المتفق عليه.

ويُعد «عبدالناصر أ.ف»، زعيم عصابات الخطف بمدينة «طما»، ذاع صيته منذ نحو 15 سنة، كـ«قاتل بالوكالة»، يستعان به لقتل الخصوم فى قرية «الواقات»، بمدينة طما، مقابل حصوله على مبالغ مالية هائلة، احترف «عبدالناصر»، الذى يشبهه البعض بـ«خُط الصعيد»، طريق الإجرام مبكراً، وتطور نشاطه فى أعقاب «ثورة 25 يناير»، لينفذ عمليات خطف وسلب ونهب لحسابه الخاص، وارتكب العديد من جرائم الخطف، وفى حال تم إبلاغ الشرطة بالواقعة يكون مصير المخطوفين القتل، وحفل ملفه الإجرامى بالعديد من جرائم القتل، فهو مطلوب فى عدد كبير من القضايا، وصادر بحقه أحكام فى قضايا أخرى، وكانت آخر الجرائم المتهم بارتكابها فى شهر أكتوبر الماضى، حيث اتهم بقتل شخصين، وأعقبها بعدة أيام بقتل آخر، وذلك إثر خلاف بينهم حول تجارة الآثار، وامتد نشاط «الخُط» إلى خارج مدينة طما، حيث تمكن فى شهر أبريل من العام الماضى، من استدراج مهندس زراعى، يقيم بقرية «بيت خلاف»، التابعة لمركز جرجا، بحجة أنه سيقوم بتوقيع عقد معه على إنشاء شبكة «محمول»، وقام بخطف المهندس وإخفائه، ورغم ما يقرب من عام على الواقعة، لا تعرف أسرة المهندس مكانه حتى الآن، رغم موافقتهم على دفع الفدية المطلوبة، التى بلغت مليون جنيه، بينما تم العثور على سيارة المجنى عليه فى أحد الشوارع بمحافظة أسيوط.

وأكد أحد أبناء قرية «الواقات» أن الأهالى يعيشون فى رعب بسبب سطوة عبدالناصر وجبروته فى المنطقة، وأوضحوا أنه يتنقل بحرية تامة فى شوارع القرية شاهراً سلاحه الآلى، وعندما تحضر الشرطة للمنطقة يختفى فى ثوان، ولا يعرف أحد مكانه، كما لفتوا إلى أنه يتنقل بحرية بين القاهرة وسوهاج، وأحياناً يوجد بمحافظة أسيوط، وأوضحوا أنه تمكن من استخراج عدة بطاقات رقم قومى بأسماء عدد من الأشخاص، وجميعها تحمل صورته، ليتسنى له التحرك بحرية خارج المحافظة.

{long_qoute_3}

«الوطن» التقت أسرة المهندس «ياسر محمد عبداللاه»، أحد ضحايا «زعيم عصابات الخطف فى طما»، حيث قال «أيمن مصطفى عبدالعليم»، 42 سنة، حاصل على ثانوية أزهرية وابن عم المهندس المختطف، إنه تحديداً فى يوم 2 أبريل 2016، ورد اتصال تليفونى للمجنى عليه من شخص مجهول، أبلغه فيه بأنه مندوب إحدى شركات المحمول، ويريد التعاقد معه على إنشاء برج محمول على قطعة أرض يمتلكها بمدخل مدينة جرجا، وصدقه المهندس ياسر، وتوجه إليه فى مدينة سوهاج لتوقيع العقد، إلا أنه لم يعد لمنزله مرة أخرى منذ ذلك اليوم، مشيراً إلى أنه «فى نفس اليوم اتصل نفس الشخص بأحد أصدقاء المهندس ياسر، وأبلغه بأنه يحتجز صديقه لديه، ويطلب فدية مليون جنيه لإطلاق سراحه، وشدد عليه بعدم إبلاغ الشرطة، واتصل صديق المهندس ياسر بنا ليبلغنا بالواقعة»، وأضاف: «عندما وصلنا خبر خطفه، اتخذنا قراراً بإبلاغ الشرطة بالواقعة، وقمنا بتحرير محضر بقسم شرطة جرجا، برقم 794 إدارى القسم»، ولفت إلى أن التحريات أكدت أن وراء الجريمة عبدالناصر فرغل، وذلك بناءً على تتبع رقم الهاتف الذى اتصل منه، حيث تبين أنه مسجل باسمه كما أن الهاتف نفسه استخدمت عليه عدة شرائح باسم نفس الشخص، وأضاف «أيمن» أنه فى اليوم التالى اتصل الخاطف بشقيق المجنى عليه، وأبلغه بطلب مليون جنيه فدية وإلا سيقتل شقيقه، وتم تحديد مكان تسليم الفدية مع الجانى، وذلك بعد مرور 10 أيام على الواقعة، وأشار إلى أنه «تم إبلاغ الشرطة بمكان تسليم الفدية بمدينة طما، وتم وضع خطة للقبض على الخاطف، وتوجهنا إلى المكان المحدد، وكان برفقتنا ضباط مباحث لكنه شعر بوجود رجال الشرطة، وتمكن من الهرب داخل الزراعات، وعدنا أدراجنا مرة أخرى»، وتابع بقوله إن «الجانى عاود الاتصال بنا مرة أخرى، وأبلغنا بأنه قد عرف بحضور الشرطة لمكان تسليم الفدية، وطالبنا بأن نسلم له المليون جنيه بعدها يطلق سراحه، وطلبنا منه أن نسمع فقط صوت المهندس ياسر تليفونياً، لأنه راودتنا الشكوك أنه قد يكون تخلص منه بعد واقعة تسليم الفدية، ورفض الجانى طلبنا، وأبلغنا بأنه سيثبت لنا حسن نيته وسيرشدنا عن مكان وجود سيارة المهندس ياسر، ووجدناها بالفعل فى أحد الشوارع بأسيوط، كما قال لنا، وأخبرنا بأن المهندس ياسر راجل محترم ولا يعرفه، لكن أحد الأشخاص دله عليه لارتكاب الواقعة، ورفض توسلاتنا أن نسمع صوته عبر الهاتف، ورفضنا بدورنا تسليمه أى مبالغ مالية، بعدها انقطعت اتصالاته بنا، وتم إغلاق أرقام هواتفه التى كان يتصل منها، ولا نعرف عن المهندس ياسر شيئاً منذ 8 أشهر».


مواضيع متعلقة