أزمة الخبز والنساء والبدائل الممكنة

أثار خروج النساء احتجاجاً على قرار خاطئ متعلق بتوزيع الخبر دهشة الكثيرين، وكأن النساء فى مصر مدللات ومرفهات ويقضين أوقاتهن ما بين صالونات التجميل وحمامات البخار، وفى الحقيقة من اندهش لخروج النساء غاضبات هو من يعد مفصولاً عن الزمن ولا يعلم أن النساء فى مصر سواء أردن أو لم يردن أصبحن فى قلب دائرة المسئولية والنار، النساء فى هذا البلد يحملن على عاتقهن ثلث الأسر، تعيلها بمفردها، أى أن كل امرأة خرجت كانت تاركة وراءها بطوناً جائعة لا يسد رمقهم غيرها، لا وراءها رجل تسند عليه أو حتى حائط تظلها بظلها، ليس من الغريب أن تكون النساء أكثر شراسة حينما تمس القرارات الخبز، وهنا ربما نتوقف عند مثل هذه القرارات بعيداً عن الحكم بصحتها أو خطئها، وإنما للفت النظر أن قرارات الدعم لا بد أن تسبقها قرارات تحرير المدعومين من العوز، وهنا ربما تلعب القروض متناهية الصغر والصغيرة دوراً فى الحد من الفقر عامة وبين النساء على وجه التحديد، ويبقى التحدى أن الائتمان متناهى الصغر الذى نجح فى توفير التمويل للنساء الفقيرات فى كثير من البلدان لا ينتشر على نطاق واسع فى مصر، حيث يتسم قطاع المشروعات متناهية الصغر فى مصر بالتفتت، ويضم 1٫3 مليون مقترض نشط، وهى نسبة صغيرة من عدد يُقدر بـ21 مليون فقير وشبه فقير فى مصر فى عمر الإنتاج، وتزداد الأمور سوءاً فى المناطق النائية. مثلاً محافظات الدلتا بها نسبة انتشار للتمويل المتناهى الصغر قدرها 3٫5% فقط، وتوفر البنوك بعض التمويل لشركات صغيرة، ولكن البنك المركزى المصرى يفيد بأن الحجم يقل عن 1% من إجمالى القروض. ويمكن العمل على دعم الخدمات المساندة لحصول المرأة على القروض متناهية الصغر والصغيرة من خلال الدعم المالى والفنى أو ما يسمى بالخدمات غير المالية التى يجب أن تقدم بصور مستمرة مع المشروع، وهنا الدعم الفنى ربما أكثر أهمية من الدعم المالى، ويتمثل فى التعليم والتدريب وتنمية الموارد البشرية لتأهيل العاملين والعاملات فى المنشآت على اختلاف مجالات العمل والمستويات المهنية والوظيفية، بهدف الإعداد لممارسة العمل أو رفع الكفاءة وتحسين مستويات الأداء لدعم مشاركة المرأة فى المشروعات متناهية الصغر والمنشآت المتوسطة والصغيرة، فهى مناسبة لها من حيث طبيعتها فيما يتعلق بالأعمال التى تقبل عليها المرأة أو من حيث تنظيمها فيما يتعلق بمتطلباتها المكانية والزمانية.

أيضاً هناك ضرورة لعمل تسهيلات التمويل والإقراض وضمان القروض، حيث تساهم هذه التسهيلات فى المساعدة على المبادرة بإنشاء المنشآت والمشاريع وتوسيعها وتطويرها. وفى كثير من الأحيان تبدو الحاجة قائمة إلى تسهيلات وشروط تمويلية خاصة للمرأة، وبخاصة فيما يتعلق بضمان القروض مثلاً، فطبيعة الشروط المرافقة لها كثيراً ما تقف عائقاً أمام استفادة المرأة منها بهدف خوض غمار المبادرة بإنشاء المنشآت أو توسيعها أو تطويرها، كذلك عمل تسهيلات وخدمات متعلقة بالتسويق والاستيراد والتصدير، حيث تؤثر البيئة الاجتماعية فى المجتمع على حركية المرأة وقدراتها فى مجال التسويق والاستيراد والتصدير ذات العلاقة بمنتجات المنشآت المتوسطة والصغيرة، مما يستدعى جهوداً ومضامين خاصة للتسهيلات والخدمات المتعلقة بالتسويق والاستيراد، فضلاً عن تقديم المشورة لتطوير الأداء وزيادة الإنتاجية فى المنشآت المتوسطة والصغيرة أو وضع الحلول للمشاكل والصعوبات التى قد تواجهها فيما يتعلق بالعمليات الإنتاجية أو التقنيات المستخدمة أو الموارد البشرية أو القرارات الاستثمارية، كل هذه الخطوات لتأكيد وجود فرص حياة كريمة وبدائل الدعم، عندها لن تهتم النساء ولن تخرج للشوارع.