«السادات ومبارك» تسامحا مع «الحرب بالوكالة».. ودفعا الثمن.. و«مرسى» حاول تصعيد الجهاديين فأطاحت به الثورة
إسلام يكن أحد الشباب المصريين الذين انضموا للتنظيم
أنور السادات وحسنى مبارك ومحمد مرسى، 3 رؤساء تعاقبوا على حكم مصر، وتورطوا جميعاً فى «الحرب بالوكالة» خارج مصر، سواء بطريقة مباشرة ومعلنة، مثلما فعل «السادات» و«مرسى» أو بطريقة غير مباشرة، مثلما فعل «مبارك» الذى كان يستهدف من سفر المقاتلين الإسلاميين إلى الخارج للمشاركة فى الحروب، الخلاص منهم، إلا أن ذلك لم يتم. لكن ذلك لم يكن الرابط الوحيد الذى جمع رؤساء مصر الثلاثة، فقد دفع كل منهم ثمن تلك الورطة غالياً أثناء حياته، فالسادات تعرض للاغتيال بيد جهاديين من التيار الإسلامى، ومبارك تعرض لمحاولات اغتيال بيد نفس الجماعات، أكثر من مرة، كان أبرزها فى أديس أبابا، أما «مرسى» فقد كانت سياسته فى احتواء وتصعيد التيار الجهادى والسلفى، أحد أبرز أسباب ثورة 30 يونيو، التى أطاحت بحكم الإخوان فى مصر.
«الخرباوى»: «الإخوان شحنت جيشاً من الشباب إلى سوريا باسم الحرب المقدسة ضد غلاة الشيعة والانتصار للإسلام والثأر للجماعة المغدورة من «الأسد الأب»
عقب أحداث ثورة 25 يناير مباشرة استغلت الجماعات الجهادية والسلفية والإخوان حالة السيولة الأمنية التى سادت فى مصر ودأبوا على إغراء عدد كبير من شبابهم، والشباب المنضم حديثاً لهم، بالقتال فى سوريا تحت دعوى «الجهاد»، ووجدت هذه الجماعات وحدة كبيرة فى الأفكار والأهداف بعد توحد رعاتها الرئيسيين فى تركيا والسعودية وتنظيم القاعدة على محاربة النظام السورى بحجج وذرائع مختلفة، تنفيذاً للمخطط الأمريكى والغربى بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد وإغراق سوريا فى مستنقع الفوضى، تمهيداً لتقسيمها وفق ما تقضى به خرائط مشروع الشرق الأوسط الكبير.
وفى وضوح تام وعلانية خصص السلفيون مساجد معلومة لاستقبال الجهاديين وإرسالهم لسوريا، وأفتى العديد من مشايخ وقيادات الدعوة السلفية فتاوى بوجوب الجهاد فى سوريا، ومع صعود نجم السلفية فى مصر أعلنت بعض المساجد بمنطقة شهيرة مثل مدينة نصر بالقاهرة وغيرها نقل السلفيين لسوريا للجهاد، بينما كان الإخوان أكثر تستراً فى بداية الأمر نظراً لكونها الجماعة الأولى فى العمل السرى، بينما برزت جماعات متطرفة أخرى غير تنظيمية مثل «حازمون» التى تتبع القيادى السلفى حازم صلاح أبوإسماعيل فى الجهاد فى سوريا وإرسال المقاتلين التى كانت تعلن فى نشوة عن كل قتيل يسقط لها هناك والذين تجاوز عددهم 300.
أغلب الإخوان المقاتلين فى سوريا من المنضمين حديثاً للتنظيم.. وشقيق متحدث سابق لـ«الحرية والعدالة» كان بين المغرر بهم وقُتل فى أول أسبوع من المعارك
ويقول ثروت الخرباوى، القيادى الإخوانى المنشق: «الإخوان شحنت الجيش الإخوانى لسوريا، باسم الحرب المقدسة، فصوروا الأمر على أنه حرب ضد غلاة الشيعة الذين يمثلهم بشار الأسد باعتباره من طائفة العلويين الشيعية، وتم تلقين الشباب أن الصراع بين الإخوان وآل الأسد قديم وترتب عليه أن قصف حافظ الأسد مدينة حلب معقل الإخوان آنذاك، وبالتالى فالحرب فى سوريا هى انتصار للإسلام وثأر للإخوان وانتصار ضد فريق من غلاة الشيعة، وأنها حرب لله وللرسول، وذهب الشباب دون علم ولا ثقافة ولا خبرة، فالذين انضموا للإخوان بعد ثورة 25 يناير ذهبوا لسوريا وأنا أعرف بعضهم، منهم الشاب محمد محرز وهو شقيق ياسر محرز الذى كان متحدثاً باسم الحرية والعدالة، وكان من شباب الإخوان المغرر بهم، فقد اعتبر أن ما حدث حرب مقدسة سيصعدون منها للجنة، حيث الحور العين، لكن قتل محرز فى أول أسبوع قتال هناك».
وأضاف: «الجيش السورى يمثل الشعب السورى، والإخوان شحنوا الشباب فى اتجاهين، الأول سوريا والثانى قوافل إلى سيناء تضم الآلاف، وكان العائدون من سوريا بعد تلقى تدريبات فى أرض المعركة الحقيقية ودورات قتالية، يأتى إلى شمال سيناء، فكانت سوريا أرض تدريب للتجهيز لأرض معركة جديدة وهى سيناء، فنحن نعانى من جيش العائدين من سوريا، لأنهم كانوا يعودون أفواجاً، وفى تصورى أن العدد الذى استطاع الإخوان إدخاله بالاتفاق مع داعش والقاعدة وشحنهم لهناك يصل لـ20 ألف شاب ينتمون إلى فصائل القتال المختلفة، ولا يقل عنهم الجنسيات المختلفة، حيث تم شحنهم لسيناء، وكل تلك الأمور تم الاتفاق عليها فى أول أسبوع صعد فيه محمد مرسى للسلطة، وكان الاتفاق بحضور محمود عزت وخيرت الشاطر بقصر الاتحادية بحضور رموز (داعش) والقاعدة مثل أبومصعب وأبوعبدالرحمن وأبوالقاسم وهى أسماء معروفة للدواعش والقاعدة».
ومع تولى «الإخوان» الحكم فى مصر، وشعورها بالسيطرة المطلقة بنجاح أحد زعماء وقادة العنف والأفكار الجهادية محمد مرسى، فى الفوز بالرئاسة، ظهرت بوادر مخططات الإخوان للسيطرة على الدول العربية، من خلال الجماعات الإرهابية فيها، فأعلن «مرسى» رسمياً فتح باب ما وصفه بالجهاد فى سوريا فى مؤتمره الشهير فى يونيو 2013 باستاد القاهرة، الذى استقبله قادة العنف وأتباعهم بسعادة بالغة، ليفتحوا جبهة خارجية فى وقت تتفاقم فيه مشكلات مصر السياسية والاقتصادية والانقسامات الداخلية، وقد يجلب على البلاد عواقب وخيمة هى «فى غنى عنها».
«نعيم»: قيادات الجماعة الإسلامية وعدوا شبابهم بالجنة.. و«الشاطر» منح «الظواهرى» 25 مليون دولار لتشكيل جماعات قتال.. و«سعد»: «مبارك» استفاد من المقاتلين المصريين بأفغانستان كقوة ضغط على أمريكا
ويقول الشيخ نبيل نعيم، زعيم تنظيم الجهاد الأسبق، إن قيادات الجماعة الإسلامية شحنت الشباب لسوريا وأبرزهم محمد عبدالمقصود الذين وعدوا الشباب بالجنة والحور العين والقتال باسم الدين، ولم يكن أى شىء من هذا القبيل هناك، وأكد «نعيم» أن خيرت الشاطر نائب مرشد جماعة الإخوان، منح محمد الظواهرى، شقيق زعيم تنظيم القاعدة، أكثر من 25 مليون دولار، لتشكيل جماعات إرهابية، للقتال فى سوريا وسيناء، فالجماعة كانت تسعى للسيطرة على الدول العربية، وعلى تواصل بكافة الجماعات الإرهابية فى سوريا والعراق.
أما مرحلة ما قبل الثورة، فكان الرئيس الأسبق حسنى مبارك قد ورث تركة مثقلة من التعاون المصرى السعودى الأمريكى فى ملف الحرب الروسية الأفغانية عن الرئيس الأسبق أنور السادات، وزادت فى عهده عملية نقل الجهاديين المصريين للقتال فى أفغانستان للخلاص منهم فى البداية، ولاستمرار التحالف الأمريكى- المصرى - السعودى، الذى كانت تحتاجه مصر، فى ذلك الوقت، لكن تحول الاتفاق لوبال على البلدان الثلاثة، خاصة بعد انتهاء الحرب فى أفغانستان وارتفاع معنويات الجهاديين بشكل كبير، خاصة بعد النصر على الروس وشعورهم أن بإمكانهم تغيير الكون وتنفيذ أفكار الخلافة والأسلمة الطفولية التى يسعون لها، وبعد انتهاء الحرب فى أفغانستان ظهرت على السطح أزمة كبرى سميت بـ«عودة المجاهدين»، فهؤلاء الأشخاص المحملون بأفكار جهادية وتكفيرية والممارسون للعنف والقتل لم يعد ممكناً استقبالهم فى مجتمع مدنى لا يعلم شيئاً عن العنف، وبدأت معركة أمنية كبرى لمنع عودة هؤلاء الملوثين ولتعقب من عاد منهم، ما أسفر عن مواجهات وموجات عنف لم تشهدها مصر من قبل، أعلن هؤلاء الأفغان العرب أو المجاهدون المصريون فى أفغانستان عن مسئوليتهم عنها، منها محاولة اغتيال مسئولين ووزراء، وكانت ذروة تلك العمليات الإرهابية الكبرى، محاولة اغتيال الرئيس مبارك فى أديس أبابا، ودخلت الأجهزة المصرية فى دوامة من العنف خلال فترتى الثمانينات والتسعينات مع تلك الجماعات، واستمر مسلسل القتل والاغتيالات التى شملت مختلف الرتب من رجال الشرطة المصرية، إلى أن استطاعت الأجهزة الأمنية المصرية السيطرة على دوامة العنف تلك وإجبار قادة تلك الجماعات على طرح مبادرة إيقاف العنف التى وقع عليها القادة التاريخيون لهذه الفصائل والتنظيمات داخل السجون المصرية عام 1998.
ويقول الشيخ ياسر سعد، القيادى السابق بتنظيم «الفنية العسكرية»: «نظام مبارك استفاد من الإسلاميين فى ذلك الوقت، فاستطاع أن يجعلهم نقاط قوة له فى علاقته بالنظام الأمريكى حينما حاربوا السوفيت لصالحه بشكل غير رسمى، وبعد انتهاء الحرب كانت مصر تعتقد أن الإسلاميين سيمكثون فى أفغانستان، لكن الحقيقة لم تكن كذلك فعادوا للدولة المصرية ولم يكن هناك استعداد بالقدر الكافى، وللأسف الدولة جنت نتائج أفعالها، والأمريكان لم يفوا بوعودهم لمصر برد الجميل، عن هذه الحرب بالوكالة».