أسعار البيض حائرة بين المستهلك والبائع والوسيط والمربى و40٪ من أصحاب المزارع خرجوا من المنظومة بسبب الديون

07:09 م | الاثنين 20 فبراير 2017

أمام أحد محلات البقالة تقف سيدة ثلاثينية بملابس متواضعة تحمل على كتفها طفلاً لم يبلغ الـ5 أشهر بعد، تسأل صاحب المحل عن أسعار البيض اليوم، فيخبرها الرجل بأن ثمن البيضة الواحدة وصل اليوم إلى 1.25 جنيه، ترتسم على وجه السيدة علامات الخجل، فقد منحها زوجها 5 جنيهات فقط لشراء الإفطار لها ولأسرتها المكونة من طفلين وزوج.

تقول أم أحمد: «أنا جوزى ادّانى 5 جنيه وقال لى انزلى اشترى فطار، قلت هشترى بـ2 جنيه عيش واشترى بيضتين بـ2 جنيه لأن الواد ابنى نفسة ياكل بيض مقلى، وهيتبقى جنيه هشترى فول، لكن للأسف رحت لبتاع الفول قال لى مفيش فول بجنيه، وصاحب السوبر ماركت قال لى مفيش بيض بجنيه، البيضة بجنيه وربع». وتتابع السيدة: «كنت فاكرة إن البيضة بجنيه، أصلى آخر مرة اشتريت بيض من زمان جداً، وكان سعرها 75 قرش، وقلت كل حاجة غليت واحتمال البيض النهارده يكون بجنيه فاكتشفت إنها بقت بجنيه وربع، وللأسف مش هشترى غير بيضة واحدة علشان ارجع اشترى فول بالباقى».

{long_qoute_1}

يعمل زوجها باليومية فى أحد مصانع الثلج، وخلال هذه الفترة توقف المصنع بشكل شبه كامل لارتفاع أسعار الكهرباء بالإضافة إلى انخفاض درجات الحرارة، وهذا يتسبب فى خفض إنتاج الثلج، تقول: «جوزى شغال باليومية فى مصنع تلج، والشغل مابقاش زى الأول، والظروف أصبحت صعبة قوى، علشان كده بنصرف على قد اللى معانا، لكن مابقيناش قادرين نستحمل أكتر من كده، يعنى ابنى نفسه ياكل بيضة مقلية ومش قادرين نشتريها، أمال بقى لو نفسه ياكل لحمه هنعمل إيه؟ وكل ما نروح نشترى حاجة بنلاقى سعرها بيغلى كل يوم، وسعر الأرز وصل النهارده لـ10 جنيه، طيب اللى مش معاه ياكل إيه».

عماد محسن، شاب يعمل فى بوفيه بإحدى شركات القطاع الخاص، يقدم عماد بعض السندوتشات للموظفين كل صباح، سندوتشات عبارة عن فول وطعمية وبيض، يقدم سندوتش البيض بـ2.5، لكنه فوجئ بأن سعر البيضة أصبح بـ1.25 فقرر محسن رفع السعر، قوبل برفض من عدد من الموظفين، لكنهم تقبلوا الوضع بعدما أخبرهم بأن سعر البيض ارتفع. ويتابع: «سعر البيضة المسلوقة بقى بـ2.5 على عربية الفلول، وإذا أراد الشخص أن يفطر على عربية فول وطلب طبق بيض فمن الممكن أن يدفع على الأقل 10 جنيه، بعد ما كان كل اللى بيدفعه مايكملش 5 جنيه».

محمد عبدالحميد، صاحب سوبر ماركت فى منطقة منشية البكارى، يقول: «معظم الزباين النهارده مابقتش بتفاصل، كل واحد بيدفع اللى بقول له عليه، خلاص مابقاش فيه فصال ولا غيره، أصل الناس عارفه إن كل حاجة غليت». ويتابع عبدالحميد: «الفترة الأخيرة سعر البيض ارتفع بشكل كبير جداً، وكل لما تيجى تسأل التاجر يقول لك المربى صاحب المزرعة هو اللى بيغلى علىّ الأسعار، أنا مش السبب».

ارتفعت أسعار البيض خلال ثلاثة شهور فقط من 22.5 جنيه للطبق، ووصلت اليوم إلى 32.5 للطبق، ومن المحتمل أن تزيد وترتفع خلال الفترة المقبلة. يضيف عبدالحميد: «كنا بنشترى طبق البيض بـ22.5 ونبيعه بحوالى 25 جنيه، لكن النهارده سعر البيض ارتفع بشكل كبير، وأصبح الطبق بـ33 جنيه، يعنى الزيادة كبيرة والناس مش هتقدر تشترى البيض، واللى كان بيشترى طبق بقى بيشترى 10 بيضات وخلاص، لأن الأسعار فعلاً غليت».

{long_qoute_2}

التاجر الذى يقوم بتوزيع البيض على المحلات والسوبر ماركت أخبر محمد عبدالحميد اليوم بأن هناك زيادة جديدة فى الأسعار: «كنت بكلم التاجر دلوقتى فقال لى البيض غلى تانى، وسعر الكرتونة هيبقى 38 جنيه، فقلت له ماتنزّليش بيض الأيام دى، استنى شوية، أنا هكلمك أقول لك». ويتابع: «لما التاجر ينزّل لى البيض بـ36 جنيه الطبق، هبيعه أنا بكام؟ لو قلت للزبون بـ38 جنيه مش هيشترى، الوضع فعلاً بقى صعب قوى، ولازم يكون فيه حل عاجل لمشكلة ارتفاع أسعار البيض، وعلى فكرة مش بس البيض، ده كل حاجة سعرها ارتفع».

بسيارته الربع نقل يتجول محسن حميدة، تاجر البيض، ليمر على زبائنه أصحاب المحلات فى عدد من مناطق القاهرة الكبرى ليوزع ما لديه من بيض، يتسلم البيض من المربين ويقوم بتوزيعه على العملاء، ودائماً يتم اتهام محسن بأنه السبب فى ارتفاع أسعار البيض، لأن الحكومة دائماً تلقى المسئولية على عاتق التجار وتترك المصائب تزيد دون أن تضع حلاً، بحسب حميدة. يقول: «البيض سعره بقى غالى فعلاً، والحكومة دائماً بتقول إن التجار هما السبب، وتفضل تبرر فشلها فى حل الأزمات التى تواجه أصحاب المزارع والمربين». ويتابع حميدة: «أقسم بالله أنا كرهت شغلانة البيض دى، الواحد بيته هيخرب، لما بروح للمربين علشان آخد البيض بلاقيهم بيصرخوا من ارتفاع أسعار الأعلاف، وبلاقيهم مظلومين. وللأسف الحكومة مش بتساعد حد». ويتابع: «كان من 4 شهور بس كان سعر طبق البيض 17 جنيه، النهارده بقى بـ32 جنيه وبيوصل 33 جنيه، الزيادة كبيرة جداً جداً، ولما بنروح نسأل المربى بيقول إن سعر الكهربا غليت والعلف بقى 7000 جنيه، وهعمل إيه يعنى، دا أنا رفعت سعر البيض وكمان بخسر».{left_qoute_1}

ويضيف: «أنا واحد من الناس بقيت بلمّ مصاريفى بالعافية، خلاص لو الوضع استمر على كده أنا هقعد فى البيت ومش هلاقى شغل، يعنى أنا بأجّر العربية بـ500 جنيه فى النقلة الواحدة، وبروح أحمّل البيض من الطريق الصحراوى، وكمان فيه نسبة هالك، فى كل طبق ممكن تلاقى 3 بيضات اتكسروا وانا اللى بتحمل ده، وتكلفة التحميل برضوا أنا اللى بتحملها، وغير الشاى اللى بياخدوه الناس اللى بتحمل العربية». ويطالب حميدة الحكومة بالذهاب لأصحاب المزارع، والمربين لمعرفة المشاكل التى تواجههم وحلها على وجه السرعة، وعدم إلقاء المسئولية على التجار: «أصحاب المزارع دول عندهم مشاكل كتير وبيستوردوا الأعلاف والأدوية، والحكومة سايباهم دون أن توفر لهم أى امتيازات، وعلى فكرة البيض ده سلعة مهمة جداً، لأن فيه ناس ممكن تاكل بيض وتعيش عليه وماتقدرش تشترى الفراخ».

وفى وقت سابق ذهب حميدة إلى أحد المزارع المتعاقد معها لشراء البيض، فأخبره مدير المزرعة بأن صاحبها قام ببيع الدواجن للذبح: «عرفت إن فيه مزرعة جديدة لسه بتبشر فقلت أروح اشترى من عندهم، الراجل قال لى إن صاحب المزرعة باع الفراخ للدبح، أنا ماصدقتش غير لما شفت المزرعة فاضية، يعنى صاحب المزرعة ده بقاله أكتر من 5 أشهر مستنى الفراخ تبيض وفى بداية البشاير باع الفراخ للدبح لأنه مابقاش قادر يشترى علف للفراخ، طن العلف بقى 7000 جنيه».

{long_qoute_3}

يقول السيد عبدالغنى، أحد أصحاب مزارع الدواجن البياضة: «أكثر من 40% من المربين خرجوا من منظومة تربية البيض بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف، حيث وصل سعر طن الذرة إلى 4000 جنيه مقابل 2000 جنيه منذ حوالى 3 أشهر تقريباً، موضحاً أن «بيوتنا خربت بسبب ارتفاع الأسعار، ولو بعنا طبق البيض بـ40 جنيه مش هيغطى تكاليفه». ويضيف: «كنا بنعمل خلطة 2 طن علف كانت بتكلفنا بالكتير 5 آلاف جنيه، النهارده نفس خلطة العلف دى بقت بـ11 ألف جنيه بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف، وأنا كان عندى 4 عنابر فراخ بياضة بعت 3 ومابقاش عندى غير واحد بس، والديون اللى علىّ هتدخلنى السجن». ويضيف: «أنا خسرت فى العنابر اللى بعتها أكتر من 300 ألف جنيه، لكن ما كنتش هقدر أستمر فى الشغل وأنا مديون، ولو العلف سعره رخص كل الناس هتاكل لحمة رخيصة، بس البلد دى اللى بيغلى فيها عمره مابيرخص خالص».