مجتمع متكامل لإعادة تأهيل الشباب.. وأم كلثوم وعمر خيرت جزء من البرنامج

كتب: إمام أحمد ومروة عبدالله

مجتمع متكامل لإعادة تأهيل الشباب.. وأم كلثوم وعمر خيرت جزء من البرنامج

مجتمع متكامل لإعادة تأهيل الشباب.. وأم كلثوم وعمر خيرت جزء من البرنامج

صرح طبى كبير مكون من 3 طوابق، هو أكبر مركز لعلاج الإدمان على مستوى مصر، فور المرور عبر بوابته الرئيسية والدخول إلى قاعة الاستقبال التى تظهر فيها لافتة كبيرة مكتوب عليها «وإذا مرضت فهو يشفين»، يشعر الزائر للوهلة الأولى أنه وصل إلى حرم منفصل تماماً عن الحياة، فيلاحظ درجة كبيرة جداً من النظام والعلم والرعاية حتى فى أدق وأصغر التفاصيل.

يتكون مركز علاج الإدمان بمستشفى القوات المسلحة بالإسماعيلية من 5 أقسام رئيسية هى: قسم سحب المخدر بطاقة 36 سريراً، وقسم التأهيل الأولى بطاقة 36 سريراً، وقسم التأهيل المتقدم بطاقة 36 سريراً، بإجمالى 108 أسرّة، أى ما يزيد على ربع قوة المستشفى العسكرى الذى يضم 406 أسرّة، إضافة إلى قسم الرعاية النهارية الذى يتلقى فيه المريض فترة النقاهة والمتابعة لاستكمال علاجه، وقسم تدريب الكوادر العاملة فى مجال الإدمان.

{long_qoute_1}

خلال جولة «الوطن» مع العقيد طبيب محمد دياب، قائد المركز الطبى لعلاج الإدمان، مدير مستشفى القوات المسلحة بالإسماعيلية، لوحظ الاهتمام بتفاصيل صغيرة جداً، لكنها بحسب العقيد محمد دياب كانت مأخوذة فى الحسبان منذ اليوم الأول، مثل المساحات الخضراء المنتشرة فى كل مكان وتساعد فى تنقية الهواء إلى جانب مظهرها الحضارى الجميل، وكذلك ألوان دهانات الحوائط التى تعطى شعوراً بالتفاؤل والراحة والهدوء، وتجهيزات النوافذ والأسوار والأبواب والمساقط المؤمنة بطريقة علمية ومحترفة.

يقول «دياب»: «كل تفصيلة فكرنا فيها، وأعطيناها اهتماماً كبيراً، لأننا مؤمنون بأن الأمور العظيمة ما هى إلا حاصل جمع هذه التفاصيل. نحن بنينا وجهزنا صرحاً نستطيع أن نباهى به العالم كله»، لم يكن غريباً إذاً هذه الموسيقى والأغانى المنتشرة فى كل أرجاء المركز من خلال نظام صوتى موحد تم إعداده باحترافية، يعلق قائد المركز على هذه النقطة بقوله: «قررنا أن نعمل على استخدام طرق علاجية غير نمطية، ومنها العلاج بالموسيقى، فمنذ الصباح الباكر يستمتع الجميع هنا بمجموعة من أغنيات أم كلثوم وفيروز وموسيقى عمر خيرت، وأنواع أخرى من الموسيقى الهادئة خلال اليوم وحتى الثالثة عصراً، ونعاود تشغيلها فى الخامسة مساء حتى موعد النوم، وهذا الأمر يساعد كثيراً فى جلسات العلاج»، يضيف مبتسماً: «أنا شخصياً بكون سعيد وأنا سامع الحاجات الجميلة دى على مدار اليوم».

المنظومة داخل المركز لا تتوقف عند تقديم خدمة طبية مميزة لمواجهة واحدة من أخطر القضايا التى تواجه المجتمع المصرى، لكن الأمر أشبه بتوفير مجتمع متكامل للمرضى، فيشتمل المركز على مكتبات للتثقيف والتوعية والتعليم وملاعب كرة قدم وصالة لكمال الأجسام «جيم» وطاولات لممارسة ألعاب ترفيهية مثل «البلياردو» و«بينج بونج»، كما يضم المركز مسرحاً لتقديم عروض فنية وقاعة مؤتمرات لعقد ندوات أو مناقشات بين المرضى والزائرين.

{long_qoute_2}

العقيد طبيب محمد دياب، المتخصص فى الطب النفسى، يؤكد أن المركز بالفعل يتعدى فكرة الخدمة الطبية إلى توفير حياة وبيئة متكاملة، وكان ذلك مخططاً منذ اليوم الأول لتنفيذ المشروع، فيقول: «بنوفر كل حاجة محتاجها الإنسان لممارسة حياة سعيدة وهادئة، لدرجة إننا بنوفر للمريض دائرة أصدقاء وزملاء جديدة، والمرضى بالفعل بعد ما يقضوا معانا فترة من الوقت بيقولوا إحنا حاسين كأننا فى بيوتنا أو أفضل، بيحبوا المكان وبيبقوا جزء منه». المركز الطبى الذى بدأ تشغيله قبل 5 أشهر بتوقيع بروتوكول بين وزارة الدفاع والصندوق القومى لمكافحة الإدمان التابع لمجلس الوزراء كممول للتكلفة المالية اللازمة لعلاج الحالات المرضية بنظام التأمين الصحى، يضم خلية نحل تعمل لحظة بلحظة من أطباء وإخصائيين ومشرفين وإداريين وعمال ورجال أمن، عبارة عن فريق عمل ضخم يتعاون من أجل تنفيذ المهمة الكبيرة، يتكون من: 9 أطباء، و21 ممرضة، لا يتعاملن مباشرة مع المرضى، و4 مشرفين ذكور مكلفين بالتعامل المباشر معهم، و12 مشرفاً بالأقسام الداخلية، إضافة إلى 34 فرد أمن منفصلين عن قوة تأمين المستشفى الأساسية، يتولون عملية تأمين المركز على أعلى مستوى.

فى الطابق الثالث من مركز علاج الإدمان، كانت الدكتورة ريم الحسينى، رئيس قسم المعمل، تباشر عملها مع الطاقم المعاون داخل القسم المجهز بأحدث الأجهزة الطبية، تؤكد أنه فور وصول أى مريض يتولى القسم إجراء كافة التحاليل التى توضح حالته الصحية: «يعنى بنعمله تحليل دم كامل، وتحليل وظائف كبد، وفيروسات، ووظائف كلى، ولا نستعين بأى تحاليل خارجية يأتى بها المريض»، موضحة أن كل التحاليل والإجراءات يتم إجراؤها بالمجان.

منظومة العمل داخل المركز تتم بالتنسيق مع الصندوق القومى لمكافحة الإدمان، فيوضح الدكتور عبدالله أحمد، إخصائى نفسى بالصندوق، أن العملية العلاجية تتم بالتنسيق الكامل والإشراف على العلاج على مدار الأسبوع، مشيراً إلى أن يومى السبت والثلاثاء يخصصان لاستقبال المرضى بالعيادة الخارجية، والحجز يتم من خلال الخط الساخن 16023، أو الحضور للمركز مباشرة، ويتم الكشف والعلاج مجاناً، أما المرضى الذين يتابعون خلال مرحلة الرعاية النهارية، وهى المرحلة الرابعة فى خطة العلاج، فيتم الكشف عليهم أسبوعياً كل يوم أربعاء.

{long_qoute_3}

ويضيف: «باقى الأيام نباشر عملنا مع المشرفين، وخلال الخمسة شهور تم تكريم فيها 15 متعافياً تم علاجهم داخل المستشفى ولكن ما يميزهم عن غيرهم حصولهم على نسب وتقديرات أعلى من غيرهم من المرضى، وكان التكريم بحضور وزيرة التضامن ومحافظ الإسماعيلية»، وتابع الإخصائى النفسى أن الصندوق أخذ على عاتقه علاج العديد من المدمنين، إلا أن ما يميز طبيعة العلاج بالمركز الطبى التابع للقوات المسلحة «أن الأموال التى ينفقها الصندوق تؤتى ثمارها بصورة أسرع وأفضل بعد بذل جهود واضحة نظراً لأن نظام التأهيل مختلف ومتطور عن غيره من الأماكن، وهناك مستوى عالٍ جداً من الكفاءة والنظام والدقة والالتزام بتعليمات البرنامج دون وساطة أو عدم تنظيم على الإطلاق».


مواضيع متعلقة