بروفايل| سيد حجاب.. شعر الأيام الأولى في أحضان "المقاومة"

كتب: شريف حسين

بروفايل| سيد حجاب.. شعر الأيام الأولى في أحضان "المقاومة"

بروفايل| سيد حجاب.. شعر الأيام الأولى في أحضان "المقاومة"

بعد ابنها البكري الذي سُمي صلاح، ظلت الأم تحاول إنجاب ابن ذكر آخر إلا أن كل تجارب حملها كانت تسفر عن إناث، تهذب لدير الشهيد العظيم مارجرجس بميت دمسيس بمحافظة الدقهلية، وتذهب لمسجد السيد البدوي في طنطا، وفي حملها التالي يزورها "البدوي" في المنام، ويبشرها بغلام، يصير بعد عشرات السنوات، أحد أعلام شعر العامية في مصر.

سيد حجاب، المولود في 23 سبتمبر عام 1940 عرف الشعر منذ سنواته الأولى، ولم يكن كعادة الشعراء الذين يفتحون أعينهم على قصائد عاطفية تتناول حبيبة غائبة أو منتظرة، وإنما انفعل في بداية حياته بقضية مصر الأكبر في ذلك الوقت، وهي الاحتلال الإنجليزي، فخرج في وقفات صامتة ومظاهرات مقاومة للاحتلال وهو في الـ 11 من عمره، ومن تلك الوقفات والمظاهرات انطلقت أولى قصائده التي ترثي الشهيد الطفل نبيل منصور.

ولم يكن الطفل سيد، يعلم أن ما يكتبه سوى "لعب عيال" حتى جلس مع أبيه الذي عرفه على ماهية "الموهبة"، قال له إنه شاعرٌ بالسليقة وأنه ينبغي استخدام موهبته في حمد الله، بالإضافة إلى ضرورة دراسة علم العروض حتى يمنح موهبته الفطرية بعدا آخر، وبعدها، ظل الأب لثلاث سنوات كاملة مواظبا على تعليم ابنه أوزان الشعر بعد احتساء قهوة العصر.

انضم حجاب، في سن العاشرة تقريبا، إلى شعبة الدعاة في المطرية، كشبل من أشبالهم، الذين يخطبون في المساجد بعد انتهاء الصلاة، لينال وقتها لقب "الشيخ سيد".

ويعد حجاب، تلميذا مباشرا للكبير صلاح جاهين، الذي قدمه للجمهور كشاعر للمرة الأولى من خلال باب "شاعر أعجبني" بمجلة "صباح الخير"، وتنبأ باحتلاله مرتبة مهمة في شعر العامية في مصر.

وبالفعل، ظل حجاب ينشر قصائده ودواوينه منذ بداية الستينات وحتى بدايات الألفية، جنبا إلى جنب مع كتابة الأغاني وتترات المسلسلات التلفزيونية، والتي ظلت عالقة بالأذهان لسنوات طويلة حتى أصبحت تراثا فنيا حقيقيا كأغاني تترات "ليالي الحلمية"، "المال والبنون"، "أرابيسك"، و"بوابة الحلواني".

وكأغلب مبدعي الستينات والسبعينات، عانى حجاب من تجربة الاعتقال عام 1966 ووجهت إليه نفس التهمة التي طالت الآخرين، وهي الانضمام لتنظيمات شيوعية معادية لدولة جمال عبدالناصر، فيما كانت مطالب هؤلاء الشباب أن يبني ناصر دولة ديمقراطية حقيقية، لا أن يحتكر العمل السياسي فيها ويغلق بقية الأفواه، فيما كان اعتقاله في زنزانة واحدة مع صديقة عبدالرحمن الأبنودي.

ويمتاز شعر حجاب ببساطة مدهشة وكلمات شديدة الصلة بلغة الأحاديث اليومية، مع نهايات مفاجئة تحمل دفقة المعنى والإحساس دفعة واحدة، كما تتميز جمله الشعرية بموسيقى داخلية شديدة الوضوحة.

وغيّب الموت الشاعر سيد حجاب، عن عمر ناهز 78 عاما، بعد صراع طويل مع المرض، حيث نُقل إلى مستشفى المعادي العسكري، إثر تعرضه لوعكة صحية شديدة أمس بعد رحلة علاج طويلة بفرنسا.

 


مواضيع متعلقة