نائب وزير الخارجية السورى: السعودية وقطر متورطتان فى المؤامرة على سوريا بتعليمات أمريكية

نائب وزير الخارجية السورى: السعودية وقطر متورطتان فى المؤامرة على سوريا بتعليمات أمريكية
- أنحاء العالم
- إثارة البلبلة
- إدارة أوباما
- إسرائيل ت
- إعلام الغرب
- اتهامات ا
- الأراضى السورية
- الأزمة السورية
- الأسد و
- الأغلبية البرلمانية
- أنحاء العالم
- إثارة البلبلة
- إدارة أوباما
- إسرائيل ت
- إعلام الغرب
- اتهامات ا
- الأراضى السورية
- الأزمة السورية
- الأسد و
- الأغلبية البرلمانية
السعودية ودول الخليج لا تدفع مليماً واحداً إلا بعد موافقة المخابرات الأمريكية وقيادات الدول الغربية الأخرى
استطعنا الوصول لأهدافنا فى معركة حلب بفضل الدعم الذى تقدمه لنا الدول الصديقة والشقيقة
«18 يوماً فى تونس ثم رحل النظام، و18 يوماً آخر فى مصر، ثم رحل النظام، وبعدها غزو عسكرى لليبيا، انتهى بسقوط النظام أيضاً، بينما تكافح سوريا فى المواجهة منذ 6 سنوات»، هكذا لخص نائب وزير الخارجية السورى، الدكتور فيصل مقداد، 6 سنوات فى مواجهة عصابات «داعش» و«القاعدة» المدعومة خارجياً، لتنفيذ ما وصفه بـ«المؤامرة الصهيونية»، لإسقاط العرب فى الفوضى.
{long_qoute_1}
بطول 900 كيلومتر، تمتد الحدود بين سوريا وتركيا، وهى مسافة كانت كافية لأن تستغلها الحكومة التركية فى الدفع بـ350 ألف إرهابى، للدخول فى مواجهات مسلحة مع الجيش العربى السورى على مدار 6 سنوات، حسبما يقول المقداد، مؤكداً ثقته فى «وقوف إسرائيل خلف كل ما حدث فى المنطقة، لأن ضرب جيوش سوريا ومصر، وقبلها العراق، عند الغزو الأمريكى، هو هدف صهيونى قائم منذ قيام إسرائيل نفسها».
فى حواره مع «الوطن» أكد مقداد أن فوز الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الانتخابات الرئاسية المصرية، بعد عزل جماعة الإخوان عن الحكم، أعاد لمصر الأمل، «لأن الجماعة هى وجه الظلام فى المنطقة، فالتنظيم مرتبط بالولايات المتحدة، والمخططات الغربية، وكانت الإدارة الأمريكية السابقة تعتزم تكليف الإخوان ومن يقف معهم بإخضاع الأمة العربية لمخططات إسرائيل».
■ بداية، كيف وصلت سوريا إلى الأوضاع الحالية؟
- منذ بداية الأزمة فى عام 2011 لم تكن الأمور سهلة، خاصة أن التحضير لها بدأ منذ وقت طويل، فنحن كنا نعرف أن معسكرات التدريب كانت قائمة فى الأردن، ونعرف أن الكثير من الأسلحة دخلت سوريا قبل 2011، ونعرف أن المخطط كان يجب أن يشمل المنطقة كلها، فالمؤامرة بدأت فى تونس، حيث استمر الوضع 18 يوماً قبل أن يرحل نظام زين العابدين بن على، ثم انتقلت إلى مصر، واستمر الوضع حتى رحل نظام مبارك.
بعد تونس ومصر، جاء غزو ليبيا، فتفتتت أمام أعيننا جميعاً، وأصبحت حالياً أكبر خطر مباشر على الأشقاء فى مصر وتونس والجزائر، وباقى دول المنطقة، حيث ينتشر الإرهاب هناك، فى ظل غياب السلطة أو الدولة المركزية، وفى هذه الأثناء تصاعدت الهجمات على سوريا، وأدخلت الحكومة التركية ما يزيد على 350 ألف إرهابى عبر الحدود الفاصلة بين البلدين، والممتدة بطول 900 كيلومتر، وكان المستهدف هو ضرب الدولة والنظام والجيش العربى السورى.
■ بوضوح، من يقف وراء ذلك؟
- أثق أن إسرائيل تقف خلف كل ما حدث فى المنطقة، لأن ضرب جيوش سوريا ومصر وليبيا والجزائر وتونس هو هدف صهيونى قائم قبل قيام إسرائيل نفسها، بالإضافة إلى ضرب الجيش العراقى بعد الغزو الأمريكى فى عام 2003، فالآن وجدت إسرائيل الظروف المناسبة على الساحة الدولية لتنفيذ هذا المخطط.
■ كيف ترون دور جماعة الإخوان المسلمين فى هذا المخطط؟
- منذ البداية، كنا ضد مجىء الإخوان إلى الحكم فى مصر، لذلك اعتبرنا أن فوز الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الانتخابات الرئاسية التالية لإسقاط حكم الإخوان أعاد الأمل إلى مصر، لأن «الإخوان» هم وجه الظلام فى هذه المنطقة، فضلاً عن ارتباطهم بالولايات المتحدة، والمخططات الغربية فى المنطقة، فالإدارة الأمريكية السابقة كانت تعول على الإخوان ومن يقف معهم فى إخضاع الأمة العربية للمخططات الإسرائيلية، هذه الصورة كانت واضحة لنا منذ البداية، لذلك كان لا بد من مواجهة هذه المخططات، وإقناع الدول الغربية وإسرائيل والولايات المتحدة بأنها لا تستطيع أن تنفذ ما تريد فى المنطقة العربية على هواها، لخدمة أهداف إسرائيل. {left_qoute_1}
■ هل يمكن تحديد زمن محدد لبدء هذا المخطط؟
- بعد قضاء الغرب على المعسكر الاشتراكى، وانهيار الاتحاد السوفيتى فى بداية التسعينات من القرن الماضى، ساد توجه عالمى بأن المنطقة العربية هى البقعة الوحيدة فى العالم التى بقيت دون تغيير، وحين أقول ذلك، لا أقوله على سبيل التأمل أو فى إطار التحليل السياسى، وإنما هذا ما كنا نسمعه فى الأمم المتحدة كل صباح، كنا نسمع ممثلى الدول الغربية فى الأمم المتحدة يؤكدون لنا أن التغيير مقبل لهذه المنطقة، لكن ليس التغيير الذى تريده الجماهير، فنحن مع ما تريده الجماهير فى الأقطار العربية كافة، ولسنا مع خداع الجماهير، وإيصال من يريده الغرب إلى الحكم، فهل كان الشعب المصرى يريد وصول الإخوان المسلمين ومحمد مرسى إلى الحكم؟ بالتأكيد لأ، لكن التضليل، وانشغال الشعب بتحليل ما حدث، وعدم وضوح الصورة آنذاك، أدى إلى وصول مرسى للرئاسة، وأن يتجرأ على قطع العلاقات مع الجمهورية العربية السورية، دون المساس بالعلاقات القائمة مع إسرائيل، فما هذا التناقض!
■ إذاً تحملون «الإخوان» الجزء الأكبر من المسئولية عما وصلت إليه المنطقة؟
- لا يمكن تبرئة الإخوان من الكارثة التى حلت بمصر خلال عدة أشهر، ونحن نعتز بموقف الشعب المصرى، الذى أزاح هذه الكتلة عن صدر مصر والعرب، لأنها كانت بداية انكسار مخطط استيلاء الإخوان على الأوضاع فى المنطقة العربية بالقوة، فالجماعة لها جذور وهابية وامتدادات إرهابية، والقاعدة من الإخوان، وداعش من الإخوان، وجبهة النصرة من الإخوان، كما أن ارتباطات الجماعة ومقراتها الدولية معروفة فى كل دول العالم بالتآمر على العالم، الحقيقة أن هذا الأمر ليس اكتشافاً جديداً، فنحن فى معركة «الإخوان» منذ نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضى، ووقتها كانت الدماء تسيل فى شوارع دمشق، وكنت من المستهدفين آنذاك، لكن الله أبعد عنا شر هذا التيار الذى يتخذ من الدين غطاء له، فالدين للجميع، ويجب أن يمارس كل فرد فى مجتمعاتنا، سواء فى سوريا أو مصر، الدين كما يراه، ويجب ألا يستخدم الدين كوسيلة للوصول للسلطة، وتلبية الغايات الغربية والصهيونية، وأنا أكرر، نحن نمر بمرحلة صعبة، وهى لم تنته، فإذا كانت جولة انتهت فى حلب والحمد لله، فإننا بفضل الدعم الذى تقدمه لنا الدول الصديقة والشقيقة، استطعنا الوصول لأهدافنا فى هذه المعركة، لكن أعود لأقول إن التحدى حول حلب ما زال قائماً، بمعنى أن النصر يجب تحصينه، لأن جبهة النصرة وداعش ما زالت موجودة وقريبة من حلب شرقاً وغرباً، لذلك يجب تعزيز هذا النصر، لحماية هذا الإنجاز الكبير، ما سنسعى له خلال الفترة المقبلة.
■ منذ أيام ارتكبت القوات التركية مجزرة فى ريف حلب، ما الرد السورى على التدخلات التركية؟
- نحن نقول إن القوات التركية هى قوات احتلال، وإن وجودها على الأراضى السورية هو عدوان، وإن عليها أن تنسحب من الأراضى السورية فوراً، لأن وجودها داخل أراضينا غير مبرر، ونحن كحكومة سورية مسئولون عن حماية أمن واستقرار واستقلال وسيادة سوريا، ونقول إن هذا العمل التركى يجب أن ينتهى.
■ قلت إن ممثلى الدول الغربية فى الأمم المتحدة كانوا يتحدثون منذ زمن عن حتمية التغيير فى الدول العربية، فهل اجتمع العرب ليتدارسوا حول مواجهة هذا الطوفان؟
- فى لقاءات القمة العربية التى حضرها الرئيس بشار الأسد، سواء فى قطر أو ليبيا، كان يشير دائماً إلى هذه المخاطر التى تحيط بنا جميعاً، لكننا وجدنا أن بعض الأنظمة العربية متورطة فى هذه المؤامرة، وعلى سبيل المثال الأنظمة الخليجية، فالسعودية متورطة حتى أذنيها، وكذلك قطر، وبينما كنا نحاول جمع الشمل العربى كان الآخرون يتآمرون علينا، لأنهم كانوا يعتقدون أن تنفيذ التعليمات الأمريكية أولوية بالنسبة لهم، وهم لا يعملون بإخلاص فى أى إطار عربى، سواء فى الجامعة العربية، أو منظمة التعاون الإسلامى، ولا فى إطار الاجتماعات المتخصصة، وإنما يعملون لتنفيذ المخططات الغربية، لذلك قدموا ملايين الدولارات لإنجاز هذه المهمة، وأعتقد أن قطر قدمت المليارات للإخوان مثلاً، بهدف إثارة البلبلة فى مصر، والحفاظ على نظام محمد مرسى، وحتى الآن ما زالت تتحفظ على القيادة المصرية المنتخبة من جانب الشعب المصرى، ما لاحظته أن كل مناقشة جدية لهذه الموضوعات فى أى قمة عربية كان يتسبب فى إنهائها، بمعنى أنه عندما يلقى بعض القادة، ومنهم الرئيس بشار الأسد كلمات بهذا الشأن، وينجحون فى لفت الانتباه إلى المخاطر المحتملة، ويجدون تعاطفاً، كانت القمم العربية تدخل نفقاً مظلماً، وكنا ندخل فى تفاوض داخل اجتماعات القمة، وكأننا لا نتفاوض مع عرب، وإنما نتفاوض مع دول غربية.
بالمناسبة، قبل كل قمة عربية كانت التعليمات الأمريكية تصل مكتوبة إلى بعض الوفود على شكل نقاط حديث، والمخجل فى ذلك أننا كنا نطلع عليها، رغم أن الإدارة الأمريكية لا تتواصل معنا، ولم تجرؤ على إرسالها إلى القيادة السورية أو الوفد السورى، حيث كنا نطلع عليها مع وفود أخرى، وبعض هذه الوفود كانت تنفذ «النقاط الأمريكية» بطريقة حرفية أو لنقل بطريقة «غبية»، بينما كان البعض الآخر ينفذها بطريقة أذكى.
{long_qoute_2}
■ هل تذكر لنا أمثلة على هذه المواقف؟
- كنا نسمع أن بعض مشروعات القرارات التى اعتمدتها الجامعة العربية ضد سوريا تصل بالنص الإنجليزى، وتوزع على الوفود بالنص الإنجليزى، دون أن تصل الترجمة، فكان عليهم اعتماد هذه القرارات بسرعة، وكانت سوريا عقبة أمام إصدار هذه القرارات، لذلك كان هناك غضب عارم على سوريا من أنظمة الخليج، والمكلفة بحمل نقاط الحديث هذه، بالإضافة إلى أنظمة أخرى تحاول فرض هذه القرارات، لكنها لا تستطيع تنفيذ أى منها، لأن سوريا كانت موجودة، والأكثر من ذلك عندما يكون الموقف سورى - مصرى مشترك، ونحن نأسف حتى الآن لأن إرث محمد مرسى تم القضاء عليه بالكامل فى مصر، عدا قرار واحد هو قطع العلاقات مع سوريا.
■ هل ابتعد عنكم العرب الآن أم زادوا قرباً؟
- نحن لا نقول من ابتعد عن من، لكن بعض الأنظمة العربية تحاربنا، والمسألة لا تتعلق بالبعد الاستراتيجى، فنحن العروبة فى ضميرنا وقلوبنا، ولن نبتعد إطلاقاً عن العرب، رغم العتب فى البعد الدبلوماسى، ورغم قناعة بعض المواطنين، الذين قالوا نحن نقدم للعرب كل ما يريدون فلماذا يقتلوننا؟ فهذه المسألة مطروحة على الشارع السورى الآن، ويعمل الرئيس بشار الأسد والقيادة السورية والقوى الوطنية التقدمية لإقناع المواطن بأن ما حدث هو تآمر من جانب الأنظمة وليس الشعوب، الكثير من الأنظمة العربية متآمر بالفعل على سوريا، فلا أستطيع قول إن الجزائر مثلاً متآمرة على سوريا، وأستطيع القول إن القيادة فى مصر تبذل الآن مجهوداً لعدم تشجيع الدول الأخرى على اتخاذ قرارات ضد سوريا، فالقرارات الأخيرة فى الجامعة العربية كانت أقسى علينا من القرارات الإسرائيلية، والدعوة إلى اجتماع الجامعة العربية لاتخاذ قرارات ضد سوريا كانت كويتية بضغط سعودى، نحن نأسف لأن الدول القادرة على التغيير وصلت لهذه الحالة، فلم تبذل أى جهد رغم معرفتها أن الإرهاب الذى يضرب سوريا سيضربها لاحقاً، وأتحدث هنا عن كل الذين لم يخجلوا من طرح الحقيقة الناصعة أمام الجامعة العربية، وبعض الدول تقول لنا كلاماً فى السر خلاف ما تقول فى العلن، ويقول الجميع إن السعودية تضغط لأنها قدمت مليارات الدولارات لشراء مواقف هذه الدول، ولا أريد أن أقول من هى هذه الدول، لأنها تعرف حالها.
■ لو سمحت لى أن أتقمص دور محامى الشيطان، أقول لك إن المواطن الغربى أو الإندونيسى أو الباكستانى البعيد عن ساحتنا عندما يرى مواقف الدول العربية كلها ضد سوريا سيعتبرها مخطئة.
- هذا صحيح، وتطرحه بشكل دقيق، فلا شك أن القرار العربى الآن أصبح رهيناً للفكر الوهابى، وابتزاز القيادة السعودية للعرب، بما تقدمه تحت عنوان المساعدات، حيث تفقر هذه الدول ثم تأتى لمساعدتها بالتعاون مع أمريكا وإسرائيل والدول الغربية، فتأتى هذه المساعدة كأنها الفرج لهذه الدول، رغم أن العرب من حقهم أن يستفيدوا من المساعدات الغربية أو الآتية من كل أنحاء العالم، وما أود قوله إن السعودية وغيرها من دول الخليج لا تدفع مليماً واحداً إلا بعد موافقة المخابرات الأمريكية وقيادات الدول الغربية الأخرى عليها.
■ هل تشعرون بالمرارة من المواقف العربية؟
- بالطبع، فالقيادات العربية خانت شعوبها، وخانت سوريا، بينما حلفاؤنا لم يخونونا قط، وحماس لم تكن حليفتنا، وفى الطريق إلى القدس سندعم كل من يناضل معنا فى هذا الاتجاه، ونعتقد أن كل المشكلات والبلاء الذى يحل بمصر، ويحل بسوريا، ويحل بكل العرب، سواء السودان أو العراق سببه إسرائيل، كنا نعتقد أن حماس حركة مقاومة وطنية فلسطينية، لأنها تدعى مواجهة إسرائيل، وأننا يجب علينا دعمها من منطلق السياسة، لكن الحقيقة أن حماس خانت أهدافها، وأنا هنا أتحدث عن قيادات الحركة، وليس عن الشعب الفلسطينى وجماهير حماس، فالقيادات فضلت أن تذهب إلى دولة مثل قطر على حساب علاقتها مع أطراف المقاومة الأخرى ضد إسرائيل، ولا أرى أى مبرر لحماس على الإطلاق فى معاداة سوريا أو مصر، ولا دعمها للإخوان المسلمين، ولا يحق لحماس أن تنتقد مصر مهما فعلت معها مصر، لأن كل العرب بذلوا جهوداً هائلة لإبراز دور المقاومة الفلسطينية، والسؤال الآن هو هل تمارس حماس أى دور فى المقاومة الآن؟ نحن نختلف مع من يقول إن حماس ما زالت تقاوم فى هذا المحور. {left_qoute_2}
■ العتب السورى على مصر كبير، لماذا؟
- العتب يكون بمقدار المحبة كما يقولون، وأنا لا أقول إنه عتب، ولا أتحدث عن هذا الجانب، ولا أريد إحراج مصر على الإطلاق، فهناك إشارات إيجابية، وأعتقد أن الدور المصرى تغير، والمطلوب من مصر أن تكون فى المركز، مثلما كانت دائماً فى قلب الموقف العربى، وأثق أنها ستقوم بذلك فى الظروف الحالية وفى المستقبل، ولا أريد أن أوجه أى انتقادات لأى سياسات، لأن هذه العملية يجب أن تتم داخلياً، الآن نحن متفائلون بعودة الأمور إلى نصابها، وبأن تقود مصر فعلاً العرب إقليمياً ودولياً، فإذا كنا أقوياء بمصر، لا يمكن لتركيا أن تلعب دوراً فى سوريا، ولو كانت سوريا بقوتها لما كان ممكناً للولايات المتحدة وأوروبا أن تتآمر على مصر، وأن تفرض الإخوان عليها، يجب أن نتحدث بصراحة، ويجب أن نؤشر على الأطراف العربية التى تتعامل الآن أمام العالم بشكل مكشوف.. هناك علاقات مقطوعة بين بعض الدول العربية وسوريا، بينما هذه العلاقات تسير بشكل قوى مع إسرائيل، وهناك واقع عربى مرير، فلو كانت سوريا بقوتها، وخارج هذه الأزمة، لما كنا نواجه مثل هذه التحديات المصيرية الحالية، التى إن استطاع البعض النجاة منها الآن، فإنهم لن ينجو منها فى المستقبل، لأن هذه التحديات قنبلة موقوتة فى كل بلد عربى، وكل جسم عربى، وكل إنسان عربى، وعلينا أن نواجهها الآن، بدلاً من الاستمرار فى دفع الكثير من التضحيات.
■ لماذا الفتور فى العلاقات المصرية - السورية الذى يظهر فى عدم وجود سفير مصرى بدمشق؟
- الحديث هنا ليس عن عدم وجود سفير، وإنما عن مستوى التمثيل الدبلوماسى بين مصر وسوريا، فالقرار الذى اتخذه محمد مرسى كان بقطع العلاقات الدبلوماسية، وإغلاق السفارات، ونتيجة لبعض الجهود اللاحقة، قالت المؤسسات المصرية المعنية لمرسى إنه لا يمكن قطع العلاقات، فتم الاكتفاء بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسى إلى المستوى القنصلى، بمعنى أن التمثيل السورى فى القاهرة الآن هو على المستوى القنصلى، وتوقيع جوازات السفر ومعاملات الولادة والوفاة، وكذلك الأمر بالنسبة للتمثيل القنصلى المصرى فى سوريا، ونتيجة لممارسات مرسى اضطررنا إلى أن نكتب على أوراقنا فى القاهرة القنصلية السورية، وفى سوريا تكتب السفارة المصرية بدمشق، لأننا لا نؤمن بتخفيض أو قطع العلاقات، وأملنا هو إعادة العلاقات المقطوعة، ونحن جاهزون.
■ لكن أكبر حلفائكم، العراق وإيران ولبنان، لديهم نفس الوضع على المستوى الدبلوماسى!
- سفارات هذه الدول الثلاث ما زالت مفتوحة فى دمشق، ولبنان لديها تمثيل على مستوى السفارة، لكن الموجود فيها هو قائم بالأعمال، ونحن لسنا أقل عتباً على لبنان من مصر، فهل الأوضاع فى لبنان تقتضى ذلك؟ والعراق أيضاً نفس الحال، لكن لدينا سفير فى بغداد، والحكومة العراقية قادرة فى أى لحظة على إرسال سفير إلى دمشق، وبالمناسبة أرسلت الحكومة العراقية سفيرها منذ عدة أشهر، أما إيران فسفيرها فى دمشق نقل منذ شهرين، وهناك وقت للاستبدال خلال مرحلة انتقالية، أما الحكومة المصرية فلن تقبل بإرسال سفير سورى إلى القاهرة، لأن مستوى التمثيل الدبلوماسى على مستوى قنصل وليس سفيراً.
■ مؤخراً، قال الرئيس الأسد إن هناك تنسيقاً مع مصر، كما تم الإعلان عن زيارات متبادلة بين الجانبين.
- عندما توافق الحكومة المصرية على رفع التمثيل إلى مستوى السفير، سننظر وقتها فى إرسال سفير إلى القاهرة، لذلك أنا لا أتحدث بشكل مفصل عن العلاقة بين مصر وسوريا، حتى لا نؤذى الأشقاء فى مصر، ونسبب لهم مشكلات، فالحقيقة التى يجب أن يعلمها الجميع، كما قلت من قبل، أن العدو الذى نواجهه فى سوريا هو جماعة الإخوان، و«داعش»، وجبهة النصرة، وتنظيم القاعدة، والمجموعات الإرهابية المرتبطة بهم، وجميعها مدرجة على لوائح مجلس الأمن كمنظمات إرهابية، وهى نفس المجموعات التى تنفذ العمليات الإرهابية فى مصر، لذلك نقول إن التنسيق الذى تم بين مصر وسوريا كان مطلوباً فى إطار مكافحة الإرهاب، ونحن نتطلع إلى التنسيق مع مصر فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية.
■ فى أحد خطاباته، قال الرئيس السيسى إن التنسيق مع سوريا لم يتوقف فى أى وقت، حتى خلال فترة حكم مرسى، فهل المقصود هنا التنسيق الأمنى؟
- إذا نظرنا إلى خطب الرئيس السيسى فى كل مكان، سواء الأمم المتحدة أو المناسبات الأخرى، سنجد أن موقفه إيجابى ويستحق التقدير، وكذلك الموقف المصرى فى مجلس الأمن الآن ننظر إليه بشكل إيجابى، ولا نريد أن تستغل دول أخرى هذا الأمر فى زيادة تحالفاتها مع القوى الإرهابية الراغبة فى الإخلال بالأمن المصرى.
نحن نقف مع مصر فى محاربتها للإرهاب، وأعتقد أن التنسيق بيننا على أعلى المستويات، فالتنسيق مطلوب، وكان الإعلان عن الزيارة الأخيرة لرئيس مكتب الأمن القومى الوطنى السورى للقاهرة، اللواء على مملوك، يصب فى هذا الاتجاه الذى أتحدث عنه، ونحن متفائلون بذلك.
■ نعرف أن هناك لجنة أمنية مصرية رفيعة المستوى وصلت إلى الشام بشكل غير معلن فى الأسابيع الماضية.
- بصراحة لا أتابع الأمور الأمنية، ولا أدرى إذا كانت هناك لجنة أمنية مصرية حضرت أم لا، لكننى لا أستغرب ذلك، لأن هناك وعياً مشتركاً بين البلدين، وننسق عملنا حتى فى قرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب فى أى مكان، وهذا أمر ممتاز.
{long_qoute_3}
■ هل هناك رصد لعدد الإرهابيين الموجودين فى سوريا من ذوى الأصول المصرية؟
- هناك إرهابيون من مصر قدموا إلى سوريا، ونحن لا نعتبر أنهم مرسلون من جانب الدولة المصرية لسوريا، فهؤلاء الإرهابيون يرتبطون بالتنظيمات الإرهابية التى تعمل على قتل الشعب المصرى، والحقيقة لا توجد لدينا أرقام معلنة بأعداد الإرهابيين المصريين داخل سوريا، رغم أن هناك معلومات أكثر عن الإرهابيين من حاملى الجنسية التونسية، ومن يتم ضبطه لا يتم تسليمه إلى بلده.
■ بصراحة لا تريد مصر ولا تونس أن يعود الإرهابيون من سوريا، فكيف تتعاملون مع هذه الأزمة؟
- هناك التزامات دولية للجميع، فنحن سنكافح الإرهاب فى سوريا، وكل الدول التى تساعدنا تعرف أنها تساعدنا حتى لا يرجع الإرهاب إليها، وأنا أطالب بأن يكون هناك المزيد من التنسيق مع هذه الدول، مثلما فعلت روسيا وإيران ودول وتنظيمات أخرى، مثل حزب الله، فهو يعرف أنه إذا لم يحارب الإرهاب فى سوريا، سينتشر وينفجر فى كل الأطراف اللبنانية، وضد كل الفئات، بغض النظر عن الدين، لأن الإرهاب لا يميز بين دين ودين، ولا يفرق بين مذهب ومذهب.
الإرهاب لا يريد إلا تحقيق الانتصار لنفسه، لذلك يجب على كل الدول التى تعتقد أنها غير مستهدفة من الإرهاب أن تعرف خطأها، ويجب عليها أن تنسق معاً من أجل القضاء على الإرهاب، وبعض الدول طلبت من سوريا تسلم الإرهابيين، ونحن ننظر فى هذه الطلبات، بينما الآخرون لم يطلبوا، أما عن مصر وموقفها، فلن أتحدث عن طلب أو عدم طلب تسليم الإرهابيين، لأن الأمر ما زال فى إطار المباحثات بين الأجهزة المعنية، وليس فى وزارة الخارجية.
■ ما مستقبل العلاقات بين مصر وسوريا فى نظرك؟
- مستقبل العلاقات المصرية - السورية لا يخيفنى إطلاقاً، لماذا؟ لأن الشعب السورى يحب الشعب المصرى، كما أننا كنا دولة واحدة، ولا أحد يستطيع أن يخفى هذه المحبة عندما قضى الشعب المصرى على وجود الإخوان ونظام مرسى، فهذا كان انتصاراً سورياً أيضاً، وما يحققه المصريون من إنجازات يعتبر إنجازاً لنا كسوريين.
وتحت مختلف الظروف والتطورات، قد يضطر طرف ما إلى اتخاذ إجراءات معينة، ونحن نأمل فى إطار الحرب على الإرهاب، وفى إطار تعزيز المواقف العربية، أن نقوم بالتنسيق أولاً فى مجال مكافحة الإرهاب، وثانياً فى إعادة التنسيق السياسى بين البلدين، بغض النظر على الضغوط الأخرى، ولا أعتقد أن مواقف الشعوب تخالف مواقف الحكومات.
ولو فتحنا الباب لمحاربة الإرهاب، سنجد الكثير من الشباب العربى الراغب فى المقاومة والقضاء على الإرهاب فى سوريا، وكل فترة يعلن البعض أنهم جاهزون للوقوف بجانب سوريا ضد الإرهاب، لكن الأمر يحتاج إلى دراسات كثيرة، ولا توجد لدىّ أى معلومات حقيقية عن وجود مصريين أو تونسيين أو أى جنسيات عربية أخرى تقاتل مع السوريين ضد الإرهابيين، إلا أننى لا أستغرب ذلك، رغم عدم معرفتى بوجودهم. {left_qoute_3}
■ فى السابق كان أى عربى يريد الوصول إلى سوريا يستقل الطائرة فى أى وقت، ويصل إليها دون تأشيرات، لكن اختلفت الأوضاع الآن، فعندما تصل حلب تجد خيمة إيرانية، وأخرى روسية، وأخرى لحزب الله، ولا أثر لأى وجود عربى، ألا تجد ذلك غريباً؟
- أعتقد أن هذا الأمر ليس غريباً، فهؤلاء لا يتدخلون فى شئوننا، ويبذل الأصدقاء الإيرانيون الدم لمكافحة الإرهاب بجانبنا، ونحن نرحب بذلك، ونفس الأمر بالنسبة للمناضلين من حزب الله، الذين لم يتركوا أى تضحية دون أن يقدموها لحماية سوريا، لذلك وجب علينا رد الجميل لهم وكذلك للأصدقاء الروس.
وكنت أود أن نرى كل الدول العربية تقف بجوار سوريا فى مكافحة الإرهاب، وألا تكون الحكومات العربية عنصراً لإضعاف سوريا، وعليها أن ترى ما حدث فى المنطقة العربية نتيجة إضعاف سوريا، فالبلدان العربية تتشتت وتتفتت، ولم تعد ليبيا موجودة على الخريطة، وأصبحت تشكل خطراً مباشراً على الأمن المصرى والتونسى والجزائرى، بل على الأمن فى القارة الأفريقية بالكامل، بالإضافة إلى تشويه الجماعات الإرهابية لصورة الدين الإسلامى الذى يؤمن به الكثير من أبناء الشعب العربى.
هنالك مخاطر كثيرة بسبب حالة التشرذم التى تعانى منها المنطقة، فالعرب كان يجب عليهم أن يرسلوا قواتهم إلى سوريا للمشاركة فى مكافحة الإرهاب، وليس إرسال الإرهابيين إليها لقتل أبناء الشعب السورى، وتدمير البنية التحتية التى بناها الشعب السورى بعرق أبنائه طيلة عقود طويلة.
■ دعنى أكن أكثر وضوحاً.. أنتم متهمون بقتل أبناء الشعب السورى؟
- هذه الاتهامات الموجهة إلينا بقتل الشعب السورى هى محاولة لتبرير الهجوم على سوريا، فكيف نقتل الشعب بينما الشعب هو من يدعم بقاء القيادة السياسية؟!، ومؤخراً جرت انتخابات رغم الحرب، وإن كانت هذه المزاعم صحيحة، لما كان السوريون هرعوا إلى السفارات السورية فى كل العالم للتصويت.
ففى لبنان وحدها، تقدم نحو 500 ألف سورى للتصويت فى يوم واحد، ما اضطرنا إلى تمديد الانتخابات ليوم آخر، حتى يتم السماح لهؤلاء المواطنين بأداء واجبهم بشكل ديمقراطى، حيث جاءوا ليختاروا رئيساً من 3 مرشحين، وأعطت الأغلبية الكبرى صوتها للرئيس بشار الأسد، وإذا كانت هذه الكتلة الكبيرة أعطت صوتها للأسد، فكيف الحال مع المهاجرين، الذين اضطروا لترك بلادهم، وهم أيضاً قالوا نعم للرئيس بشار الأسد.
وعلينا أن نرجع إلى السوريين الذين ذهبوا إلى جمهورية مصر العربية للإقامة، حتى نسألهم عما قالوه فى الانتخابات الرئاسية السورية، إذا سألتهم سيكون نفس الرد، لذلك لا يمكن لقيادة لا يدعمها الشعب أن تبقى فى الحكم، كما هو الحال فى سوريا، فالشعب السورى فى الداخل والخارج يدعم الرئيس بشار الأسد.
■ كيف رأيت صورة الطفل السورى الذى خرج من تحت الأنقاض نتيجة لقصف قوات النظام؟
- هذه كارثة بالنسبة لكل طفل سورى، فالإعلام ركز على هذه الصورة، لكن لم يركز على آلاف الأطفال الذين قتلوا فى عمليات إرهابية داخل البلاد، وفى منازلهم وقراهم، بالإضافة إلى تجنيد بعضهم للخدمة العسكرية ضمن صفوف التنظيمات الإرهابية، ألم تسمعوا عن الإرهابى الذى أرسل طفلته إلى قسم الشرطة لتفجيره، وهو قريب منا الآن، لأنه يسكن فى حى الميدان.
هذه هى ممارسات الإرهابيين، ألا يكفى الدعاية الإعلامية العالمية عاراً أنها لا تدين منع الإرهابيين للمياه عن نحو 8 ملايين نسمة فى دمشق، فالناس هنا لا يجدون الماء، وذلك لأن الإرهابيين، أصدقاء الغرب، أو المدعومين من الغرب والأنظمة الحاكمة فى الرياض والمنطقة العربية، يسيطرون عليها، هذه صورة حقيقية للإجرام، ونحن نأمل ونحث الأشقاء فى مصر، حكومة وشعباً وقيادة، على الانتباه إلى هذه المخاطر، التى تشكلها هذه الفئات، وتشكلها السعودية، عندما لا يروق لها أى نظام لحاكم شعبى يقود وطنه بعيداً عن المصالح الغربية فى المنطقة.
■ شاهدت آلاف المنازل فى الحى الشرقى لحلب تحولت إلى ركام، من المسئول عن هذا؟
- الإرهابيون هم المسئولون عن ذلك، لأنهم هم الذين دمروا حلب، فقبل توجه قوات الجيش العربى السورى إلى شرق حلب، ذهب وفد من الأمم المتحدة، وعرض تقديم مساعدات إنسانية للسكان، وذهبوا إلى أحد المراكز القيادية هناك ليوزعوا المساعدات، وكان مركزاً تابعاً لإحدى الجهات المسلحة، وهو مستشفى حلب للعيون، وهناك لم يجد الوفد الأممى أى أثر يدل على كونه مستشفى، سواء من المعدات أو الأطباء أو العاملين، فكل ما فيه تعرض للنهب على يد الإرهابيين، الذين استولوا على المعدات، وصدّروها إلى تركيا، والبعض باعها فى السوق المحلية، ثم حولوا المستشفى إلى مقر لهم، وقبل الخروج منه دمروه تماماً.
لا تصدقوا الإعلام الغربى، نحن نراها حرباً على سوريا، فهل كان يجب أن نستسلم حتى تستسلم «جبهة النصرة» و«داعش» سوريا؟، ولو استسلمت سوريا لسقطت كل المنطقة العربية، فهذا هو الهدف، لذلك سخّرت إدارة أوباما كل ما لديها من إعلام وحكومات لتشويه صورة النظام السورى، وهل يمكن أن تتصور أن مجلس الأمن يجتمع مرتين فى اليوم الواحد من أجل مناقشة الوضع فى سوريا؟، لماذا لا يناقش الوضع فى ليبيا أو الوضع فى اليمن أو فى أجزاء أخرى من العالم؟.. لأن أمريكا وفرنسا تريدان ذلك، وطبعاً سينتهى نظامها بسبب المشكلة السورية، ففى أمريكا جاء «ترامب» ليحكم، كما يريد الرأى العام فى أوروبا حلاً للمشكلة فى سوريا.
■ إذاً لا ترى أى مسئولية على الحكومة السورية فى هذه الأوضاع؟
- نحن لسنا مسئولين عن قتل بعض أبناء الشعب السورى أبداً، فالحكومة السورية لا تريد ذلك، ولم يكن على أجندتها أن تقتل إنساناً بريئاً، هل كان هناك قتل لمواطنين قبل هذه الأحداث فى 11 مارس 2011؟، هل كانت الحكومة السورية تقتل الشعب؟، الحقيقة أن المسئول عن قتل الشعب السورى 350 ألف إرهابى أتوا لقتل أبنائنا، وهذا الرقم وفق تقدير مركز ألمانى يشير إلى أن التقديرات الألمانية الرسمية تؤكد أن الذين دخلوا سوريا بشكل غير مشروع عبر الأراضى التركية يدور فى إطار هذا الرقم، وطبعاً الكثير دخل عبر الحدود الأردنية، والآن هنالك إجراءات لوقف ذلك، ونأمل أن يكون الجانب الأردنى صادقاً فى التعاون معنا بهذا الشأن.
■ الرئيس الأسد قال «رغم أن هناك خروقات، لكننا نتمسك بالهدنة»، فى رأيك ما مصير المصالحة؟
- لم يكن الهدف لدى القيادة السورية أن تستمر الحرب لهذه الفترة، ففى بداية عام 2013 طرح الرئيس بشار الأسد حلاً ومبادرة، وبصفتى مواطناً سورياً قبل أن أكون مسئولاً، أعتقد أنه فتح بذلك الباب للتوصل إلى حل للأوضاع فى سوريا، يتضمن تشكيل حكومة وطنية موسعة تمثل فيها المعارضة، ثم تتولى هذه الحكومة المؤلفة من معارضين ومستقلين بالإضافة إلى أعضاء الحكومة الحالية صياغة دستور جديد لسوريا، ويتم عرض هذا الدستور الجديد على الشعب ليوافق عليه فى استفتاء عام، وبعدها تجرى الانتخابات بشكل ديمقراطى، ومن يحصل على الأغلبية البرلمانية يتسلم الحكومة ومقاليد الأمور فى سوريا، إما منفرداً أو بالتحالف مع الآخرين.
السؤال هنا، لماذا رفضت القوى الأخرى هذا الحل؟، الآن نحن نسير فى اتجاهين متوازيين؛ الأول هو مكافحة الإرهاب، فلا يمكن أن تقف الحرب على الإرهاب، وإذا سألتنى هل يمكن وقف الحرب مع «داعش» و«جبهة النصرة»؟ تكون الإجابة هى طبعاً لا، أما الاتجاه الثانى فهو تحقيق الأمن والاستقرار وإعادة السلام من خلال المصالحات، وأى إجراءات أخرى قد تعالج هذا الوضع، وقبل معركة حلب قلنا للجميع تعالوا واعملوا معنا لحل المشكلة، وقلنا يمكن لهؤلاء المسلحين أن يذهبوا إلى أى مكان يريدون، أو أن يسلموا أسلحتهم ويبقون وكأن شيئاً لم يكن، وعفا الله عن المذنبين، أو يمكن لهم أن يخدموا فى جهاز الشرطة السورى بحلب أو البلديات الأخرى.
وأكدنا أننا على استعداد للجلوس وعقد مصالحات وطنية، بحيث لا يتأذى أبناء حلب، إلا أن كل هذه العروض تم رفضها، وفتحت المعركة التى اطلعتم على آثارها، نتيجة تدمير المسلحين لما تبقى فى أحياء حلب الشرقية، إذاً الطرف الآخر رفض الحل بتعليمات سعودية، وأقول بكل وضوح إن الإرهابيين فتحوا كل الطرق للحرب على سوريا، وهى ليست حرباً أهلية، لكنها حرب خارجية، فالسوريون لم يقتلوا بعضهم.
المجانين دفعوا المليارات لكسب هذه الحرب وفشلوا، لأن الشعب كشف حقيقة هذه الحرب، ولأن الشعب التف حول جيشه وقائده، وهذا سبب صمود سوريا، لكن من يدعى الحكمة الآن، نقول له إن المسئولين حولوا الأمم المتحدة إلى ذراع للسياسة الخارجية الأمريكية، والتى حولت مسئولى الأمم المتحدة، بمن فى ذلك بان كى مون، ومديرى الإدارات السياسية والشئون الإنسانية، إلى حليف لا يمكن الاستغناء عنه للإرهابيين.
فى معركة حلب وقفت الأمم المتحدة بكل قواها بجانب المسلحين والقتلة، ودافعت عنهم، وأصدرت البيانات فى حقهم، وأنا أؤكد الآن أن التصريحات التى أطلقها دى ميستورا، وموظفو الشئون الإنسانية فى مكتبه بجينيف، هى تصريحات لصالح الإرهابيين، فشجعتهم على قطع المياه عن دمشق، حيث أعلنوا أنهم وراء تدمير خط نقل المياه إلى المدينة، وتجمعوا أمام كل كاميرات العالم ليقولوا نحن من دمر الخط، ولا نريد أن يصل الماء لدمشق، وهم يفتخرون بذلك، وفى المقابل يأتى الرد الأممى بإصدار بيانات تتحدث عن ضرورة التحقيق فيما جرى، فلم يتجرأ أحد أن يقول كلمة واحدة ضد المسلحين.. هذه هى الأمم المتحدة، لذلك نحن نتطلع الآن إلى تغيير حقيقى وجوهرى فى مواقف الأمم المتحدة تجاه الأزمة السورية، لأنه الطريق الوحيد لحل المشكلة، أما إذا استمر دى ميستورا على هـذا النهـج، فـلن نصــل إلى نتيجة.