القائم بأعمال السفير المصرى فى دمشق: لا قوات مصرية فى سوريا.. والحكاية كلها مجرد شائعات

كتب: أسامة خالد

القائم بأعمال السفير المصرى فى دمشق: لا قوات مصرية فى سوريا.. والحكاية كلها مجرد شائعات

القائم بأعمال السفير المصرى فى دمشق: لا قوات مصرية فى سوريا.. والحكاية كلها مجرد شائعات

فى قلب المنطقة الأمنية شديدة الحراسة بوسط العاصمة السورية دمشق، يقع مبنى السفارة المصرية الفخم ذو الـ3 طوابق، لا يشوه مظهره سوى آثار قذائف وطلقات نارية طالت الأسوار الجنوبية للمبنى والملاصقة تماماً لوزارة الداخلية السورية، فالقذائف تركت حفراً فى وسط حديقة السفارة، بعدما ضلت طريقها إلى المبنى الأمنى المجاور، لكن رغم ذلك ظل مبنى السفارة محافظاً على فخامته وهيبته.

ويعمل فى مبنى السفارة المصرية بدمشق حالياً عدد قليل من الدبلوماسيين، بينهم القائم بالأعمال، محمد ثروت سليم، الذى استقبلنا بابتسامته الهادئة، قبل أن يشرح لنا طبيعة العلاقات المصرية السورية فى المرحلة الحالية شديدة الدقة.

{long_qoute_1}

■ سيادة السفير.. كيف هى الحياة فى سوريا الآن فى ظل الوضع الأمنى المضطرب؟

- بصفة عامة الوضع جيد الآن، حيث يسقط عدد محدود من القذائف يومياً، رغم أنه يبدو خطيراً، لكن الأمر أصبح الآن أفضل نسبياً من السابق، فمنذ سنة تقريباً كان معدل القذائف التى تسقط فى وسط العاصمة السورية التى تقع بها السفارة نحو 20 قذيفة يومياً، وفى يوم واحد سقطت 250 قذيفة على العاصمة، أما السفارة فهى تقع فى نطاق المربع الآمن، الذى تبلغ مساحته نحو 8 كيلومترات مربعة، ويخضع للتأمين بشكل كامل، إلا أن الأمر لا يخلو من تفجيرات.

■ شاهدنا آثار دمار على أجزاء من السفارة.. هل تم استهدافها بشكل مباشر من قبل؟

- لا، لم يتم استهدافها بشكل مباشر، لكن السفارة تقع داخل المربع الأمنى، وقرب عدة مقار أمنية، ما يجعلها عرضة للقصف العشوائى، فلا توجد منطقة فى دمشق لم تسقط عليها قذائف، ورغم ما تعرضت له السفارة من قذائف فى السابق، فإنها آمنة، فلم تكن السفارة هى المستهدفة بالقذائف الموجهة إلى منطقة المربع الأمنى، والمرة الوحيدة التى كانت فيها خطورة حقيقية كانت عند استهداف وزارة الداخلية بعملية انتحارية منذ 3 سنوات، ووقتها تعرضت السفارة لبعض الأضرار، لأن مبنى وزارة الداخلية السورية ملاصق لمبنى السفارة.

■ طبيعة العلاقات الحالية بين مصر وسوريا لم تعد مفهومة بالنسبة للمواطن.. كيف نلخصها له؟

- الموقف المصرى بشأن سوريا واضح منذ بداية الأزمة، فنحن لا نأخذ موقفاً مع طرف ضد آخر، كما أننا نعمل بشكل منفتح مع جميع الأطراف، بما يخدم الحل السياسى السلمى الدبلوماسى، ونؤكد منذ البداية أنه لا يوجد حل عسكرى للأزمة السورية، وبالتالى نعمل مع جميع الأطراف، بما فى ذلك المعارضة المعتدلة، ضمن ما يسمى منصة القاهرة للمعارضة المعتدلة، وعقدنا اجتماعين كبيرين للم شمل أطراف المعارضة المعتدلة فى القاهرة، ونواصل العمل من أجل الحل السياسى فى إطار منصة القاهرة للمعارضة المعتدلة، ومع جميع الأطراف الراغبة فى الحل السلمى للأزمة.

■ هل ترى أطراف الأزمة السورية فى مصر وسيطاً جيداً للحل؟

- ستكتشف أن جميع الأطراف السورية، سواء المعارضة أو الحكومية، تقدر الدور المصرى، وجميعها محبة لمصر بشكل حقيقى، لأن هناك روابط تاريخية معروفة تربط الجانبين منذ مئات السنين، كما توجد مشاعر إيجابية من غالبية الشعب السورى تجاه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وعصر الوحدة بين الدولتين، وكذلك لأن المواطنين هنا يدركون أن مصر ليس لها أى أطماع فى سوريا، فما يهمنا فعلاً هو أن يعيش الجميع فى سلام، حتى نصل إلى الحل السلمى، وبالتالى جميع الأطراف تتعامل مع مصر دون أى حساسيات؛ وستجد خلال زيارتك الحالية أن المواطن السورى يعتبر أن مصر هى الوطن الثانى، فلا توجد أى حساسية من الجانب السورى فى التعامل مع مصر، وهو ما يريحنا كثيراً، فحين نقوم بأى جهد سياسى يُرحب به الجميع فى سوريا.

{long_qoute_2}

■ كل دولة ترتكن فى مواقفها على قوى على الأرض، سواء روسيا أو تركيا، ألم تكن هذه نقطة ضعف بالنسبة لمصر، إلى أى حائط تستند مصر؟

- الجانب المصرى يتعامل مع جميع الأطراف، وإذا كان لنا هدف نريد تحقيقه فهو الوصول إلى حل سلمى لجميع أطراف الشعب السورى، ونحن لا نقف مع طرف ضد طرف، وليس منطقياً أن نكون مع أى طرف ضد الآخر، وكذلك ليس من مصلحتنا ذلك، لكن عند الحديث عن أى حل سياسى جامع لكل الأطراف، تجد مصر حاضرة دائماً، لأنها أكبر طرف مقبول من الجميع، لذلك هى عضو فى مجموعة الدعم الدولية لسوريا، وهى مشاركة وفاعلة فى كل جهد دولى للتعامل مع الأزمة السورية.

■ بصراحة، هل توجد على الأراضى السورية قوات مصرية أو مستشارون عسكريون بجانب الجيش السورى؟

- لا يوجد، وأنا أؤكد، لا توجد أى قوات مصرية فى سوريا، ولا أى وجود عسكرى مصرى بأى شكل من الأشكال، وسبق صدور تصريحات رسمية من جانب المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية حول هذا الشأن بشكل واضح تنفى هذه الشائعات.

■ هل قامت مصر بأى جهد لتخفيف معاناة الشعب السورى داخل سوريا، وتحسين الأوضاع المعيشية لهم؟

- بالفعل، مصر قامت بالكثير فى هذا الإطار من خلال المنظمات الدولية العاملة على الأرض فى سوريا، كما أن مصر هى الدولة العضو المسئولة فى مجلس الأمن الدولى عن ملف الأوضاع الإنسانية فى سوريا، ويتولى وفد مصر الدائم فى نيويورك مسئولية تنسيق أعمال مجلس الأمن حول هذا الشأن. ومن جهة أخرى، استطاعت السفارة فى يونيو الماضى 2016 بالتعاون مع الهلال الأحمر السورى توزيع مساعدات إنسانية للمواطنين السوريين فى خمس محافظات سورية هى (دمشق، ريف دمشق، القنيطرة، درعا، السويداء)، حيث تم توزيع 500 طن من الدقيق، بالإضافة إلى كميات كبيرة من الحلاوة، ولانشون الدجاج فى هذه المناطق.

■ يتردد وجود صعوبات خاصة بإجراءات منح تأشيرات الدخول للمواطنين السوريين إلى مصر.. ما هذه الإجراءات؟

- تستضيف مصر أكثر من نصف مليون سورى على أراضيها، وهناك قرار رئاسى بمعاملة السوريين معاملة المواطنين المصريين فى قطاعات التعليم، والتعليم العالى، والصحة، ومعدل انتظام الطلبة السوريين فى مصر هو الأعلى بين جميع الدول التى تستضيف لاجئين سوريين، وتجدر الإشارة إلى وجود ما بين 40 و50 ألف طالب سورى فى المدارس المصرية فى العام الدراسى الحالى. كما أنه وبالتنسيق مع أجهزة الدولة المعنية فإنه يتم بذل كل الجهود اللازمة من أجل التسهيل على الإخوة السوريين بناءً على دراسة الطلبات، وبالفعل كانت هناك مرونة ملموسة فى عمليات لم الشمل خلال الأسابيع الماضية، ففور أن يتوجه المواطن السورى المقيم فى مصر بشكل قانونى إلى مجمع التحرير بالقاهرة ويتقدم بطلب للم شمل أسرته، فإنه يحصل على الموافقة بشكل تلقائى خلال 15 يوماً.

وبالفعل كانت هناك إجراءات بيروقراطية كثيرة، لكن أجهزة الدولة نسقت فيما بينها لتخفيف هذه الإجراءات، فالوضع الحالى أصبح أكثر سهولة، خاصة بالنسبة لـ«لم الشمل»، ولا يعنى هذا أننا نقصر تأشيرات الدخول على «لم الشمل» وحده، إذ يتم منح تأشيرات الدخول أيضاً للمشاركة فى اجتماعات أو فعاليات فى القاهرة، وكذلك لرجال الأعمال والصناعة، والمهنيين الذين يرغبون فى الزيارة لأسباب تتعلق بعملهم، بالإضافة إلى المرضى والحالات الإنسانية التى تتعامل معها القاهرة بعين الاعتبار، وباب السفارة مفتوح دائماً لها، وكما ذكرت لك فإن مصر تستضيف أكثر من نصف مليون سورى فى مصر.

■ رغم الأوضاع شديدة الصعوبة فى سوريا فإننا نسمع كثيراً عن أسر مصرية تخرج من سوريا؟

- منذ بداية الأزمة السورية، وجهنا العديد من النداءات للمصريين المقيمين فى سوريا بضرورة المغادرة لأن البلاد تحولت إلى منطقة حرب، إلا أنه ظلت هناك المشكلة الأكبر الخاصة بالمصريين الذين ينظرون إلى سوريا باعتبارها بلدهم الأول، نتيجة الزيجات المختلطة، وعيشهم فى سوريا لعشرات السنوات، ورفضهم المغادرة.

ومن الخبرة، عندما نجلس مع شخص لديه بيت وأسرة، ونطالبه بضرورة العودة إلى مصر، فيقول لنا إنه سيبيع ممتلكاته أولاً، ولديه بعض الأمور التى يتعين عليه إتمامها، فإنه فى الغالب لا يلجأ إلى السفارة لاحقاً سوى عند خسارته كل شىء فى سوريا. وعلى أى حال فإن السفارة تُحاول إقناع المصريين الموجودين فى مناطق تماس لعمليات عسكرية بخطورة الموقف، وحتمية المغادرة فوراً، كما تتابع حالات المصريين فى هذه المناطق. وتجدر الإشارة إلى أن جميع الذين تقوم السفارة بإخراجهم من سوريا فقدوا كل شىء لديهم فى سوريا فى أغلب الأحوال، سواء المنزل أو السيارة أو العمل، ويصبح عندها غير آمن على حياته، والبعض يصاب بحالة نفسية سيئة.

■ بعض الأسر العائدة إلى مصر شكت من تورط ميليشيات محسوبة على الحكومة السورية فى نهب ممتلكاتها.. ماذا تفعلون تجاه هذه التجاوزات؟

- نحن نوجه مذكرات بهذا الشأن إلى الدولة السورية، ونتابع مع السلطات المعنية، ويجب أن نعرف أننا فى منطقة حرب، وفى وقت الحروب تكون هناك تجاوزات من جميع الأطراف، وعادة ما تأتى التجاوزات فيما يُطلق عليه ظاهرة «التعفيش» من جانب قوات رديفة تأخذ العفش، وجميع محتويات المنازل. وتعمل السفارة على حفظ حقوق المصريين، ومطالبة الجهات المعنية فى سوريا باستعادة أى ممتلكات فقدت.

■ هل لديكم معلومات عن مصريين يعيشون فى منطق تحت سيطرة «داعش»؟

- هذه الأزمة مستمرة منذ أكثر من 5 سنوات، وهى تمر بمراحل كثيرة، ففى بعض الأوقات تكون بعض المناطق تحت سيطرة جماعات مسلحة مختلفة، كما يتبادل النظام وجماعات المعارضة المسلحة السيطرة على بعض المناطق بشكل متواصل؛ وكان هناك حالات لمصريين مقيمين فى مناطق خاضعة لسيطرة داعش، وقد تواصلوا مع السفارة عقب خروج داعش من هذه المناطق، كما حرصت السفارة على الاطمئنان عليهم بشكل دورى لحين استتباب الأمور فى المناطق التى يعيشون بها. وتجدر الإشارة إلى أن ترحيل المصريين من سوريا يتم بالتنسيق بين الخارجية المصرية والأجهزة المصرية المعنية لضمان أنهم غير متورطين فى أى جرائم أو أعمال إرهابية، وعلى مدار العامين الماضيين لم نشهد ترحيل أى حالة لمصرى متورط فى مشكلة أمنية.


مواضيع متعلقة