عفواً معالى وزير الصحة.. «كفى»

سامح فخرى

سامح فخرى

كاتب صحفي

ليس صعباً على من يتابع وزير الصحة الدكتور «أحمد عماد الدين»، من ناحية السمات الشخصية، أن يلاحظ أنه عصبى المزاج، ضيق الصدر، دائماً ما يقاطع من يسأله، وأحياناً يتمادى ويتهكم عليه (بألفاظ مثل يا افندم وحضرتك)، والمقربون إليه -كما سمعت- يعلمون جيداً باعتياده التجاوز اللفظى.

العنف ليس عنفاً جسدياً فحسب، بل هناك العنف اللفظى والعنف بلغة الجسد أو بنظرة قاسية.. ومن يشأ التأكد من ذلك فليراجع المؤتمر الصحفى لوزير الصحة يوم 12/1/2016 عن الدواء وزيادة أسعاره. لقد سيطر على المؤتمر سيطرة كاملة، يوجه هو الأسئلة ويطلب من المجيب أن تكون الإجابة فقط نعم أو لا، وأخذ يقاطع الصحفيين أثناء إلقائهم الأسئلة ويجادلهم دون وجه حق حول أشياء نعرفها جميعاً مثل نقص الأدوية وارتفاع أسعارها مرتين فى خلال شهور قليلة، والغريب أنه كان ينال تصفيق بعض الأعوان فيزيده ذلك اختيالاً لدرجة الإحساس بأنه يرهب الحضور! حتى عند إشارته إلى رئيس الدولة أشار إليه بقوله: «أكبر راس فى الدولة»، وهو وصف -من وجهة نظرى- لا يليق فى الحديث عن القيادة السياسية.

الصفات الشخصية للمسئول يجب أن تشمل الهدوء واحترام الآخرين وموهبة التواصل والشفافية والصدق، تلك الصفات لا تقل بأى حال عن موهبة القيادة.. فالوزير هو «قائد» للعمل وليس مديراً، هو صانع السياسات وليس منفذها.

أعتقد أن السمات الشخصية لسيادة الوزير أدت إلى مجموعة من القرارات الملتبسة والتصرفات التى تثير الأقاويل، ومنها: إقالة رئيس لجنة مكافحة الفيروسات الكبدية وأعضاء من اللجنة يشهد لهم الجميع بالكفاءة والأمانة وتحويلهم للنيابة وتعيين نفسه رئيساً للجنة، وهو «أستاذ العظام»، ثم قام بإلغاء قراره بعد أيام قليلة، هل حاسبه أو سأله أحد لماذا اتخذ هذا القرار ولماذا عيّن نفسه ولماذا ألغاه؟!.

هل رأى الدكتور «شريف إسماعيل»، رئيس الوزراء، صورة وزير الصحة أثناء إجرائه منظار ركبة لمريض داخل غرفة العمليات فى وجود زوار ومصورين دون مراعاة لأبسط القواعد الطبية وحقوق المريض؟

من المسئول عن الصدام والاشتباكات بين وزير الصحة من جهة، ومن جهة أخرى الأطباء ونقابتهم والصيادلة ونقابتهم وأصحاب شركات الأدوية والصحفيين، علاوة على خلافاته مع الكثير من مساعديه والمسئولين فى وزارته ومستشفيات وزارة الصحة وحتى مع بعض أعضاء لجنة الصحة بالبرلمان؟.

ببساطة، لقد فقد سيادته أدوات نجاحه بمعاداة كل هؤلاء.

من المسئول عن استراتيجية مضللة للقضاء على أخطر وأكبر مشكلة صحية بمصر وهى فيروس «سى» بحلول عام 2018 ثم تغيير الموعد إلى 2020.. مع تسليمى الكامل بأن علاج مئات الآلاف من المرضى خطوة عظيمة، ولكن هل سأل أحد وزير الصحة عن مدى دقة هذه الأرقام وعدد الإصابات الجديدة أثناء فترة ولايته، وسبب غياب أى جهود للوقاية، والوزير يعلم جيداً أسباب النسب العالية للإصابة!.

موضوع فيروس «سى» خطير خطير، ويحتاج لمساحة أطول قد أخصصها فى مقال منفصل إن شاء الله.

سيادة الوزير: مفهوم الصحة أشمل من مفهوم الطب، ووزارتك اسمها وزارة الصحة وليست وزارة المرضى أو علاج المرضى. أين الجانب الوقائى بصفة عامة، وفيروس «سى» بصفة خاصة؟! أين الرعاية الصحية الأولية التى هى المفتاح الوحيد والسريع لتطوير النظام الصحى من خلال خطة متكاملة.. معالى الوزير، كل مشروعاتك وتركيزك على «الشق العلاجى» وتحديداً على مراكز العلاج المتقدمة Tertiary Health Care Center.

مشروع «التأمين الصحى» ليس مشروعك، بل هو مشروع د. «حاتم الجبلى» الوزير الأسبق، ومشروع مكافحة فيروس «سى» منذ عام 2008 ليس مشروعك، هو مشروع د. «عادل عدوى» الوزير السابق، وكل المشاريع الصحية الناجحة مثل مستشفى سرطان الأطفال 57357 ومركز القلب للدكتور «مجدى يعقوب» فى أسوان وغيرها من المشاريع الناجحة هى لمؤسسات لا تتبع وزارتك.. فماذا قدمت أنت من خلال موقعك للمصريين؟

أنا حزين لما يحدث فى بلدى الغالى العزيز «مصر»، التى ظلمناها نحن تارة عن غفلة وإهمال، وتارة عن سبق الإصرار والترصد.

«كفى يعنى كفى» يا معالى الوزير.

أستاذ الجهاز الهضمى والكبد

معهد تيودور بلهارس للأبحاث الطبية