«الأزمة الليبية»: تحركات إقليمية لإيجاد تسوية سياسية بين الأطراف الليبية

كتب: محمد الليثى

«الأزمة الليبية»: تحركات إقليمية لإيجاد تسوية سياسية بين الأطراف الليبية

«الأزمة الليبية»: تحركات إقليمية لإيجاد تسوية سياسية بين الأطراف الليبية

على مدار السنوات الست الماضية، لم تستطع الجهود الدولية الوصول إلى حل الأزمة الليبية، حيث باءت كلها بالفشل، إلا أنه فى نهاية العام الماضى 2016 ظهرت بعض التغيرات على الساحة الليبية المشتعلة منذ الاحتجاجات ضد العقيد الليبى الراحل معمر القذافى ومن ثم قتله فى إطار «ثورات الربيع العربى»، والتى من شأنها الوصول إلى تسوية سياسية محتملة بين الأطراف لإنهاء الانقسام فى بشرى سارة يحملها عام 2017.

{long_qoute_1}

تمثلت الجهود الدولية فى التحرك الأممى وبعض دول الإقليم التى حرصت على التحرك بشكل واسع لتقريب وجهات النظر للتوصل إلى اتفاق وحل نقاط الاختلاف بينهم، خاصة بعد هزيمة تنظيم «داعش» الإرهابى فى مدينة «سرت» الليبية، الذى مثَّل تهديداً على دول الجوار بصفة خاصة، ولخص وزير الخارجية التونسى ذلك فى تأكيداته على «وجود تنسيق قوى بين مصر وتونس والجزائر لإيجاد حل سياسى فى ليبيا، لأنها الدول التى تمتلك الفاعلية الأكبر فى حل الأزمة الليبية، وهى المتضرر الرئيسى لما يحدث فى جوارها»، وفقاً لما نقلته شبكة «سى إن إن» الإخبارية، والتى أكدت أن تونس تسعى مطلع هذا العام، إلى عقد قمة ثلاثية بينها وبين مصر والجزائر وبحضور مختلف الأطراف الليبية لبحث الخطوط العريضة للنزاع، وفتح قنوات تواصل وحوار بين الشقين المتنازعين من أجل التوصل إلى تسوية سلمية وخيارات تضع حداً لحالة الانقسام التى باتت تميّز الليبيين منذ أكثر من 5 سنوات، فضلاً عن تكثيف الجهود من الجزائر التى ظهرت فى الأونة الأخيرة التى تمثلت فى النشاط الدبلوماسى فى الأزمة الليبية عن طريق الاتصالات مع الأطراف الفعالين فى ليبيا، وعلى رأسهم المشير «خليفة حفتر»، ورئيس حكومة الوفاق «فايز السراج»، وفقاً للشبكة.

هناك أيضاً تغيرات طرأت على مواقف بعض الأطراف الليبية خلال 2016، متمثلة فى «مرونة»، من خلال الموافقة للجلوس على طاولة الحوار لاحتواء الأزمة بينهم، بعد فترة من التمسك بالجمود، وهو مؤشر يظهر وجود رغبة حقيقية من الليبيين لبدء مصالحة حقيقية وتجاوز الخلافات، وفقاً لما قالته الشبكة الإخبارية. وفى هذا الجانب، أكد رئيس حكومة الوفاق الوطنى فايز السراج، أنه «مستعد للحوار مع كل الفرقاء ومن يختلف معه من كل أبناء الوطن، سواء كانوا من أنصار سبتمبر أو فبراير والجلوس معهم على طاولة واحدة لمواجهة كل المشاكل»، مضيفاً أنه «يراهن على وطنية الجميع»، فى حين أعلن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح أنه «سيتم عقد جلسة للمجلس لمناقشة النقاط محل الخلاف والعمل على تسويتها دون إقصاء أو تهميش».

{long_qoute_2}

من جانبه، قال الدكتور كامل عبدالله الخبير بالشأن الليبى: «بالنسبة للوضع الداخلى فهو وضع فى غاية التعقيد، هناك على الأرض مجموعات وقوى مسلحة رئيسية، وجماعات أخرى غير رئيسية»، موضحاً: «القوات الرئيسية تتمثل فى قوات الجنرال خليفة حفتر فى المنطقة الشرقية، وفى المقابل قوات مصراتة فى الغرب، وهم أبرز القوى الفاعلة فى الوقت الراهن، والعلاقة بين الفريقين علاقة تنافسية وشهدت اصطدامات فى جنوب وسط ليبيا، كما أن هناك تحذيرات أن تشهد الساحة احتدامات أخرى فى الفترة المقبلة».

وعن القوات «غير الرئيسية»، قال «عبدالله» لـ«الوطن»، إنها «عبارة عن مجموعات مسلحة متفرقة، تتباين خلفياتها الاجتماعية والأيديولوجية، وتظهر مع ارتفاع حدة النزاعات داخل البلاد، وأكبر عدد منها يقع فى المنطقة الغربية، وتختلف على حسب العامل السكانى»، وتابع: «على الخريطة الميدانية هناك رغبة غير مخفية لقائد الجيش فى الشرق لفتح جبهات قتال فى غرب ليبيا، نظراً لما تشير إليه تصريحات رجاله المتعلقة بخوض المعارك للسيطرة على طرابس، أما فى غرب ليبيا فالوضع أكثر تعقيداً، ويستغل البعض هذه الصراعات لتوظيفها فى صالحه»، مشيراً إلى أن هناك نزاعات وقعت مؤخراً وسقط فيها ما يقرب من 20 قتيلاً وجريحاً، فهناك من يحول هذه الاشتباكات لصالحه، وبهذا فإن المجتمع الليبى عرضة للانهيار إذا لم تتم التسوية الاجتماعية». وبشأن دول الجوار، قال «عبدالله»: «فيما يخص الوضع الإقليمى، فهناك تنافس ملحوظ فيما يخص الأزمة فى ليبيا، ويظهر ذلك من خلال المواقف (الجزائر ومصر وتونس) وهو ما يعوق المبادرات التى تهدف إلى حل الأزمة من قبل كل طرف، فمستوى الأطراف بالقوى المحلية وحالة التنافس من جهة، وتردى الأوضاع داخل البلاد نفسها من جهة أخرى تمثلان عوائق أمام الوصول إلى حل، فإذا قدم طرف معين مبادرة فى ظل تأييدك لأحد الأطراف الليبية ستظل محل شك، وذلك يقوض أى مسائل لتقدم العملية السياسية، فالطريق صعب، والوضع يحتاج إلى جولات من الحوارات لتحقيق تراكم وتوافق حقيقى للحوار لبناء أرضية عليه نستطيع من خلالها الوصول إلى تسوية سياسية لحل الوضع المعقد داخل البلاد»، مشيراً إلى بعض المجهودات فى الفترة الأخيرة، واللقاءات المقبلة، ومنها زيارة 5 وزراء خارجية أفارقة لطرابلس وطبرق لتقريب وجهات النظر بين الأطراف فى مباحثات جديدة لحل الأزمة، وتابع: «فى تقديرى، فإن الوضع يتطلب حوارات بينية بين الدول التى تسعى لحل الأزمة الليبية لتحقيق أرضية مشتركة يضغطون بها على الليبيين لإخراج بلادهم من الأزمة».

من جانبه، رأى المحلل السياسى الليبى عبدالباسط بن هامل، إن الحراك الأخير من قبل عدة دول نقطة إيجابية، بحيث الأمر لن يصبح متروكاً فى أيدى القوى الخارجية التى تستخدم ليبيا كورقة ضغط. وتابع، فى تصريحات لـ«الوطن»: «ليبيا دولة فاشلة -أقولها بكل مرارة- فلا يوجد هيكل للدولة من الأساس، فهناك من يتصارع على السلطة، هذا أمر لا غبار عليه، ولكن باستخدام العنف، فالكل يرى نفسه شرعياً، والانقسام يهدد بعدم وجود دولة، فقد تكون ليبيا صومال أخرى، أو مثل الدول التى انتهت، ولكننا باستحضار روح مانديلا فى جنوب أفريقيا وعن طريق الاستعانة بدول الجوار التى تمتلك ليبيا علاقات طيبة معها ولا يوجد أى عداوة بينها وبين أى منها، يمكن العبور من النفق المظلم بتحقيق المصالحة بين كل الأطراف الليبية، بداية من تعديل الاتفاق السياسى الذى من شأنه تحقيق التوافق، ووقف الاقتتال والتناحر».

وفيما يخص المجلس الرئاسى الليبى، قال «بن هامل»، إنه «يعانى الكثير من الفوضى وعدم الاتزان والتخبط، سياسته لم تكن متزنة، ولم يستطع إيجاد ملفات حقيقية للعمل عليها، للأسف فشل، كنا نتمنى أن يكون طوق النجاة، والآن يمكننا إعادة النظر فى المجلس الرئاسى، وهناك مشاريع مطروحة لحكومة جديدة»، وتابع: «أتوقع أن تكون هناك فى 2017 حكومة وحدة وطنية جديدة، لا تجمع الكل، ولكن يجب التنازلات وعدم التشبث بكل مطالبهم لأن المرحلة دقيقة وحساسة، ولكن أيضاً فى حال استمرار كل طرف فى الإصرار على ما يريده فليبيا إلى الهاوية». وعن أهم ما يجب أن يحتويه أى مشروع لحل الأزمة الليبية، فأكد أنه الملف الأمنى.


مواضيع متعلقة