رئيس اتحاد أوروبا للطاقة الشمسية: رفع دعم الكهرباء سياسة رشيدة وجهود «الإنتاج الحربى» لصناعة الخلايا الشمسية من الرمال مثيرة للإعجاب

08:08 ص | الاثنين 19 ديسمبر 2016

أكد الدكتور إبراهيم سمك، كبير المهندسين الاستشاريين، أحد رواد قطاع الطاقة النظيفة بالاتحاد الأوروبى، رئيس مجلس الاتحاد الأوروبى للطاقة المتجددة، ومجلس هيئة الصناعات الكهروضوئية فى بروكسل، عضو الهيئة الاستشارية للرئيس عبدالفتاح السيسى، أن محاولاته لتنمية مصر فى مجال الطاقة الشمسية على مدار الـ15 عاماً الماضية لم تنقطع، وأن الإحباطات التى تلقاها من الحكومات المصرية فى فترة ما قبل ثورة 25 يناير لم تفُت فى عزيمته لمواصلة تقديم المقترحات لتطوير قطاع الطاقة المتجددة فى مصر. وعبر «سمك» عن سعادته بجهود القيادة المصرية متمثلة فى إرادة الرئيس عبدالفتاح السيسى لتوفير الطاقة، مؤكداً أن الرئيس يؤمن بالطاقة المتجددة، وتعظيم الاستفادة منها، مشيداً بالاستجابة الفعالة والسريعة لوزارة الكهرباء. ويقيّم «سمك»، فى حواره لـ«الوطن»، جهود الدولة فى مجال استغلال الطاقة الشمسية، على اعتبار أن مصر من أغنى دول العالم فى نسبة السطوع الشمسى، وما يمكن أن توفره الطاقة الشمسية من اكتفاء ذاتى للطاقة فى بلدنا.

■ بداية، كيف ترى قدرات مصر فى استغلال الطاقة الشمسية؟

- شهدت مصر أول محطة شمسية فى العالم بمنطقة المعادى فى العشرينات، بل إن نسبة السطوع الشمسى فى مصر هى الأعلى على مستوى العالم، وأود أن أوجه الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى على إيمانه بأهمية الطاقة الجديدة والمتجددة، خاصة دعوته قبل أن يكون رئيساً للجمهورية بأن ينتشر استخدام لمبات «الليد» التى تعد الأكثر توفيراً للكهرباء. كما أن اللواء محمد العصار، وزير الإنتاج الحربى، أثار إعجابى بما عرضه عن الخطط التى تبدأ مصر فى تنفيذها لإنتاج الخلايا الشمسية من الرمال، بخاصة أن مصر تمتلك موارد خصبة فى هذا المجال، لأن تصنيع الخلايا يحتاج لرمال بنسبة نقاء تصل إلى 99% وهى النسبة المتوافرة بالرمال المصرية، كما أن 90% من إنتاج الخلايا الشمسية على مستوى العالم من الرمال.

{long_qoute_1}

■ ما تقييمك لمجهودات وزارة الكهرباء لنشر استخدام الطاقة المتجددة خلال السنوات الأخيرة؟

- بالنظر لنظم استخدام الطاقة المتجددة فى دولة مثل ألمانيا نجد تعريفة شراء الطاقة الشمسية التى تنتجها أسطح المنازل لمدة عشرين عاماً، بينما أعلن الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، عام 2014، أن شراء هذه الطاقة يصل إلى 25 عاماً، أى بفترة تزيد على ألمانيا، ما يعكس تطور الفكر المصرى فى استغلال الطاقة المتجددة فى مصر، وأعلنت ألمانيا أنه خلال العام الحالى استقبلت الشبكة القومية ما يقرب من 1460 ميجاوات من الطاقة الشمسية، وهناك ما يقرب من مليون و450 ألف شركة تعمل فى ألمانيا فى مجال الطاقة الشمسية، ما يعكس حجم انتشار استخدام الطاقة الشمسية، كما أن 16% من إجمالى الطاقة الشمسية التى ينتجها العالم تأتى من ألمانيا، وبدأت فى مناقشة الحكومة المصرية منذ عام 2004 لاستخدام تعريفة تغذية لشراء الطاقة المتجددة من المشتركين وصغار المستثمرين مثل المحطات الشمسية فوق المنازل، ولم أجد استجابة حقيقية إلا بعد إعادة مناقشة الأمر منذ سنوات قليلة مع الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء الحالى، الذى أرسلت له جميع الدراسات والمستندات بشأن إنشاء تعريفة تغذية للطاقة المتجددة فى مصر، وأعلنت وزارة الكهرباء المصرية فى سبتمبر 2014 عن المرحلة الأولى من تعريفة تغذية الطاقة المتجددة بعد موافقة مجلس الوزراء، وتقدمت نحو 180 شركة مصرية وعربية وأجنبية بعطاءات للاستثمار بمشروعات للطاقة المتجددة بهذه المرحلة، ووافقت هيئة تنمية الطاقة الجديدة والمتجددة على 136 شركة، ولكن للأسف لم يتبق إلا 9 شركات فقط فى هذه المرحلة، وذلك بسبب شرط التحكيم المحلى فى حال وقوع خلاف بين الشركات والحكومة المصرية، وتداركت وزارة الكهرباء الأمر من خلال الإعلان الأخير عن المرحلة الثانية للتعريفة التى جعلت التحكيم دولياً، مع تعديلات فى سعر شراء الطاقة المتجددة من المستثمرين والمحطات الشمسية المنزلية بالدولار، ما يعزز فرص إقبال المستثمرين على مشروعات الطاقة المتجددة فى مصر، بخاصة إنشاء محطات شمسية فوق أسطح المنازل، التى تنتشر فى قرى بأكملها بألمانيا.

■ ولماذا لم تنتشر المحطات الشمسية المنزلية فى مصر حتى الأن؟

- بدأ انتشار المحطات الشمسية المنزلية فى ألمانيا من خلال إجراءات بسيطة تبدأ باتخاذ قرار باستغلال سطح المنزل لبناء المحطة الشمسية، والذهاب لإحدى الشركات المتخصصة التى تقدم عروضاً لإنشاء المحطة المنزلية، ويأخذ المواطن الألمانى عرض الشركة ويتوجه إلى البنك ليمول إنشاء المحطة، من خلال قرض يمول من عائد بيع الطاقة التى تنتجها المحطة للحكومة، وفى بعض الأحيان 80% من البنوك تتنازل عن الفوائد، ويلجأ الأشخاص إلى تأجير أسطح فارغة فى ألمانيا لإنشاء المحطة الشمسية، ما أسهم فى وصول نسبة مساهمة الطاقة الشمسية فى ألمانيا من إجمالى الطاقة المنتجة إلى 7%، فى حين أن إجمالى مساهمة الطاقة المتجددة فى مصر لم يتجاوز 1% حتى الآن، وخلال المرحلة الأولى التى أعلنتها مصر عام 2014 للأسف لم تلتزم البنوك بتوفير نسبة 4% فائدة على القروض لإنشاء المحطات الشمسية المنزلية، ما أدى إلى تراجع إقبال المواطنين على إنشاء المحطات، إلا أن هناك أملاً فى انتشار استخدام المحطات الشمسية المنزلية بعد إعلان اشتراطات وزارة الكهرباء فى المرحلة الثانية، بخاصة أن عوائد بيع الكهرباء للحكومة ارتفعت.

{long_qoute_2}

■ ماذا عن البرنامج المصرى لترشيد استهلاك الكهرباء؟

- يوجد حالياً برنامج حكومى لاستبدال اللمبات الفلورسنت بأخرى من نوع «الليد»، خاصة إنارة الشوارع التى تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، حيث يوجد 3 ملايين لمبة بالشوارع. وأهم ما يميز اللمبات «الليد» أن عمرها الافتراضى يتراوح من 1000 إلى 50 ألف ساعة للمبة، وقوة استهلاك اللمبة «الليد» أقل بكثير مقارنة بالأنواع الأخرى نحو عشرين كيلووات مقابل 150 وات للمبات الأخرى، ما يعكس حجم الوفر بالكهرباء، فى حال استخدام لمبات «الليد». ودشنت الحكومة برنامجاً طموحاً لبيع لمبات «الليد» للمستهلكين بالتقسيط على فواتير الكهرباء على فترات طويلة، ما ساهم فى شراء هذه اللمبات.

■ ما تقييمك لخطة رفع الدعم عن أسعار الكهرباء؟

- الهدف الرئيسى من سياسة رفع الدعم عن أسعار الكهرباء فى مصر هو تقليل استهلاك الطاقة، وهى سياسة رشيدة، بخاصة أن الأسعار تزيد مع زيادة الاستهلاك، بينما يظل الدعم على الشرائح التى تستهلك كهرباء أقل. وفى ألمانيا، اتبعت الحكومة سياسة فى تعريفة تغذية الكهرباء بالطاقة المتجددة لزيادة إقبال المواطنين على إنشاء محطات شمسية منزلية، بأن طرحت شراء الكهرباء من المواطنين بنحو 56 سنتاً، وكانت الحكومة تبيعها بـ19 سنتاً، وبعد إقبال المواطنين على إنشاء المحطات المنزلية انخفض سعر الشراء الحكومى إلى 40 ثم 30 إلى أن وصل حالياً إلى 8 سنتات، ما أدى لتراجع الإقبال ثانية على إنشاء المحطات المنزلية.

وتطالب حالياً بعض الشركات التى تعمل بالطاقة الشمسية الحكومة الألمانية برفع سعر شراء الطاقة من المواطنين ثانية. ووصل إجمالى مساهمة المحطات الشمسية المنزلية فى ألمانيا بنحو 39.400 ميجاوات، أى ما يزيد على إجمالى الإنتاج القومى للكهرباء فى مصر من مصادرها المختلفة.

■ ما الجديد فى تكنولوجيا المحطات الشمسية؟

- ساهمت التكنولوجيا فى تقليل تكلفة إنتاج الألواح الشمسية بعد وصول سمك الألواح من ستة عشر إلى ستة ملليجرامات، كما أن بطاريات تخزين الطاقة الشمسية أصبحت تعمل من خلالها المحطة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وهو موجود فى مشروع ألمانى لمحطة شمسية بقدرة ميجاوات، وهذا النوع من البطاريات يستخدم أيضاً فى السيارات الكهربية التى بدأت تغزو العالم.