رئيس «الأرصاد»: 120 مليون متر مكعب أمطاراً سقطت على رأس غارب منذ أسابيع

كتب: نادية الدكرورى

رئيس «الأرصاد»: 120 مليون متر مكعب أمطاراً سقطت على رأس غارب منذ أسابيع

رئيس «الأرصاد»: 120 مليون متر مكعب أمطاراً سقطت على رأس غارب منذ أسابيع

رصد الدكتور أحمد عبدالعال، رئيس هيئة الأرصاد الجوية، فى حواره لـ«الوطن» عدداً من الظواهر التى شهدتها مصر خلال الفترة الماضية، والتى تثبت وقوع ظاهرة التغيرات المناخية، بينها اختفاء رياح الخماسين، وشدة كمية الأمطار الساقطة خلال فصل الخريف الحالى، ويطمئن «عبدالعال» على مستقبل الدلتا المصرية، المهددة بالغرق بسبب التغيرات المناخية، فى ظل التحرك الحالى من بعض الجهات المسئولة لحماية الشواطئ المصرية.

وإليكم نص الحوار:

{long_qoute_1}

■ بداية نريد التعرف على مهام الهيئة التى يلخصها البعض فى استطلاع حالة الطقس؟

- تتمثل مهام الهيئة العامة للأرصاد الجوية وفقاً لقرار إنشائها فى الحفاظ على ممتلكات المواطنين من تقلبات الأرصاد، مثلاً الطيران لا يوجد مطار فى العالم يمكن أن يعمل دون الأرصاد، فالطيار لن يستطيع الإقلاع أو الهبوط دون التعرف على الضغط الجوى الموجود بالممر مع قياس ارتفاع الطائرة، وتعمل المحطة الموجودة بالمطار على إرسال الرصد الدورى كل نصف ساعة لبرج المراقبة الذى يتواصل مع الطيار، وتعمل محطة الرصد بالمطار على تنبيه قائد الطائرة من وجود سحب مكثفة، أو مطبات هوائية أو غيرهما من أحوال الطقس خلال الرحلة إلى دولة أخرى، كما تخدم الأرصاد السفن من خلال إعطاء معلومات عن التيارات البحرية، وارتفاع الموجة التى إن وجدها القبطان مرتفعة تعطى له الأرصاد مقترحات للذهاب لأقرب دولة منخفضة فى الارتفاع الموجى، لحين تحسن الأحوال الجوية، وتفيد الهيئة المدن الجديدة من خلال إرسال معلومات للجهات المسئولة عن إنشاء المدن، والمصانع عن اتجاه الرياح السائد بالمنطقة، لئلا تذهب الملوثات الهوائية للمناطق السكنية. وتمتد خدمات الهيئة للقضاء، فمثلاً فى حال ادعاء إحدى الشركات بأنها أغلقت العمل فى يوم ما بسبب الأحوال الجوية، والعملاء المتضررون حركوا ضد الشركة دعوى قضائية يرجع القاضى لهيئة الأرصاد للبت فى صحة ادعاء الشركة، وتتعاون الأرصاد مع وزارة البيئة من خلال رصد الملوثات، ووزارة الرى من خلال الأرصاد البحرية فى النيل والبحرين الأبيض والأحمر، ونرسل لوزارة الزراعة تقريراً كل أسبوعين عن حالة الطقس فى مناطق مختلفة، وفى حال وقوع التغيرات المناخية يبلغ بها، للتعرف على المحاصيل الملائمة للإنتاجية مع الطقس السائد، كما نرسل للإسعاف حالة الطقس دورياً، بخاصة فى حال توقع وقوع سيول أو أمطار غزيرة لتأخذ الإسعاف استعداداتها، والوقوف على بوابات الطرق لتحذر الأطراف لتقليل السرعات.

{long_qoute_2}

■ وماذا عن مساهمة الهيئة فى مشروع إنشاء المحطة النووية بمدينة الضبعة؟

- أرسلنا الدراسات الجوية لهذه المنطقة، لمعرفة اتجاهات الرياح، فى حال وقوع أى حوادث تذهب الانبعاثات لاتجاه البحر وليس للمناطق السكنية، كما أنه لا صحة لما تردد بأن المنطقة يمكن أن تتعرض لتسونامى، نظراً لوقوع هذه الظاهرة فى المحيطات، وليس فى البحار المغلقة مثل البحر الأحمر، والمتوسط، وهناك محطة موجودة حالياً فى موقع الضبعة تعمل على مدار الساعة، لإرسال تقارير الطقس بشكل دورى.

■ بماذا ترد الهيئة على توقعات البعض بحدوث انخفاض غير معتاد لدرجات الحرارة خلال فصل الشتاء الحالى؟

- بداية لا يحق لأحد أن يتوقع حالة الطقس بخلاف هيئة الأرصاد الجوية، وذلك لتمثيل الهيئة فى المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، وللأسف مواقع التواصل الاجتماعى جعلت أى شخص غير متخصص يتنبأ بحالة الطقس، ومع التغيرات المناخية التى حدثت يمكن أن نتوقع أى نتيجة، بخاصة انخفاض درجات الحرارة بشكل ملحوظ، بخاصة بعد أن شهدت مصر عدداً من الظواهر التى تثبت وقوع التغيرات المناخية خلال الفترة المقبلة، أهمها اختفاء رياح الخماسين لأول مرة منذ آلاف السنين فى الربيع الماضى، وخلال الصيف الماضى درجات الحرارة كانت معتدلة، وأقصى درجة رصدتها الهيئة كانت 37 درجة، إلا أن المواطنين شعروا بالحر الشديد نتيجة لارتفاع نسبة الرطوبة التى وصلت إلى 80% خلال الصيف الماضى، وفى فصل الخريف الحالى كميات الأمطار التى سقطت على رأس غارب منذ أسابيع لم تحدث من قبل، حوالى 120 مليون متر مكعب، وكما توقعت دراسات التغيرات المناخية المصرية، والعالمية بأن عدد تساقط الأمطار يقل إلا أن كميات الأمطار تكون كبيرة فى المرة الواحدة، وهو ما حدث فى الإسكندرية والبحيرة اللتين شهدتا الشتاء الماضى كميات أمطار لم تشهدهما منذ سنوات. {left_qoute_1}

■ كيف رصدت الهيئة تأثير التغيرات المناخية على دلتا النيل المتوقع غرقها خلال السنوات المقبلة؟

- من أهم مشكلات التغير المناخى أنه يؤدى لذوبان الجليد فى القطبين الشمالى والجنوبى، ومن ثم ارتفاع مستوى البحر، وهذا يعنى أن الأراضى المنخفضة عن سطح البحر ستغرق، ومن خلال دراسة بُحث فيها تأثير التغيرات المناخية على شواطئ الإسكندرية، وجدت الدراسة أنه خلال 100 عام ارتفع مستوى سطح البحر 11 سم، وهذا ليس بقليل، ورصدنا ارتفاعاً لمستوى البحر المتوسط أمام السواحل المصرية، ما يهدد دلتا مصر، والدراسات التى يمكن وصفها بالمتشائمة تتوقع أن تغرق دلتا النيل بالكامل بحلول عام 2050، وأن يكون أول سطح البحر المتوسط فى شمال القاهرة، ويمكننا تفادى هذه التوقعات المتشائمة، فى حال بدأنا اتخاذ الاحتياطات اللازمة، وبالفعل هيئة حماية الشواطئ تبذل مجهودات على السواحل المصرية، من خلال إنشاء مصدات خرسانية، وغيرها من المجهودات لتفادى آثار الظاهرة.

■ ماذا عن دقة تنبؤات الهيئة لحالة الطقس التى يشكك فيها البعض؟

- لا أحد يتهم الأرصاد بغياب الدقة فى الرصد، والجميع أشاد بتوقعات الهيئة خلال الفترة الماضية فيما يتعلق بالتنبؤ بالسيول، بعد أن أعلنت الهيئة قبلها بفترة كافية وقوع السيول، وفيما يتعلق بذروة تعرض البلاد لحالة طقس سيئة الخميس الماضى، توقعتها الهيئة قبل وقوعها بأربعة أيام. ووصلت نسبة تنبؤات الأرصاد إلى 100%، ولم نجد أية جهة تلوم على توقعات هيئة الأرصاد خلال الفترات الأخيرة. ونصدر دورياً بيانات الطقس ونرسلها للجهات المختلفة، مع مجموعة من الإرشادات، وتعتمد الأرصاد على أحدث التكنولوجيا فى عمليات الرصد، كما أن الهيئة لديها مجموعة من الفنيين الراصدين لحالة الطقس على أعلى المستويات، وفقاً للمعايير العالمية، رغم وجود عجز فى عددهم البالغ حالياً 120 راصداً، إلا أن مجلس الوزراء سيرسل خلال يناير المقبل مجموعة جديدة من الراصدين للعمل بالهيئة، ولدينا إدارة إنذار مبكر للسيول ترسل تنبؤاتها قبل حدوث الظواهر بأيام للمحافظات، والجهات المسئولة لاتخاذ الاحتياطات اللازمة، مثل تجهيز مخرات السيول، وغيرها من الإجراءات، وقبل وقوع الأمطار الشديدة بـ72 ساعة ترسل تقارير الإنذار المبكر للجهات المختلفة، وتمتلك مصر 6 محطات لقياس طبقات الجو العليا، وهو تفرد غير موجود بالمنطقة، تقيس درجة الحرارة والرياح، وسرعة واتجاه الرياح على ارتفاعات مختلفة من خلال جهاز «راديوسون» بداخل بالون به غاز النيتروجين متصل بالكمبيوتر الأرضى يرصد خلال صعوده درجة حرارة الرياح وسرعتها فى ارتفاعات مختلفة لحين انفجار البالون، وتساعد المحطات فى التعرف على الكتل الهوائية، وسرعة الرياح، وتصل تكلفة الجهاز الواحد إلى320 دولاراً، وتحتاج لخبراء مختصين فى تشغيل هذه المحطات، ووضعنا الدولى فى المنظمة العالمية للأرصاد الجوية جيد جداً، بدليل نجاح مصر فى انتخابات اللجنة الدولية للأوزون الأعضاء فى سبتمبر الماضى بإنجلترا، التى ينتخب فيها 10 دول من 192 دولة مشتركة فى المنظمة، رغم أن ممثل مصر لم يستطع حضور الانتخابات لفشل حصوله على تأشيرة، إلا أن أعضاء المنظمة انتخبوا مصر عضواً فى هذه اللجنة، ما يدل على مكانة مصر بالمنظمة، وأتوقع قريباً أن تعود مصر ثانيةً لرئاسة المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

■ ماذا عن التكنولوجيا التى تعتمد عليها الهيئة فى رصد حالة الطقس؟

- لدينا محطات رصد منتشرة فى جميع المحافظات، بها استشعارات للرياح، وأخرى للحرارة والرطوبة، والضغط الجوى، وشواخص الرؤية، وارتفاع السحاب، وتأتى لنا كل خمس دقائق صور للأقمار الصناعية، ونستقبل من أحد الأقمار، وهى الأمريكى، والروسى، والصينى، ولدينا برامج مختلفة للخرائط يعتمد عليها، والإخصائى لديه خبرة لتحليل الخرائط من خلال فصل الكتل الساخنة عن الباردة، والضغوط المنخفضة، والمرتفعة، وتحديد الكتل الهوائية التى يمكن أن تؤثر على المناخ المصرى، كما تمتاز البنية الأساسية للهيئة بأن جميع لمباتها من نوع «الليد»، وأنشأنا محطة طاقة شمسية على سطح الهيئة، وفى انتظار تركيب وزارة الكهرباء للعداد للمحطة لتوفير الطاقة، ونعمل على إنشاء شبكة حريق داخل الهيئة، وتطوير شبكات المياه، ولأول مرة فى تاريخ الهيئة، خصص الرئيس عبدالفتاح السيسى 100 مليون جنيه لتطوير مشروعات الهيئة منذ عدة أشهر، بالتعاون مع القوات المسلحة وشراء رادار يساعد فى تحديد أكثر دقة للأمطار وموقعها وكميتها، ما يسهل عمليات التنبؤ بالسيول وموقعها، وكمياتها، وتوقيت نزولها، بعكس ما يحدث الآن بأنه تنبؤ بشكل عام دون تحديد لموقع سقوط الأمطار بشكل أكثر دقة من خلال الرادار، وتتعاقد الهيئة خلال الفترة المقبلة على كمبيوتر عملاق، يساهم فى سرعة عمل التنبؤات، والأحداث، وإنشاء وتركيب 30 محطة رصد أوتوماتيك، وتورد هذه المحطات خلال الفترة المقبلة، وبمجرد تشغيلها ستعمل جميع محطات الرصد آلياً، وليس يدوياً مثلما يحدث فى بعض المحطات حالياً، من خلال الكشك الخشبى، المتعارف عليه بالمنظمة العالمية، والمحاط بأربعة ترمومترات لقياس الحرارة العظمى والصغرى والرطوبة، والضغط، من خلال الكمبيوتر العملاق يتحول الرصد إلى لحظى من خلال التواصل بين جميع المحطات من خلال الكمبيوتر.

■ تحدثت الهيئة خلال الفترة الماضية عن مشروع «الاستمطار».. ما أهمية هذا المشروع؟

- هو مشروع معروض علينا من الجانب الألمانى، ولكن فى البداية يجب أن نفرق بين الاستمطار بمفهومه القديم، الذى يعتمد الرادار لدراسة كيمياء السحاب، وكميات الأمطار، ومن خلال الطائرات نقذف السحب بنترات الفضة يتكون عليها نقاط المياه، وتبدأ فى سقوط الأمطار، ولكن هذه الطريقة مكلفة للغاية، وتتحكم فيها سرعة الرياح، والمشروع الألمانى هو الحث بالاستمطار، ويعتمد على استخدام أجهزة بالمناطق المرتفعة الرطوبة، والتركيز على الأيونات التى تتكثف حولها المياه الموجودة فى بخار الجو فتصنع سحابة، ومن خلال زيادة نسبة الأيونات من خلال الجهاز تتكثف السحابة ما يتسبب فى المطر، ولكننا ما زلنا نقيّم المشروع من خلال دراسة الجدوى، ويشمل التقييم تكلفة شراء الأجهزة، ومدى تطبيقها فى مصر، وتحديداً فى المكان المراد الاستمطار به، مثل أماكن زراعة مشروع المليون ونصف المليون فدان، وتقييم مدى محافظة المشروع على البيئة، ومن المتوقع الانتهاء من دراسة الجدوى نهاية شهر فبراير المقبل.

■ تعليق حضرتك على ما يسمى بمشروع «الكيمتريل» للتحكم الأمريكى فى المناخ؟

- قيل منذ فترة بعيدة إن أمريكا ترسل طائرات لرش دول بعينها بمادة تسمى «الكيمتريل» لتتحكم فى مناخ الدول المحيطة بها، ولكن رأيى أن هذا الحديث من الخرافات، وذلك لأن لو أمريكا كانت تستطيع التحكم فى مناخ أى دولة، كان الأولى بها أن تتحكم فى مناخها المتقلب، وما يحدث من أعاصير مدمرة.


مواضيع متعلقة