الحرب فى سيناء: يد «تحمل السلاح».. وأخرى تحمل «الغذاء والكساء وحب الوطن»

كتب: إمام أحمد

الحرب فى سيناء: يد «تحمل السلاح».. وأخرى تحمل «الغذاء والكساء وحب الوطن»

الحرب فى سيناء: يد «تحمل السلاح».. وأخرى تحمل «الغذاء والكساء وحب الوطن»

«سلاح يواجه، وعقل يغيّر»، عنوان المعركة ضد الإرهاب فى سيناء التى يقودها من جهة الجيش والشرطة ببسالة فى ميدان المواجهة المسلحة، وتقودها من جهة أخرى قوافل للتنمية والتثقيف والوعى فى ميدان المواجهة الفكرية، معادلة آمن بها شباب قافلة شعاع الخير بجامعة الزقازيق، فانطلقوا بالتعاون مع شباب من محافظات عديدة لخوض معركتهم تحت شعار «معاً لحماية الوطن.. واسترداده لأحضاننا» الذى يقوم بحسبهم على أساس أن الدفاع عن الوطن ليس مهمة الجيش وحده، بل الجامعات والثقافة والفكر أيضاً، المبادرة تأتى ضمن مشروع «سيناء فى قلب مصر» الذى انطلق عقب سيول سيناء 2010، واستمر على مدار 6 سنوات حتى انطلقت أمس، ولمدة 4 أيام، القافلة الأكبر بمناسبة المولد النبوى الشريف بمشاركة مؤسسة المستقبل الأمين، وبنكى الطعام والكساء.

{long_qoute_1}

تستهدف القافلة نحو 2200 طفل وتلميذ فى 11 قرية بوسط وشمال سيناء، هى: «المغارة، والمنجم، والحسنة، والمنبطح، وأم قطف، وودادى العمرو بالوسط، والجورة، والظهير، وشيبانة، والكيلو 17، والحساسنة برفح والشيخ زويد»، وتشمل كتباً دينية وثقافية ووطنية يتم توزيعها على الأطفال والأهالى، وعقد جلسات لتبادل الحديث والنقاش معهم، إضافة إلى حملة واسعة للكساء والغذاء من خلال توزيع ملابس شتوية وبطانيات ومواد غذائية وسلع وعصائر.

«المشروع كان موضع احتفاء وتقدير من الرئيس السيسى شخصياً، والتقى وفداً من المبادرة لتشجيعنا ومساعدتنا على أنشطة معايشة واحتضان أطفال القرى البعيدة والمهمشة بسيناء لتنمية الانتماء للوطن لديهم، وتغيير وتطوير ظروف البيئة المهمشة عندهم»، يقول الدكتور عادل القاسم، المنسق العام لـ«مركز دراسات تنمية سيناء»، ومؤسس قافلة شعاع الخير، مضيفاً: «إحنا بنحاول نسترد الأطفال ونشء سيناء مرة أخرى، ننظم أنشطة مختلفة ونحاول تطوير ظروف البيئة مثل المدارس بتوفير شبابيك وأبواب وأدوات دراسية»، محاولة للتغيير على مستويين، حسبما يشير، الأول هو تمكين الشباب الناقم على الأوضاع من التغيير الإيجابى ومنحه فرصاً حقيقية لتغيير بيئته وتطويرها وتحسين ظروفه، أما المستوى الثانى فيتعلق بالأفكار والقيم والمبادئ التى تسعى المبادرة لغرسها فى نفوس الأطفال والشباب على حد سواء: «بنعمل حلقات نقاش ونتبادل الحديث حول قضايا وأفكار بصورة مبسطة، وبدأنا بقرية واحدة ووصلنا إلى 15 قرية الآن فى شمال ووسط سيناء، إحنا عايزين نحاصر الإرهاب ونحاربه لكن بصورة أخرى، هذا هو محور الفكرة من الأساس».

يرى «القاسم» أن المقاومة الفكرية للإرهاب هى الدور الأساسى الذى يجب أن تتشارك فيه مؤسسات المجتمع المدنى بمختلف أنواعها، جنباً إلى جنب مع المواجهة الأمنية والعسكرية التى تقوم بها القوات المسلحة والشرطة المدنية ضد العناصر الإجرامية والإرهابية: «بنقول لكل منظمات المجتمع المدنى تعالوا نحط إيدينا فى إيدين بعض، ولا نترك الجيش بمفرده يواجه الإرهاب، الجيش والشرطة يقومان بدورهما، لكن أين دورنا نحن فى المواجهة الفكرية والثقافية والاجتماعية، إحنا سايبين الجيش وبنتفرج عليه، وده خطأ كبير»، يؤكد «القاسم» أنه يوجد تجاوب واسع بين أهالى القرى المختلفة، لا سيما بين فئة الشباب الذين يبادرون بالمشاركة والتفاعل: «الحمد لله هناك تجاوب كبير، وأهالى وقبائل بقوا هما اللى يطلبوا تكرار مثل هذه الزيارات والأنشطة، وقدرنا نأثر بشكل واسع، وللأسف الكل يعلم أن أهالى سيناء بيدفعوا تمن كبير وشايلين حمل تقيل، واحنا بننتهز أى فرصة لمساعدتهم والتعاون معاهم لأن ده دورنا، ولأن هذه الأرض غالية علينا كلنا، ولأننا شعب واحد ومجتمع واحد لازم يمد إيديه لبعضه».

{long_qoute_2}

أول نشاط لحملة «سيناء فى القلب» بدأ عام 2010 عقب السيول التى ضربت مناطق مختلفة فى سيناء، من خلال إغاثات ومساعدات مادية وعينية قامت الحملة بإرسالها، لكن مع مرور الوقت تطور دور الحملة إلى أبعد من ذلك، كما يوضح أستاذ المحاسبة بكلية التجارة جامعة الزقازيق: «اكتشفنا أن القضية قضية فكر فى الأساس، وأن هناك أطفالاً سيناويين يشعرون بضياع ولا يشعرون بالوطن، فقررنا على الفور اتخاذ هذا المنهج الجديد، والتركيز على مخاطبة الأفكار والاتجاه إلى المدارس والحضانات وتنفيذ أنشطة ثقافية وترفيهية مختلفة، إلى جانب المساعدات المقدمة»، موضحاً أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، أول الداعمين للمبادرة والتوجه نحو التنمية الفكرية وعدم الاقتصار على الإغاثات فقط، فيقول: «الرئيس السيسى حين جاء وزيراً للدفاع دعمنا فى هذا الموقف وساعدنا ومكاننا من أن ننقل أطفالاً من قرى سيناء إلى القاهرة واستضافهم فى أحد فنادق القوات المسلحة، وعملنا لهم معسكراً كان رائعاً، وعرفناهم على معالم القاهرة ومقتطفات من التاريخ وعقدنا أنشطة وزيارات عديدة وكانوا فى غاية السعادة والانبهار ولما رجعوا سيناء نقلوا الصورة اللى شافوها». بعد انتخابه رئيساً للجمهورية، استمر دعم الرئيس للتنمية الفكرية والاجتماعية فى سيناء، وطالب بتكثيف تلك الأنشطة والزيارات، بحسب «القاسم» الذى يضيف: «بعد انتخاب الرئيس السيسى، قابلنا وأيدنا وقدم لنا الدعم والمساعدة وقال لنا أنا معاكم وعايزين نتوسع فى الأنشطة اللى بالشكل ده لأنها شىء فى غاية الأهمية، خاصة الأطفال باعتبارهم المستقبل»، بالرغم من دعم الرئيس، فإن الدكتور عادل القاسم ينتقد تقصير بعض الأجهزة الرسمية، معتبراً أنها لا تقوم بدورها بالشكل المطلوب والفعال، قائلاً: «إحنا عندنا بعض الأجهزة عبارة عن جثث هامدة، لا تتحرك بل إنها توقف المراكب السايرة، وفى كل سفرية بنروحها بنحفر فى الصخر علشان نواصل دورنا». فى اليوم الأول لأنشطة القافلة التى تسبق مناسبة المولد النبوى، تجاوب العديد من الأطفال والشباب مع فريق المنظمين والمتطوعين الذين قطعوا ما يزيد على 600 كيلومتر لزيارتهم، من بينهم حسن رحيم، الذى يقيم فى قرية المغارة بوسط سيناء، وأبدى سعادته الكبيرة بالتوجه الذى وصفه بالجديد، قائلاً: «كلنا بنشعر بفرحة لما بيزورنا أهالينا وإخواتنا من القاهرة، خاصة أن قافلة شعاع الخير تركز على الجانب الفكرى والثقافى، وهذا الدور مهم جداً وكان مهملاً لسنين وشهور طويلة، صحيح عندنا ناس كتير فقراء محتاجين مساعدات أكل وشرب وكساء، لكن الأهم من كده هو العقل والتفكير وقيم الخير وحب الوطن، خاصة غرسها فى الأطفال والنشء علشان يكبروا على وعى تام بهذه المفاهيم»، الشاب الذى يبلغ 23 عاماً من عمره، دعا منظمات المجتمع المدنى، من جمعيات ومؤسسات وأحزاب وأندية، إلى القيام بدورها تجاه سيناء حسبما يقول: «كله عمال يتكلم عن اللى بيحصل فى سيناء، وبيسألوا الجيش وصل لحد فين، لكن محدش بيقوم بدوره إلا ناس قليلة جداً، نحن كشباب وأطفال وأهالى قرى شمال ووسط وجنوب سيناء نحتاج لكل مبادرة بهذا الشكل، ويسعدنا حضور أى شخص إلينا ليمد يده بالمساعدة».


مواضيع متعلقة