المنيا: أكثر من 2300 جمعية أهلية.. «الفقر» يضرب القرى و«البطالة» تحاصر المدن

كتب: إسلام فهمى

المنيا: أكثر من 2300 جمعية أهلية.. «الفقر» يضرب القرى و«البطالة» تحاصر المدن

المنيا: أكثر من 2300 جمعية أهلية.. «الفقر» يضرب القرى و«البطالة» تحاصر المدن

رغم أن محافظة المنيا تحتل المرتبة الأولى بين محافظات الصعيد من حيث عدد الجمعيات الأهلية، بعدد يتجاوز 2000 جمعية مسجلة، فإن معدلات الفقر والبطالة تواصل ارتفاعها، بسبب غياب المشروعات التنموية، حيث إن معظم هذه الجمعيات لا يتجاوز وجودها مجرد «لافتة» معلقة على أحد الجدران، دون أن يكون هناك مقر لها، بينما يعمل البعض الآخر وفق أجندات خاصة بالقائمين عليها، يغلب عليها الطابع السياسى، ومنها ما تهدر أموال المنح فى عقد ندوات وورش عمل «وهمية»، سماها البعض «جلسات الكيك والبريك»، دون أن يكون هناك أى أثر لها على «لعنة الفقر»، التى تلاحق الأهالى فى معظم قرى المحافظة، أو «البطالة» التى تحاصر شباب مدنها.

{long_qoute_1}

وأكد ياسر التركى، ناشط حقوقى ورئيس جمعية تنمية المجتمع بقرية بنى محمد شعراوى، أن «90% من الجمعيات عبارة عن لافتات على حوائط فقط بلا مقرات، وتخالف اللوائح التى أنشئت من أجلها، بل وتنفذ أجندات معينة، ما جعل العديد من الأهالى يتهمونها بالتربح، دون الاهتمام بمشاكل المحافظة الحقيقية، أو البحث عن حلول للقضايا الراهنة، فى ظل الحالة الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد»، وأضاف أن «محافظة المنيا يوجد بها نحو 2350 جمعية مشهرة، وعندما نسمع هذا الرقم الضخم، نظن أن المحافظة ستشهد حلولاً جذرية للقضاء على مشاكلها، كما أن هناك حالة من الازدحام غير المبرر للجمعيات الأهلية، التى أثارت حولها الكثير من الشكوك، تمثلت فى طبيعة عملها وتمويلها بطرق مختلفة وسرية أحياناً، والشىء المريب أن بعضها ينشط فى أوقات معينة، مثل الانتخابات والاستفتاءات، ما يكشف عن وجه قبيح، مرتبط بالحصول على تمويلات، أو ما يعرف بالسبوبة»، حسب وصفه.

وأشار «التركى» إلى أن هناك نحو 22 جمعية فقط تستحوذ على المنح الأجنبية، ولديها ميزانيات ضخمة، تم حل مجلس إدارة إحداها مؤخراً، وتبين أن رئيسها كان يصرف لنفسه راتباً 70 ألف جنيه شهرياً، أما باقى الجمعيات فوصفها بأنها «مجرد كومبارس»، فى الوقت الذى تعانى فيه الجمعيات التنموية الجادة بسبب عدم توافر أى دعم لها من الدولة، كما لفت إلى أن رؤساء بعض الجمعيات لهم نفوذ وعلاقات بالمسئولين فى وزارة التضامن، ويحصلون على العديد من الامتيازات، وأكد أنه يجب على الوزارة توزيع أموال المنح بالمساواة والعدل على الجمعيات، حسب نشاطها على أرض الواقع.

أما محمد الحمبولى، رئيس «جمعية الحريات والحصانات وتنمية المجتمع» بالمنيا، فبدأ حديثه لـ«الوطن» بقوله إن «الجمعيات الأهلية فى المحافظة تعانى عدم تعاون التنفيذيين، وعدم وجود تمويل حكومى، ومن الطبيعى أن نجد العديد من الجمعيات لا تلعب دورها فى خدمة المجتمع، فنحن نعانى من التعنت الواضح من جانب بعض المسئولين، لأن طبيعة عملنا هى كشف الفساد، وللأسف يتعامل المسئول على أن الفساد شىء شخصى ضده، وليس عملنا من أجل المصلحة العامة وتحقيق منفعة للمواطنين، ثم بعد ذلك تطلق الشائعات علينا بأننا نحصل على تمويلات أجنبية، وهذا عارٍ تماماً من الصحة، لأنه لا توجد جمعية تحصل على دعم خارجى إلا بعد موافقة وزارة المالية».

وأشار «الحمبولى» إلى وجود عشرات الجمعيات التى تعمل بشكل وهمى، وليس لها مقرات، ولكنها تعمل من أجل مصالح شخصية لجهات معينة، وما زالت الجهات الرقابية فى غياب تام عن فحصها والتأكد من هويتها، بحسب قوله، مطالباً بتفعيل توزيع المنح التى تأتى للدولة بالتساوى على الجمعيات المختلفة، وكذلك قيام وزارة التضامن بالتمويل، ثم الحساب الشديد لكل مقصر فى عمله.

وقال خيرى فؤاد، أمين عام الاتحاد الإقليمى للجمعيات الأهلية بالمنيا، إنه «عقب ثورة 25 يناير، تم إشهار مئات الجمعيات، لكن للأسف الشديد اكتشفنا أنها أنشئت من أجل الشهرة والشخصنة ولأهداف دينية وسياسية فقط»، مضيفاً أنه تم تحديد عدد من الجمعيات، بلغ عددها 78 جمعية، وأغلبها لأشخاص وأعضاء ينتمون إلى «جماعة الإخوان»، وعند التأكد من خلطها الدين بالسياسة، والابتعاد عن أهدافها الرئيسية، صدر قرار وزير التضامن السابق بوضعها تحت إشراف الوزارة، لمراجعة أنشطتها، بعدما تبين أنها مخالفة للقانون رقم 84 لسنة 2004، ولفت إلى أن أبرز المشكلات التى تواجه الجمعيات تتمثل فى ضعف التمويل، وعدم مساعدة الأجهزة التنفيذية للجمعيات لعدم إيمانهم برسالة العمل الأهلى، وعدم تطبيق عدد كبير من الجمعيات للوائح والقانون، مطالباً بسرعة عمل دورات مكثفة لرفع القدرة التأسيسية، من خلال برنامج تدريبى، تحت إشراف الاتحاد ومحافظة المنيا.

وأشار «فؤاد» إلى أن هناك صعوبة فى حصول الجمعيات على ما يسمى بـ«صفة النفع العام»، من أجل الاقتراض من البنوك، ما يعوق عمل العديد منها ويعطل الكثير من المشروعات، وتابع بقوله إن «الشعب فاق، ولا توجد أى جهة تغريه»، مؤكداً أن «زمن كرتونة الزيت والسكر انتهى»، مطالباً بتشديد الرقابة على كافة الجمعيات، خاصةً التى تحصل على تمويلات خارجية، نظراً لخطورتها على الأمن القومى، وخوفاً من عملها لحساب أجندات خارجية، «فى وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى التماسك»، على حد تعبيره.

من جانبه، أكد وكيل وزارة التضامن الاجتماعى بالمنيا، مصطفى عبدالله، أن الوزارة وضعت آلية تحدد أوجه صرف المنح الأجنبية، لضمان إنفاق هذه الأموال على مشروعات تنموية حقيقية، أو مساعدات تعود بالخير والنفع العام على المواطنين، كتوزيع سلع غذائية وبطاطين وخلافه، أما فى حالة إنفاق هذه الأموال كالمعتاد على عقد ورش عمل وندوات ولقاءات ومؤتمرات، وصرف بدلات، ففى هذه الحالة لن يتم السماح بالمنح الخارجية، وأضاف أنه تم حل مجالس إدارات 400 جمعية لأسباب تتعلق بعدم انعقاد الجمعية العمومية لأكثر من عامين، أو لعدم وجود مقرات لها، أو لوجود مخالفات مالية وإدارية، أو لممارسة أنشطة سياسية ومخالفة اللوائح، وذلك بعد موافقة الاتحاد العام للجمعيات.

كما كشف تقرير صادر عن إدارة الجمعيات والاتحادات بمديرية التضامن الاجتماعى بالمنيا، أنه تم تجميد أموال 76 جمعية، كما تم حل 12 جمعية نهائياً، وتم عزل 35 مجلس إدارة، وإحالة جمعية للنيابة العامة؛ لوجود مخالفات مالية جسيمة، ولفت التقرير إلى تشكيل لجان بالإدارات لمراجعة مستندات الجمعيات المجمدة أموالها، لمعرفة أوجه الصرف وإنفاق الأموال، ومراجعة الإيرادات لمعرفة مصادرها.


مواضيع متعلقة