رفعت السعيد لـ«الوطن»: رئيس البرلمان «ثقيل الظل».. ويخضع لضغوط «دعم مصر» و«غوغائية المجلس»

كتب: عادل الدرجلى

رفعت السعيد لـ«الوطن»: رئيس البرلمان «ثقيل الظل».. ويخضع لضغوط «دعم مصر» و«غوغائية المجلس»

رفعت السعيد لـ«الوطن»: رئيس البرلمان «ثقيل الظل».. ويخضع لضغوط «دعم مصر» و«غوغائية المجلس»

قال الدكتور رفعت السعيد، رئيس المجلس الاستشارى لحزب التجمع: إن مصر تعانى من وزراء قرأوا كتباً «فقدت صلاحيتها» منذ 50 عاماً، مشيراً إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى «صابر على الحكومة بعض الشىء، وأرى أنه كفاية كده»، لافتاً إلى أنه يبذل مجهوداً حقيقياً ومخلصاً ونظيفاً، وهذه «عملة نادرة» الآن، لكننى أتمنى أن يفقد قليلاً من صبره على وزرائه، مضيفاً أن سلك الرضاء الوطنى جيد، والمشكلة متعلقة بسلك الرضاء المجتمعى، منوهاً بأن هناك مواطنين «جوعى»، مطالباً بضرورة ضبط حالة «الخبل» الموجودة فى توزيع الدخل القومى، والخضوع المرير والمهين لكبار المليارديرات، خصوصاً أن الحكومة غير قادرة على السيطرة على تلك الفئة فى المجتمع. وأوضح «السعيد» فى حوار خاص لـ«الوطن»، أن المشكلة هى «أننا لا بد أن نشعر بأننا كلنا مصريون على قدم المساواة نحاسب أمام المجتمع»، مشيراً إلى أنه قال لرئيس الوزراء «أنصتوا لصهيل الجياد»، أى أنه يجب أن يسمع أنين المواطن، لافتاً إلى أن الطبقة الوسطى فقدت حالة «الإشباع»، وهذه الفئة هى العمود الفقرى للمجتمع، وبالتالى لا بديل عن تطبيق «الضرائب التصاعدية»، للخروج من المأزق الحالى، ويجب أن نأخذ من كبار المليارديرات بعضاً مما يكتنزون، وأن نعطى هذا لفقراء الوطن.. وإلى نص الحوار:

{long_qoute_1}

■ كيف ترى المشهد الحالى فى مصر الآن؟

- المشهد الحالى يُنبئ بأننا نعانى من مجموعة من الوزراء، أعتقد أنهم قرأوا كتباً فقدت صلاحيتها، منذ 50 عاماً، وما زالوا يتخيلون أن القضية هى أننا نعطى للمستثمرين كل ما يطلبون، بل أكثر مما يطلبون، على أساس أن هؤلاء سيقومون بعملية تشغيل للعمالة، وبالتالى تحدث حركة فى السوق وعجلة الإنتاج تدور، وهى فكرة انتهت فى المجتمع الرأسمالى العاقل، وبقيت لدى بعض أجزائه غير العاقل، وأذكر أننى كنت فى إسبانيا فى ندوة عن كيفية مواجهة «قوى التأسلم السياسى»، وكان موجوداً معى أستاذ اقتصاد، فقلت له هذه الرؤية التى تطبّق فى مصر، فقال لى: «ياه لسه فيه بنى آدمين بيفكروا بهذه الطريقة، هو إحنا إيه اللى يخلينا نجيب واحد نشغله، ما يقعد ونعطى العاطل معاش بطالة، وأسيبهم وهما لوحدهم سينتهون، يأخذون هذه الأموال وتُنفق فى أمور خطأ وننتهى منهم»، وأنا طبعاً ضد هذه الفكرة أيضاً، فإن الفكرتين تعبير عن وحشية النظام، والفهم الخاطئ للنظام الرأسمالى.

■ وما الفكر الصحيح من وجهة نظرك؟

- الصح أنه لا يمكن تحقيق أى تقدّم دون «رضاء مجتمعى»، والمجتمع المصرى به سلك يُعبّر عن الرضاء الوطنى، وسلك يعبر عن الرضاء المجتمعى، الأول: «شغال زى الفل»، فإن الشعب يحب الرئيس السيسى ويؤيد مواقفه، ويقف ضد الجماعة الإرهابية، ويعتبر أن الحفاظ على وحدة مصر وعلى الوضع السياسى القائم مهمة وطنية، أما السلك الآخر الخاص بالرضاء المجتمعى، فهناك مواطن جائع، أو سيجوع، ويرى عبر الفضائيات حديثاً عن أغنياء يقومون بأفراح لأبنائهم تصرف ملايين الدولارات خارج مصر، كما يرى أن هناك أزمة فى الدولارات لشراء دواء للمرضى أو قمح أو سكر، بينما هناك دولارات لشراء طعام «القطط والكلاب» أو تفاح للباشوات، فإن حالة «الخبل الموجودة» فى توزيع الدخل القومى والخضوع المرير والمهين لكبار المليارديرات، ولـ«شاهبندر التجار» أحمد الوكيل، رئيس الغرف التجارية، الذى أصبح لأول مرة فى تاريخ مصر يُصدر تعليمات والحكومة تنفذها، وله الحق فى عقد مؤتمرات صحفية ويرفض التسعيرة الجبرية، ويقول إنها ضد القانون، وأنا لا أعلم لماذا هى ضد القانون، وبأى صفة يتحدث هو، فإنه شيخ كبار التجار. {left_qoute_1}

■ إذاً ما الأسلوب الأفضل من وجهة نظرك لعلاج الاقتصاد؟

- لقد كتبت «تويتة» على موقع «تويتر»، أقول فيها: «هناك مثل شعبى يقول، الثعبان اللى مابيعضش، الحبل أحسن منه»، وكذلك الحكومة «مش عارفة تعض أصحاب المليارات ولا عارفة تعض كبار التجار، ولا عارفة تاخد موقف حقيقى يحقق توازن بين المواطنين»، وهذا الكلام قلته للرئيس السيسى فى مؤتمر الشباب، وكنت أجلس على المنصة: «يا سيادة الرئيس الجندى الفقير اللى بيروح الجيش ويخرج هو والضابط بتاعه يحارب الإرهاب، ومستعدين للموت فى أى لحظة، إذا استُشهد سوف يستشهد وهو مبتسم وسعيد، لأنه ضحّى بحياته فى سبيل الوطن، أما لو جلس الضابط وفى يده كوب شاى بلبن وأرسل الجندى لمحاربة الإرهاب، فإنه لن يذهب، وإذا ذهب لن يحارب، وإذا حارب ومات هيموت وهو ممرور»، إذاً المشكلة هى «إما أن نشعر كلنا أننا مصريون على قدم المساواة، نحاسب أمام المجتمع»، فأنا مدرس تاريخ، وكنت أُدرّس للطلبة فى الجامعة، وأقول لهم إن الشعب المصرى له قوانين خاصة، ولا يمكن أن تعرف متى يتحرك، ولا نعلم متى يقوم بالثورة؟

■ وهل ترى أنه يمكن أن يقوم الشعب بثورة؟

- سبق أن قلت ذات مرة للمهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء: «أنصتوا لصهيل الجياد»، فإنها تصهل قبل الزلزال، فيعرف الناس، وعلى الحكومة أن تُنصت إليه، لكنه لا يريد أن يُنصت، ويتخيل أننا نخترع، ونحن لا نخترع، فإننى أخشى على مصر أكثر من رئيس الوزراء، وأخشى على الاستقرار، وأريد أن أقول لرئيس الوزراء شيئاً، إنه يقول إنه سوف يعطى المستثمرين كل ما يريدون من أجل الاستثمار، والسؤال هو هل هناك مستثمر «أهبل» مصرى أو أجنبى يمكن أن يأتى بأموال يستثمرها فى بلد وهو لا يضمن استقراره، وبالتالى عندما نطالب بالاستقرار، وحماية حقوق الفقراء ونطالب بالعدل الاجتماعى، يبقى إحنا «مش غلطانين»، فإننا نتحدث لأننا نريد لهذا المجتمع أن يستقر ويزدهر، فيجب الاستماع إلى صهيل الجياد، أى إنه يجب أن نسمع إلى أنين المواطن.

■ كيف ترى حزمة الإجراءات الاقتصادية المتخذة أخيراً فى ضوء ما ذكرت؟

- لست معترضاً عليها، لكن يجب أن يأخذ الفقراء حقهم، فقد خرج المتحدث باسم الحكومة وقال إن لجنة العدالة الاجتماعية اجتمعت وقررت الإجراءات اللازمة للحماية المجتمعية، كأن العدالة الاجتماعية هى الحماية المجتمعية، وهذا ليس صحيحاً، فإن العدالة الاجتماعية هى إعادة النظر فى توزيع الدخل القومى، والحماية المجتمعية هى أن تحمى مواطنين يسكنون فى أماكن مهدّدة لحياتهم، فلماذا نضحك على أنفسنا، فإذا كانت الحكومة «تُكنّ المعَزّة لصندوق النقد الدولى وتعتبره (بابا) طب (الماما) بتاعت الصندوق هى (البنك الدولى)»، خصوصاً أن البنك أصدر فى أكتوبر الماضى تقريراً عنوانه «العدالة الاجتماعية، كضمان لعدم تزايد موجات الإرهاب»، والحكومة عليها أن تأخذ من «ماما» مثلما تأخذ من «بابا».

■ لكن ألا ترى أن هناك ارتفاعاً كبيراً للأسعار مما يزيد معاناة المواطن؟

- أيضاً تقرير البنك الدولى تحدث عن أزمة اقتصادية فى المجتمع المصرى، وهى أزمة خانقة، وأن الدولة قامت بزيادة شرائح الكهرباء بنسبة 35% فى المتوسط، ونتيجة لانخفاض سعر الجنيه أمام الدولار، زادت الأسعار بصورة كبيرة، ولا يمكن احتمالها، إضافة إلى ذلك، قامت الحكومة بإجراءات أخرى من زيادة أسعار المحروقات وتعويم الجنيه، وزاد التضخّم والبطالة، والبنك الدولى يقول إننا خلال نصف العام الحالى، البطالة كانت قبلها 12%، الآن 12.5%، وعلينا أن نضع فى الاعتبار مشاعر الناس حتى لا «نتعب»، خصوصاً أن المسألة ليست فقراء فقط والوقوف عند حد 43% تحت خط الفقر، وإنما تخطى هذا الحد إلى أفراد الطبقة الوسطى، التى كانت لديها حالة تسمى فى الاقتصاد «الإشباع»، وهى أن يكون مستوراً، وهؤلاء فقدوه مع الكثير من دخلهم، وهذه الفئة بالمناسبة هى العمود الفقرى للمجتمع، التى تعبّر عن رضاء أو عدم رضاء المجتمع، لأن الفقراء قد يعتادون على الفقر ويصبرون عليه، ويختزنون كراهية يعلم الله متى تنفجر، لكن الحكومة وسّعت بالإجراءات دائرة غير الراضين، وأصبحت تشمل نحو 70% من السكان، فكيف نعيش فى هذا المجتمع.

{long_qoute_2}

■ هل كانت هناك حلول أخرى؟

- هو أن تأخذ من كبار المليارديرات بعضاً مما يكتنزون، وأن تعطى هذا لفقراء الوطن، فهناك تخيّل ووهم أن هذا «سيُطفش المستثمرين»، فهل هناك بلد لا يوجد فيه ضرائب تصاعدية، فلا يوجد هذا سوى فى مصر ودبى، لكن دبى تأخذ حقها من المستثمر، أما مصر فلا، فهناك دول تصل فيها شريحة الضرائب التصاعدية إلى 90%، وفى إنجلترا 40%، وفى فرنسا 60%، فحتماً لا بد من ضرائب تصاعدية، وإلا ما البديل إذاً، فإذا أردنا أن نُطبق الدستور ونُحدد نسبة للتعليم وللصحة، وأمامنا ديون كثيرة، فكيف نخرج من المأزق دون أن نأخذ من الأغنياء، «دا ناقص أن يقولوا إنه حرام»، فى حين أن الله يقول، «وَالَّذِينَ فِى أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ»، (سورة الذاريات)، والرئيس يتّخذ أسلوب «واضرب لهم مثلاً»، ويستقبل المكافحين، مثل «منى السيد»، التى لم تطلب شيئاً لنفسها، فقال لها ألا تريدين شيئاً، فقالت أريد الستر، ورجال الأعمال لا يشعرون وقلت للرئيس «الحداية لا ترمى الكتاكيت»، ولديهم نظرية «البحر بيحب الزيادة، ومش هيزهق فى يوم، والمليارديرات بتوعنا ماعندهمش ضمير باختصار شديد، فلا ضمير لهم، والوطن بالنسبة لهم كوم فلوس».

■ متى يتحسن وضعنا الاقتصادى؟

- عندما نتخذ إجراءات عاقلة، تؤدى إلى تحقيق عدالة فى توزيع الدخل القومى، بحيث تأخذ من الأغنياء أقل مما يجب أن يدفعوا، فإنهم يجب أن يدفعوا الكثير، لكن يجب أن نأخذ منهم أقل مما يجب أن يدفعوا على الأقل، ونُعطى للفقراء أقل مما يجب أن يأخذوا، وبهذا يمكن أن يتحقّق قدر من التوازن والرضاء، ونعطى للطبقة الوسطى قدراً محدوداً من الإشباع، وتستقر الأمور عدداً من السنوات حتى تمر الأزمة. {left_qoute_2}

■ وهل تسمع أنت «صهيل الجياد»، بمعنى هل ترى أن المواطن يعانى؟

- طبعاً، وأسمع أنين الناس، فالناس تعبانة ومستنكرة لما يجرى.

■ إذاً ورغم ذلك، كيف تفسر عدم نزولهم فى دعوات ما سُمى بـ«11/11» ثورة الغلابة؟

- ليس لها علاقة، فالإحساس الوطنى لدى الناس أكثر من الوزراء، وإخلاصهم لمصر أكبر، وهذا الإحساس هو ما منعهم من النزول، ودعنا نتأمل الوضع بهدوء وذوق ومحبة حقيقية للوطن، فإن الفقير الذى رفض النزول فى 11 نوفمبر، لأنه يخشى على مصر، يقول للحكومة «أنا أحسن منكم، فهو جعان لكنه يريد أن يحمى مصر»، وأنا أريد أن أسأل عن مرتب رئيس الوزراء، فإنه يتخطى الـ40 ألف جنيه، والحد الأدنى لدخل الفقير 322 جنيهاً فى الشهر، وهذا ما أخرجه رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، إذاً رئيس الوزراء يتقاضى 140 ضعفاً، فكيف هذا، ثم إن الرئيس السيسى نفسه تنازل عن نصف راتبه، وقبل ذلك تنازل عن نصف ثروته، ويتنازل وهو يعلم أنها لن تفعل شيئاً فى اقتصاد الدولة، لكنه يتبع أسلوب «واضرب لهم مثلاً»، فإن السعودية التى تمتلك أموالاً طائلة، خفّضت مرتبات الوزراء 20%، فلماذا لا يخرج رئيس الوزراء، ويقول إنه خفّض مرتبه، ومرتب وزرائه 20%، فإن هذا يجعل الناس تشعر ببعض الرضا، ثم إننا نتفهّم أن تكون سيارة الوزير مصفّحة، حفاظاً على حياته، لكن لماذا كل هذه السيارات فى الموكب، فإننى أطالبهم بالتقشّف والتطبيق على أنفسهم أولاً.

■ وهل يمكن وصف دعوات «الإخوان» بالنزول بـ«اللعب على وتر خاطئ»؟

- «الإخوان» تعلم جيداً أنه لا جمهور لها، وأن كل ما تبقى لها هم مجموعات من الخلايا النائمة، التى تُستخدم فى قنبلة هنا أو هناك، أو تفجير وإطلاق رصاص، ورغم أننى قضيت 35 عاماً أدرس تاريخ الإخوان، فإننى أسجل اندهاشى، أنه ما زالت لدى الجماعة القدرة على فعل ذلك، فهى لم يعد لها جماهيرية، وإنما لديها القدرة على أن يظل لها بعض الأتباع، وتشتريهم وتدفع الأموال لهم.

■ ولماذا إذاً تدعو إلى هذه الدعوات رغم علمها المسبق بفشلها؟

- لأنها ترغب فى قلق النائم الهادئ، بمعنى أن إنزال فِرق الجيش والشرطة فى الشارع، وإلغاء الإجازات والراحات للضباط والعساكر، كل هذا بأموال ويُقلق للراحة، ويحرق الأعصاب، وفى النهاية رد عليهم الشعب المصرى، وستظل الدعوات مستمرة حتى لا يكون هناك أى استقرار فى البلد، وبالمناسبة اختيار 11 نوفمبر لم يكن صدفة، فإنه يوم إعلان نتيجة هيلارى كلينتون، حبيبتهم وسندهم المؤيدة لهم، التى أنفقت عليهم، والتى أتت بـ«المعزول»، وكان الإخوان يريدون أو يتخيلون كما تخيل الكثيرون أن «كلينتون» ستفوز، فأرادوا أن يقدموا لها هدية، وأننا ننزل فى الشارع مساندة لك ونشكرك، فلما سقطت سقط معها الإخوان.

■ كانت هناك تصريحات كثيرة مثيرة للجدل من «ترامب».. كيف ترى هذه التصريحات؟

- ما أريد أن أؤكده، أن كلام المرشح شىء وكلام الرئيس شىء آخر، ويقال إن الرئيس الأمريكى تحكمه مؤسسات وهذا صحيح، ومنها وزارة الدفاع والمخابرات والكونجرس، ومؤسسات التفكير وإعداد الأوراق، وهذه المؤسسات تؤثر، لكن يجب الإشارة إلى أن شخص الرئيس أيضاً يؤثر، وأعتقد أن «ترامب» يمكن أن يكون مفيداً لمصر، لأنه يؤيد الموقف المصرى تجاه سوريا، وليبيا، ويؤيد الرفض المصرى لتقسيم الدول، إضافة إلى أنه يحترم الرئيس السيسى، لأن «ترامب» لديه إعجاب بالذات، وعندما يجد شخصاً مثل الرئيس السيسى، فى بلد «غلبانة زى مصر وبنستلف من هنا ومن هنا، وفى نفس الوقت عمال يقوى جيشه ويتحدى أمريكا والاتحاد الأوروبى وطهران وتركيا وقطر، ويزعل الأشقاء هنا وهناك، فإن ترامب ينظر إلى السيسى على أنه راجل جدع، وهو يحب التعامل مع النوعية التى تعتز بنفسها، واللى يثق فى التعامل معها، فإن السيسى ليس مخادعاً، فهناك رؤساء مخادعون، مثل أردوغان الذى يلعب كثيراً».

■ إذاً ترى أن «ترامب» سيكون تعامله أفضل مع مصر؟

- إننا نُقدّم افتراضات فى الأغلب ستكون ساذجة، لأنه لا يوجد أحد يعرف كيف سيتصرف فلان وهو مرشح أو رئيس، ولا حجم الضغوط التى ستُمارس عليه، وما أثر المظاهرات الاحتجاجية عليه، فإن الهدف من المظاهرات الاحتجاجية على «ترامب» ليس إسقاطه، وإنما تطويعه، وكأنهم يقولون له «يجب أن تتعدل علشان تبقى كويس»، وهو لأنه أصبح رئيساً لا يستطيع أن يتهم مؤسسات الدولة بأنها تُحرّك الاحتجاجات، وإنما يقول أجهزة الإعلام هى التى تحركهم، والسؤال هو: منذ متى وأجهزة الإعلام هى التى تحرك؟ ولو أن أجهزة الإعلام هى التى تُحرّك الناس، لكانت هيلارى كلينتون فازت، فجميعها كانت معها، فهناك محاولة للضغط على «ترامب» بعنصر الجماهير، وقد يصل الأمر إلى قتله، وهناك نماذج مثل جون كيندى، ونيكسون، وغيرهما، لأن المسألة ليست بسيطة أن يقود «ترامب» أمريكا فى اتجاه مضاد لكل ما بناه الأمريكان من سلطان فى أوروبا وعلاقاتها الدولية، وعلينا أن نعى أن هذه العلاقات ليست علاقات أخوة، فإن المؤسسات التجارية والمالية والمصرفية العابرة للقارات هى التى تحكم العالم، فكيف تقبل هذه المؤسسات أن يأتى شخص ويُدمّر تحالفاتها، فلا بد أنها ستضغط عليه من منطق حماية الرأسمالية، وليس منطق «أنا عايز وانت عايز»، ولا بد أنه سيخضع ويتقبّل هذا الضغط، فإن «ترامب سيفرق معنا، لكن مش أوى»، فهناك قوى خفية، فإننا نعيش فوق عالم خفى، و«الدول الغلبانة تعيش فى الهواء الطلق، ولا تدرى بما حولها، فهناك عالم ثانٍ غير مرئى يحكمنا، وهو الشركات العالمية، فهناك مؤسسات مخيفة، ولديها مراكز بحثية خطيرة».

■ تحدثت عن تسليح الجيش رغم الظروف الاقتصادية.. فما رأيك فى من يعترضون على هذا التسليح الآن؟

- هناك من يعترض على تسليح الجيش، ويقولون «هل كان لازم ميسترال»؟، ونحن نقول: «أيوه طبعاً كان لازم، ولازم نكون جيش قوى، فإذا لم تكن جيشاً قوياً، فإن الأعداء متربصون بنا»، ويمكن لإسرائيل أن «تسيب علينا حماس وهى مستعدة لذلك، ونفسهم يعملوا ضد مصر ولو لحساب إسرائيل، وهم الآن يعيشون فى كنفها حلو ومبسوطين»، فأين الثورة وأين النضال الأبى، فكلهم مخادعون، فإننى أعتقد أن تسليح الجيش مهم، وهناك من يتحدّث عن مصدر أموال التسليح، فيُقال إنها أموال الجيش وليست من موازنة الدولة، فيُقال له ومن أين جاءت أموال الجيش، فإنهم يهاجمون على الفاضى، فإن الجيش يدخل فى المشاريع وبيكسب، وهذا المكسب لا يأخذه الجنرالات، وإنما ينفق على أهداف وطنية أشمل.

■ وما رأيك فى المشروعات القومية فى مصر.. وهل تؤيد اتجاه الرئيس فيها؟

- فى المشروعات القومية نعم أؤيد اتجاه الرئيس، أما فى الإدارة الاقتصادية فأعتذر إذ أقول إنه غير مكتمل، فلا بد من أن يتجه الرئيس إلى فرض الضرائب التصاعدية أو اتخاذ إجراءات مثيلة لها، وأن يأخذ من الأغنياء ولا يطلب منهم، فإنه حتى الآن يطلب، ويجب عليه أن يأخذ.

■ إذاً أنت ترى أن النواب يهاجمون الحكومة لرفع أسهمهم لدى دوائرهم؟

- نعم هجوم النواب على الحكومة هدفه دغدغة مشاعر أهل الدائرة، ولا أعتقد أن الكثيرين منهم ذوو نزعة عاطفية لدى الفقراء، والديمقراطية تعنى الشفافية، والشفافية تعنى التكافؤ، فإذا لم توجد انتخابات يسودها التكافؤ، ستظل البرلمانات تتكون من نواب «أتوا بها»، وبالتالى أنا طموحى خلال الانتخابات المقبلة، أن يتدخّل الرئيس السيسى ولا يترك الأمر على ما هو عليه، فإذا كانت البرلمانات شُرعت لكى يأتى إليها الأغنياء، إذاً فليشرعوا لأنفسهم، ونحن لا يخصنا الأمر «ومالناش دعوة».

■ وما تقييمك لأداء البرلمان؟

- تقييمى سلبى، ورأيى أن هذا طبيعى، لأنه وفق حسابات البرلمانات العادية، ودائماً البرلمان عند تشكيله يكون به 60 أو 70% من النواب القدامى، وهذا طبيعى، فيكون لدينا باستمرار طقم مدرّب وعارف ما يفعله ودارس للائحة، والمجموعة الجديدة تدخل تذوب فى هذه النسبة، أما البرلمان الحالى، فلا يوجد فيه نواب قدامى، وفكرة «دعم مصر» جاءت من أجل أن تكون حاضنة لهؤلاء النواب الجُدد، لكن لسبب أو لآخر لا أعتقد أن الائتلاف أدار الموضوع بكفاءة، وهذا أدى إلى أن بعضهم تصور أنهم هم من يحكم، فيُعطى تعليمات هنا وهناك، وعلى أى حال وجهة نظرى أنه ما زال عندى أمل أن هذه الدورة قبل أن تكتمل يكون النواب أتقنوا إلى حد ما أسلوب العمل فى البرلمان.

■ وما تقييمك لرئيس المجلس؟

- هناك مشكلة فى رئيس المجلس، وهو يتخيل أننى «باستقصده»، وهذا غير صحيح، وأنا أسأل سؤالاً، إذا جئنا برؤساء المجالس التشريعية منذ بداية مجلس شورى النواب فى عهد الخديو إسماعيل وحتى الآن، ستجد أن الدكتور على عبدالعال هو الأخير فى الترتيب الزمنى، وترتيبه فى الأداء الأخير أيضاً، لأنه أولاً: شخص عصبى، ورئيس المجلس لا بد أن تكون لديه القدرة على التحكم فى نفسه، لكى يتحكم فى المجلس، وثانياً: «مابيعرفش يهزر وييجى يهزر فتطلع طوبة تصيب وش اللى قدامه، فإنه يحاول أن يكون خفيف الدم، لكنه بيكون ثقيل الظل، وهذا لا يجوز»، وثالثاً يخضع لضغوط «دعم مصر»، وهذا لا يجوز أيضاً، ولو أنا رئيس حزب يمتلك أغلبية، سأتعامل مع هذا الحزب بحياد كامل، وهذا الطبيعى، فلا يجوز أن أجعل البرلمان فى ركاب الحزب الخاص بى، فهذا لا يجوز، إضافة إلى أنه يخضع لضغوط غوغائية المجلس، فهناك عدد من النواب يرفعون أصواتهم فيعطيهم الكلمة، وهذا خطأ، فهناك طريقة أخرى، وهى تطبيق اللائحة بشكل حاسم، وهو لا يستطيع تطبيق اللائحة، ورئيس المجلس ليس من المفترض أن يحاول توجيهه، وإنما يقول رأيه فى النهاية، لكنه يقوله فى البداية، وهذا خطأ، فكما نأمل أن يتعلم النواب الأداء البرلمانى، أتمنى أن يكون رئيس المجلس تدرّب أيضاً.

■ وكيف ترى نظرة الرئيس إلى الحكومة؟

- الرئيس يصبر على الحكومة بعض الشىء، وأرى أنه يجب ألا يصبر، و«كفاية كده».

■ هل ترى تغييراً كاملاً أم جزئياً لها؟

- أرى أن هناك وزراء جيدين، لن أذكر أسماء بعينها، والمشكلة هى فى من يفهم ويستطيع أن يُطبّق ما يفهمه، وهؤلاء فى الحكومة لا يتعدى عددهم 5، وهناك وزراء تفهم، وفى التطبيق لا تستطيع، لأنه ليس لديه أى إحساس، بالتعاطف مع الفقراء، وأنا أحب «السيسى» وأُقدّره لكن هناك فرقاً فى السياسة بين أنك تحب واحد وبين أنك تُقدّر أداءه، وأعتقد أن الرئيس يبذل مجهوداً حقيقياً ومخلصاً ونظيفاً، وهذه عملة نادرة الآن، وأتمنى أن يفقد قليلاً من صبره على وزرائه.


مواضيع متعلقة