"سمير" و"ميكي" و"علاء الدين".. ذكريات تقاوم من أجل البقاء

كتب: محمود عباس

"سمير" و"ميكي" و"علاء الدين".. ذكريات تقاوم من أجل البقاء

"سمير" و"ميكي" و"علاء الدين".. ذكريات تقاوم من أجل البقاء

صفحات أنيقة تزدان بها أكشاك بيع الصحف والمجلات، تعرض بين جنباتها شخصيات كارتونية مرسومة يهرول إليها الأطفال من كل حدب وصوب، بعضهم تعلق قلبه بالأحداث التي تدور بين شخصية "ميكي" وأصدقائه "بندق" و"عم دهب" وما يلحق تلك الحكايات من ألغاز طريفة تنتظر حلها، وآخرون استمتعوا بقصص "علاء الدين" ونوادره الطريفة مع "مرجان"، وفئة ثالثة لم ترض بـ"سمير" ورفاقه البواسل بديلا، لتصنع تلك المجلات الثلاث، على مدار نصف قرن من الزمان، عالما من الحب والبراءة عاش بداخله الصغار وعشقوا ذكراه كبارا.

60 عاما كاملة قضتها "مجلة سمير" وهي تنشر البهجة بين الأطفال بقصصها الكوميدية التي ظهرت مع الأعداد الأولى لها، إلا أن بث القيم الدينية والوطنية في نفوس الأطفال كان الهدف الأسمى للمجلة منذ تأسيسها، بحسب ما أكدته للدكتورة شاهيرة خليل، رئيس تحرير المجلة، "من الصعب إن سنة تعدي من غير ما نحتفل بشهر رمضان ونعمل 4 أعداد خاصة بالمظاهر الدينية فيه، ونفس الحكاية في احتفالات 6 أكتوبر اللي بنقدم فيها قصص مصورة ومرسومة عن أبطال الحرب وبطولاتهم".

العدد الإسبوعي مجلة "سمير" تحظى افتتاحيته دائما بالقصة المصورة التي يرسمها فنانون مصريون قادرون برسمهم على التعبير عن الطابع الكوميدي الساخر التي تتميز به حكايات المجلة، ناهيك عن باب ديني ثابت بعنوان "أحباب الله"، الذي يحوي أحاديث نوبية وقصص من السيرة للأطفال، وآخر يتعلق بإرشادات للفتيات عن الاهتمام بصحتهن، علاوة على باب استحدثته "خليل: خصيصا للأطفال عن كل ما هو جديد في عالم الحاسب الآلي، "الأطفال نفسهم اللي بيبعتولنا اللي ننشره في الباب ده، وبنستغل متابعتهم المستمرة للتكنولوجيا وبنعرفهم الزاي يوجهوها في الطريق الصحيح".

الشخصيات التي تعلق بها الأطفال في مجلة "سمير" شابها الكثير من التطوير، وفقا لرئيس تحرير المجلة، فشخصية "سمير" نفسها تغيرت هيئتها تماما لتبدو ملابسه مشابهة لأطفال ذلك العصر ويظهر أحيانا ممسكا بهاتفه الخاص ليدبر مغامرته المقبلة، مع إضافة شخصيات جديدة للمغامرات مثل "عم عطية"، الفلاح الذي يعلّم الأطفال الأصالة وحب الوطن، غير أن المجلة تحوي صفحتين كاملتين بعنوان: "سمير زمان"، يعود الأطفال من خلالهما إلى ما نشرته المجلة من قصص مصورة منذ أكثر من 50 سنة.

"ورشة سمير"، هي فكرة نفذتها الدكتورة شاهيرة خليل من أجل تنمية مواهب الأطفال في الرسم، فهي تستقبل رسومهم كل إسبوع وتنشر ما يتناسب معها في العدد القادم من المجلة، "الأطفال دلوقتي إقبالهم على القراءة بقى ضعيف، عشان كده كان لازم نعمل حاجة نقوي بيها تواصلهم معانا ونحببهم في موهبتهم".

محاولات التطوير ذاتها كانت هدفا للمسؤولين عن دار نشر "نهضة مصر"، التي تولت تحرير مجلة "ميكي" منذ 13 عام، بحسب الكاتبة الصحفية دالية إبراهيم، رئيس تحرير المجلة، التي أكدت أن المجلة احتفظت بكل شخصياتها المعروفة مثل "ميكي" و"بطوط" و"عم دهب" وإخراجها بشكل يتناسب مع روح ذلك العصر، ناهيك عن الألغاز والكلمات المتقاطعة التي تجذب انتباه الأطفال، غير أن المجلة أضافت أبوابا جديدة تخرج عن إطار "الحدوتة"، "حاولنا يكون التناول عصري بإننا أضفنا باب جديد اسمه تسالي ومعلومات، وده بننشر فيه كل عدد حاجات جديدة للأطفال عن مصر الحديثة وتاريخها".

"الفلاش باك"، هي وسيلة تنتهجها "ميكي"، أحيانا، لجذب عدد أكبر من الأطفال، وذلك عبر نشر حكايات قديمة تتعلق بذكريات عالم البط ومغامراتهم السابقة، ولا مانع من استحداث شخصيات جديدة تمثل جيلا ثانيا منهم، "عملنا شخصية اسمها بطبط، وده هي نفسها شخصية بطوط بس وهو طفل".

القصص المصورة التي يختارها مسؤولو "نهضة مصر" لنشرها بمجلة "ميكي"، هي ذاتها التي تنشرها المجلة في العديد من البلدان الأخرى التي أخذت حق إصدار المجلة من شركة "والت ديزني" العالمية، "إحنا بناخد القصص ونعيد تحريرها بالشكل اللي يتناسب مع الطفل المصري، وممكن نعدل فيها حاجات عشان نخلي الشخصيات عصرية تجذب الأطفال حاليا".

الأطفال ليسوا هم الفئة الوحيدة التي تخاطبها إصدارات "ميكي" وفقا لرئيس تحريرها، بل هناك شريحة إضافية تخصص لها المجلة 4 أعداد سنويا تحوي مغامرات يتعرض لها شخصيات المجلة بشكل يجذب الشباب في سن العشرين، "الأعداد ده بتزيد عن 150 صفحة، وعملناها لما حسينا إن كتير من الشباب لسه متعلقين ببندق وبطوط وميكي، وكانت نسبة الإقبال عليها كبيرة جدا".

لم تتحمس الكاتبة دالية إبراهيم" لتأليف قصص مصورة بأيدي ونشرها مصرية في مجلة "ميكي، رغم اقتناعها بوجود كتّاب مصريين يستطيعون تأليف الحكايات بشكل محترف، "المشكلة إن ماعندناش رسامين معتمدين على مستوى الوطن العربي كله يقدروا يرسموا شخصيات المجلة بشكل مناسب".

رغم تعامل الكثيرين معها على أنها "آخر العنقود" لمجلات الأطفال، إلا أن "علاء الدين" تظل علامة مؤثرة في تاريخ أدب الطفل لارتباط أجيال بشخصياتها، ولعل ذلك هو ما دفع الكاتبة الصحفية ليلى الراعي، رئيس تحرير المجلة، لابتكار خطة تطوير كاملة لها، "اهتميت إن العدد يكون فيه أكبر قدر ممكن من القصص المصورة، سواء الكوميدية اللي بتسلي الأطفال، أو قصص المغامرات الخيالية الطويلة اللي ممكن توصل 10 صفحات في كل عدد".

الرسم كان من الأولوليات التي اهتمت بها "الراعي" لتطوير مجلة علاء الدين، فاستعانت برسامين كبار من أمثال الفنان وليد طاهر الذي له قصة ثابتة في العدد الشهري للمجلة بعنوان: "كوكب الأكابر" ويغلب عليها طابع الخيال والكوميديا، وكذلك الفنان أحمد عبد الحميد الذي ابتكر شخصية "علي بوند" التي تجمع بين المغامرة والكوميديا في آن واحد، "في كل عدد بنعمل تحقيق مرسوم للأطفال عن تاريخ حاجة معينة تهمهم، زي الورق وتطوره من أيام الفراعنة".

الباب العلمي يعتبر أكثر ما تفتخر به رئيس تحرير مجلة "علاء الدين"، وهو عبارة عن سؤال عن شيء معين والإجابة عليه بشكل تفصيلي يسهل على الطفل استيعابه، علاوة على حكاية ثابتة بعنوان: "قصة اكتشاف" تحكي عن اختراع معين وتفاصيل الوصول إليه، "العدد الأخير عملنا قصة اكتشاف الغواصة، ومعلومات عن العالم اللي اكتشفها".

"فكّر معانا بصوت عالي" كانت الوسيلة التي حاولت بها "الراعي" التغلب على ضعف إقبال الأطفال على القراءة، وذلك عن طريق عرض المجلة لسؤال ونشر إجابات الأطفال عليه، "سألناهم هاتعملوا إيه بالفلوس، ونشرنا إجابتهم مدعومة بصور مرسومة لكل طفل شارك في المسابقة".

شخصية "علاء الدين"، التي قامت عليها المجلة، شابها الكثير من التطوير، سواء في شكله وملابسه أو في الحكايات التي تدور أحداثها حوله، فها هي قصته الأخيرة بعنوان: "ليس كل ما يتمناه المرء يشتريه"، وتحكي عن حاجته لـ"موبيل" وـ"لابتوب" وـ"ملابس أنيقة" دون أن يكون لديه المال الكافي لشراء ذلك، "الرسام وليد نايف قرر إنه يخلي الشخصيات قريبة جدا من أطفال العصر ده، سواء في شكلهم أو متطلباتهم".


مواضيع متعلقة