أصحاب المراكز: خاطبنا جميع مسئولى «الصحة» من نقص المستلزمات الطبية واشتكينا لـ«الأمن الوطنى» دون جدوى.. و«مُضطرين نقفل»

كتب: أحمد عصر

أصحاب المراكز: خاطبنا جميع مسئولى «الصحة» من نقص المستلزمات الطبية واشتكينا لـ«الأمن الوطنى» دون جدوى.. و«مُضطرين نقفل»

أصحاب المراكز: خاطبنا جميع مسئولى «الصحة» من نقص المستلزمات الطبية واشتكينا لـ«الأمن الوطنى» دون جدوى.. و«مُضطرين نقفل»

قال أصحاب ومديرو مراكز الغسيل الكلوى فى القاهرة والمحافظات إنهم يواجهون «سلسلة من الأزمات» فى الفترة الأخيرة، ما قد يعيق استمرار عمل مراكزهم خلال الأيام القليلة المقبلة، وهو الأمر الذى دفعهم إلى التهديد بإغلاق هذه المراكز بشكل نهائى فى وجه المرضى، نتيجة صعوبة الحصول على جميع مستلزمات جلسة الغسيل الكلوى الطبية دون استثناء، حيث أكدوا أن سعر جلسة الغسيل الكلوى لم يزد سوى 5 جنيهات فقط خلال 30 عاماً، فضلاً عن ارتفاع أسعار هذه المستلزمات التى أصبحت فى يد السوق السوداء بشكل كامل منذ عدة أشهر.

{long_qoute_1}

من جانبه، قال الدكتور عصام القبانى، مدير «مركز دمنهور للكلى» فى البحيرة لـ«الوطن» إن «مستلزمات جلسات الغسيل الكلوى كثيرة ومتعددة، ومنها المرشحات أو الفلاتر، والوصلات الوريدية والشريانية، والإبر، والمحاليل الطبية بأنواعها، فضلاً عن مواد التعقيم والبلاستر، وغيرها من المستلزمات التى لا غنى عنها لممارسة العمل فى أى مركز، وزيادة الأسعار خلال الفترة اللى فاتت كانت رهيبة جداً، لدرجة بلغت فيها زيادة أسعار الأدوية والمستلزمات المستوردة أكثر من 230%، والمحلى زاد من 60 لـ80%، وده بالنسبة لكل ما يخص جلسات الغسيل الكلوى من مستلزمات بدون استثناء».

وأضاف «القبانى» أن «أسلوب عمل هذه المراكز يكون من خلال التعاقد مع وزارة الصحة، على أن يقوم المركز بإجراء جلسات الغسيل للمريض، ثم تقوم الوزارة بعد ذلك بدفع مقابل هذه الجلسات للمركز، والوزارة بتحاسبنا على سعر الجلسة، لكن بالنسبة للمستلزمات الطبية اللى بنحتاجها مفروض إن الشركات اللى بتنتج المستلزمات دى هى اللى توردها لنا، وده طبعاً بقاله فترة ما بيحصلش، وجميع أنواع المستلزمات غير متوفرة، رغم إننا بعتنا عشرات الفاكسات للشركات، وقليل جداً لما حد منهم يستجيب لنا، وحتى لما بيردوا علينا بيقولوا لنا إن الحاجات دى فيها نقص أو غير متوفرة، فى حين إن كل مستلزمات الشركات دى بتتباع فى السوق السوداء، والحقيقة بقا إحنا ما نعرفش هل ده متعمد ولا فعلاً ده نتيجة أزمة الدولار، والوحيدين اللى يُسألوا عن كده هما رؤساء مجالس إدارة الشركات».

{long_qoute_2}

وأشار «القبانى» إلى أن «أكثر من 98% من حالات الغسيل الكلوى التى تجرى جلسات غسيلها فى المراكز الخاصة إما أنها تابعة للتأمين الصحى، وإما أن تكون على نفقة الدولة»، موضحاً أن سعر جلسة الغسيل الكلوى فى التأمين الصحى لم يتحرك سوى 5 جنيهات على مدى ثلاثين عاماً: «أنا متعاقد مع وزارة الصحة من سنة 1986، وكان تمن الجلسة وقتها 135 جنيه، ودلوقتى الجلسة تمنها 140 جنيه، فى الوقت اللى التكلفة الحقيقية للجلسة تجاوزت حالياً 260 جنيه، وده وفقاً لحسابات التأمين الصحى، ولو هنقول إن إحنا محتاجين هامش ربح على التكلفة دى، يعنى مفروض تمن الجلسة على الأقل يبقى 320 جنيه».

وأوضح «القبانى» أنه «فى حالة عدم تعديل أسعار هذه الجلسات من قبَل وزارة الصحة ستضطر مراكز الغسيل الكلوى الخاصة أن تغلق أبوابها خلال شهر على الأكثر، فقد خاطبنا جميع المسئولين فى وزارة الصحة، بداية بالوزير ووكيل الوزارة وغيرهما، لدرجة إننا اشتكينا للأمن الوطنى، ولحد دلوقتى محدش سأل فينا وكل اللى بناخده وعود وبس»، مشيراً إلى أن «الحل يكمن فى زيادة سعر جلسة الغسيل الكلوى، أو تقوم الجهات المسئولة بدلاً من ذلك بتوفير المستلزمات الطبية اللازمة لجلسات الغسيل مع تحديد هامش ربح، مش عايز ألجأ للحل الأخير، وهو إنى أقفل المركز بشكل نهائى، لأنى بضيّع 4 ساعات من وقتى كل يوم عشان أخاطب فيهم الجهات المسئولة عن توفير مستلزمات جلسات الغسيل، خاصة إن كل اللى عنده مخزون قديم من المستلزمات دى بدأ يخلص منه دلوقتى، وفيه مراكز قربت تقفل، وفيه مراكز تانية قفلت بالفعل، وأنا عن نفسى فى المركز بتاعى وقّفت استقبال مرضى جدد، وده إن دل فإنما يدل على كبر حجم الأزمة اللى إحنا فيها».

من جهته، أوضح الدكتور أشرف عبدالله، أخصائى الباطنة، ومدير مركز «رؤية» لأمراض الكلى والغسيل الكلوى فى البحيرة، حجم فارق الأسعار الذى طرأ على مستلزمات جلسات الغسيل الكلوى قائلاً: «أمبول الهيبارين كان سعره لحد قريب 2 جنيه، دلوقتى وصل سعره لأكتر من 10 جنيه، وكمان أزمة المحاليل اللى محدش فى مصر كلها دلوقتى ما سمعش عنها، خلّت عبوة المحلول الواحدة بدل ما كانت بـ2 جنيه ونص، رفعت لـ25 و30 جنيه، والكرتونة بعد ما كانت بـ30 جنيه، وصلت 130، وبعد كده نطت مرة واحدة لـ650 جنيه، وكلها سوق سوداء ومش عارفين نوصل لها كمان، ومتوسط سعر المرشح لحد قريب كان 45 جنيه، دلوقتى وصل لأكتر من 65 جنيه ومحدش لاقيه، وحتى جراكن المحاليل رفعت من 48 جنيه لـ62 جنيه للجركن الواحد».

ولفت «عبدالله» إلى أن «كل مراكز الغسيل الكلوى هنا فى البحيرة اتجمعت، وبعتت أكتر من إنذار لوزارة الصحة بسبب الموضوع ده، وعرفناهم إن الأزمة لو ماتحلتش هنضطر إننا نقفل المراكز لأننا بنخسر، بس مكانش فيه أى رد، ويوم 10 نوفمبر اللى فات بعتنا الإنذار الأخير وخلال 15 يوم لو مكانش فيه رد برضه كل مراكز محافظة البحيرة هتقفل بشكل نهائى، ولو كنا ما زلنا ملتزمين بالتعاقد اللى بيننا وبين وزارة الصحة فده عشان بس المريض مايتشردش، لكن بعد كده مش هيكون قدامنا حل تانى».

ونوه «عبدالله» إلى أن الأزمة الآن تخطت أزمة المحاليل إلى أزمات أخرى كثيرة، قائلاً: «وزارة الصحة مش مهتمة بالمريض، رغم إن مراكز الغسيل الكلوى الخاصة متحملة 60% من مرضى الفشل الكلوى فى مصر، ولو قفلت هيبقى فيه أزمة كبيرة جداً عند مستشفيات التأمين الصحى، وممكن ناس كتير تموت، والدولة عارفة كل المشاكل دى ولسه لحد دلوقتى سايبين مراكز الغسيل الكلوى تحت رحمة شركات الأدوية وتحت رحمة السوق السوداء».

فيما أوضحت حنان حسن، مديرة وحدة الغسيل الكلوى فى مستشفى المعلمين التخصصى، فى «حلمية الزيتون» بالقاهرة، أنها اضطرت إلى تقليل عدد المرضى فى المركز نتيجة الأزمة التى يمرون بها، تقول: «الوحدة عندى كان فيها حوالى 90 عيان كلهم بيتعالجوا على نفقة الدولة، ومن ساعة ما الأزمة حصلت وإحنا بنحاول نقلل عدد المرضى اللى بيغسلوا عندنا لحد ما وصل عددهم دلوقتى 58 حالة بس، غير العمالة اللى بدأنا نقللها هيا كمان عشان نوفر فى النفقات شوية، يعنى مثلاً كنا شغالين الأول بـ3 ممرضات، دلوقتى بقينا نشتغل بممرضتين بس، وبدل ما كان فيه عاملة الصبح وعاملة بالليل، دلوقتى هيا بقت عاملة واحدة بتشتغل من الساعة 8 الصبح لحد الساعة 8 بالليل». ولم تتوقف حيل «حنان» من أجل توفير أكبر كم من النفقات عند هذا الحد، وإنما اضطرت إلى جعل المريض يجرى ما يحتاجه من تحاليل على حسابه الشخصى خارج المركز، بعد أن كان المركز يجريها للمرضى دون مقابل: «أنا وصلت لدرجة إنى مش عارفة أعمل إيه مع المريض اللى هو أصلاً مش معاه تمن المواصلات اللى ييجى بيها جلسة الغسيل، وفيه مراكز تانية بتغسل الفلتر اللى بيستخدمه المريض وترجع تستخدمه معاه تانى عشان توفر، وفيه مراكز برضو بتخلى المريض يجيب المحاليل بتاعته معاه، بس دى طبعاً حاجات إحنا مش هنعرف نعملها هنا». وأكدت «حنان» أن «إدارة المركز فكرت جدياً فى إغلاق المركز منذ شهر مضى، إلا أن المرضى هم الذين أثنوها عن هذه الفكرة، بعد أن عرضوا عليهم أن يتحملوا فرق الجلسة لمن يريد أن يغسل ثلاث جلسات، أو أن يُسقطوا جلسة من هذه الجلسات الثلاث، وهو النظام المتبع حالياً فى المركز، وإحنا لا عايزين المكان يكسب ولا عايزينه يخسر، إحنا كل اللى عايزينه إنه يصرف على نفسه، عشان المرضى دول ما يتشردوش وتكون نهايتهم الموت نتيجة إنهم مش لاقيين مكان يغسلوا فيه».

وتابعت مديرة وحدة الغسيل الكلوى بمستشفى المعلمين التخصصى: «وغير كل المشاكل اللى إحنا فيها دى، ورغم سعر الجلسة اللى بيخسرنا ضعفه، تلاقى وزارة الصحة تبعت لك الشيك بتاعك بعد شهرين من الميعاد اللى مفروض تستلمه فيه بشهرين تلاتة، يعنى الشيك بتاع شهر يوليو اللى فات لسه واصل اليومين دول، وطبعاً المكان هنا عليه إيجار لازم ندفعه، غير رواتب العمالة اللى موجودة، وغير الصيانة الدورية اللى لازم تتعمل، وكل ده بيأثر علينا بالسلب بشكل كبير، ولو الأزمة فضلت بنفس الشكل ده كده كتير مش هيكون قدامنا غير إننا نقفل، لأن المركز خلال الكام شهر اللى فاتوا دول خسران ما يقارب الـ40 ألف جنيه».

وخلال حديث «حنان» معنا، دخلت عليها سحر عبدالكريم، مديرة مركز المنيل للغسيل الكلوى، لتطلب منها بعض متطلبات جلسات الغسيل التى لا تجدها فى السوق، حتى تتمكن من إجراء جلسات الغسيل للمرضى فى مركزها، تقول «سحر»: «أنا جاية من المنيل لحد حلمية الزيتون عشان استلف 12 فلتر أغسل بيهم للمرضى اللى قاعدين دلوقتى على الكراسى مستنيين يغسلوا ومش عارفين، وللأسف دلوقتى مابقاش فيه أى حاجة من اللى بيحتاجها المريض للجلسة بتاعته متوفرة فى السوق، ومش عارفين نعمل إيه ولا نجيب منين، والمشكلة الأكبر إننا لو مشّينا المرضى وقفلنا المركز، مش هيلاقوا أماكن ليهم فى المستشفيات الحكومية يغسلوا فيها، والحقيقة إنهم خلّوا مريض الفشل الكلوى دلوقتى بقا فريسة للسوق السوداء، ومحدش عارف يعمل له حاجة».

وبعد صمت قصير، أضافت «سحر»: «تقريباً خلاص إحنا خدنا القرار بإننا نقفل المركز لأننا زهقنا ومفيش فى أيدينا حاجة نعملها، خاصة إن الأزمة دلوقتى ما بقتش بس فى الأسعار، المشكلة بقت فى إننا مش لاقيين أصلاً الحاجة اللى بيحتاجها المريض نهائى».

فى المقابل، قال الدكتور عماد كاظم، رئيس «المجالس الطبية المتخصصة»، إنه يعمل على حل الأزمة، التى أكد أنها قائمة بالفعل منذ فترة، و«مؤخراً قمنا برفع مذكرة إلى الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة، من أجل العمل على زيادة ثمن جلسة الغسيل الكلوى التى تتقاضاها مراكز الغسيل الخاصة نظراً لارتفاع أسعار المستلزمات الطبية فى الآونة الأخيرة، ونحن الآن فى انتظار الرد على المذكرة، ولكن هذا قد يأخذ من الوقت أسبوعين على أقل تقدير».


مواضيع متعلقة