تصاعد المواجهة بين الأزهر والمثقفين بسبب «الخطاب الدينى».. ووزير الأوقاف: لا تناقض بين الطرفين

كتب: سعيد حجازى وعبدالوهاب عيسى

تصاعد المواجهة بين الأزهر والمثقفين بسبب «الخطاب الدينى».. ووزير الأوقاف: لا تناقض بين الطرفين

تصاعد المواجهة بين الأزهر والمثقفين بسبب «الخطاب الدينى».. ووزير الأوقاف: لا تناقض بين الطرفين

تصاعدت الأزمة بين الأزهر والمثقفين، بعد رفض أعضاء فى هيئة كبار العلماء، التابعة للأزهر، إشراك بعض المثقفين فى أى حوار مجتمعى ترعاه الدولة، لوضع استراتيجية لتجديد الخطاب الدينى.

وقال الدكتور علوى أمين، أستاذ الفقه وعميد كلية الشريعة والقانون الأسبق، لـ«الوطن»، إن الموجودين على الساحة الآن، ليسوا مثقفين، وإنما نُقاد، وآراء بعضهم متطرّفة وأقرب إلى الإلحاد، مضيفاً: «الأزهر يُرحب بالمثقفين الحقيقيين للمشاركة فى تطوير الخطاب الدينى، أما من يتهمون الفكر الأزهرى، بأنه (داعشى) فليس بناقد أو مثقف، لأن المثقف من يضع الحل، بعكس الموجودين على الساحة الآن».

{long_qoute_1}

وتابع: «خريجو الأزهر بالملايين، ومنهم علماء أجلاء، مثل الشيخ محمد عبده، والشيخ الشعراوى، والشيخ شلتوت، ولن نقبل وصفنا بأصحاب فكر متطرّف، ونحن نعلم أن الانتقاد حق إذا كان عن علم، كما أن مراجعة التراث ضرورة مهمة، والتراث نفسه يقول إن الأحكام تتغير بتغيُّر الزمان والمكان، لكن على من يتحدث عن التراث أن يُحدّد ماهيته، وهل يقصدون القرآن والسنة عند حديثهم أم ماذا؟ لأن اتهام التراث غير مقبول». وقال الدكتور حامد أبوطالب، عضو مجمع البحوث الإسلامية: إن دعوة المثقفين إلى المشاركة فى تطوير الخطاب الدينى، هى دعوة إلى جميع فئات الشعب لسماع جميع الاتجاهات والآراء من أجل تطوير الخطاب بالفعل، وليس هدم التراث، لأنه للأسف هناك بالفعل من يرى أن التطوير يكون بهدم التراث الإسلامى تماماً، مضيفاً: «نُرحّب بسماع جميع وجهات النظر، لكن نرفض من يسعى لتدمير التراث الإسلامى، ويجب أن يعرف الشعب حقيقة الخطاب الدينى عند هؤلاء وأهدافهم المُغرضة لهدم الأسس».

من جانبه، قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، فى تصريحات له، إنه لا يوجد تناقض ولا تضاد بين علماء الدين والمثقفين، فقد تتداخل الصفتان، وتصير العلاقة بينهما علاقة عموم، وإن كان لكل منهم منهجه فى معالجة القضايا والمستجدات وطرق حل المشكلات.

فى المقابل، قال الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى، إن المثقفين يطالبون دائماً بتجديد الخطاب الدينى، ولم يتوقفوا عن دعواتهم فى هذا الشأن طوال قرنين، لأنهم أكثر المتضرّرين من المتجمّدين من رجال الأزهر الذين رفضوا التجديد منذ عصر الإمام محمد عبده، وصولاً إلى شباب المثقفين حالياً مثل إسلام بحيرى، وأحمد ناجى، وفاطمة ناعوت، مضيفاً: «يجب أن تكف أيدى رجال الدين عن التدخّل فى ما لا يخصهم، مع الفصل بين عمل رجل الدين وعمل المتخصص».

وتابع: «لا يكفى أن يدعو الرئيس إلى تجديد الخطاب الدينى، وهو يملك فى يديه السلطة التى تخوله الفصل بين المؤسسات الدينية والمؤسسات المدنية ووقف توغلها».

ورداً على وصف المثقفين بالملحدين، ولا يحق لهم المشاركة فى تجديد الخطاب الدينى، قال: «من يُطلق مثل تلك الدعوات هو من يحتاج إلى تأديب، ويجب أن يُساق إلى المحاكم للتحقيق معه، بدلاً من المثقفين الذى سيقوا إلى السجون بتهم التعدى على الدين».

واستطرد «حجازى»: «مثل هذه العبارة تدل على ما وصلنا إليه من اختلاط القيم والجرأة على حقوقنا والعدوان الدائم على الدستور والقوانين، وعلى كل القيم التى تعارَف عليها العالم المتحضّر، ليعودوا بنا إلى الخلف، فمثل تلك العبارة لا تُقال إلا فى العصور الوسطى». وقال الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، إن وصف المثقفين بالملحدين، يعنى تكفيرهم، والرسول، صلى الله عليه وسلم، قال: «من قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما»، فهؤلاء لم يكشفوا عن قلوب المثقفين حتى يوجّهوا لهم مثل هذا الاتهام، وما يحدث ليس طريقة حوار لتجديد الخطاب الدينى، وهؤلاء عار على الأزهر، لأن العلماء حقاً لا يردون على معارضيهم بالتكفير. وقال عمار على حسن، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن المثقف بطبعه ينتقد ويملك عقلاً نقدياً ويضع كل شىء موضع المُساءلة والشك والمراجعة، وينظر إلى كل ما حوله من منظور نسبى على عكس عالم الدين الذى يتعامل مع ما لديه على أنه مُطلق وحق دائم، فرأى الدين شىء مقدّس ولا يحتاج إلى مراجعة، لذلك يتوهم أنه الدين وأن رأيه من الله، فلا يجب نقده أو مراجعته لأن ذلك يُخرج المرء من الدين، وهذا هو سر الصراع بين الطرفين فى كل المعارك التى دارت بينهما.

وأضاف: «رغم أن الإسلام فى نصه لا يعرف الكهنوت حتى دور الرسول ليس كهنوتياً، وإنما إبلاغى فهو مبلغ العقيدة، وعالم الدين لا يخرج عن التبليغ، لكن مع مرور الوقت وإنشاء مؤسسات دينية تحول العالم إلى كهنوت إسلامى، رغم أنهم ينفون ذلك على المستوى الشكلى، ويدافعون عن مصالحهم، باعتبارها مصلحة الدين، وأنهم حراس العقيدة وهذا ليس صحيحاً».

يُذكر أن معارك علماء الدين والمثقفين، تتجدّد من فترة إلى أخرى، ووصلت إلى حد وصف المثقفين بالملحدين، وتسبّبت فى اغتيال بعضهم، منهم فرج فودة، الذى اتهمه متطرفون بالسعى إلى فصل الدين عن السياسة والدولة، ثم تعرّض نصر حامد أبوزيد للمطاردة، بعد بحثه حول نقد الخطاب الدينى، وحدث الأمر نفسه أيضاً مع الدكتور سيد القمنى. وكانت أزمة المشيخة مع وزراء الثقافة سمة غالبة خلال السنوات العشر الماضية، وبدأت مع فاروق حسنى، الوزير الأسبق، بأزمة بشأن الحجاب، حيث وصفه بأنه عودة إلى الوراء والجهل، مما أثار غضب الأزهريين الذين طالبوا بإقالته، تلاه الدكتور جابر عصفور، الذى انتقد الأزهر ووصفه بجمود الفكر وسيطرة الفكر السلفى عليه.


مواضيع متعلقة