دراسة خطيرة للمركز القومى للبحوث الاجتماعية واللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة وحقوق الإنسان تكشف: مصر أصبحت دولة «معبر» للهجرة غير الشرعية بسبب الفقر والبطالة

دراسة خطيرة للمركز القومى للبحوث الاجتماعية واللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة وحقوق الإنسان تكشف: مصر أصبحت دولة «معبر» للهجرة غير الشرعية بسبب الفقر والبطالة
- أسر الضحايا
- أصحاب الأعمال
- أفضل الطرق
- أفكار خاطئة
- أنحاء العالم
- أوضاع العمل
- اتجار بالبشر
- ارتفاع تكاليف
- اقتصاد الدول
- الأبنية التعليمية
- أسر الضحايا
- أصحاب الأعمال
- أفضل الطرق
- أفكار خاطئة
- أنحاء العالم
- أوضاع العمل
- اتجار بالبشر
- ارتفاع تكاليف
- اقتصاد الدول
- الأبنية التعليمية
- أسر الضحايا
- أصحاب الأعمال
- أفضل الطرق
- أفكار خاطئة
- أنحاء العالم
- أوضاع العمل
- اتجار بالبشر
- ارتفاع تكاليف
- اقتصاد الدول
- الأبنية التعليمية
حصلت «الوطن» على دراسة انتهى منها المركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، مؤخراً، عن ظاهرة «الهجرة غير الشرعية»، بالتعاون مع اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية، والمجلس القومى لحقوق الإنسان. وقالت الدكتورة نسرين البغدادى، رئيس «القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية»، لـ«الوطن»، إن «الهجرة غير الشرعية إحدى الظواهر المستحدثة، التى تهدد أمن الدول، لأن العبور من دولة إلى أخرى براً أو بحراً أو جواً، دون وجود التصاريح والإجراءات اللازمة للدخول والإقامة، يعد دخولاً غير مقنن، وتعدياً على المتطلبات الضرورية لعبور حدود الدول». أشارت «البغدادى» إلى أن مصر أخفقت فى تحقيق متطلبات الهجرة الشرعية، وأصبحت من الدولة المُصدرة للهجرة غير الشرعية، حتى باتت دولة «معبر» للمهاجرين، تتمركز فيها جماعات من مرتكبى الجرائم المنظمة.
{long_qoute_1}
تحاول الدراسة التى حصلت عليها «الوطن»، الإجابة عن نحو 13 سؤالاً، تحدد من خلالها أهم ملامح واتجاهات تطور ظاهرة الهجرة غير الشرعية وأنماطها وأساليبها والطرق المتبعة للحد منها، ثم أكثر المحافظات المصدرة لها، وطبيعة الواقع الإيكولوجى لكل قرية من القرى محل الدراسة التى لجأ أبناؤها إلى الهجرة، ومدى الوعى بمتطلباتها من أموال ولمن تعطى هذه الأموال وكيفية دفعها؟، والخدمات التى يطلبها وكلاء السفر من المهاجرين حتى يمكنهم الوصول لأغراضهم؟، وهل يختلف عمر الفرد عند اتخاذ قرار الهجرة فى محاولاته الأولى عن محاولته الأخيرة، وعدد المحاولات، كما تجيب الدراسة عن طبيعة المعلومات التى يعرفها المهاجر عن البلد المقصد ومن أين استقاها، وعن وسيلة السفر وتوقيته، ومتطلباته، خصوصاً إذا كان غير شرعى، فضلاً عن العوامل الفاعلة فى هجرة الشباب غير الشرعية، والخصائص الديموجرافية والاجتماعية المميزة لهؤلاء الشباب، وأفضل الطرق والآليات التى يمكنها الحد من انتشار تلك الظاهرة.
وأوضحت الدراسة أن الهجرة غير الشرعية عن طريق البحر، تتم من خلال التعرف على من سيتولى عملية التهريب، إلى جزيرة «لامبيدوزا»، وهى جزيرة تابعة لإيطاليا، وقريبة جداً من السواحل التونسية، ومعظم القوارب أو ما يزيد على 90% تصل إليها، وتبدأ الرحلة عن طريق قارب مطاطى بسيط بمحرك، فيما يعتبر السبب الأول للمتاعب هو كثرة عدد المهاجرين على متنه، وأحياناً ما يتعطل المحرك وسط البحر، وهو أمر يحدث كثيراً للسفن المصرية، التى يلمح روادها بعد ساعات مرفأ «لامبيدوزا» ويبدأون التلويح لخفر السواحل الإيطالية، فى خطوة أساسية ومفيدة، حيث تبدأ بموجبها عملية إنقاذهم، وغالباً ما يكون الأمر خطوة تمثيلية لا بد منها لانتشال الركاب وإيداعهم فى مستشفيات الصليب الأحمر، التى ما يلبثون أن يهربوا منها إلى الداخل الإيطالى، أو إلى أحياء المهاجرين فى فرنسا، ليعملوا هناك فى مهن ثانوية، ويعيشوا فى تجمعات داخل الشقق بأعداد كبيرة، وهو ما فعله عدد كبير من أبناء محافظات الوجه البحرى حتى صار السفر إلى إيطاليا مؤهلاً للزواج فى حد ذاته.
{long_qoute_2}
وكشفت الدراسة عن أن متوسط المبالغ التى يطلبها سمسار الهجرة غير الشرعية، هو 27 ألفاً و812 جنيهاً، وأن أعلى المبالغ المطلوبة 35 ألفاً، ويدفع المهاجرون منها مقدماً 85.6% فى الوجه البحرى، و60% للوجه القبلى. وبحثت الدراسة عن كيفية توفير الشباب تلك المبالغ الكبيرة، وهم لا يملكون طريقاً لسدادها من ناحية، بخلاف توفير جزء آخر للتجهيز لرحلة السفر، وانتهت إلى أن الأسرة تشترك فى تجميع المبلغ بنسبة 54%، يليها الاستدانة بنسبة 37.5%، وكان خيار الاستدانة هو البديل الأول للأفراد فى الوجه البحرى بنسبة 57% يليه جمع المبلغ من الأسرة بنسبة 43%.
وحول الأوراق المطلوبة، فقد تمثلت فى جواز السفر، وبطاقة الرقم القومى، واستخراج شهادة بالمؤهلات، وشهادة خبرة، فأصحاب المراكب يطلبون خدمات من الشباب على متن المركب، تتمثل فى خدمة المركب، وتسهيل أعمال غير مشروعة، والعمل بالسخرة، وهذه التغيرات تدخل فى حساب الفرد وربطها بحساب المغانم والمغارم التى يبنى عليها قراره بالهجرة.
وأشارت الدراسة إلى أن التدوين الرسمى لظاهرة الهجرة غير الشرعية بدأ فى مصر عام 2001 بعد القبض على 649 شاباً، ثم زاد عدد الشباب تدريجياً ليصل فى عام 2007 إلى 2015 شاباً، بعد أن تحول الأمر إلى ظاهرة عالمية يصعب تحديد حجمها وجنسية المهاجرين، وتضاربت التقديرات بشأنها، فالأمم المتحدة تتحدث عن هجرة 180 مليون إنسان، فيما تشير تقارير منظمة العمل الدولية، إلى هجرة 120 مليون فرد، وأصبح الأمر ظاهرة تثقل كاهل الحكومات والدول والمنظمات التى حاولت وضع حلول لها بعد تشخيص الأسباب ونظمت العديد من الاتفاقيات الدولية والثنائية للقضاء عليها.
{left_qoute_1}
وحددت الدراسة أسباب الهجرة غير الشرعية، فى أسباب قانونية كالقوانين التى تعنى بالاستثمار والإعلام والتأمينات، وفى عدم وجود رادع قانونى، وفى أسباب اقتصادية، منها تناقص وتدهور فرص العمل، وأوضاع العمل فى الدول وارتفاعها فى دول أخرى، وتزايد البطالة، وانخفاض الأجور، وازدياد عدد الشباب وتدنى مستوى المعيشة، وزيادة حدة الفروق بين الدول الغنية والفقيرة، وتفضيل أرباب الأعمال العمال المهاجرين للتربح، والكوارث الطبيعية، وانهيار الحرف والمهن اليدوية.
وحول مدى انتشار ثقافة الهجرة بين شباب مصر، أوضحت الدراسة أن 95% من الشباب يحاولون الهجرة، مقابل 5% فقط لا يحاولون، وأن مصر احتلت الترتيب السابع بين أعلى 10 جنسيات للمهاجرين المهربين فى البحر إلى إيطاليا فى الفترة من 2012 حتى 2015، كما تحتل الترتيب 11 بين أعلى الدول المرسلة للمهاجرين غير الشرعيين إلى اليونان، والترتيب العاشر بالنسبة للهجرة غير الشرعية إلى مالطا فى 2014. وهناك 10 محافظات طاردة ومصدرة للهجرة غير الشرعية، ترتفع فيها نسبة الفقر، وهى «البحيرة، وكفر الشيخ، والدقهلية، والشرقية، والمنوفية، والقليوبية، والغربية، والفيوم، وأسيوط، والأقصر».
وشددت الدراسة على أنه رغم تعدد الأسباب التى تؤدى إلى تفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية، فإن دوافعها الاقتصادية «الفقر والبطالة ونقص التشغيل والزيادة السكانية» كانت فى مقدمة الأسباب المؤدية إليها، ففى الفترة من عام 2000 إلى 2013 ارتفع عدد المهاجرين المصريين من 2.3 مليون إلى 3.5 مليون، بمعدل تغير سنوى بلغ حوالى 3.8%، ما يجعل مصر أكبر دولة عربية من حيث عدد المهاجرين، لافتة إلى أن العدد الإجمالى للمهاجرين الدوليين زاد أكثر من الضعف خلال الفترة من عام 1960 حتى عام 2000، وارتفع من 76 مليوناً إلى 175 مليوناً، ومن المتوقع أن يصل العدد الإجمالى للمهاجرين إلى 230 مليوناً عام 2050، مع ارتفاع عدد سكان العالم إلى 9 مليارات نسمة.
{left_qoute_2}
وأوضحت الدراسة أنه لا توجد أى إحصاءات دقيقة عن عدد ضحايا الذين فقدوا أو توفوا نتيجة هجرتهم غير الشرعية على مستوى مصر، وحتى إن وجدت تلك فهى غير دقيقة، لعدة أسباب، منها أن هؤلاء الضحايا حينما يقررون السفر بطريقة غير شرعية غالباً لا يحملون ما يثبت شخصياتهم اعتقاداً منهم أن ذلك ييسر لهم عملية الدخول غير الشرعى إلى الدولة المهاجرين إليها، كما أن الكثير من جثث الضحايا تختفى فى عرض البحار وبين الجبال، فضلاً عن عدم إبلاغ أسر الضحايا بالأشخاص الذين فقدوا وهم فى طريقهم، ولم يعودوا إلى موطنهم الأصلى خوفاً من المساءلة القانونية، وخوفهم من الإبلاغ عن عصابات التسفير حتى لا يؤذوا أبناءهم إذا كانوا على قيد الحياة، ولرغبة بعضهم فى استرداد أموالهم التى دفعوها إلى المهربين.
وحصرت الدراسة عوامل اتجاه الشباب إلى الهجرة غير الشرعية، فى «تقليد صور النجاح الاجتماعى، واعتقاد الشباب أن الهجرة غير الشرعية تستحق المغامرة، وأن العمل فى مصر لا يحقق دخلاً مناسباً، والرغبة فى تدبير نفقات الزواج، وأن العمل فى مصر لا يوفر مبالغ مالية كبيرة فى وقت قصير، وأن الاهتمام بالمستقبل يدفع للهجرة غير الشرعية، ووجود أقارب فى بلاد المهجر، وأن ظروف المعيشة فى البلاد الأوروبية أفضل، مع الرغبة فى تحقيق مكانة اجتماعية مرموقة بالمجتمع، وتشجيع الأسرة للشباب على الهجرة غير الشرعية، وانخفاض دخلها والرغبة فى مساعدتها للانتقال إلى حالة أفضل، وعدم وجود فرص عمل، وانخفاض الأجور». وتابعت: «من العوامل التى أثرت فى الشباب وجعلتهم متحمسين إلى الهجرة غير الشرعية، ومصرين عليها، تلك القصص التى تتردد من حين لآخر عن نجاح أحد أو بعض أبناء القرية فى هجرته إلى الضفة الأخرى من المتوسط، حيث إيطاليا، ووجود أحد أفراد العائلة أو الأقارب أو أحد الأصدقاء فى الخارج، بخلاف رغبتهم فى الفرار من البطالة والفقر وضعف فرص السفر المشروعة، وكان الأكثر تأثراً بتلك العوامل الشباب الأميين الفقراء الذين ليست لديهم أى مهارات أو قدرات خاصة».
ووفقاً لما توصلت إليه الدراسة، فإن الدوافع الاقتصادية كانت السبب الأول فى هجرة الشباب خارج مصر، رغبة فى زيادة وتحسين الدخل، حيث يلجأ غالباً إلى الهجرة الأفراد الذين لا يستطيعون تحقيق تطلعاتهم فى ظل البيئة الاقتصادية لبلادهم، و19% من الشباب يرغبون فى الهجرة الدائمة إلى الخارج، و88% أقروا بأن السبب الرئيسى للسفر هو الرغبة فى تحسين الدخل ومستوى المعيشة.
{long_qoute_3}
وأكدت الدراسة أن الشباب المصرى على وعى تام بالآثار السلبية للهجرة غير الشرعية وعلى درجة عالية من المعرفة بإجراءاتها، بعد أن حاولوا مراراً للحصول على تأشيرة السفر لكنهم فشلوا، وهم يعتقدون أن ذلك مبرر كافٍ يدفعهم إلى السفر بطريقة غير شرعية كحل لتحسين ظروف معيشتهم.
ويبلغ متوسط أعمار عينة الشباب المهاجرين محل الدراسة، 28 سنة، ومعظم الأعمار تركزت فى الفئة العمرية من 30 إلى 35 سنة، بنسبة 44.4%، وبلغت نسبة الشباب المهاجر الذين تتراوح أعمارهم من 18 إلى 23 سنة 19.8%، ونسبة الذين تتراوح أعمارهم من 24 إلى 29 سنة 35.8%، فيما كان 43% من الشباب المهاجر آباء لأسرهم، و57% كانوا أبناء.
وأوضحت الدراسة أن 46% من الشباب المهاجرين يعملون فى مهن مختلفة قبل الهجرة، مقابل 54% لا يعملون، وأن 20% منهم يعملون فى مهن دائمة، و80% يعملون بشكل مؤقت، ووفقاً للبيانات المستقاة من الشباب الذين سبق لهم العمل قبل الهجرة، كان متوسط الدخل الشهرى لهم 780 جنيهاً، وتدنيه كان كفيلاً وحده لكى يكون دافعاً لهجرتهم.
وأكد 75.9% من الشباب المهاجر محل الدراسة أنهم لم يحصلوا على أى فرصة عمل فى مصر، و9.9% لم يستطيعوا إيجاد واسطة، و11.5% لم يجد وظيفة تناسب مؤهلاته، و4.6% وجد أن الوظائف المعروضة لا تناسب طموحه، و10.8% وجد أن الوظائف المعروضة دخلها قليل.
ولفتت الدراسة إلى أن الهجرة غير الشرعية امتدت لتشمل الشباب الحاصل على شهادات علمية، ويفضلون الهجرة غير الشرعية بكل مخاطرها على وضع البطالة فى بلادهم، كما أن الشباب المتسرب والمتوقف عن الدراسة كانوا أكثر الفئات المرشحة لخوض تلك التجربة، مشيرة إلى أنه من أسباب انتشار تلك الظاهرة فى ريف مصر، ظهور نوع آخر من المعاملات بين الزوجات المصريات والأخريات اللاتى تزوجهن بعض الشباب فى دول المهجر، حيث أصبحت بعض الزوجات المصريات يعاملن ضرائرهن الأجانب بنوع من الاحترام والتبجيل، باعتبار أنهن مصدر للخير والرزق لأولادهن بمعنى آخر، أو لكونهن «الدجاجة التى تبيض ذهباً»، فالقرية أصبحت عالماً مستقلاً يدور فى فلك دول المهجر.
وكانت محافظة القليوبية، وفقاً للدراسة، من أكثر المحافظات التى يحاول شبابها الهجرة، بنسبة بلغت 100%، تليها محافظة الغربية بنسبة 99.3% ثم البحيرة بنسبة 99%، وكفر الشيخ بنسبة 98.7%، فيما كانت أقل المحافظات أسيوط 84% والأقصر 81%.
وعن علاقة مستوى الدخل بانتشار ثقافة الهجرة بين الشباب، وجدت الدراسة أن أصحاب الدخول الأقل من 600 جنيه هم الأكثر تأكيداً على أن فئة الشباب لديها رغبة فى الهجرة خارج مصر بنسبة 96.6%، ثم أصحاب الدخول من 600 حتى 1200 جنيه بنسبة 96.2%، ثم ذوى الدخول 1200 جنيه فيما فوق بنسبة 95.6%، وأن فكرة الهجرة منتشرة بين الشباب المصريين بنسبة تصل إلى 96.6%.
وأوضحت الدراسة أن محدودى التعليم يميلون إلى الهجرة غير الشرعية بسبب ارتفاع تكاليف الهجرة الشرعية، وأن الأميين هم أكثر الفئات تأكيداً على ارتفاع تكاليف الهجرة الشرعية بنسبة 75.6% يليهم الحاصلون على الثانوية العامة، ثم الحاصلون على الابتدائية فالإعدادية، وكانت النسبة على التوالى 75.6%، 67.4%، 66.7%، و66.7%، فيما أكد الحاصلون على الشهادة الإعدادية أن فرص السفر بطريقة شرعية غير متاحة بنسبة 63%، يليهم الحاصلون على مؤهل فوق المتوسط بنسبة 54%، فالمستوى الجامعى بنسبة 52.6%.
{left_qoute_3}
وحول دور الأسرة فى تدعيم أو رفض قرار السفر للهجرة غير الشرعية، أشارت إلى أن 64.2% من الأسر كانت موافقة على قرار السفر، مقابل نسبة 35.8% لم يوافقوا. وكشفت الدراسة عن أن أكثر المستويات التعليمية موافقة على قرار السفر بطريقة غير شرعية، كانت بين الأميين بنسبة 72.9%، ثم من يجيدون القراءة والكتابة بنسبة 72.5%، فى حين كانت أقل المستويات التعليمية موافقة هم الحاصلون على الابتدائية بنسبة 59%.
أما دور القرية فى قرار السفر للهجرة غير الشرعية، فحدده سؤال طرحته الدراسة على الشريحة محل البحث مفاده «الناس فى البلد قابلوا قرارك للسفر إزاى؟»، فكانت النتيجة أن 50.6% مشجعون، و27.1 جاء ردهم أن «البلد ملهاش دعوة بيه»، و16.5% قالوا «زيه زى الشباب»، مقابل رفض 5.8% فقط من أهل القرية، لافتة إلى أن عينة الشباب من الوجه القبلى كانت أكثر تشجيعاً لقرار السفر، بنسبة 58% مقابل 48% فى الوجه البحرى.
وفيما يتعلق بمتغير الدخل وعلاقته بموقف أهل البلد من قرار السفر، أظهرت النتائج الميدانية للدراسة أن أكثر الفئات تأكيداً وتشجيعاً على تدعيم أهل القرية لقرار السفر للهجرة غير الشرعية هى الفئة الدنيا (أقل من 600 جنيه)، حيث بلغت نسبة الذين أكدوا على ذلك 50.7%، وفى الفئة المتوسطة من الدخل (600 إلى 1200 جنيه) بلغت نسبتهم 44.9%، ثم الفئة المرتفعة من الدخل 1200 فأكثر بنسبة 43.3% أى أن التشجيع يزداد كلما انخفض الدخل.
وطرحت الدراسة سؤالاً على شباب العينة، عن دوافع الهجرة غير الشرعية، فجاءت إجابة 75.5% بأنهم يرغبون فى تحسين مستوى المعيشة، و27.2% يرون أن هناك فرص عمل أفضل، و25.4% يرغب فى تكوين أنفسهم، و22.8% قالوا إن السبب الرئيسى هو عدم وجود فرص عمل فى مصر، و22.2% يرغبون فى إنشاء سكن لأسرهم، و22.2% يرغبون فى الزواج. أما متغير المحافظة فى علاقته بمحاولة إثبات الذات، فأكدت الدراسة أن أكثر المحافظات التى قال شبابها إن الهجرة غير الشرعية محاولة لإثبات الذات، كانت الفيوم بنسبة 92%، ثم المنوفية بنسبة 88%، والغربية 86.7% مقابل 39% لمحافظة أسيوط.
وأشارت الدراسة إلى أن عينات البحث من الشباب المهاجر، أكدوا أن من يرفضون الهجرة غير الشرعية هم شباب يعملون فى أعمال هامشية بنسبة 34.1%، مع وجود 32.9% يعملون فى مشروعات صغيرة، و29.6% لديهم شغل خاص، و25.7% يقومون بأى عمل يكفى احتياجاتهم، مقابل 11.8% يشتغلون فى أعمال غير مشروعة.
وأضافت الدراسة: «أصبح الفارق بين الموت والحياة فى البحر مساوياً فى معناه الفشل والنجاح فى الدراسة، ففكرة الرحيل مسيطرة على القطاع الأكبر من الشباب، والموضوع بالنسبة لهم أكون أو لا أكون، أو كما يقول البعض «يا تصيب يا تخيب». لافتة إلى أن مبررات الشباب على مستوى المحافظات، دارت حول ظروف البلد الصعبة، وتدنى المكسب، وعدم إتاحة فرص العمل، والظروف الأسرية التى تجبر على الهجرة غير الشرعية، وعدم امتلاك القدرة على العمل فى المشروعات، وكانت كل هذه المبررات عوامل طرد، دافعة إلى الهجرة غير الشرعية، وهى ظاهرة مركبة متعددة المتغيرات فلا يمكن تفسيرها من جانب واحد فقط، فهناك مجموعة من العوامل تتفاعل وتتداخل وتترابط مع بعضها البعض دافعة للأفراد لمثل هذا السلوك.
وطالبت الدراسة بإجراء المزيد من الدراسات والبحوث الاجتماعية والنفسية للوقوف على الخصائص الاجتماعية والنفسية للأفراد المستهدفين للهجرة غير الشرعية لمكافحة الظاهرة، مشيرة إلى أن أحدث تقديرات للأمم المتحدة عن الهجرة الدولية تشير إلى أن هناك 232 مليون مهاجر فى جميع أنحاء العالم، يمثلون 3.2% من إجمالى سكان العالم وعددهم 7.2 مليار نسمة -حسب تقدير الأمم المتحدة فى 2013- وهناك 35 مليون مهاجر دولى تحت الـ20 سنة، و40 مليوناً أعمارهم من 20 إلى 29 عاماً، إلا أنهم لا يمثلون أكثر من 30% من مجموع المهاجرين، وتمثل الإناث ما يقرب من نصف السكان المهاجرين الدوليين.
وعن متغير السن عند محاولة السفر لأول مرة وآخر مرة، قالت الدراسة إن محاولات السفر الأولى تبدأ عند سن الطفولة بنسبة 18.9%، وترتفع نسب محاولات السفر للمرة الأولى فى الأعمار المتوسطة من 20 إلى 25 سنة، لتصل إلى 29%، وتقل تلك المحاولات فى الأعمار الأكبر من 31 إلى 34 سنة بنسبة 0.8%، كما أن محاولات السفر الأخيرة تبدأ عند سن الطفولة بنسبة 11.6%، وترتفع نسبها فى الأعمار المتوسطة من 20 إلى 25 سنة، لتصل إلى نسبة 24% وتقل تلك المحاولات فى الأعمار الأكبر من 31 إلى 35 سنة، بنسبة 5.5%.
وأكدت الدراسة أن محاولات السفر الأولى بشكل غير شرعى تتمتع بتأييد كبير، حيث إن 68% من الشباب حاولوا السفر للمرة الأولى بشكل غير شرعى، مقابل 32% لم يحاولوا.
أما فيما يتعلق بإجراءات السفر من حيث البلد الوجهة، وسبب اختياره، والصحبة المسافرة مع الفرد المهاجر، وخصائصهم، والمعلومات المتوافرة عن البلد الوجهة ونوعها ومصدرها، أوضحت الدراسة أن 83% من الشباب يذهبون إلى السمسار بالوجه البحرى. وأن ما يقرب من 93% من المسلمين يرغبون فى الهجرة لدولة غير عربية، ونحو 96% من المسيحيين يرغبون فى الاختيار نفسه، ما يؤكد وحدة العناصر المحلية التى تدفع عناصر المجتمع إلى الهجرة مهما كانت ثقافاتهم النوعية وأنهم يقعون تحت الأعباء نفسها التى تدفعهم لمحاولة الهجرة.
وفيما يتعلق بالمعلومات المتوافرة عن البلد الوجهة، أكدت الدراسة أن معظم العينة محل البحث أقرت -على مختلف المتغيرات- معرفتها بشكل غالب تقريباً وبنسب عالية معلومات عن تلك الدول التى يرغبون فى الهجرة إليها، حيث أقر 64.9% أنهم عرفوا معلوماتهم عن طريق شخص سافر قبل ذلك، أو من الأصحاب والمعارف والأقارب، ودارت المعلومات عن أن فيها فرص العمل بنسب 64.1%، وأنها توفر أموالاً بنسبة 70.4%.
وحول وسيلة السفر وتوقيته، أقر الشباب بأن المراكب العادية فى البحر هى البديل المفضل، إضافة للبدائل الأخرى مثل المراكب التجارية، ثم اللجوء إلى تزييف وتزوير الأوراق. وأشاروا إلى أن السماسرة يختارون توقيت فصل الصيف ومواسم الأعياد، لأن البحر يكون هادئاً، مع انشغال الأمن فى الأعياد. وأنهم يسافرون جماعات من البلد نفسه بنسب عالية، وفى الطريق تصل مجموعات أخرى من محافظات وبلدان وجنسيات أخرى.
وقارنت الدراسة بين حالات السفر الشرعى وغير الشرعى، موضحة أن كل الشباب المسافر بطريقة غير شرعية على وعى تام وكامل بشروط السفر الشرعى، إلا أن الفرص لا تتوافر له لأسباب اجتماعية واقتصادية مختلفة، نظراً للمشكلات الاقتصادية الضاغطة ومحدودية فرص العمل المجزية، فضلاً عن مشكلات توزيع الفرص، والأهداف التى يحددها النظام فى المجتمع ما يجعل الهجرة عموماً وغير الشرعية خصوصاً تضع عنده حلاً للخلل المجتمعى، وهذا يظهر العديد من الأسباب الحقيقية التى تكمن وراء الرغبة الجامحة فى الهجرة بشكل غير شرعى، وسعى الشباب بكل ما يستطيعون لكسر تلك الحواجز ولو برفع درجة المخاطر على أنفسهم.
وأشارت الدراسة إلى أن تكاليف الهجرة الشرعية وقانونيتها، تمثل قيوداً على الشباب وهو أمر يصب فى صالح اتخاذ قرار الهجرة غير الشرعية، حيث التكاليف أقل إلى حد ما، والتيسيرات المادية شبه متاحة نظراً للاعتماد على الأسر فى الغالب، وتسهيل طرق الدفع للمبالغ المطلوبة سواء دفعة واحدة أو على أقساط، وغيرها، كما أن بدائل السفر بطريقة غير شرعية تنحصر فى بدائل ثلاثة هى: «دفع مبلغ من المال، وطلب أوراق معينة، وطلب خدمة معينة من المسافرين».
ونوهت الدراسة إلى أن البيانات تشير إلى أن أكثر من نصف المهاجرين المصريين لديهم شبكات من المهاجرين «عائلة، أقارب، أصدقاء»، فى البلد المضيف قبل مغادرتهم مصر، حيث أشارت البيانات إلى أن 80% منهم لديهم معلومات عن تلك الدول التى يفضلون الذهاب إليها، وهذه المعلومات لها دور كبير فى قرارهم بالهجرة، ومصدر معلوماتهم أفراد العائلة والأقارب والأصدقاء.
وحددت 5 عوامل مساندة ومحفزة للهجرة غير الشرعية لدى الشباب هى: «تطور الاتصالات والمواصلات الحديثة حيث يستطيع المقيمون فى الدول الفقيرة معرفة مستوى المعيشة فى الدول المتقدمة بسهولة ويسر ومقارنة ذلك بمستويات معيشتهم، ومعرفة صور النجاح الاجتماعى الذى يظهره المهاجر عن عودته إلى بلده لقضاء العطلة، حيث يتفانى فى إبراز مظاهر الغنى بامتلاكه سيارة وشراء للأراضى والعقارات وتوزيع الهدايا، ووجود طلب نوعى على العمل فى دول الاستقبال، وتقديم شبكات منظمة من مختلف مناطق مرور المهاجرين غير الشرعيين خدماتها إليهم، والتضييق الذى تمارسه معظم الدول العربية على الحريات العامة للأفراد».
وحول مخاطر الرحلة التى يتعرض لها المهاجرون، قالت الدراسة إن 65.7% من الشباب المهاجر لا يعرف مسار الرحلة، مقابل 34.3% كانوا على دراية به، وأعلى المحافظات من حيث معرفة المهاجرين فيها بخط السير هى الدقهلية فالشرقية ثم الفيوم بنسب 52% و48% و46% على التوالى، وأن السبب فى ذلك يعود إلى تمرس شباب هذه المحافظات فى الهجرة غير الشرعية عن غيرهم من المحافظات الأخرى.
وأكدت الدراسة أن الأقل خبرة فقط هم الذين يلجأون إلى السمسار كمصدر يستقون منه المعلومات حول الرحلة، ووجدت الدراسة أن شباب المحافظات صاحبة التجارب الأقدم نادراً ما يضعون ثقتهم فى سمسار لا تربطهم به سوى علاقة قائمة على الحصول على مقابل مادى مقابل تسفيرهم.
والسفر فى الغالب يتم عبر تجميع المهاجرين غير الشرعيين فى أماكن، وأن النزر القليل الذين يجهزون للسفر بشكل فردى هم من المحافظات ذات الخبرات السابقة وأصحاب الأعمار الأكبر والأكثر تمرساً فى السفر لدرجة أن بعض الأفراد يقومون بالرحلة فرادى.
وأوضحت الدراسة أن الشباب المهاجر بشكل عام يرون عدم ملاءمة أماكن التجمع وأن الأقلية الذين يرون ملاءمة المكان، إما أنهم منتمون لمحافظة يتمرس شبابها على الهجرة غير الشرعية منذ وقت بعيد، أو قريبة من شواطئ البحر المتوسط، أو أنهم أكبر سناً ودخلوا إلى معترك الحياة فلا يقدمون على خطوات غير مدروسة قدر الإمكان، أو أنهم من مستوى اقتصادى اجتماعى مرتفع ومن ثم يدفعون مقابل الحصول على رحلة بمواصفات أفضل.
واستنتجت الدراسة من البعد الخاص بسفر المصريين مخالطين لجنسيات أخرى، أنه يحدث أن يصادف عدد ليس قليلاً من شباب المهاجرين مهاجرين آخرين من جنسيات مختلفة، إلا أن الهجرة معهم تعد ميزة لا يحصل عليها إلا أصحاب المستويات الاقتصادية والاجتماعية العليا، حيث يستطيعون الدفع وتأمين هجرة غير شرعية أكثر أمناً وفقاً لقواعد الهجرة غير الشرعية.
وعن الاستفسار عن نهاية الرحلة، قالت الدراسة إن البيانات أوضحت أن نسبة من نجح فى الوصول دون معرفة السلطات يصلون إلى 59% من إجمالى مجتمع الدراسة من المهاجرين، فى مقابل 41% من المهاجرين (ما بين نجح فى الوصول ولكن السلطات قبضت عليهم وهؤلاء يمثلون نسبة 20%، أو قبض عليهم قبل الوصول وهم نسبة 6.1%، أو رجع لفشل الرحلة من البداية وهؤلاء لا يتجاوزون نسبة 14.9%).
وخلصت الدراسة إلى أن هناك أوجه مشقة يلاقيها المهاجرون غير الشرعيين فى رحلتهم أولها أن غالبيتهم يسيرون عبر المجهول بلا هدى ينير لهم الطريق، «كيف وأين ومتى» هى أسئلة لا يعرفون لها إجابة، ثانيها، أن غالبيتهم يساقون ويوضعون فى أماكن تجمع فى ظروف أشبه بالاحتجاز الجبرى، ثالثها أن هذه الأماكن غير ملائمة للمعيشة الآدمية فى الغالب، من حيث جودة التهوية وتوافر المرافق والطعام والشراب، وأخيراً بعد تحمل كل هذه المشقة لا ينجح فى الوصول سوى ما يزيد قليلاً على نصف من بدأ الرحلة.
وأشارت الدراسة إلى أن هناك عدة أفكار خاطئة تسيطر على مخيلة المهاجرين، وتبدأ عندما يعتقد المهاجر أن العمل بصورة غير شرعية سوف تقتصر مصاعبه ومشكلاته على الفترة الأولى، وهو غير صحيح فى أغلب الأحوال، فالعمل بصورة غير شرعية يحيل حياة المهاجر إلى حياة هروب دائم، وهروب من عمل إلى آخر، وهناك تفكير خاطئ خاص باعتقاد المهاجر بأن راتبه فى المهجر سيكون مجزياً، وفيه فائض يمكن ادخاره، والواقع أن ذلك وهم آخر، حيث إنه إضافة لغلاء المعيشة فى دول المهجر، والمصاريف الكثيرة التى تحتاجها حياة التخفى، هناك ثمن آخر خفى قد يتكلفه المهاجر، وهو ثمن الأضرار والمخاطر بالنسبة لصحته، فعادة ما يتعرض لسوء التغذية، كما يهيمن عليه شعور القلق الدائم من إمكانية افتضاح غلطة الهجرة، مع ما يصاحبها من غياب الاستقرار العائلى وشعور بالاطمئنان والسكينة، كما أن جميع هذه الأمور تؤدى إلى علل جسدية ونفسية واجتماعية لها آثار سلبية على حياة المهاجر فى حاضره ومستقبله، حتى وإن عاد إلى وطنه الأصلى مختاراً أو مرحلاً من قبل سلطات دولة المهجر.
وتابعت: «ثمة تفكير خاطئ عندما يعتقد المهاجر أنه سيجد فى الغربة صداقات جديدة وعلاقات اجتماعية مثيرة وفرحة، وأنه سيكون أكثر حرية فى غياب مراقبة عائلته، وأنه سيحصل على فرص ترقيات إلى غيرها من مظاهر، مؤكدة أن حياة التخفى تعنى التنقل الدائم من وظيفة إلى وظيفة، ومن مسكن إلى مسكن، ومن عمل مؤقت فى غالب الأحيان إلى بطالة ملازمة فى دول المهجر، الأمر الذى يجعل بناء علاقات إنسانية حميمة أمراً شبه مستحيل، وعوضاً عن ذلك تهيمن الوحدة ومشاعر الغربة على المهاجر».
واستنتجت الدراسة، من البعد الخاص بمن يوجدون بدولة المهجر فى استقبال المهاجر غير الشرعى، أن أبناء وجه قبلى الأكثر مساندة لذويهم فى دول المهجر خصوصاً من محافظة أسيوط، وأن تلك المساندة تقدم بشكل أكثر للأكبر سناً، وأن أصحاب المستوى الاقتصادى المرتفع يمكنهم أن يشتروا الدعم والمساندة مادياً عن طريق المتعهد أو السمسار حيث يستطيعون الدفع له وتأمين مأوى أكثر أمناً وفقاً لقواعد الهجرة غير الشرعية، إلا أن المخاطر تكمن فى أن الذين لم يجدوا أحداً بانتظارهم تعرضوا للعمل سخرة والمطاردة المستمرة حتى الذين اشتروا بإمكانياتهم المادية المتعهد أو السمسار لم يسلموا من ذلك.
وعن إبرام عقود عمل بدولة المهجر قبل السفر، أكدت الدراسة أن هناك أوجه مشقة يلاقيها المهاجرون غير الشرعيين فى هذا المجال من الذين وصلوا إلى دولة المهجر بنجاح وأقاموا فيها، حيث وجدت الدراسة أن ثلث الشباب الذين ارتبطوا بفرص عمل لم يجدوها حقيقية، أما الذين نجحوا فى تنفيذ العقود المبرمة فقد واجهوا نوعاً آخر من المشقة تمثل فى معاناة ثلثهم بسبب ارتباطهم بمكان للعمل فقط، ولأنه وجدها أعمالاً متعددة فى مكان واحد، وما يقرب من نصفهم وجد نفسه يعمل عملاً واحداً ولكن بأماكن متفرقة كعمال التراحيل، ونادراً أن يجد الشاب نفسه يمارس عملاً واحداً بمكان واحد، كما أن طبيعة العمل جميعها أعمال شاقة يرفض أهل البلد الأصليون ممارستها، ولا تخرج تلك الأعمال عن (نظافة، غسيل، حمل أشياء ثقيلة، جمع قمامة)، أما باقى الأعمال التى تحتاج إلى قدر من الخبرة والمهارة كحدادة التسليح والزراعة وأعمال العمارة والديكور فقليلة نسبياً، إلا أنه ورغم عبء هذه الأعمال التى قد لا يقبلها الشباب المصرى لو أتيحت لهم فى الداخل فقد قبلها السواد الأعظم من الشباب الباحثين عن عمل، وكانت أبرز مبرراتهم لقبول العمل هى تعويض المبالغ التى تكبدوها للحصول على فرصة الهجرة غير الشرعية، أو كحل مؤقت لحين تمكنهم من الحصول على عمل أفضل، حيث إن الأعمال الحرفية فى دول المهجر يقابلها عائد مادى مرتفع قد يصل فى بعض الأحيان إلى 30 ألف يورو شهرياً.
ونوهت الدراسة إلى أن أغلبية المستجيبين بالدراسة قضوا مدة تتراوح بين 5 و10 سنوات، لأن المعاملة بدول المهجر كما يرون جيدة سواء فى مكان العمل أو السكن، إلا أنهم يفضلون العودة بعد تكوين أنفسهم إلى بلادهم.
وكشفت عن أن هناك يسراً وسهولة فى تحويل وضعهم من الوضع غير القانونى وغير الرسمى إلى اكتساب مظهر قانونى بمجرد تجهيز الأوراق وتقديمها إلى الجهات الرسمية. وهناك 60% من الشباب المهاجر لم يشعروا بالندم على الإطلاق من تجربة الهجرة غير الشرعية، كما يرغب نسبة 60.5% من الشباب بإعادة التجربة مرة أخرى، حيث إنهم يرون أنه لا توجد طريقة أخرى بديلة، وهذه النتائج تشير إلى أنه بالرغم من معاناة الهجرة التى تعرض لها الشباب المهاجر فإن النسبة الغالبة منه لا تزال تقع تحت تأثير العزف على وتيرة العيش برفاهية وحلم الثراء والخلاص من عسرة الحياة وهو ما تستعمله عصابات الهجرة غير الشرعية لاجتذاب الشباب.
وتساءلت الدراسة: «المهاجر غير الشرعى جانٍ أم ضحية؟»، فكانت نظرة معظم الدول إلى المهاجر غير الشرعى تحمل اعتبارين، الأول أنه مخالف بسبب انتهاكه قوانين الهجرة، والثانى أنه ضحية للظروف التى تقف وراء وضعه الشخصى، وكذلك الأسباب التى دفعته إلى الهروب من وطنه كالفقر والبطالة، مؤكدة أن نسبة 51.2% من الشعب المصرى يرى أن المهاجر غير الشرعى ضحية وليس جانياً.
وقالت الدراسة إنه عند سؤال من تم ترحيلهم عن الطريقة التى حدث بها ذلك، ذكر غالبية الشباب أنه تم إبلاغ السفارة المصرية عن دخول أفراد غير شرعيين إلى البلد، ثم تسليمهم للشرطة وترحيلهم إلى مصر، كما ذكر البعض أن الترحيل تم عن طريق المطار، وآخرون عن طريق المركب عقب القبض عليهم من خفر السواحل وتم تسليمهم لقسم الشرطة فى الإسكندرية، فى حين ذكر آخرون أنه تم ترحيلهم عن طريق تسليمهم لجمارك مصر عبر منفذ السلوم البرى، بعد القبض عليهم فى ليبيا، وقال عدد قليل إنهم من قاموا بالذهاب للسفارة وطلبوا الترحيل، وتباينت الاستجابات فى بيان كيفية التعامل معهم أثناء الترحيل بين معاملة حسنة وسيئة، لكن من الملاحظ أن المعاملة السيئة معظمها كان فى الجانب المصرى أثناء الترحيل بعد دخول مصر فيما أقر البعض أن المعاملة كانت حسنة وأن الضابط المصاحب أعطاه خمسين جنيهاً.
وعن طرق مواجهة الظاهرة، طرحت الدراسة سؤالاً: «ما الذى يجب أن توفره الدولة لكى لا يكرروا السفر بتلك الطريقة؟»، فكانت الإجابة مطالبة 74.3% بتوفير فرصة عمل للشباب، و61.6% طالبوا بتوفير دخل جيد، و26.9% بأن تعاملهم الدولة كإنسان، و26% بتسهيل الهجرة الشرعية، فيما طالب 17.9% بأن يكونوا قادرين على تكاليف الزواج، وطالب 12% بامتلاك منزل معيشة.
وحذرت الدراسة من التأثيرات السلبية للهجرة غير الشرعية على البلاد المصدرة، ومنها تقليص حجم قوى العمل الإنتاجية كماً ونوعاً، واستنزاف الكفاءات الضرورية بواسطة هجرة العقول، التى تمثل اليوم أحد معوقات التنمية الشاملة المعتمدة على التقنيات والتكنولوجيا المتطورة، فضلاً عن إحداث خلل وظيفى كبير فى مجتمعات الدول المصدرة للعمالة، خصوصاً الفراغ الكبير فى العمالة الداخلية مثل الزراعة والصناعة، فضلاً عن تعرض المجتمع لضياع مدخراته، وتزايد ظهور الاتجار بالبشر، وإعاقة المشروعات التنموية، مع تنامى ظاهر السوق السوداء وجرائم النقد التى تؤثر على اقتصاد الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية.
وأكدت الدراسة أن هدف الشباب المهاجر بشكل عام يتلخص فى جمع أكبر قدر ممكن من المال عن طريق الحصول على فرصة عمل، وأن الأكثر عرضة منهم لمخاطر الهجرة هم من يسعون لذلك الهدف بإلحاح أكثر من غيرهم، فيكونون عرضة لصور من الاتجار والاستغلال وهؤلاء فى الغالب ينتمون لمحافظات حديثة العهد بالهجرة غير الشرعية ومن ثم لا يجدون من يستقبلهم ويعد لهم قبل الوصول، أو أنهم أكبر سناً وبالتالى لا يفضلهم أصحاب الأعمال المشروعة فيستمرون فى البحث بشكل أكثر يعرضهم لقدر من اليأس، أو أنهم من مستوى اقتصادى اجتماعى منخفض فيلحون بشكل أكبر على قبول أى عمل، أو أن وراءهم أسراً تلح عليهم فى إرسال ما يلزمهم من تكاليف المعيشة وسداد قيمة مديونية السفر بهذه الطريقة فيقبلون سريعاً بالمتاح من عمل مهما كلفهم من عناء ومخاطرة.
وحذرت الدراسة من انتشار ظاهرة الهجرة غير الشرعية على مستوى المحافظات، انتشاراً يؤشر بالزيادة، مؤكدة أن هذه النتيجة فى حاجة إلى مزيد من البحث والدراسة لأنها تسهم فى السياسات الاجتماعية والتدابير الوقائية التى من خلالها لا يمكن الحد من هذه الظاهرة فى المجتمع المصرى.
وأوصت الدراسة بالاهتمام برفع كفاءة البنية التحتية لعديد من قرى الوجهين القبلى والبحرى، والاهتمام بإنشاء مزيد من الأبنية التعليمية التى تغطى جميع مراحل التعليم، وتخصيص أجزاء من المناهج التعليمية للتوعية بأضرار ومخاطر الهجرة غير الشرعية، والعمل على تأصيل وترسيخ القيم والتقاليد المرتبطة بخصوصية المحافظات والقرى والمراكز عن طريق الأندية الاجتماعية ومراكز الشباب لتنمية روح الانتماء والمواطنة لدى الأجيال الصاعدة.
- أسر الضحايا
- أصحاب الأعمال
- أفضل الطرق
- أفكار خاطئة
- أنحاء العالم
- أوضاع العمل
- اتجار بالبشر
- ارتفاع تكاليف
- اقتصاد الدول
- الأبنية التعليمية
- أسر الضحايا
- أصحاب الأعمال
- أفضل الطرق
- أفكار خاطئة
- أنحاء العالم
- أوضاع العمل
- اتجار بالبشر
- ارتفاع تكاليف
- اقتصاد الدول
- الأبنية التعليمية
- أسر الضحايا
- أصحاب الأعمال
- أفضل الطرق
- أفكار خاطئة
- أنحاء العالم
- أوضاع العمل
- اتجار بالبشر
- ارتفاع تكاليف
- اقتصاد الدول
- الأبنية التعليمية