كورنيش المقطم.. هنا ملتقى العشاق وجسر التنهدات

كتب: أحمد منعم

 كورنيش المقطم.. هنا ملتقى العشاق وجسر التنهدات

كورنيش المقطم.. هنا ملتقى العشاق وجسر التنهدات

انطفأت أنوار السيارة وهدأ هدير محركها حين توقفت بالقرب من حافة الهضبة، عند ملتقى ضوء القمر مع أضواء القاهرة الممتدة أسفل هضبة المقطم، داخل السيارة المعتمة رجل وامرأة فى وضع غرامى «مخلّ بالآداب»، ظل سمير يراقب الواقعة المتكررة فى كورنيش المقطم، محل عمله، واكتفى بدندنة موّال بلهجة صعيدية: أصبحت فى الصبح بدرى والندى نازل يا الشعر الأحمر يا حبايب على الخدين أهو نازل حطيت إيدى على السُرّة وأنا نازل جالتلى روح يا واد من هنا لتموت غريم المحبة والندى نازل اعتاد سمير، سبعينى العمر، مشهد «الحبِّيبة» فى كورنيش المقطم. رغم أن المشهد ذاته هاله أول مرة، حين وجد رجلاً وسيدة يتبادلان القبلات داخل سيارتهما بعد أيام من وفوده إلى المقطم للعمل كـ«جناينى» فى حدائق الحى «يومها جريت على جدع صاحبى جُلتله عاللى شوفته، فرد علىّ: يا عم ما تجننيش دانا شوفت اللى بيعملوا أكتر من البوس والحضن» هكذا يقول سمير ذو العمامة واللسان الصعيديين. يصف سمير أفعال «المُحبّين» فى كورنيش المقطم بأنها «قلة أدب»، لكن قلة الأدب تلك موجودة، كما يعتقد الرجل، منذ وجود الأنبياء على الأرض، لكن لا يملك أحد التدخل لفض ذلك الوضع بين رجل وامرأة؛ «إذا كانت هى موافقة لو أنا اتدخلت هتكلمنى كلمة بطّالة.. بقالى 39 سنة فى المقطم، ورد عليا من الحبيبة أشكال وألوان؛ عمرى ما شوفت واحدة بتصوت رافضة اللى بيحصل معاها». «شوف.. محدش يرضى بالحال المايل.. وأهالى المنطقة أكيد رافضين الأفعال الفاضحة دى تكون مقابل بيوتهم.. لكن ما بيدهم حيلة».. يروى سمير، الصعيدى العجوز، ما أقبل عليه أهالى كورنيش المقطم من تدشين بوابات لا تسمح بالمرور عبر الشارع إلا لسكان المنطقة، «لكن شالتها الحكومة.. ماهو الشارع مش ملكهم». يا واخد البنت سيس الأم جَبلِيها وإن مالت الأم تُبجى البنت جبليها ياللى غويت النسب سيبك من الفدادين إوعاك تجول دى غنية دى تورثك فدادين يا ترى مين يورثك يا وارث الفدادين «ما دام القرش يا ولدى جاى بحنية، يبقى الناس هتتعلم قلة الأدب»؛ بتلك البساطة يربط سمير عبدالسيد بين رغد العيش والقيام بأفعال فاضحة منافية للآداب، لكنه يعيد ترتيب رأيه فى ثوانٍ «بس يا ولدى الكورنيش هنا بياجيه ابن الزين وابن العفش، الرتب وغير الرتب». كورنيش المقطم ليس حكراً على «الحبيبة»، فوفقاً لسمير يطأ كورنيش النيل الباحث عن «جلسات الكيف»؛ «يعنى إحنا معانا حتة حشيش وعايزين نشربها فى مطرح رايق، يبقى بينا على كورنيش المقطم، بقولك المكان هنا بيحصل فيه بلاوى أشكال وألوان»؛ ورغم قيام الشرطة بحملات على المنطقة من حين لآخر فلم ينقطع الوافدون إلى الكورنيش المشرف على القاهرة من شرفة المقطم، كما يقول عبدالسيد.[Quote_1] بعد الثورة، بدأت عيون الأمن تنصرف عن الكورنيش «كان البوليس قبل الثورة بيطبّ كل كام يوم، يمسك اللى فى وضع مش ولا بد، ويمسك اللى بيدخنوا حشيش، ويومين بعدها ترجع ريما لعادتها القديمة، بس من بعد الثورة والبوليس عينه بدأت تروح لأماكن المظاهرات وبقت الرجل أخف على المقطم؛ بقى إخوانا الحبيبة بييجوا وهما مطمنين إن مفيش حد هيقدر يقولهم بتعملوا إيه». تسعة وثلاثون عاماً قضاها سمير فى عمله بالمقطم كـ«جناينى»؛ شهد فيها «اللى عيطت بعد ما سلمت نفسها لحبيبها وأخد منها غرضه؛ واللى كان ده بالنسبة لها عادى، والمدام والصغيرة، واللى قاعدين مع بعض قعدة كيف على روقان، أما أنا فمع نفسى؛ أقعد أدندن: جامل عزمنى وجالى خش بستانى أنا جلت بوستين يا حبايب والجُنع كفّانى جالتلى: الحساب مغلوط يلا نعيد الحسبة من تانى وحلمت بالليل بحضن وأبوس تانى». اخبار متعلقة «النافورة».. ميدان يسكنه المشاهير صالون شهرى لـ«علاء الأسوانى وأحمد فؤاد نجم وثروت الخرباوى» قلنا الخير على قدوم الواردين .. لقينا الأذى من مكتب الإرشاد من مصر الجديدة إلى المقطم.. الثورة تطارد خصومها دير القس سمعان الخراز بمنشية ناصر . . عالم سحرى حدوده الارض والسماء مساكن الزلزال.. الحياة على شمال المقطم الهضبة الكبيرة.. معجزات وكرامات فى ميكروباص من «السيدة عائشة» أو أتوبيس من «مدينة نصر».. إزاى تروح «المقطم» الإعتداء على «قنديل» وتعذيب مدمنين وسرقة وتثبيت الجرائم تعددت الجرائم والمنطقة واحدة المقطم.. الحتة المقطوعة