بالصور| عناق "عابر" في فيديو كليب يكشف الصوفية النيجيرية

كتب: دينا عبدالخالق

بالصور| عناق "عابر" في فيديو كليب يكشف الصوفية النيجيرية

بالصور| عناق "عابر" في فيديو كليب يكشف الصوفية النيجيرية

مجرد عناق عابر لم تزيد مدته عن الثانيتين، في فيديو غنائي صدر الشهر الحالي لمغني راب وممثلة مشهورين، فجر موجة غضب قوية في نيجيريا، كشفت قوة النزعة الدينية وتغلل الصوفية، والمحافظة بين الكتلة المسلمة المتمركز في شمال البلاد، والمسيحية المتواجدة بنسبة أكبر في الجنوب.

بدأت موجة الغضب بجدال قوي بين الفئة المسلمة والمسيحية، اعترض على تلامس الممثلة "راهاما ساداو" والمغني "كلاسيكيو" في الفيديو، رغم ارتدائها الملابس التقليدية والحجاب النيجيري، سرعان ما انتقل إلى صناع الفيديو، الذين اعتبروه عناق "عابر"، بحسب ما أوردته صحيفة "الجارديان" البريطانية.

ونقلت عن أحد المعلقين، استنكاره الشديد للكليب، بقوله: "لقد تجاوزت راهاما الحد هذه المرة، الفيديو بأكمله كاشف، وليس من الملائم لفتاة مسلمة أن تذهب إلى هذا الحد المتطرِّف في فيديو علني".

كما تداول المعلقين في وسائل الإعلام قوانين الرقابة وموقف نيجيريا المتشدد تجاه الجنس، وهو ما عطل العديد من صانعي الأفلام عن معالجة الموضوعات الجنسية بطريقة واقعية في المناطق الجنوبية والشمالية على السواء، على حد قول الصحيفة البريطانية.

أدت الخلافات سريعًا إلى منع "راهاما" من التمثيل في شمال البلاد، حيث أعلن صالح محمد، رئيس رابطة العاملين بصناعة السينما، ومقرها ولاية "كانو"، منع "راهاما" من التمثيل مدى الحياة، معللًا ذلك بـ"نتيجة لظهورها الخليع الأخير في أغنية مصورة بالفيديو، ظهرت فيها تعانق رجلًا وتحتضنه".

صاحب القرار بدوره موجة خلاف أخرى، حيث أيده البعض، واستنكره آخرون، واعتبروه قاسيًا جدًا وغير مقبول.

القرار أثر على الممثلة، ودفعها إلى الاعتذار عن أي إساءة قد تكون سببتها، وطالبت بموقف أكثر سماحة وتسامحًا، وهو الأمر الذي اعتبرته "الجارديان" كاشفًا لمدى التغلغل الواسع لمبادئ الإسلام المحافظ في شمال نيجيريا، على حساب الممارسات الأكثر سماحة واعتدالًا المتأثرة بالتقاليد الصوفية والروحانية.

ودعمت الرأي ذاته، "إليزابيث دونيلي"، الخبيرة في مركز "تشيتام هاوس" الفكري في لندن، حيث ترى إن "راهاما" ظهرت في الفيديو بالأزياء التقليدية العادية من سروال جينز وقميص بأكمام قصيرة وحجاب الرأس، لتؤدي دور فتاة محتشمة تبيع الخضراوات بسوق محلية، ليقع في حبها المغني "كلاسيكيو" ويقنعها بالذهاب في نزهة على قضبان السكة الحديد القريبة، مضيفة أنه في محاولة بائسة لازدهار الحب في تلك البيئة غير المشجعة، على حد قولها، أمسك مغني الراب بيدها وعانقها بصورة عابرة ولمدة قليلة للغاية.

وتابعت "دونيلي"، أنه توجد في نيجيريا الآن اتجاهات متباينة، فالتغيرات تحدث أسرع كثيرًا في بعض أجزاء الجنوب ما تحدث في الشمال، لافتة إلى أن نيجيريا بلد ممزق من نواح كثيرة، إذ تتحرك المسارات السياسية والثقافية والاقتصادية في اتجاهات مختلفة بسرعات مختلفة.

ويبدو أن الجدال لم يتوقف عند هذا الحد، فبعد مرور أيام قليلة على قرار منع "راهاما" من التمثيل في الشمال، تعاقدت معها شركة إنتاج سينمائي بالجنوب، لإنتاج عمل درامي سياسي بالإنجليزية باسم "أبناء الخلافة"، يتكون من 13 جزءا، ستقدم فيه الممثلة العشرينية دور لفتاة شمالية تقليدية أنيقة وواثقة وذكية وبارعة.

وتنقسم السينما النيجيرية "نوليوود" إلى عدة خطوط لغوية وثقافية، كلغة "أهوسا الشمالية"، ويرى العاملون بها أنها ثاني أكبر صناعة سينما في العالم، بعد السينما الهوليوودية، إذ إنها تنتج 2000 فيلم سنويًا، وتتناول أفلامها مواضيع عدة، أشهرها الحب والانتقام والزواج والعائلات والخيانة.

ولفتت "الجارديان" إلى أن الأفلام بالشمال تخضع لتقاليد الدين الإسلامي والصوفية المحافظة، إذ ترتدي النساء الزي التقليدي النيجيري والحجاب، ويحظر فيها الملابس الكاشفة كملابس السباحة، والرقص، كما يغيب الاتصال الجسدي بين الجنسين، بينما في الجنوب تصور النساء الثريات في منتصف أعمارهن يصاحبن أصدقاء أبنائهن المراهقين، والطالبات المرتديات فساتين قصيرة يغرين المعلمين.

فيما قال "جون كامبل"، سفير الولايات المتحدة السابق لدى نيجيريا والخبير في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، إن عناق الممثلة لشخص، كان بالتأكيد سيدفع بهجود ورد فعل قوية في معظم أنحاء العالم.

وأضاف "كامبل"، أن خط كسر الطائفي يؤدي إلى تفاقم الانقسامات العرقية والاقتصادية أيضًا، وقد ولدت هذه فترة طويلة من التوترات التي تكافح الحكومة المركزية للتغلب عليها، إذ أن المجتمعات في الشمال غالبًا ما تشعر بالغيرة من التنمية والنفوذ في الجنوب، في حين أن كثيرين في الجنوب يخشون من انتشار الإسلام.


مواضيع متعلقة