الشرق الأوسط بين مطرقة كلينتون وسندان ترامب

وفاء صندى

وفاء صندى

كاتب صحفي

أسابيع قليلة تفصل أمريكا عن اختيار رئيسها الـ45، حيث تورد القراءات أن هيلارى كلينتون الأقرب إلى البيت الأبيض، أولاً، لكون أمريكا ترغب فى تقديم نموذج جديد للديمقراطية من خلال انتخاب امرأة رئيسة، ثانياً، لأن كلينتون يمكن أن تستفيد من التصويت العقابى ضد دونالد ترامب الذى يرى قطاع كبير من الأمريكيين أن برنامجه الانتخابى يسىء إلى الولايات المتحدة.

لكن ما يهمنا نحن كعرب فى الرئيس الأمريكى المقبل سياسته ازاء الشرق الأوسط، خاصة بعد قيادة أوباما الفاشلة.

هيلارى ذات الخبرة فى السياسة الخارجية، تقدم استراتيجية من ثلاثة أجزاء للتعامل مع داعش. الجزء الأول يتضمن هزيمته فى العراق وسوريا من خلال زيادة العمليات الاستخباراتية، وزيادة ضربات قوات التحالف الجوية، وشن حملة برية تدعمها قوات أمريكية خاصة. والجزء الثانى يركز على قطع تمويل التنظيم وشبكاته. والثالث، فيركز على الأنظمة الدفاعية فى الولايات المتحدة، مما يحد من قدرة داعش على اختراق الحدود الأمريكية أو التجنيد من داخلها.

أما ترامب الذى بقى متردداً بشأن التدخل فى الصراع، بحجة أنه لم تكن لديه مشكلة فى ترك روسيا تحارب التنظيم، وقال إنه لا حاجة إلى التدخل الأمريكى وإن الولايات المتحدة تستطيع ببساطة «الاهتمام بالبقايا» بعد أن تهزم روسيا التنظيم، فإنه يؤيد استخدام عدد محدود من القوات البرية الأمريكية، ويؤيد قصف حقول النفط العراقية لقطع إيرادات التنظيم، ويدعم قتل أسر مقاتلى داعش فى محاولة لوضع حد للتجنيد.

فيما يتعلق بسوريا، تدعم كلينتون فكرة العمل مع مجموعات محلية لإزالة الأسد من الحكم والتخطيط للانتقال إلى حكومة معتدلة. وتؤيد فرض منطقة حظر جوى فوق شمال سوريا قرب الحدود التركية، وإنشاء مناطق آمنة للاجئين تمكنهم من البقاء فى سوريا.

أما ترامب فقد أوصى باستخدام «قوة هائلة» ضد الأسد، وأعرب فى الوقت نفسه عن قلقه إزاء ما سيأتى بعد سقوطه. وقد أعرب عن تشكيكه بموضوع تدريب المعتدلين السوريين وما إذا كان يمكن الوثوق بهم. ويعارض «ترامب» فرض مناطق حظر جوى فى سوريا، ولكن يدعم إقامة مناطق آمنة. يقول «ترامب» إنه سيمنع اللاجئين من دخول الولايات المتحدة وإنه سيمنع جميع المسلمين من الدخول إلى البلاد حتى يقوم نظام الهجرة بتحسين إجراءات الفرز.

فيما يتعلق بإيران تقدم كلينتون استراتيجية خماسية للتعامل معها: أولاً، تعميق التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل من خلال دعم الدفاع، وتحديداً فى مجال الكشف عن الأنفاق والدفاع الصاروخى. ثانياً، التأكيد أن منطقة الخليج تشكل مصلحة أمريكية حيوية من خلال وجود عسكرى قوى والحفاظ على مضيق هرمز مفتوحاً وزيادة التعاون الأمنى مع دول مجلس التعاون الخليجى. ثالثاً: مكافحة وكلاء إيران فى الدول الأخرى وإشراك دول مثل تركيا وقطر فى تضييق الخناق على الدعم المقدم لهؤلاء الوكلاء. رابعاً، التصدى لانتهاكات حقوق الإنسان فى إيران. وخامساً، العمل مع دول عربية لوضع استراتيجية إقليمية شاملة. وتؤيد كلينتون الاتفاق النووى مع إيران وتصفه بمقاربة «غير موثوق بها، ولكن تحققت».

ترامب يعارض الاتفاق النووى مع إيران، ويقول إنه قادر على التفاوض على صفقة أفضل. ومرة يبدى أنه مستعد للتراجع عن الاتفاق، وأخرى يقول إن التراجع عنه استراتيجية سيئة. وانتهى ترامب بالقول إنه سيوقف البرنامج النووى الإيرانى «بأى وسيلة ضرورية».

فيما يتعلق بدول الخليج، تؤكد كلينتون أن منطقة الخليج شريك مهم، وقالت إن السعودية أساسية من أجل التغلب على داعش وتحييد إيران وتحقيق الاستقرار فى المنطقة، كما أن كلينتون ملتزمة بحماية دول مجلس التعاون الخليجى من التوغل الإيرانى، وتقول إنها ستدفع دول الخليج نحو اتخاذ إجراءات صارمة ضد مواطنيها الذين يقدمون الدعم المالى للمنظمات الإرهابية.

وترامب يطالب بأن تتحمل دول الخليج كلفة إقامة مناطق آمنة فى سوريا، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تساهم ببعض المساعدة فى هذا الإطار. ويقول إن على السعودية التعويض مالياً للولايات المتحدة، كلما ساعدتها هذه الأخيرة فى حماية مصالحها.

هناك تباين فيما يطرحه ترامب وما تعد به كلينتون، وهناك مبالغة أيضاً فيما يقدمانه كبرنامج انتخابى الذى ربما لن ينفذ بعد أداء اليمين، لكن الأكيد هو أن كلا المرشحين متفق بخصوص إسرائيل التى تعتبرها أمريكا شريكاً عسكرياً واقتصادياً.

ولأن المصالح هى التى تحرك أمريكا دائماً، فالنفط ومحاربة الإرهاب سيفرضان على الرئيس المقبل الانخراط فى قضايا الشرق الأوسط، أما علاقة أمريكا بدول الخليج، كما علاقتها بمصر والأردن، فستبقى ذات أهمية ستسعى أمريكا دائماً إلى الحفاظ عليها وجعلها فعالة ومثمرة.