«كوم القدح»: قرية بلا مياه منذ 6 أشهر.. والأهالى: «تعبنا من شيل الجراكن»

08:11 م | الأربعاء 14 سبتمبر 2016

«رضينا بالمياه ملوثة، لكنها لم ترضَ بنا».. بهذه الكلمات يحلو لأهالى قرية «كوم القدح» التى تبعد 10 كيلومترات فقط من مدينة أبوالمطامير، التعبير عن معاناتهم من انقطاع مياه الشرب منذ 6 أشهر متواصلة، مشيرين إلى أنهم يعتمدون على ملء الجراكن من القرى المجاورة، للحصول على المياه للشرب والطهى، فيما تقوم سيدات القرية بغسل الأوانى بالترعة الملاصقة للقرية، وتلبية احتياجات الماشية من مياه الترعة أيضاً.

{long_qoute_1}

فى بداية الشارع الرئيسى للقرية، كان سعد الله عبدالكريم عبدالعزيز، يركب عربته الكارو المحمّلة بالجراكن، ويسير مسرعاً نحو قرية مجاورة لملء هذه الجراكن بالمياه، لكنه تراجع عن إكمال مشواره بعد حديثنا معه، وقرّر العودة بنا إلى بيته، لنرى الوضع على طبيعته. تحدّث «سعد الله» بنبرة مرتفعة ممزوجة بالغضب، قائلاً: «أقسم بالله إحنا ما عارفين نعيش بسبب انقطاع الميه، رمضان عدّى علينا واحنا شقيانين فى ملء الجراكن، وأنا راجل حر عمرى ما ذليت نفسى لحد، لكن الميه خلتنى أنزل للناس فى رمضان، وأنا باخبط عليها علشان نملا ميه».

{long_qoute_2}

ويضيف الرجل الستينى الذى كست ملامح الغضب وجهه: لما المياه قطعت فترة كبيرة، رُحت لمدير الشركة فى دمنهور اشتكى له، لقيته قاعد فى مكتب مكيف وقدامه ميه معدنية، قلت له: «ربنا هيحاسبك، قاعد بتشرب ميه معدنيه واحنا مش عارفين نشرب حتى ميه ملوثة، وضهرنا تعب من كتر اللف على الناس علشان نملا ميه»، فرد علىّ: «اهدا بس، هنحل المشكلة بتاعتكم»، ومفيش أى حاجة اتحلت». ويرى «سعد الله» أن سبب انقطاع المياه هو تدخّل الواسطة فى توزيع الخط الرئيسى الذى يبلغ قطره 6 بوصات، وتسبُّبها فى خفض المواسير بشكل غير مناسب أمام بعض القرى، مما تسبّب فى عدم وصولها إلى قريتهم. وقال: «عدد سكان قريتنا 45 ألف نسمة، فهى عبارة عن 55 فداناً من المبانى، وتضم أيضاً 12 عزبة، المياه مقطوعة عنها كلها، وبنمشى كل يوم 2 كيلو لحد ما نوصل قرية زاوية أبومسلم علشان نملا ميه، عارفين أن الميه اللى بنملاها دى كمان ملوثة، لكن هنعمل إيه هنشترى ميه معدنية يعنى». وتابع: «علشان كده 15% من سكان القرية مصابين بالفيروس الكبدى والفشل الكلوى، ومع أن المياه مابتجيش، إلا أن محصلين الشركة بييجوا يحصلوا منا فواتير، ناس ماعندهاش دم، الفاتورة بتيجى لنا بـ30 جنيه من غير استخدام، ولو مادفعناش بيقولوا إنهم هيشيلوا العداد».

يشير «سعد الله» إلى الجراكن التى امتلأ بها بيته، ويقول: «دى جراكن البهايم، واللى جوه الجراكن اللى بنشرب ونطبخ منها، وزوجتى ست تعبانة، وبتاخد علاج ومابتقدرش تطلع تجيب ميه من القرى التانية، وأنا راجل حر ما أخليش مراتى تطلع تجيب ميه من عند الناس، كل يوم لازم آخد مطهر للمسالك البولية علشان عارف أن الميه اللى بنشربها ملوثة، ولو ما أخدتش المطهر الفوار، أتعب طول الليل، وماباعرفش أنام». فى الجهة المقابلة من منزل «سعد الله»، كانت ترقد «سعدية بكر»، صاحبة الـ52 ربيعاً على أحد أسرة بيتها، وأمامها كيس كبير ملىء بأدوية الفشل الكلوى، وقالت لنا بصوت متعب: «جالى فشل كلوى بقالى سنتين من مياه الشرب، وباخد علاج كتير زى ما انت شايف، وباعمل 3 جلسات غسيل كلوى أسبوعياً». ويضيف نجلها الثلاثينى عبدالله عوض: «بلدنا فيها الآن 60 حالة فشل كلوى، منهم 22 حالة مصابة بسبب تلوث المياه فى الفترة الأخيرة». عوض جمال عبدالسيد، شاب ثلاثينى، نجار باب وشباك من سكان قرية كوم القدح، اشتكى من انقطاع المياه، قائلاً: «إحنا بنخزن الميه بره البيت وجوه البيت، وحاسين بقيمتها جداً، وعارفين أنها ملوثة، لكن مضطرين نشرب منها، أنا مش خايف على نفسى، أنا خايف على عيالى بس، لو المسئولين فى دمنهور ولا القاهرة يرضوا يشربوا من المياه اللى بنشرب منها، إحنا مش هنشتكى».

يدخل «عوض» إلى المطبخ ويشير بيديه إلى كرتونة صغيرة بها كتاكيت بط بلدى موضوعة فى حوض المطبخ أسفل «الحنفية» مباشرة، ويقول: «لو فيه ميه بتيجى عندنا كنا حطينا البط الصغير ده هنا؟ إحنا قلنا نستفيد من الحوض، طالما مفيش ميه، حسبى الله ونعم الوكيل».