عصَّارة «شيخ البلد».. زيت الزيتون على الطريقة القديمة

كتب: محمد أبوضيف

عصَّارة «شيخ البلد».. زيت الزيتون على الطريقة القديمة

عصَّارة «شيخ البلد».. زيت الزيتون على الطريقة القديمة

داخل منزل بدوى من طابق واحد، تتميز واجهته بألوانها الزاهية، وبوابته خشبية قديمة ومتهالكة، وبداخله تظهر شجرة زيتون تتوسط ساحة البيت، ومن خلفها يقبع أحمد سنوسى، ونجله «محمد» بين آلات العصر البدائية، وأجولة من الزيتون المجفف، فعلى الرغم من دخول آليات تطوير على عصارات الزيتون بواحة الفرافرة، ما زال الكثيرون من أهلها يتمسكون بأهداب الماضى، ويحافظون على طرق العصر القديمة، بآلاتها البدائية، وأساليبها التقليدية، وكان على رأس تلك العصارات عصّارة «شيخ البلد» مبارك عبدالله، التى قضت فيها «الوطن» يوماً للتعرف على سير العمل داخلها.

داخل العصارة يعمل «سنوسى» بجسده النحيل وملابسه الرثة، دخل تلك المهنة منذ عشرين عاماً، حيث تخلت النساء فى منازلهن عن مهمتهن التقليدية فى عصر الزيتون، ليبدأ ظهور العصارات داخل الواحة، ويتوافد عليها أهلها مع موسم حصاد الزيتون من حدائقهم، محملين بما تبقى من الثمار بعد بيع المحصول للتجار.

يتحرك «سنوسى» لإحضار قدر من الزيتون، ينظفه جيداً تحت صنبور المياه، ويضعه فى مطحنة بدائية تكسره لقطع صغيرة، وهو يمد راحته ليساعد المطحنة الضعيفة على إنهاء مهمتها بنجاح، يتحرك بجسده الواهن، ليجمع ما نتج عن المطحنة، ويضعه فى إناء ملطخ بالسواد، ويشعل الحطب، ويضع فوقه الإناء ويأخذ فى تقليب الطحين فوق النيران، وبعد دقائق ينقل ذلك الطحين الساخن إلى طاولة كبيرة، ويبدأ فى وضعه داخل أحد الأجولة القديمة.

«ثلاث عصارات فقط»، هى كل ما تبقى فى الواحة من عصارات ما زالت تحافظ على الطريقة التقليدية. يقول «سنوسى»، وهو ينقل الجوال المملوء بالطحين، ليضعه بين شقى رحى ماكينة قديمة، تعمل بيد طويلة، وعندها يحين دور نجله، الذى يمسك بطرف ما تبقى من كفه المبتور بالمكينة، وباليد الأخرى يمسك بعصاها الطويلة، ويأخذ فى الضغط على جوال الطحين الموضوع بين شقى الرحى، فى حين تبدأ قطرات الزيت فى التساقط من صنبور صغير يظهر فى نهاية الماكينة المتهالكة، داخل إناء كبير يضعه أسفلها: «وكده يبقى خلصنا عصر الزيت ونبقى نعبيه فى برطمانات صغيرة».

ولا يكتفى «سنوسى» ونجله بعصر زيت الزيتون، ولكن يأخذان ما تبقى من الطحين بعد عصره ويطلق عليه «الديش»، لتفتيته من جديد بأيديهما الضعيفة إلى قطع صغيرة، ويجهزانه بعناية ليُستخدم كعلف للحيوانات. يقول إن أهل الواحة اعتادوا جمع الزيتون من الشجر، والمجىء به للعصارة البدائية، ليحصلوا على الزيت وما تبقى من الطحين كل على حدة.


مواضيع متعلقة