محمود مسلم يكتب: «السيسى».. فرصة مصر

كتب: محمود مسلم

محمود مسلم يكتب: «السيسى».. فرصة مصر

محمود مسلم يكتب: «السيسى».. فرصة مصر

كنت وما زلت أرى أن وجود «السيسى» على مقعد رئاسة مصر، يمثل فرصة حقيقية لإحداث تغيير جوهرى فى هذا البلد، يسير بالتدريج ويحافظ على ما تبقى من ثوابتها ويطوّرها دون أن يصطدم بمعتقداتها، لذا لم يكن غريباً أن ترتفع طموحات الناس وأحلامهم فى عهد «السيسى»، رغم ما يواجهه الرجل من مؤامرات وتحديات.

«السيسى» هو الرئيس المصرى الأول الذى يعلم متى سيخرج من الرئاسة، وأن قرار استمراره لثمانى سنوات بيد الشعب المصرى، وبالتالى فإن من تورّطوا فى الحديث حول الولاية الثانية لـ«السيسى» قد ساروا وراء أجندة الصحف الغربية، بينما الرجل لا يشغل نفسه سوى بتثبيت الدولة المصرية، وبناء المستقبل لأولادها.

يتعامل «السيسى» مع منصبه كعبء، وليس كميزة، فلم يرصده أحد إلا مهموماً بالمشاكل، ومشغولاً بالملفات المختلفة، وساعياً شرقاً وغرباً لتحسين أوضاعها، وسط مؤامرات لا أعتقد أن مصر تعرضت لها فى العصر الحديث.. فالكل يسعى إلى تحزيمه وتقييده كرمز لإرادة شعب تحرّك ورفض الانصياع، وتحرّر من الهيمنة، فقد تولى بلداً منهكاً، الكل يشك فى الكل، ونخبته أسوأ ما فيه، والتنظيم الدولى للإخوان يبذل جهداً مضاعفاً لإنهاك الرجل.. ومع ذلك استطاع خلال عامين استعادة ثقة الناس فى الدولة من خلال إنجاز مشروعات قوية، المؤكد أنه لم تظهر آثارها بقوة حتى الآن، لكن المستقبل القريب سيشهد توزيع أكثر من 530 ألف وحدة بالإسكان الاجتماعى والمتوسط، وإنهاء أزمة أكثر من 350 منطقة عشوائية خطيرة، وإنشاء عاصمة إدارية جديدة وإعادة تسليح الجيش المصرى على أعلى مستوى، وشبكة طرق كبيرة، دون أن تتحمّل موازنة الدولة شيئاً، وذلك أبلغ رد على من يربطون بين نقص الدولار والمشروعات القومية، كما تم إنشاء قناة السويس الجديدة، التى رفعت تصنيف القناة، وأدرت دخلاً بسيطاً، لكنها جعلت مصر مستعدة إذا ما تحسّنت التجارة العالمية عما هى عليها الآن، بالإضافة إلى مشروعات جبل الجلالة ومدينة العلمين، وإنشاء 100 ألف صوبة زراعية، وحل مشكلة الكهرباء نهائياً بعد أكثر من 8 سنوات قضاها الشعب يئن من انقطاع الكهرباء.. وأزمة نقص الغاز الطبيعى وتحسّن منظومة الخبز وتوزيع السلع التموينية وعودة الاستقرار الأمنى نسبياً.. وأعتقد أن «السيسى» لديه الكثير ليُقدمه خلال السنوات المقبلة، ويمكن أن يتضاعف الكثير إذا ساعده الناس بصورة أفضل.

كنت وما زلت أرى أن «السيسى» أفضل من فينا للعبور بهذه المرحلة فى منطقة تموج بالأحداث والتطورات والمؤامرات وفى ظروف اقتصادية وإدارية صعبة حتى لو اختلفنا أو انتقدنا بعض سياساته، فالرجل لم يدّع أنه الأصوب فى كل الملفات.. وأعتقد أن الكثيرين من الطيبين يتوسمون فى «السيسى» الإخلاص والوطنية واستقلال القرار المصرى والجد والعمل ويطمئنون إلى أنه رجل ليس فاسداً، بل مضحٍ بماله الخاص من أجل البلد، وليست لديه شلة فساد، كما أن انحيازاته الدائمة للمواطن البسيط وليس لرجال الأعمال كما يزعم البعض، بدليل رفع المعاشات لـ9 ملايين مواطن بنسبة معقولة، ويوجه دائماً بعدم غلاء خدمات الغلابة، خصوصاً فى الشريحتين الأولى والثانية.

مما لا شك فيه أن الأعباء كثيرة والتحديات ضخمة والمؤامرات محكمة ومستمرة، لكن الفرصة ما زالت قائمة لبناء وتثبيت دولة ديمقراطية حديثة تحمى حدودها وتقوى مؤسساتها وتراعى فقراءها وتُرسخ العدالة حتى لا تسقط للمرة الثالثة، ولا أعتقد أن هناك فرصة أفضل من وجود الرئيس السيسى لتحقيق ذلك، بشرط أن يستمع مؤيدوه قبل معارضيه إلى أقدم حكمة يونانية عرفتها البشرية، وتقول «اعرف قيمة اللحظة المناسبة».


مواضيع متعلقة