حاكموا «الجيوشى» أو «سعيد»!

د. سعد الجيوشى، وزير النقل السابق، ألغى صفقة شراء 700 عربة سكة حديد من المجر (10 مليارات جنيه) واتفق مع دولة «لاتفيا» لتصنيع القطارات (تصنيع وليس تجميعاً) فى مصر. وبالفعل قام وفد من وزارتى النقل والإنتاج الحربى بزيارة مصانع لاتفيا وجاء وفدها وتفقد مصانعنا.. هذا المشروع توقف وقام د. جلال سعيد، وزير النقل الحالى، بإعادة صفقة المجر مرة أخرى.

وزير النقل السابق ألغى ثلاث اتفاقيات مع الصين (60 مليار جنيه) قروضاً ولم يوقعها الرئيس الصينى فى زيارته للقاهرة (القطار المكهرب السلام/العاشر، قطار الإسكندرية/أبوقير، المحطة متعددة الأغراض بميناء الإسكندرية)؛ بحجة عدم ضرورة الاستدانة من أجلها ويمكن تنفيذها بالتمويل الذاتى أو بالاستثمار.. وزير النقل الحالى أعاد هذه الاتفاقيات مرة أخرى ومن المفترض توقيعها بعد أيام خلال زيارة الرئيس السيسى للصين بحجة أننا فى حاجة إليها.

الوزير السابق ألغى قرضاً لشراء 100 جرار سكة حديد من شركة سيمنس (4 مليارات جنيه)، وألغى قرض بنك الإعمار الأوروبى لشراء 6 قطارات (300 مليون يورو).. الوزير الحالى أعاد القرضين.

وزير النقل السابق قام بإعفاء أكثر من 200 قيادة من مناصبهم بحجة فشلهم أو فسادهم أو تقصيرهم فى عملهم.. وزير النقل الحالى أعاد معظمهم.

الوزير السابق أنشأ محكمة النقل لإعادة الانضباط للمرافق التى تتعامل مع حياة المواطنين، السكة الحديد ومترو الأنفاق والطرق والكبارى والنقل البرى والبحرى والنهرى.. الوزير الحالى ألغى المحكمة، د. سعد الجيوشى وزير النقل السابق أنشأ أكاديمية النقل حتى تكون مركزاً للبحث العلمى وتدريب وتخريج ما تحتاجه قطاعات النقل من العمالة الفنية المدربة.. د. جلال سعيد وزير النقل الحالى ألغى الأكاديمية.

الوزير السابق حصل على موافقة مجلس الوزراء لتنفيذ مشروع النقل الذكى للقضاء على فوضى المرور وحوادث الطرق التى أساءت إلى سمعة مصر وكبدتها خسائر فادحة مادية وبشرية.. الوزير الحالى ألغى المشروع.

د. سعد الجيوشى قام بالتشغيل التجريبى لمشروع التاكسى النهرى وطرحه للمستثمرين وتعاقد على تصنيع 50 معدية لتشغيلها فى نقل الركاب بالمحافظات النيلية للحفاظ على حياة المواطنين، د. جلال سعيد قام بإلغاء وتجميد المشروع. الجيوشى تعاقد مع شركة تابعة لبنك الاستثمار القومى لتحويل الوزارة بقطاعاتها الخاسرة والمديونة وخدماتها السيئة إلى وزارة اقتصادية رابحة بخدمات جيدة ولا تكون عبئاً على الدولة، سعيد ألغى هذه الرؤية التى كانت تستهدف ألف مليار جنيه (85% منها استثمار بعيداً عن القروض وموازنة الدولة).. الوزير الحالى أقال كل مستشارى الوزير السابق وألغى قراراته بإنشاء مشروع النقل الحضرى وهيكلة شركات السكة الحديد الخاسرة وتطوير نظام الحجز الإلكترونى الذى يمنع التهرب من التذاكر أو بيعها فى السوق السوداء.

وزيرا النقل السابق والحالى مؤكد أن أحدهما أخطأ والآخر أصاب، أحدهما شريف عمل لمصلحة بلده والآخر غير ذلك، أحدهما فاسد والآخر صالح، أحدهما متهم والآخر برىء، أحدهما على باطل يستحق السجن والآخر على حق يستحق التكريم، لأن هناك إهداراً حقيقياً للمال العام وصفقات مشبوهة ومليارات ضاعت على الدولة أو سوف تتكبدها من دون فائدة وهى تعانى شبح الإفلاس بسبب تناقض قراراتهما (وهكذا دائماً حال مصر الحزين بين الوزراء السابقين واللاحقين)؛ فإما أن تحاكموا الجيوشى أو سعيد.. أو تحاكمونى.