إقبال محدود على «اللحوم» فى بنى سويف.. وزيادة الأسعار تخطت 200٪

07:52 م | الثلاثاء 23 أغسطس 2016

ارتفعت أسعار اللحوم بطريقة غير مسبوقة فى محافظة بنى سويف، قبل أسابيع من حلول عيد الأضحى المبارك بنسبة تخطت 200%، الأمر الذى تسبب فى حالة من الجدل بشأن المتسبب فى تلك الظاهرة، حيث اتهم المستهلكون «الجزارين» بالوقوف وراء ارتفاع الأسعار، وبدورهم اتهم أصحاب محلات الجزارة المربين برفع الأسعار بحجة ارتفاع تكلفة تربية الماشية.

«لم تعد تربية الماشية مجدية اقتصادياً، بل أصبحت عبئاً على المربين، فمنذ سنوات كانت تجارة الماشية وتربيتها مربحة، أما الآن لا تتعدى كونها مهنة لأغلبهم اعتادوا عليها ولا يستطيعون الابتعاد عنها، فاتجهوا إلى تقليص أعداد الماشية لديهم تحجيماً للخسائر، أو بسبب قلة هامش الربح»، هكذا وصف ثروت يوسف الداعورى، أحد كبار المربين، هموم تربية الماشية وأعباءها، مضيفاً أن الدولة لا تدعم المزارعين الذين يهتمون فى الأساس بتربية الماشية، لافتاً إلى أن المزارع يعتمد على «البرسيم» فى التربية، ومؤخراً ارتفعت أسعار إيجار الأراضى الزراعية، الأمر الذى زاد من التكلفة، فضلاً عن ارتفاع أسعار الأعلاف التى يستخدمها المربى فى مرحلة التسمين، بعد أن يتخطى وزن «العجل» 250 كيلو، وأشار إلى أن تكلفة إطعام «رأس الماشية» الواحد فى مرحلة التسمين تتخطى 50 جنيهاً يومياً، حيث تتناول ما بين 12 إلى 15 كيلو علف، بمتوسط سعر الكيلو 3 جنيهات ونصف، مضافاً لها تكلفة العمالة، لتصل التكلفة فى نهاية الشهر إلى 1500 جنيه و7 آلاف وخمسمائة جنيه خلال 5 شهور تسمين.

{long_qoute_1}

وأضاف أن هناك تكلفة أخرى تتمثل فى الرعاية البيطرية، والأدوية، حيث يتراوح كشف الطبيب ما بين 80 إلى 100 جنيه فى الزيارة الواحدة، بخلاف شراء الأمصال والأدوية التى تتعدى 500 جنيه فى حالة المرض، متابعاً «بحسبة بسيطة نجد أن رأس الماشية تصل للجزار بسعر 39 جنيهاً للكيلو الحى، وبعد ذبحها تنتج 50% لحماً صافياً من إجمالى وزنها، فيضطر الجزار إلى البيع بسعر يبدأ من 80 جنيهاً للكيلو صافياً، حيث لا يتخطى ربحه فى الكيلو الواحد 5 جنيهات».

وأشار إلى أن الجزار برىء من تهمة رفع الأسعار، فارتفاع تكلفة التربية هو السبب الرئيسى وراء ارتفاع أسعار اللحوم وينطبق الأمر على الأغنام والماعز، مشيراً إلى أن سعر العلف الحيوانى فى ارتفاع مستمر حيث وصل سعر طن الردة إلى 3300 جنيه، وكذلك «الكُسب» وهو نوع من أنواع العلف، فضلاً عن ارتفاع تكلفة العمالة بالنسبة لمزارع التربية، مؤكداً أن أغلب المزارعين يكتفون بتربية الماشية حتى مرحلة قبل التسمين، حتى لا تزداد خسائرهم، وطالب الدولة بضرورة التدخل بشكل منظم لدعم منظومة تربية الماشية والتسمين من أجل خفض أسعار اللحوم، بخفض أسعار الأعلاف، وعودة الطب البيطرى لمهام عمله، بدل الاكتفاء بالجلوس فى المكاتب وتوفير الأمصال والأدوية بالمجان أو بأسعار مخفضة.

«سعيد عبدالجيد محمد»، أحد العاملين فى تربية الماشية، مقيم بقرية أبوسليم، أكد أن تربية الماشية كانت مربحة فى الماضى قبل ارتفاع أسعار الأعلاف وارتفاع القيمة الإيجارية للأراضى الزراعية، مضيفاً «زمان كنا بنكسب والجزار بيكسب والناس بتاكل، دلوقت إحنا بنخسر والجزار بيخسر، والناس قللت من أكلها، خاصة أن المواطن المصرى ذواق ولا يفضل اللحوم المستوردة وبخاصة فى الأماكن الريفية، لأن المرعى المصرى من حشائش وبرسيم تنتج أفضل أنواع اللحوم، كذلك الأعلاف، بعكس العجول المستوردة ولحومها لها طعم مغاير ولون داكن».

ولم يختلف الأمر بالنسبة للجزارين، حيث أكد نادى محمود، جزار، مقيم بمركز الواسطى، أنه يشترى رأس الماشية زنة 500 كيلو بمبلغ لا يقل عن 19 ألف جنيه، ليصل سعر الكيلو 80 جنيهاً بعد ذبحه وتصفية اللحوم التى قد لا تتجاوز 50% من إجمالى الوزن، مشيراً إلى أنه يضطر فى كثير من الأحيان إلى البيع بسعر أعلى بسبب ارتفاع تكلفة الشراء، فيما أرجع جمال محمود، تاجر ماشية بمركز ببا، السبب الرئيسى فى ارتفاع أسعار اللحوم إلى انخفاض المساحات المزروعة من الذرة الصفراء والبرسيم، فضلاً عن ارتفاع أسعار الأعلاف الصناعية، التى وصلت إلى 4 آلاف جنيه، متوقعاً أن تصل أسعار اللحوم إلى 95 جنيهاً خلال أيام عيد الأضحى المبارك.

من جانبه قال الدكتور طارق الوكيل، مدير عام مديرية الطب البيطرى ببنى سويف، إن المحافظة لا تمتلك أى محطات لتسمين الماشية وتعتمد على تربية الماشية لدى المزارعين حيث لا تتخطى رؤوس الماشية لدى أى مزارع عشرة رؤوس، مضيفاً «تمتلك المحافظ نسبة متوسطة من الماشية ما بين 350 ألف رأس أبقار، و100 ألف رأس جاموس، و354 ألف رأس أغنام، و150 ألف رأس ماعز، مع عدم وجود حصر بعدد رؤوس «عجول التسمين»، لافتاً إلى أن دور المديرية يقتصر على تحصين الماشية، وصرف تعويضات فى حالة النفوق، وتقديم النصائح الإرشادية للمزارعين والمربين للماشية، فجميع الوحدات البيطرية مفتوحة بجميع القرى لعلاج الماشية وتحصينها، وأكد أن مشكلة انتشار الأمراض بين الماشية وانخفاض إنتاجيتها سببه عدم اعتماد المربى أو المزارع بشكل جدى على الطبيب البيطرى، فغالباً لا يتوجه المربى للعيادة البيطرية إلا فى حالة إصابة الماشية بمرض شديد، ويحاول رؤية ما يفعله الطبيب للاستغناء عنه.

فيما أشار المهندس شريف محمد حبيب، محافظ بنى سويف، إلى أن المحافظة تعمل دائماً على محاربة ارتفاع الأسعار بفتح منافذ لبيع اللحوم بالتعاون مع وزارة الزراعة والقوات المسلحة من أجل توفير اللحوم بأسعار مخفضة للمواطنين، بالإضافة إلى توفير اللحوم المستوردة بمنافذ الشركة المصرية لتجارة الجملة، ومنافذ المحافظة خاصة مع حلول عيد الأضحى المبارك، فى الوقت الذى تشن فيه مديرية التموين بالتعاون مع مباحث التموين حملات متكررة على الجزارين لضبط المخالفين منهم والتأكد من الذبح داخل المجازر الحكومية والالتزام بالاشتراطات الصحية والبيئية.