«الخياطة»: استيراد ماكينات الأويما قتل المهنة.. وأصحاب الورش: «سرحنا العمالة»

كتب: جهاد عباس وسهاد الخضرى

«الخياطة»: استيراد ماكينات الأويما قتل المهنة.. وأصحاب الورش: «سرحنا العمالة»

«الخياطة»: استيراد ماكينات الأويما قتل المهنة.. وأصحاب الورش: «سرحنا العمالة»

ضربت أزمة الدولار قرية الخياطة إحدى القلاع الصناعية المهمة فى صناعة الأثاث ليس فى محافظة دمياط فحسب بل على مستوى الجمهورية، حيث تشتهر بورش تصنيع الموبيليا ومعارض الأثاث الراقى، ويبلغ عدد الورش فيها نحو عشرة آلاف ورشة ونحو خمسين معرضاً، حيث كانت تشتهر بتصدير الموبيليا للبلدان العربية ودول أوروبا من قبل، وأدى ارتفاع أسعار الخامات والاعتماد على ماكينات الأويما الصينى التى ضربت الحرفة بصورة مباشرة لتأثير بالغ فلم يعد يخلو شارع إلا وتجد ورشاً أغلقت أبوابها وسُرح عمالها حيث لجأ عدد من التجار للاستعانة بالماكينات الصينى بديلاً عن الصناع للاستفادة بمزايا توفير الوقت وتخفيض تكلفة «أجور العمالة» مما أدى لإغلاق نسبة كبيرة من الورش قدرت بنحو ثلاثين بالمائة بالقرية خلال الستة أشهر الأخيرة.

{long_qoute_1}

ويقول أشرف إبراهيم أويمجى: الدولة غابت عن صناع الأثاث الذين يعدون الوقود الأساسى لمحافظة دمياط والشهيرة بيابان مصر حتى باتت الماكينات الصينى تنافس الأويمجى فى التوقيت والأسعار، حيث لجأ عدد كبير من التجار للاستعانة بالماكينات وقاموا بتسريح العمال الذين تحولوا لمهن أخرى كسائقين أو قهوجية أو بائعين. وطالب إبراهيم الدولة بالتدخل لتقنين استيراد تلك الماكينات التى تحولت لطاعون سيلتهم المهنة يوماً تلو الآخر والحد من استيراد الأثاث الصينى والتركى وتشجيع الصناعة المصرية مضيفاً أن عدداً من رجال الأعمال كانوا السبب فى دخول الأثاث التركى عقب تنظيم عدة معارض للأثاث التركى بالقاهرة فى محاولة منهم لهدم الصناعة المصرية، كما طالب بتصدى الدولة للأثاث الصينى المستورد ووضع قيود على استيراده.

{long_qoute_2}

على بعد أمتار منه يقف فى ورشته، يبدو عليه الإرهاق والحزن، ملابسه بسيطة وهمه كما يقول كبير، ويتزايد يوماً بعد يوم، محمود البابلى نجار موبيليا، فى قرية الخياطة فى محافظة دمياط، يقول، «دايماً الدولار لما بيزيد بيعلى سعر الخامات، من أول كل أنواع الخشب، لحد الغرا، وقماش الصنفرة وكل شىء»، ويضيف البابلى قائلاً إن قمة ازدهار صناعة الأثاث فى دمياط كانت فى عام 2010، حيث كان يعتمد على أكثر من 30 عاملاً فى ورشته، فى محاولة منه لإنهاء الطلبيات الكثيرة التى كانت تتوافد عليه من تجار لتصل إلى 30 غرفة مختلفة فى أقل من شهرين، مضيفاً «حالياً مش معايا غير عاملين، وشغالين على أوضة واحدة»، أما عن أكثر المشاكل التى يعانى منها البابلى يقول: «سعر الخشب الزان وصل لأسعار تجاوزت الـ5 و6 آلاف، وأوضة النوم تصنيع فى الورشة وصلت لـ16 و20 ألف، لسه هياخدوها يدهنوها ويبيعوها فى المعارض بأسعار كبيرة جداً»، وعن السبب الحقيقى وراء ارتفاع أسعار الخامات فى مدينة دمياط، يؤكد البابلى أن ذلك لا يرجع لارتفاع سعر الدولار وحده، ولكن تجار الخامات الأساسية استغلوا فرصة أزمة الدولار لمضاعفة أسعار جميع الخامات بصورة غير مسبوقة، مضيفاً: «هنا 4 تجار معروفين بالاسم عند كل النجارين فى دمياط، عندهم كل أنواع الخشب ومتخزن عندهم من سنين وبكميات كبيرة، ونروح كل شهر يفاجئونا بمضاعفة السعر، وهما اللى دمروا السوق فى ظل غياب دور الدولة»، يضيف البابلى قائلاً إن تلك الورشة تمثل مصدر الرزق الوحيد لأسرته، حيث يعمل معه أخوه الأصغر، وهو نفس الحال فى كثير من بيوت قرية الخياطة فى مدينة دمياط، ويكمل: «بشتغل نجارة طول عمرى، وأنا وصلت لسن 50 سنة، لحد النهارده لو ماوقفتش بإيدى أشتغل كل تفصيلة فى قطعة الأثاث بحس إنها مش مظبوطة، أهم حاجة الدقة».

يقول البابلى: إن فتح استيراد أثاث صينى وماليزى ردىء الخامات، وذلك دون رقابة كافية من الدولة ساهم بشكل كبير فى خراب صناعة الأثاث فى دمياط، حيث لجأ الكثيرون إلى طلب كافة أنواع الأثاث من المنتج الصينى، ولا يكلفهم سوى مبلغ قليل للشحن، وحق تركيب بعض «الصموايل» على حد قوله، مؤكداً «الناس بتوصلها كراتين فيها كل شىء، دواليب ومكاتب وسراير وكل شىء، بتبقى قطع خشب، وتتركب فى بعض جاهزة، بس كل ده بيبقى ورق فايبر، لو اتنقل من أوضة للتانية، ينهار ويبوظ، لكن طبعاً تكلفتها بسيطة، مفيش فيها ولا خامة ولا فن ولا إيد محترفة اشتغلت عليه».

يضيف البابلى أن أصحاب المعارض الكبرى، الذين يعرضون المنتجات فى مدينة دمياط، ساهموا أيضاً فى ارتفاع الأسعار، مدللاً على ذلك «أوضة نوم أنا اللى مصنعها بإيدى بكل تفاصيلها بعتها بـ11 ألف جنيه، رحت معرض مشهور فى دمياط، اتفاجئت إنها نفس الأوضة بتتباع بـ46 ألف جنيه»، مضيفاً أن الشباب المقبلين على الزواج حديثاً هم من يدفعون ثمن جشع التجار وأصحاب المعارض، ويختتم البابلى حديثه قائلاً «محدش من النجارين عارف يتعامل مع التجار، أنا بالنسبة لهم حرامى، مش قادرين يصدقوا إن الخامات غليت».

 


مواضيع متعلقة