حركات ونشطاء أقباط يرفضون مشروع «بناء الكنائس»

كتب: مصطفى رحومة

حركات ونشطاء أقباط يرفضون مشروع «بناء الكنائس»

حركات ونشطاء أقباط يرفضون مشروع «بناء الكنائس»

تحفّظ عدد من الحركات القبطية والنشطاء الأقباط على مشروع القانون التوافقى «لبناء وترميم الكنائس» بين الكنائس الثلاث «الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية» والحكومة، فى صيغته النهائية المقرر مناقشتها فى مجلس الوزراء، ورفعها إلى مجلس الدولة لمراجعته قانونياً، قبل تقديم المشروع إلى مجلس النواب لإقراره فى دورة الانعقاد الحالى، وفقاً للمادة 235 من الدستور. {left_qoute_1}

ويأتى موقف الحركات والنشطاء الأقباط من المشروع رغم ترحيب الكنائس الثلاث به، وعلى رأسها البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الذى أكد فى تصريحات أن «القانون جيد والكنيسة راضية عنه، وليست لها تحفظات بشأنه».

ويشمل القانون 8 مواد تنص على السماح ببناء وترميم وهدم الكنائس، وتحدد طرق التظلم من رفض قرارات الترخيص، وتحدد مدة زمنية تبلغ 4 شهور للمحافظين لإصدار التراخيص وتقنين وضع الكنائس والمبانى الكنسية المقامة دون ترخيص قبل صدور هذا القانون.

وقال المستشار جميل حليم، ممثل الكنيسة الكاثوليكية فى وضع قانون بناء وترميم الكنائس، إن المشروع استجاب لكل متطلبات الكنائس، وهو قانون مثالى يُنهى أسباب الفتنة الطائفية فى مصر، والكنائس تتمنى إقراره من البرلمان بالصيغة المتوافق عليها، لأنها تعطى الأقباط حقهم فى بناء الكنائس.

فى المقابل، قال كمال زاخر، مؤسس التيار العلمانى القبطى، لـ«الوطن»، إن مشروع القانون بجولاته المكوكية بين الحكومة والكنيسة يكشف عن حالة تحتاج إلى تحليل، منها أن الحكومة ما زالت ترى الأقباط رعايا، لا مواطنين، ولهذا فللرعية راع يُمثلها، وهى هنا الكنيسة، بينما فى الدولة «المدنية الحديثة»، كما تقول ديباجة الدستور، فإن الأقباط مواطنون يمثلهم البرلمان بكل نوابه، مشيراً إلى أن الولادة المتعثرة للقانون تكشف عن الضغوط التى تحيط بالحكومة لتقييد البناء وربما اقتناعها بها، بعيداً عن منظومة الحقوق والقواعد التى تحددها حرية العبادة المنصوص عليها فى المواثيق الأممية والدولية التى وقّعتها مصر وقبلتها. {left_qoute_2}

وأضاف «زاخر»: مشروع القانون يُغفل فى تعريفاته بالمادة الأولى ذكر «الصليب» كمكون أساسى على المنارة والقبة، ما يعطى الإدارة حق الاعتراض على تركيبه عليهما، ويعطى للمحافظ حق الاعتراض على منح ترخيص البناء دون أن يحدد معايير الرفض، ويُعلق الموافقة على أمرين تقديريين لم يحدد ضوابطهما وهما «عدد الأقباط، ومدى حاجتهم لكنيسة»، فضلاً عن أنه لا يبين النتائج فى حال لم يصدر قرار بالموافقة أو الرفض، ويذكر أن المحافظ يبت فى الطلب بعد التنسيق مع الجهات المعنية، ولم يحدد هذه الجهات، ما يعيدنا إلى المربع صفر، ويعيد إنتاج شروط «العزبى باشا»، وهو وكيل وزارة الداخلية الذى وضع عام 1934 عشرة شروط تعقيدية لبناء الكنائس، كما أن المشروع المقدم يشترط للموافقة على منح تصريح بناء الكنائس الالتزام بقانون البناء الموحد 119 لسنة 2008 الذى يشتمل التخطيط العمرانى، وهو التخطيط الذى لا تعرفه القرى والنجوع التى تتسم بالعشوائية، وهى محل الأزمة الحقيقية.

وأشار «زاخر» إلى أن القانون سيفجّر أزمات ملحقات الكنائس الخدمية ومبانى الخدمات وبيوت خدمة الشباب وملحقات المصايف وما فى حكمها، حيث ستهدم أو تصادر عقب صدور القانون، مضيفاً أننا أمام «تدوير» لقرارات «العزبى باشا» المانعة لبناء الكنائس، الأمر الذى يحتم عقد مجلس النواب جلسات استماع حول المشروع قبل إصداره.

وأكد مينا مجدى، المنسق العام لاتحاد شباب ماسبيرو، أن قانون بناء الكنائس المقدم من الحكومة ما هو إلا حلقة جديدة لاضطهاد الأقباط، ومسماه الحقيقى «قانون منع بناء الكنائس»، فهو يعيد الأقباط وملف بناء الكنائس مرة أخرى إلى القبضة الأمنية.

وقال «مجدى» إن القانون بصياغته الحالية يحوى العديد من العبارات المطاطة مثل «على أن يكون عدد المسيحيين مناسباً»، متسائلاً: «ما هو العدد المناسب وكيف يمكن قياسه؟»، مشيراً إلى أن ما هو مناسب فى رأى أحد المسئولين قد يكون غير مناسب فى رأى آخر. وأضاف: «القانون يحتاج إلى حوار مجتمعى حوله ومناقشة المشروع المقدم من الحكومة ومشروعات القوانين الأخرى المقدمة من الأحزاب، لأن الوطن فى حاجة إلى قانون يساهم فى نزع فتيل الأزمة الطائفية ولا يزيدها احتقاناً».

وقال سعيد فايز، المحامى القبطى، إن مشروع القانون المطروح من الحكومة لا يحل مشاكل حرية المسيحيين فى ممارسة شعائرهم، بل هو نوع من التحايل، فالقانون معيب ومطاط ومُلغم يجوز تفسيره حسب الهوى الشخصى لجهة الإدارة، ما يجعله صيغة عصرية لشروط «العزبى باشا» العشرة لبناء الكنائس.

وقال إسحاق إبراهيم، الباحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن القانون سيئ لأسباب كثيرة، فصياغته غير واضحة ومبهمة، وفيه ألغام كثيرة، مضيفاً: «كان يُفترض بدلاً من السرية التى فُرضت على القانون أن يخضع لحوار مجتمعى، يشارك فيه قانونيون ومواطنون مسيحيون ورجال دين من الصعيد الذى شهد غالبية الاعتداءات الطائفية، كما أنه يفتح الباب لتدخلات واسعة من الأمن والمحليات فى عملية بناء الكنائس، ليصبح فى النهاية نسخة سيئة من شروط العزبى باشا».

وقال فريد البياضى، عضو المجلس الملى العام للكنيسة الإنجيلية والبرلمانى السابق، إن المشروع فيه «سم قاتل»، لأن الحكومة وضعت فيه ثغرات قاتلة توقف بناء أى كنيسة، فالدولة غير قادرة على التعامل مع الكنيسة كمبنى مثله مثل أى «عمارة سكنية أو مدرسة أو مستشفى».

 


مواضيع متعلقة