أصحاب المصانع يبدأون هدمها لاستغلالها فى الاستثمار العقارى

كتب: جهاد عباس وأحمد فتحى ورفيق ناصف

أصحاب المصانع يبدأون هدمها لاستغلالها فى الاستثمار العقارى

أصحاب المصانع يبدأون هدمها لاستغلالها فى الاستثمار العقارى

تعيش صناعة الغزل والنسيج كارثة حقيقية، بسبب الأزمة الاقتصادية التى ألقت بظلالها على تلك الصناعة الوطنية، التى كانت فى وقت من الأوقات أحد أعمدة الاقتصاد المصرى، حيث اضطر عدد من أصحاب المصانع إلى إغلاقها تحت وطأة الأزمة، بينما لجأ آخرون إلى هدمها واستغلال مساحات الأراضى فى إقامة مشروعات سكنية، باعتبار أن الاستثمار العقارى «أكثر ربحاً»، فى محاولة لتعويض خسائرهم.

{long_qoute_1}

وتضم مدينة المحلة الكبرى، التى يعتبرها الاقتصاديون «قلعة الصناعة المصرية»، ما يزيد على 1200 مصنع للغزل والنسيج، غزت منتجاتها من المنسوجات والوبريات والأصواف والملابس الجاهزة معظم بيوت المصريين فى مختلف المحافظات، بل وحظيت بشهرة عالمية بعد أن فتحت لنفسها منافذ للتصدير إلى الخارج، فيما تضم «المدينة العمالية» أكثر من 900 ألف عامل وعاملة، يعمل معظمهم فى الصناعات النسيجية.

ورصدت «الوطن» قيام العشرات من أصحاب مصانع الغزل والنسيج بالشروع فى هدم مبانى المصانع الخاصة بهم، خاصةً تلك التى تقع داخل نطاق الحيز العمرانى، وتتوافر بها الخدمات والمرافق من كهرباء ومياه وغاز وصرف صحى وصناعى، بما يسمح باستغلالها فى إقامة مشروعات للاستثمار العقارى، وبناء وحدات سكنية، تحقق أرباحاً أكثر مما تحققه مصانعهم فى الوقت الراهن.

ومن تلك المصانع التى يجرى هدمها، مصنع «شركة القاضى للغزل والنسيج»، الذى يقع على مساحة أكثر من 5 أفدنة، فى شارع «عزبة أبودراع»، المتاخمة للطريق الدائرى «طنطا - المحلة - المنصورة»، حيث قام صاحب المصنع ببيع ماكينات الإنتاج، بسبب استمرار «سيناريو التخسير»، وارتفاع أسعار الغزول ومستلزمات الإنتاج، وهو ما دفعه إلى التخلص من العمالة بصورة تدريجية على مدار الشهور التسعة الماضية، والبدء فعلياً فى بناء وحدات وأبراج سكنية، وبيعها بمبالغ مالية باهظة، وسط غياب الرقابة من مسئولى الدولة وقطاعات وزارات الصناعة والقوى العاملة والتخطيط والاستثمار.

وفى محاولة لشرح حجم الكارثة التى تهدد بانهيار صناعة الغزل والنسيج الوطنية، قال «الحاج سمير الغنام»، عضو مجلس إدارة «رابطة أصحاب مصانع الغزل والنسيج»، إن «أصحاب المصانع يعانون من أزمات اقتصادية طاحنة، ومهددون بالسجن فى حاله عدم التزامهم بمواعيد تصدير منتجاتهم إلى عملائهم الأجانب فى الخارج، لخضوعهم لما يسمى بلجان التحكيم الدولى»، وأوضح أنهم يعانون مأساة بسبب التزامهم بتحمل أجور العمال الشهرية، فى ظل الركود الذى يخيم على الأسواق حالياً.

واعتبر «الغنام» أن ما وصفها بـ«مشكلات كارثية» هى التى تسببت فى إغلاق عدد من المصانع، من بينها «أبوالسباع»، و«السامولى»، وغيرهما، لافتاً إلى أن إغلاق تلك المصانع نجم عنه تشريد عشرات الآلاف من العمال، ورغم أن العديد من أصحاب المصانع كانوا يرفضون فى البداية تشريد أى عامل، فإنهم أصبحوا غير قادرين على الالتزام بتدبير مستحقاتهم المادية، نظراً لخسائرهم المتكررة طوال السنوات الماضية، وغياب دور الدولة عن دعمهم والوقوف بجانبهم.

من جانبها، تقدمت رابطة أصحاب مصانع الغزل، وأعضاء مجلس إدارة جمعية الغزل بالعديد من الشكاوى والطلبات الرسمية إلى عدد من مسئولى مجلس الوزراء، وأعضاء اللجنة الصناعية بالحكومة، تضمنت شكاواهم من نقص العمالة المدربة، وغلاء أسعار المواد الخام من الغزول ومصادر الطاقة، وبينما بدأ أصحاب مصانع الغزل والنسيج فى المنطقة الصناعية القديمة بالمحلة الكبرى، فى التخلص من مصانعهم بسبب خسائرهم المتكررة، وتجاهل أجهزة الدولة لمعاناة مئات الآلاف من العمال، وعدم تقديم يد العون لإنقاذ واحدة من أكبر الصناعات الوطنية من الانهيار، أعلنت الحكومة اعتزامها إقامة منطقة صناعية جديدة على مساحة تبلغ 34 فداناً، خلف أسوار شركة «مصر للغزل والنسيج»، المعروفة باسم «غزل المحلة»، على أن يتم تخصيصها للصناعات النسيجية، وبنظام التأجير للمستثمرين لمدة تزيد على 50 سنة.

وأثار إعلان الحكومة عن هذا المشروع حفيظة الآلاف من أبناء ومواطنى «المدينة العمالية»، نظراً لاعتراضهم على تخصيصها لأصحاب رؤوس المال وذوى النفوذ من رجال الأعمال، وعدم توفير أى جزء منها لشباب الخريجين أو محدودى الدخل.

وبالفعل طرحت «هيئة التنمية الصناعية» عدداً من قطع الأراضى بمساحات تبدأ من 400 حتى 2500 متر مربع للقطعة، فى مزايدات معلنة ومن خلال كراسات شروط تضمنت أن يقوم كل مستأجر بدفع قيمة إيجارية تبلغ 110 جنيهات لكل متر شهرياً، وسداد مبلغ مالى قدره 330 جنيهاً لحساب «هيئة الخدمات الحكومية»، نظير تقديم خدمات المرافق من مياه وكهرباء وصرف صحى وصناعى.

وكشفت مصادر داخل هيئة التنمية الصناعية لـ«الوطن» أن القيم المطروحة فى نظير الحصول على قطع أراض داخل المنطقة الصناعية الجديدة المشار إليها، لم يتقدم إليها سوى ما يقرب من 50 مستثمراً من رجال الأعمال من داخل وخارج المدينة العمالية، فى غياب كامل للشباب عن المنافسة، وهو ما وضع المسئولين بالهيئة فى مأزق كبير مع القيادات التنفيذية بالمحافظة والمدينة العمالية.

فى ذات السياق، كشف عضو مجلس النواب عن دائرة «بندر المحلة»، عن حزب «مستقبل وطن»، الدكتور محمود شحاتة، عن قيامه بتقديم مخاطبة رسمية إلى رئيس لجنة الصناعة فى مجلس النواب، محمد السويدى، ووكيل اللجنة، محمد بدراوى، دعا فيها إلى ضرورة عقد اجتماع موسع مع وزير الصناعة يوم الأحد المقبل، بحضور وفد من مندوبى رابطة أصحاب مصانع الغزل والنسيج، لبحث حيثيات ومشكلات الصناعة ووضع حلول عاجلة لها، قبل تفاقم الأزمة فى 10 أغسطس المقبل، حسب قوله.

وأعرب «شحاتة» عن اعتراضه على إنشاء مدينة صناعية جديدة، نظراً للظروف الاقتصادية ووضع أصحاب المصانع المتعثرين بمدينة المحلة، ونظراً لغياب دور الشباب عن المشاركه فيها فى الوقت الحالى، ولفت إلى أنه قام أيضاً بمخاطبة عدد من الجهات المعنية بمشروع المنطقة الصناعية الجديدة، لمطالبتهم بضرورة إيجاد مبادرات جديدة فى طرح القطع والوحدات الصناعية، لكى يكون لشباب المدينة العمالية حظ فيها.


مواضيع متعلقة