المتحف المصرى الكبير.. هرم مصر الرابع

كتب: شيرين أشرف

المتحف المصرى الكبير.. هرم مصر الرابع

المتحف المصرى الكبير.. هرم مصر الرابع

على امتداد البصر، صحراء واسعة تطل من باطنها أسياخ حديد، تتزايد حركة الهواء التى تحمل صهداً أشبه بلهيب الأفران، شمس حارقة، يواصل فيها العمال مهامهم دون انقطاع قبل 8 سنوات، داخل المتحف المصرى الكبير بمنطقة ميدان الرماية فى الهرم، المكان الذى لا يعرفه الكثيرون، حتى الأهالى الذين يقيمون بالقرب منه، إلى أن قامت وزارة الآثار بوضع لافتة تحمل اسم «المتحف المصرى الكبير المرحلة الثانية»، بعد الانتهاء من المرحلة الأولى بالمشروع القومى، تمتد مساحة المتحف إلى 14 ألف متر مربع، فيما يصل عرض واجهته الرئيسية إلى 600 متر، ومن المقرر أن يشمل مبناه 5 طوابق ذات حوائط شفافة من المقرر إضاءتها ليلاً، ليراها المارة من مختلف أنحاء القاهرة، بعد الانتهاء من إنشائه، بحسب اتفاقية اجتماع القمة العربية التى عُقدت عام 2003 بين مصر واليابان، بوضع خطة تسهم فى إنشاء المبنى الرئيسى فى المتحف، إلا أن العمل بدأ فعلياً عام 2008 بأيادٍ مصرية لعمال من مختلف المحافظات، ومن المقرر أن يضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية من العصور الفرعونية، واليونانية، والرومانية، بمساحة 14 ألف متر مربع.

{long_qoute_1}

«الوطن» اقتربت من البوابة الحديدية وتجاوزتها حتى دخلت إلى موقع البناء، عشرات العمال يؤدون عملهم على قدم وساق، معظمهم «على باب الله» وعملوا فى عدة مشروعات قومية أخرى، يشعرون بالفخر كلما رحلوا عن موقع عمل، تاركين وراءهم الصروح. الحركة داخل المتحف أشبه بخلية النحل، يزداد صخب الماكينات، ويطغى صوت العمال الذين لا تسترهم خوذات تحميهم من حرارة الشمس صيفاً، أو سواتر تمنع عنهم الأمطار شتاء، يصيحون متواصلين مع بعضهم البعض، يحضرون بقية الأدوات والمؤن التى يحتاجونها، ثم ينحدرون لعدة أمتار فى عمق أساسات المبنى. أحمد شعبان (29 عاماً)، أحد الأيادى المصرية التى تعمل لإنجاز المشروع الضخم، ملابسه تغطيها الرمال، ووجهه يتصبب عرقاً، لكنه سعيد بالعمل فى مشروع المتحف المصرى الكبير لأكثر من 3 سنوات، ويقول: «أنا مهمتى عامل شدة، بشد السقالة بالمونة ضمن أكثر من 3000 عامل شدة بس، وعلى رغم التعب والمشقة اللى الواحد فيها، ومفيش أى سواتر تحمينا زى المهندسين اللى طول الوقت قاعدين فى المكاتب، إلا إنى مبسوط بالشغلانة ومفتخر بيها، لأن المتحف المفروض إنه مشروع قومى كبير زى بقية المشروعات الضخمة اللى فى البلد».

{long_qoute_2}

شارك الشاب العشرينى فى الكثير من المشروعات القومية، وكان من بينها مشروع الخط الثالث فى مترو الأنفاق: «المشروعات اللى بيتم فتحها دلوقتى فى جميع المحافظات، حركت العمالة فى مصر، الناس كانت ظروفها صعبة، وأنا واحد منهم، من يوم ما تخرجت من صنايع مش لاقى شغلانة، بدأت أسعى وأقدم للعمل فى المشروعات الجديدة، لحد ما ربنا رزقنى، وكفاية إنى شغال فى متحف كبير زى المتحف المصرى، لأنه مكان هيبقى ليه تاريخ وعظيم، والمفروض إنه هيضم أثريات كتير وهيبقى مبنى ضخم وعملاق هيحكى عليه كل العالم».

{long_qoute_3}

رغم شعور «أحمد» بالفخر بأنه أحد عمال المشروع العملاق، فإنه يعيش معاناة صعبة هو وزملاؤه، يقول: «مواعيد العمل يومياً طول السنة من 9 صباحاً لحد 4 العصر، بنفضل 7 ساعات شغالين من غير أى راحة، ومعظم اللى شغالين فى بناء المتحف على باب الله زيى من بنى سويف، وبنيجى الشغل ونروّح البلد فى نفس اليوم، يعنى بيضيع منى تقريباً اليوم كله فى المواصلات والشغل، بروح عشان أنام ساعتين وأصحى عشان ألحق معادى فى الشغل، لأن فرق مسافة الطريق أكتر من 4 ساعات، يعنى تقريباً بخرج من بيتى عشان أروح المتحف فى معادى من 5 الفجر، والمتحف هو اللى بيوفر لينا أوتوبيسات وعربيات تاخدنا وترجّعنا كل يوم البلد، ببنى سويف ومحافظات مختلفة برضو».

«أحمد»، أب لـ3 أبناء، تركهم مع زوجته منذ أن بدأ رحلة العمل فى المشروعات القومية من مشروع إلى آخر، اتفق مع الزوجة على أن تتولى رعايتهم ويتولى هو مهمة جلب المال بالعمل ليلاً ونهاراً ليعيشوا حياة أفضل حسب قوله، يخرج يومياً إلى موقع المتحف، يحصل على أجرته بشكل يومى عند الانتهاء من العمل وتصل لـ75 جنيهاً: «فى 2009 أيام مبارك كانت اليومية 27 جنيه، وكنت بشتغل عشان محتاج شغل، وفى نفس الوقت كنت فرحان إنى بشارك فى عمل ضخم وقومى زى ده، لكن كانوا طول الوقت بيمشوا العمال بشكل عشوائى، ولو فيه أى حركة أو زيارة لوزير أو حد مسئول وقتها، كانوا بيمشوا عمال فيها من غير أى سبب ويقطعوا عيشه، اليومية زادت بعد ما رجعنا للعمل بموقع المشروع بعد الثورة، ووصلت دلوقتى لـ75 جنيه و100 جنيه و150، حسب كل واحد فى المشروع دوره ومهمته».

الظروف الصعبة التى عاشها «أحمد» فى عصر «مبارك» أثناء عمله داخل المتحف المصرى الكبير، لم يجدها فى فترة رئاسة «السيسى» الحالية على حد قوله: «من بعد ثورة 25 يناير شغلنا وقف فترة كبيرة والمتحف كان مقفول، وفى سنة 2012 رجع الشغل فيها تانى أيام مرسى، بس كانت أيام سودة فوق دماغنا، ماكناش بنروح بيوتنا غير يوم واحد كل 15 يوم، وماكانوش موفرين لينا مكان، ده غير إن اليومية كان ممكن توصل لـ15 جنيه بس من غير ما يوفروا لينا لا أكل ولا شرب ولا مواصلة»، مضيفاً: «لكن دلوقتى الوضع اختلف كتير، من يوم ما مسك السيسى البلد وربنا يرزقه خلى اليومية بتاعتنا 75 جنيه، ده غير إنهم بيوفروا لينا الأكل والشرب والمواصلات مابندفعش فيها جنيه، وبيخلونا نروح لأهالينا كل يوم على حساب المشروع»، وعن الإقامة التابعة للمشروع: «العمال اللى عايزين يقيموا فى القاهرة بيوفروا ليهم سكن ومابيدفعوش فيه أى فلوس.. ربنا يحميه ويحفظه، كفاية إنه مابيقطعش برزقنا، ومن يوم ما بقى رئيس مصر مفيش عامل واحد مشى من المتحف لأى سبب»، يوضح «أحمد»، المقبل من الصعيد، أن العمل بالمشروع لا يتوقف إلا يومى الجمعة والسبت: «إحنا شغالين ليل نهار، لأن فيه عمال بيباتوا فى الموقع نفسه وسط الصحراء، عشان يحموا الأثريات والتماثيل اللى اتنقلت جواه، من بينها آثار كتير من الأقصر وتمثال رمسيس التانى اللى اتنقل سنة 2006 ووزنه 83 طن، ده غير المعدات ومركز الترميم ومحطة الكهرباء».

الشجاعة والتحدى والقوة والفخر، المعانى التى ظهرت فى حديث «أحمد» عن عمله بمشروع المتحف المصرى الكبير، تختلف كثيراً عن «محمد الأشول»، عامل بناء بالمتحف، الذى لا يهتم بتفاصيل المشروع ومعرفة مدى أهميته، فكل ما يشغل الشاب الثلاثينى هو «اليومية»، يعود بها لأسرته البسيطة فى بنى سويف، فى ظل حالة الغلاء المستمرة فى المعيشة حسب وصفه، ولا يعرف السبب وراءها، فيقول: «كل يوم الحاجة سعرها بيزيد وإحنا ناس على باب الله، شغالين بعرقنا، ولو فى يوم تعبنا مش هنلاقى حد يشيلنا، أشتغل فى المتحف، فى الصخر، فى أى حتة بس المهم أشتغل، أنا راجل على قد حالى وماتعلمتش ومش لاقى شغل، وكل اللى يهمنى إن ربنا يرزقنى برزق عيالى وبس»، مضيفاً «بقالى سنتين شغال فى المتحف وماعرفش عنه أى حاجة ولا بفكر أسأل، كل اللى أعرفه إنه مشروع كبير وخلاص ومش عارف حتى الشغل فيه هيخلص إمتى، أنا طول عمرى أرزقى وعلى باب الله واللى جابلى الشغلانة دى هو ابن عمى لأنه شغال رئيس البناء فى المشروع كله، والله المستعان».

جيران الشاب الثلاثينى يعرفون أنه يعمل فى «المتحف الكبير»، أغلبهم يحترمون ما يقوم به، متمنين أن يكونوا فى مكانه، لكن هموم «محمد» تمنعه من الشعور بحلم جيرانه وأهميته: «الناس كلها فى البلد عندى بتحسدنى على إنى شغال فى مشروع كبير زى ده، وبيقولوا ليا إنى مش عارف قيمة اللى أنا فيه، ولو باخد 10 جنيه، وأنا ماليش غير عيالى الـ5 واسترهم، لأنى مابحبش أحرمهم من حاجة ونفسى يكملوا تعليمهم، عشان كده بشتغل فى المتحف بإيدى وسنانى لأنى مفيش قدامى شغل تانى دلوقتى»، وتابع: «من بعد ثورة 25 يناير وكل حاجة مقفولة ومفيش شغل، المشاريع اللى تبع البلد من يوم ما السيسى بقى رئيس المصريين هى اللى شغالة دلوقتى، ومخلينى أقدر أعيش أنا وعيالى، لأن أكتر يومية ممكن آخدها بره المتحف مابتحصّلش 50 جنيه، لكن هو موفر لينا يومية 75 جنيه بالأكل والشرب والمواصلات ومابندفعش جنيه على الشغل».

1500 جنيه، حصيلة ما يتقاضاه «محمد» شهرياً مقابل عمله داخل المتحف المصرى الكبير، لا تكفى مصاريف علاج زوجته المصابة بمرض فى العمود الفقرى، لكن تحمى أبناءه من الجوع، يقول: «عندى سناء وإيمان وجنة ومحمد وعبدالتواب، الحمد لله قادر أكفّيهم على الأقل من الأكل والشرب، لكن بحاول أدوّر على شغل إضافى مش عارف عشان مواعيد الشغل فى المتحف واخده اليوم كله لأنى بسافر كل يوم»، مضيفاً: «اللى بيشغل تفكيرى دايماً وقت الدراسة وإنى أدخّل عيالى مدارس، بس المشكلة إنى لا بقدر على مصاريف الدروس ولا علاج مراتى».

معاناة بدأت منذ 3 أعوام عندما اكتشف «محمد» إصابة زوجته بمرضها، لم يذق خلالها طعم الفرحة، ساعات من العمل طويلة دون راحة، يُكمل المسيرة لتعليم أبنائه والقدرة على علاج رفيقة العمر: «بقالها سنة قاعدة على السرير مابتتحركش، وقعت من فوق البلكونة وهى بتنشر الغسيل ومن يومها عندها فقرتين اتكسروا ومحتاجة عملية وعلاج غالى ومش عارف أعمل إيه، اللى جاى على قد اللى رايح، بشتغل ليل نهار فى المشروع عشان أقدر أكفيهم، لكن علاجها مش متوفر ولو بييجى من بره بيبقى غالى جداً عليا»، مضيفا:ً «قدمت طلب سلفة بـ50 ألف جنيه من المشروع ومستنى الرد، وبقول للريس السيسى يا ريت توافقوا على السلفة عشان أدفع ولو جزء بسيط من عملية مراتى يا ريس».

ثالثهم يختلف حاله تماماً عن «محمد»، يشعر بأهمية المشروع العملاق الذى يعمل به على حد قوله، يحتفظ بكارنيه الهوية التى يوفرها المتحف لكل العاملين بداخله، خوفاً من ضياعه، يعتبره وساماً على صدره، لكونه عاملاً من ضمن 65 ألف عامل بمشروع المتحف المصرى الكبير. إسلام سعيد عبدالفتاح، (46 عاماً) يعمل «فنى شدة» بالمشروع ويقول: «من يوم ما الشغل بدأ فى المتحف وأنا شغال فيه، بقالى أكتر من 8 سنين، وقت ما كان المكان مفهوش حديدة واحدة على الأرض، وبنيته بإيدى طوبة وحديدة، وعمرى ما نسيت الكارنيه اللى بندخل بيه المتحف». يأتى الرجل الأربعينى يومياً من منزله بمركز السنبلاوين بمحافظة المنصورة، للعمل داخل المتحف الكبير: «كنا الأول بندخل عادى من غير أى إجراءات أمنية، واللى على الباب حبايبنا وأى حد معانا كان بيدخل وبياخد اليومية بتاعته كأنه فواعلى وبيشتغل فى اليوم، لكن دلوقتى بقى فيه نظام أكتر، من أول ما السيسى مسك البلد والدنيا اتظبطت حتى فى المتحف، طلعوا لينا كارنيه فيه اسم كل عامل ورقم بطاقته والتخصص اللى شغال فيه»، وتابع: «محدش بيدخل غير بيه واللى بينساه مبيدخلش المتحف واليومية بتضيع عليه».

حالة من الحماس تنتاب «إسلام» أثناء ذهابه إلى العمل كل يوم، يعشق العمل داخل المشروعات القومية التى عمل بها منذ أن أصبح «السيسى» رئيساً لمصر، من بينها حفر قناة السويس الجديدة، والمشاركة فى بناء حى الأسمرات بالمقطم، فيقول: «كان ليا حظ أشتغل من ضمن عمال حفر قناة السويس الجديدة، اختارونى فى مشروع المتحف إنى أروح أشارك وفرحت جداً، وكانت اليومية بتاعتى وقتها 150 جنيه، لأن معظم الوقت ماكنتش بقدر أروح البلد، وببات فى الموقع بالصحراء، ده غير حجم المشروع الكبير وأهميته، واختارونى برضو أشارك فى بناء عمارات حى الأسمرات اللى لسه الريس فاتحه من وقت قريب». يلازم «إسلام» الشعور بالفخر مع انتهاء كل مشروع قومى يشارك فيه من أجل ابنيه وأسرته الصغيرة: «أنا راجل على باب الله، بس ربنا رزقنى إنى أشتغل باليومية فى مشاريع بلدى، أحسن من الشغل مع نفسى، على الأقل الواحد يحس بقيمة اللى بيشتغله، وكفاية فرحة منى وعيشة بناتى بأن أبوهم بيشتغل فى مشروع متحف كبير ومهم زى المتحف المصرى الكبير».

قبل مغيب الشمس على موقع البناء، كان الهواء يحرك الخيام التى تقف وحيدة فى الصحراء، تهدأ أصوات الماكينات قليلاً، ويبدأ أحد الأوتوبيسات الضخمة، التى يوفرها المشروع لنقل «إسلام» وباقى العمال إلى محافظاتهم: «فى الأيام العادية مواعيدنا ثابتة، لكن فى رمضان بنخلص 3 العصر عشان نلحق الفطار فى بيوتنا، ومن كتر ما الجو بيبقى حر بنفضل نرمى على راسنا فى عز الحر ميه من الخرطوم عشان نقدر نكمل الشغل»، وتابع: «فى آخر اليوم بتوصلنا عربيات المشروع وهما بيتحملوا أجرتها كلها من غير ما ندفع جنيه، ونفس الكلام واحنا جايين الشغل الصبح، وعشان بقى عدد العمال فى زيادة بقوا يتفقوا مع ميكروباصات يساعدوا فى توصيلنا مع الأوتوبيسات من غير ما يكلفونا حاجة».

«مفيش حلاوة من غير نار»، هكذا يقول «إسلام»، أكثرهم إيماناً بالمهنة وطبيعة العمل الشاق، لا يرى أى عيب ولا يعنيه سوى رضاه عن نفسه وما يقوم به تجاه وطنه، يمسك بقوة بيديه كارنيه هوية المشروع الذى يعمل فيه: «شغلى فى المتحف يُعتبر حياتى كلها، رغم إن الشغل صعب فيه جداً وبياخد مجهود كبير، لكن فى النهاية اللى بيشتغل فى مشروع قومى زى ده بيؤدى رسالة، وكفاية إنى أكون جزء ولو بسيط فى إنشاء صرح عملاق زى المتحف الكبير، وعلى قد ما نفسى يخلص عشان العالم كله يشوف عظمة تصميم المتحف وآثاره، على قد ما نفسى أفضل أشتغل جواه طول عمرى، لأنه من أكتر المشاريع اللى قريبة من قلبى وعارف إن الناس والعالم كله هيحكى عنه أول ما يخلص»، لا يعين «إسلام» فى أداء مهمته سوى أدوات ضخمة، قد تصيبه بسهولة أثناء فترات عمله: «أنا بشتغل فنى شدة، بقف على السقالة وأشد المونة بأجهزة ضخمة، أحياناً بتجرح إيدى وجسمى، وفى أغلب الوقت بقع من عليها وبتجبس، لكن بنزل الشغل برضو، وببقى حريص أكمل شغلى وأروح الشغل كل يوم، مش عشان اليومية أكتر من إنى بحب شغلى وحاسس بقيمته ومقدر ضخامته وأهميته».

إجراءات أمان وحماية قرر مراعاتها «إسلام» فى عمله، مقرراً أن يشدد عليها بين زملائه فى العمل بالمشروع، يقول: «بحاول ألبس جوانتى فى إيدى عشان يحمينى من مسكة الحديد فى الحر والحروق اللى بتصيبنى، ده غير الوقوف على السقالة بطريقة سليمة ومش عشوائية، بيساعد إننا مانقعش بسهولة، عرّفتها لأصحابى ونبهتهم ليها عشان ميتصابوش ولا يقعوا من السقالات وربنا كريم»، عنده من المبررات الكثير الذى يجعله لا يتراجع عن مهنة قد ينظر لها قطاع كبير من المجتمع نظرة دونية: «الناس بتشوفنا فى النهاية فواعلية على باب الله ومش متعلمين، لكن إحنا أحسن من ناس كتير قاعدة على القهاوى وعاطلين، ده غير إنى مش بقيت مجرد فواعلى عادى، أنا بقيت فواعلى فى أكبر مشاريع فى البلد، ودى بالنسبة ليا تخلينى ماسمعش كلام الناس ولا نظرتهم ليا إنى عامل، لأنى بشتغل فى المتحف الكبير اللى هيحكى عليه كل العالم، وفى الآخر هقول فى يوم لعيالى إنى كنت عامل من العمال اللى بنوه».

أطلقت الحكومة بالتنسيق مع وزارة الآثار حملة لتمويل مشروع «المتحف المصرى الكبير»، الذى تقدر تكلفته بحوالى 550 مليون دولار، تساهم فيها اليابان بقيمة 300 مليون دولار كقرض ميسّر، ليكون أكبر متحف فى العالم للآثار، يستوعب 5 ملايين زائر بالإضافة لمبانى الخدمات التجارية والترفيهية ومركز الترميم والحديقة المتحفية. الدكتور طارق سيد توفيق، المشرف العام على مشروع المتحف المصرى الكبير، أوضح أن المرحلة الأولى التى تسمى بـ«مرحلة الإعداد»، بدأت من 22 يونيو 2008 حتى 3 يونيو 2011، فيما بدأت المرحلة الثانية منذ 2011 حتى مارس 2016، يضيف: «ما زلنا فى البناء والتشييد، ولم يحدد حتى الآن ميعاد معين للانتهاء من بناء مشروع المتحف المصرى الكبير»، مشيراً إلى أن الهدف الرئيسى من بناء هذا المشروع العملاق الوطنى، هو إنشاء مركز عالمى فى علم المصريات يجمع بين الجانبين النظرى والعملى، وأن يكون الـ«GEM-CC» التابع للمتحف بمثابة مركز متكامل للأعمال الترميمية والأبحاث فى مصر، بترميم الآثار، خاصة الـGEM، وهو نوع خاص من الأحجار، مؤكداً أن تأسيس مركز الترميم يجرى وفقاً لأحدث التقنيات الحديثة، إضافة إلى إنشاء مركز آخر لتدريب الموارد البشرية وتأهيلها وتخريج كفاءات فى علم الآثار.


مواضيع متعلقة