«الإهمال الطبى» يمتد إلى المستشفيات «الدولية»

«الإهمال الطبى» يمتد إلى المستشفيات «الدولية»

«الإهمال الطبى» يمتد إلى المستشفيات «الدولية»

رغم ما تحمله تسمية «المستشفى الدولى» من «بريق»، فإن الواقع فيه «مرير»، لا يختلف عن غيره من المستشفيات، سواء الحكومية أو الخاصة، التى تعيث يد الإهمال فيها فساداً، ففى الوقت الذى أصدر فيه وزير الصحة والسكان، الدكتور أحمد عماد الدين، قراراً بإقالة مدير مستشفى «شرم الشيخ الدولى»، كان «الإهمال الطبى» يحصد حياة أحد المواطنين بمستشفى «الأقصر الدولى»، وجاء فى بيان صحفى لوزارة الصحة أن قرار الوزير بإقالة مدير مستشفى شرم الشيخ الدولى جاء على خلفية قرار محافظ جنوب سيناء، اللواء خالد فودة، بإحالة مدير المستشفى ونائبه، إضافة إلى عدد آخر من الأطباء والعاملين فى المستشفى، إلى النيابة للتحقيق، بعدما فوجئ بعدم وجودهم فى مكان عملهم، أثناء مروره المفاجئ على المستشفى ليلة أمس الأول.

وتضمن قرار وزير الصحة تكليف الدكتور محمد ضاحى، وكيل وزارة الصحة بجنوب سيناء، بتسيير أعمال المستشفى، إلى جانب عمله، لحين تعيين مدير جديد للمستشفى، وأوضح المتحدث باسم وزارة الصحة، الدكتور خالد مجاهد، أن الوزير كان قد أصدر «تعليمات صارمة بوقف جميع الراحات والإجازات للعاملين بالمستشفيات خلال فترة احتفالات ثورة 30 يونيو»، كما شدد على «عدم التهاون مع كل من يخالف هذه التعليمات، أو يقصر فى عمله، حفاظاً على سير العمل بالمستشفيات، وحفاظاً على صحة المواطنين».

{long_qoute_1}

وفى الأقصر، شهد «المستشفى الدولى» بالمدينة السياحية «جريمة» إهمال طبى جديدة راح ضحيتها مواطن، بعد إصابته بأزمة قلبية فى الساعات الأولى من فجر أمس الأول، دون أن تمتد إليه يد أى من العاملين بالمستشفى لإنقاذ حياته، ليلفظ أنفاسه أمام زوجته التى استغاثت بالقريب والبعيد لإنقاذ زوجها دون جدوى.

وتحدثت «ميرفت ميلاد»، وهى مديرة واحدة من أكبر وأشهر المدارس الخاصة فى الأقصر، لـ«الوطن» عن المأساة التى عاشتها داخل مستشفى الأقصر الدولى، وأكدت أنها لم تكن تتخيل أن يتسبب الإهمال والفوضى واللامبالاة وبطء الإجراءات فى إنهاء حياة زوجها «دانيال لبيب»، 54 عاماً، داخل أكبر مستشفى بمدينة الأقصر.

وقالت «ميلاد» إن زوجها تعرّض لأزمة قلبية فى الثانية صباحاً تقريباً فقامت بنقله إلى مستشفى الأقصر الدولى، وأضافت: «تعامل موظفى الطوارئ كان بطيئاً للغاية ومستفزاً، وحتى عندما جاء طبيب شاب، قام بقياس الضغط ووجده مرتفعاً، فأعطاه حقنة مدرة للبول، وكمامة أوكسجين، وتركنا دون أى متابعة»، وتابعت بقولها: «رغم أننى كنت أستنجد بكل من يمر بجوارنا أننا نحتاج المساعدة، وأكدت لهم أن زوجى يعانى من أزمة قلبية، ويجب أن يتم التعامل معه على هذا الأساس، وأن يدخل العناية المركزة، لم يستجب لى أى أحد».

وأضافت: «زوجى كان وجهه شاحباً ويتصبب عرقاً ويتألم، وبعد إعطائه الحقنة المدرة للبول طلب أن يدخل الحمام، حينها لم أجد أحداً يساعدنى من الموظفين أو الممرضين أو غيرهم، رغم أن الحمام على بعد خطوات قليلة، وسمعت أحد الممرضين يقول حرفياً: (لو قعدنا قصاد الحالات دى مش هنتسحر النهارده)، وتحاملت على نفسى وحملت زوجى على أحد الكراسى المتحركة المتهالكة، لإدخاله الحمام، وبعد خروجه ازدادت الحالة سوءاً، فلم أجد مفراً من أن أتحدث هاتفياً مع أحد الأصدقاء لنجدتنا، وليتوسط لنا لدى أى مسئول أو طبيب بالمستشفى لإنقاذ حياة زوجى». وتابعت: «بالفعل جاء طبيب القلب، عقب اتصال الصديق بأحد المسئولين بالمستشفى، وسأل الموجودين فين فلان وفلانة، دا انتو متوصى عليكم جامد، وقام بعمل رسم القلب بجهاز متهالك، كنا نثبت أجزاءه بأيدينا، ثم قال إن رسم القلب مفيهوش حاجة، فقلت له: ولكنه تعبان، من فضلك دخله العناية، فقال: طب روحوا اعملوا ملف الأول، واستغرق عمل الملف حوالى نصف ساعة، فقد زوجى خلالها قواه ولم يعد يستطيع أن يفعل شيئاً إلا النظر فى عينى، شعرت أنه يحدثنى ويطلب منى أن أنقذه».

وأضافت «ميلاد»: «حاولت نقله إلى العناية المركزة، ولكننى للأسف فشلت فى العثور على تروللى أحمله عليه، كما لم أجد أحداً من الممرضين أو العمال ليساعدنى، فاضطررت إلى الاستعانة بالكرسى المتحرك المتهالك تماماً، وبعد أن نجحت فى حمله بدأت أدفعه بعجز وضعف شديدين، والكرسى المتهالك يتأرجح بزوجى، وكدت أصدمه فى الحائط، وما أن وصلنا إلى غرفة العناية، إلا وقال لنا الممرض الموجود هناك إن زوجى يعانى من جلطة ولا بد من إعطائه حقنة لإذابة الجلطة، ولكن الطبيب رفض، وأكد أن تشخيص الحالة خاطئ، وأن زوجى لا يعانى من جلطة، وما هى إلا دقائق حتى جاء نفس الطبيب وغير رأيه، وأكد أن زوجى يعانى بالفعل من جلطة، ولا بد من إعطائه حقنة إذابة الجلطة، ولكن للأسف بعد فوات الأوان، فقد توفى زوجى نتيجة الإهمال واللامبالاة والتراخى والفوضى وقلة الضمير، بأكبر مستشفى فى الأقصر».

وأكدت الزوجة المكلومة أن ما حدث مع زوجها، الذى ترك لها 3 أبناء أحدهم طفل فى المرحلة الابتدائية، من إهمال وتراخٍ، يمكن أن يحدث مع آخرين، وطالبت وزير الصحة ومحافظ الأقصر بالتدخل لمحاسبة المقصرين والمخطئين، وأن يتم مراقبة العمل بالمستشفى، الذى من المفترض أنه «يخدم مئات المرضى يومياً، ولكن للأسف دون الالتزام بأى معايير، أو حتى احترام لأقل حقوق المواطن فى تلقى العلاج»، بحسب قولها، وحاول مراسل «الوطن» التواصل مع مدير المستشفى للرد على ما أوردته زوجة المتوفى، إلا أنه لم يرد على الاتصالات المتكررة.

وشهدت مدينة الإسكندرية «جريمة إهمال طبى» أودت بحياة أب لـ4 أبناء، أثناء خضوعه لعملية غسيل كلوى فى مستشفى المركز الطبى الجديد بسموحة، وبدلاً من أن يعود «فرج» إلى منزله، خرج جثة هامدة، بسبب خطأ طبى، ناتج فى المقام الأول عن الإهمال فى تمريضه، بداية من انتظاره فى المركز الطبى لأكثر من 4 ساعات، رغم ما يعتصره من ألم، حتى وصول طبيبه المعالج، وانتهاءً بإهمال واضح أثناء إدخال «قسطرة» الغسيل الكلوى، التى تسببت فى قطع الشريان الرئيسى للجسم، ما أدى إلى إصابته بنزيف داخلى حاد، أودى بحياته خلال دقائق، دون أن تفلح محاولات إنقاذه.

ابنته «رنا» كانت شاهدة على واقعة الإهمال التى أودت بحياة والدها قالت: «دخلنا بابا المستشفى بعد ما تعب، والدكتور قال له لازم يعمل غسيل كلوى، وحوله على المستشفى، ولكننا فوجئنا بتأخر الطبيب لأكثر من 4 ساعات، وسط تألم والدى»، وتابعت الابنة، بينما ما زالت آثار الصدمة ترتسم على وجهها: «الدكتور طمنا وقال لنا هابعت المساعد يمرضه لحد ما أوصل، الأمر الذى تم بالفعل، ولكن الذى حدث كان عبارة عن إهمال لحالة مريض لا حول له ولا قوة، ومرت ساعتان وكأنهما عامان، ليخرج بعد ذلك الطبيب ويفاجئ الجميع بكلمة البقاء لله».


مواضيع متعلقة