تحمل المسئولية يبدأ من ترسيخ مبدأ الثواب والعقاب

11:52 م | الجمعة 01 يوليو 2016

عدم تحمل المسئولية، يعقبه كثير من التبعات، سواء بالنسبة للحياة الشخصية للفرد، وكذلك لها تأثير خطير على المجتمع، حيث يتنصل الجميع من واجباته، ويتهرب أيضاً من أخطائه، علماء النفس والاجتماع أجمعوا على وجود حلول لتلك المشكلة، التى تبدأ فى الظهور نتيجة للتنشئة الخاطئة منذ الطفولة، ولذلك عرضوا طرقاً وأساليب تعتمد على تنشئة إنسان متحمل لمسئولياته، ومجتمع صحى يحترم فيه المواطن دوره.

{long_qoute_1}

تقول سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع، بجامعة عين شمس «يجب إعادة النظر فى الطريقة التى يتم بها تربية الأطفال، ففى الدول المتقدمة قبل الإنجاب، تجبر الحكومة الآباء والأمهات، على متابعة برامج متعلقة بتربية الأطفال، وذلك أثناء المتابعات الصحية التى تتلقاها الأم فى حضور الأب، ولذلك يتم تعليم الطفل تحمل المسئولية منذ عمر الـ4 سنوات، من خلال مطالبته بالقيام بأعمال منزلية بسيطة، مثل ترتيب سريره، أو المساعدة فى تحضير المائدة، أو جعله يحمل أشياء صغيرة تتناسب مع سنه، وذلك عند الخروج للتسوق مع والديه، كل تلك المحاولات تغرس بداخل الطفل الإحساس بالمسئولية منذ الصغر».

وتضيف «خضر» قائلة: «ومن المفترض أن يكون هناك ترسيخ لمبدأ الثواب والعقاب سواء على نطاق المجتمع ككل أو على نطاق الأسرة، لأن التهرب من المسئولية أحد أوجه النجاة من العقاب، وبأن يترك الوالدان أبناءهما يجربون ويخوضون التحديات فى الحياة، فالابن الذى يعرف أن والده سيتكفل بكافة مصاريف زواجه، وتوفير وظيفة له، من الطبيعى أنه لن يبذل أى جهد، وتجد نماذج كثيرة فى دول متقدمة، وعلى رأس القائمة اليابان على سبيل المثال، مهما بلغت المقدرة المادية للأب، فإنه يترك ابنه يخوض التحديات الخاصة به، ويعتمد على نفسه فى كل شىء».

«وتحمل المسئولية تجاه المجتمع يتم أيضاً منذ التنشئة»، هذا ما تؤكده سامية خضر، قائلة إن فى الإجازة الصيفية لدى الأطفال والشباب، باختلاف طبقاتهم الاجتماعية، يجب أن يشاركوا فى أعمال تطوعية لخدمة المجتمع، سواء بتعليم غيرهم، أو تقديم مساعدات، ومن هنا ينشأ الفرد وهو يشعر بمعاناة غيره، وتقل ذاتيته وأنانيته، ويدرك أن الجميع يتشارك الصعاب الموجودة فى الحياة، ويشعر بالمسئولية تجاه الدولة التى يعيش فيها، بل يتطرق لما هو أبعد من ذلك متبنياً قضايا إنسانية.

{long_qoute_2}

وتختم «خضر» كلامها قائلة، «يجب تنمية الشعور بالانتماء عند المواطنين، ولكن انقسام الناس حول الحالمين بالهجرة، ومن يبقون فى الوطن لمجرد أنهم فشلوا فى مشروع السفر، هؤلاء لا ينتج عنهم تقدم، ويبقون فى أماكنهم كمالة عدد، فالمواطنون يقدمون كل ما لديهم فى اللحظات الحرجة، ويهبون لإنقاذ الوضع خاصة فى أوقات الكوارث الطبيعية والحروب، وليس علينا أن ننتظر وقوع كارثة حتى يفيق المجتمع من نومه العميق».

بينما يقول أحمد هارون، مستشار الصحة النفسية إن «علاج الشخصيات المتهربة من المسئولية، يتطلب عدم مساعدتهم فى شئونهم الخاصة، بمعنى عدم حمل الواجبات التى هم ملزمون بها عنهم، لأنهم بشعورهم الدائم بأن هناك من سيقوم بهذا العمل سيصبحون أكثر اتكالية، وبالنسبة للحياة المهنية، يجب أن تكون مهام العمل واضحة، فى كل مؤسسة، ويكون هناك مبدأ ثابت للثواب والعقاب، حتى لا يتنصل أى فرد من مسئولياته».

ويضيف هارون، قائلاً «يجب تعليم الأطفال منذ الصغر، الاعتراف بالخطأ وتحمل تبعاته، ولكن بسبب التدليل الزائد أو العقاب المبالغ فيه، ينتج عنه أشخاص يرفضون تحمل المسئولية.

كما من المفترض تعليم الأبناء أهمية التوفير، مهما بلغت الإمكانيات المادية للأسرة، لم تضع الفرصة أبداً أمام الإنسان ليقوم بالتطوير من نفسه، عليه تدريب نفسه على التأقلم مع التغيرات اليومية والظروف الصعبة، وإيجاد حلول لمواجهتها».